(إذا لم نستغرق 4 ساعات لتعيين فرد في المكان الصحيح والمناسب له، فإن ذلك سيكلفنا 400 ساعة في إصلاح هذا الخطأ)
ألفريد ب. سلون
من المؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية، التي تؤدي إلى انخفاض مستوى الأداء والكفاية الإنتاجية في المنشأة، هو سوء الاختيار الذي لا يراعى فيه، النواحي والأسس العلمية، فالاختيار غير السليم، لا يؤثر على مستوى الفرد فحسب، ولكن يؤثر أيضًا على الإنتاج.
مفهوم الاختيار والتعيين:
يعرف الدكتور أحمد ماهر الاختيار بأنه: هو تلك العمليات التي تقوم بها المنظمة؛ لتصفية وانتقاء أفضل المرشحين للوظيفة، وهو الشخص الذي تتوافر فيه، مقومات ومتطلبات شغل الوظيفة أكثر من غيره، ويتم هذا الاختيار طبقًا لمعايير الاختيار التي تطبقها المنظمة.
ويرى جون مينر ودونالد كران أن الاختيار: هو الذي يساعد في توظيف من هو الأفضل؛ لصياغة الإستراتيجية، وتوظيف الأفراد في المنظمة الأكثر فاعلية في تنفيذ الإستراتيجية.
الاختيار والتعيين، لماذا؟
تحظى عملية الاختيار، بأهمية بالغة في العمل الإداري؛ حيث من خلال الممارسة السليمة والعلمية، لقواعد ومعايير عملية الاختيار، تستطيع المنظمة تحقيق التالي:
1. إن عملية الاختيار، تدفع باتجاه وضع الرجل المناسب في الوظيفة المناسبة، إن الشخص الذي يشعر، أنه تم تعيينه في وظيفة، لا تتناسب مع مؤهلاته وقدراته؛ سيكون دائمًا في حالة من القلق وعدم الاستقرار.
2. إن فعالية نظام الاختيار تضمن للأفراد، إشباع الحد الأدنى على الأقل من حاجاتهم الإنسانية؛ حيث يوفر لهم هذا النظام أجورًا عادلة، تتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم وخبراتهم، كما أنه يوفر لهم الاستقرار الوظيفي.
3. إن اختيار الشخص المناسب، ثم وضعه في وظيفة، تتناسب مع خبراته ومؤهلاته وقدراته، يضمن إنتاجية عالية، ويجعل أمر تدريبه سهلًا.
4. إن أداء أي منظمة، يعتمد بشكل أساسي على أداء العاملين بها، وكلما كان العاملين لديهم الخبرة والمهارات المطلوبة، انعكس ذلك بشكل أفضل على أداء المنظمة، والعكس صحيح.
5. إن عدم موضوعية الاختيار، يجعل الشخص الذي يشغل وظيفة وغيره أحق منه في شغلها، يكون ولاؤه للشخص الذي حاباه في تلك الوظيفة، لا للمنظمة التي يعمل فيها.
من الذي يقوم بالاختيار والتعيين؟
يقوم المديرون التنفيذيون بعمليات الاختيار، وذلك في المنظمات الصغيرة، أما في المنظمات الكبيرة، فإن قرار الاختيار، يشترك فيه أكثر من طرف، فإدارة الموارد البشرية تقوم بالإجراءات، وتقدم أدوات الاختيار، وتقوم بتدريب المديرين التنفيذين على تطبيقها، ويتعاون المديرون التنفيذيون مع إدارة الموارد البشرية في الاختيار، خاصة مرحلة الاختيار النهائي.
ما هي معايير الاختيار؟
ينبغي على المنظمة، أن يكون لديها تحديد واضح لمعايير الاختيار، ويتم تحديد معايير الاختيار، بناء على مواصفات شاغل الوظيفة الحالي، عند مستوى معين من الأداء، ونستعرض فيما يلي هذه المعايير:
1. مستوى التعليم:
تقوم إدارة الموارد البشرية، بتحديد المستوى العلمي المطلوب، قبل الإعلان عن شغل الوظائف، ويتطلب ذلك تحديد نوع المؤهل الدراسي، والتخصص الدراسي، وقد يتطلب الأمر أحيانًا تحديد جهة التخرج (جامعة معينة أو معهد معين)، وقد تقوم بعض المنظمات، باشتراط الحصول على تقدير معين في سنة التخرج.
ويعتبر مستوى التعليم، مؤشرًا للقدرات الحالية للفرد، ويجب على إدارة الموارد البشرية، أن تحدد لكل وظيفة، مستوى ونوع التأهيل العلمي المناسب، وذلك في بطاقات تصنيف الوظائف.
2. الخبرة السابقة:
يفضل معظم أصحاب الأعمال، الأفراد الذين لديهم خبرة سابقة، بالعمل الذي سيلتحقون به؛ لأن هذه الخبرة السابقة تجعل ممارسة العمل، أمرًا سهلًا بالنسبة لطالب الوظيفة، كما أنها تعتبر مؤشرًا لإمكانية نجاح الفرد في عمله مستقبلًا، ويمكن قياس مستوى الخبرة، بعدد السنوات التي مارس الفرد فيها نفس العمل، أو عدد السنوات في آخر وظيفة التحق بها.
3. الصفات البدنية (الجسمانية):
تتطلب بعض الوظائف، صفات جسمانية معينة، كالطول، أو قوة الذراع واليدين أو بعض الصفات التي تتعلق بالجمال والأناقة، مثل شركات الطيران وشركات السياحة.
وعندما ترغب الشركة، في تحديد الصفات الجسمانية المعيارية، اللازمة لشغل الوظيفة، فإنها يجب أن تستند في ذلك، إلى صفات الأفراد القائمين بالعمل حاليًا، والذين يتميزون بمستوى أداء مرتفع.
4. الصفات الشخصية:
وتشير الصفات الشخصية إلى نمط شخصية الفرد، فموظفو العلاقات العامة، وموظفو الاستقبال، ورجال البيع، يجب أن يكونوا اجتماعيين، ولا يميلون إلى العزلة والإنطواء.
ما هي إجراءات الاختيار؟
تتطلب عملية الاختيار، القيام بإجراءات أو خطوات معينة، حتى يتم اتخاذ قرار باختيار أحد المرشحين للوظيفة، وهذه الخطوات كالآتي:
أولًا: المقابلة المبدئية:
فعندما يتقدم أحد الأفراد للوظيفة، فإن مدير الموارد البشرية يجلس معه، لدقائق قليلة في مقابلة مبدئية؛ يكون الغرض منها التعرف على المتقدم، من حيث مؤهله، وخبراته، وحالته الاجتماعية، وعمره، وتلعب هذه المقابلة دورًا مهمًا، في تصفية المتقدمين للعمل، فإذا كان المتقدم مستوفيًا للشروط، فإنه ينتقل للمرحلة التي تليها من مراحل الاختيار.
وفي الشركات صغيرة الحجم، يقوم بهذه المقابلة المدير التنفيذي، وقد تكون المرحلة الأخيرة أو قبل الأخيرة في الاختيار.
ثانيًا: طلب التوظيف:
يقوم طالب الوظيفة في هذه المرحلة، باستيفاء بيانات طلب التوظيف؛ لتقديم نفسه للشركة، وتهتم الشركة بطلب التوظيف؛ لأنه يساعدها على اختيار الأفراد المطلوبين، وطلب التوظيف يمكن أن يعطي بيانات عن الفرد، تفيد في التنبؤ بمدى فعالية الفرد في عمله، وهو من أرخص وسائل الاختيار، ويتضمن بيانات الفرد مثل:
1. بيانات شخصيته: كالاسم، والعمر، والحالة الاجتماعية، ومحل السكن.
2. بيانات عن مستوى التعليم: المؤهل الدراسي، وسنة التخرج، والتخصص العلمي.
3. بيانات عن الخبرات السابقة، والتخصص الوظيفي، والجهات التي التحق المتقدم بالعمل بها، ومدة العمل بتلك الجهات.
4. بيانات عن الحالة الصحية، وهل مصاب بأمراض مزمنة.
5. بيانات عن الهوايات والاهتمامات الأخرى للمتقدم.
هناك قواعد أساسية ينبغي مراعتها، عند استخدام طلب التوظيف، وهذه القواعد هي:
· أن تكون بيانات التوظيف شاملة؛ لأنها سوف تستخدم كمعيار للاختيار.
· تحديد حد أدنى من الشروط اللازمة لشغل الوظيفة، مع إعطاء الفرصة؛ لبيان ما يزيد عن هذا الحد الأدنى.
· لابد من معرفة أهم البنود التي لها علاقة بالوظيفة.
· إعطاء أوزان نسبية لبنود طلب التوظيف، طبقًا لطبيعة عمل كل وظيفة، وشروط شغلها، فمثلًا وظيفة أخصائي تنظيم، تكون فيها درجة التعليم مهمة جدًا، أكثر من الشكل والمظهر.
تستعيض الكثير من المنظمات، في عصرنا الراهن، عن طلب التوظيف بالسيرة الذاتية التي يقدمها طالبو التوظف، وتعتبر السيرة الذاتية أكثر استخدامًا بالنسبة للوظائف ذات الدرجات الأعلى.
ثالثًا: الاختبارات:
تلعب الاختبارات دورًا مهمًا، في التنبؤ بأداء الفرد في الوظيفة مستقبلًا، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها بمفردها، في الحكم على صلاحية الفرد للوظيفة، وهناك أنواع عديدة من الاختبارات كالآتي:
1. الاختبارات النفسية والشخصية:
تهدف هذه الاختبارات، إلى قياس مجموعة من الخصائص والتصرفات، التي تميز الفرد عن غيره من الأفراد، ومن أهم هذه الخصائص: الاتزان الانفعالي، والعلاقات الاجتماعية، والميول، والقيم، والدوافع.
2. اختبار القدرات الذهنية:
تقيس هذه الاختبارات المعارف، والمهارات، والاستعدادات الذهنية للفرد، ويعبر عنها أحيانًا باختبارات الذكاء، ومن أهم القدرات العقلية ما يلي: الفهم اللغوي، والفهم العددي، وسرعة الإدراك والفهم، والتصور البصري، والطلاقة الكلامية، والاستنباط.
3. اختبارات الأداء:
في هذا الاختبار، عادة يُسأل الفرد أن يؤدي عينة صغيرة من العمل، للتنبؤ بنجاح الفرد في أداء هذه الوظيفة، كأن يُطلب من السكرتيرة، أن تكتب خطابًا إداريًا؛ لقياس مدى سرعتها ودقتها في الأداء.
4. اختبارات سرعة الاستجابة:
وتشير هذه الاختبارات، إلى سرعة رد الفعل، التي يقوم بها الفرد، في استجابته لظهور مثير معين، أو للأسئلة التي تلقى عليه.
5. اختبارات القيم والاتجاهات:
وتشير هذه الاختبارات، لقياس أو الكشف عن الاتجاهات النفسية، التي لدى الفرد، كالأمانة، والقيم، والاتجاهات النفسية، والسلوك العام، ومن أهمها اختبار الأمانة، واختبار قيم العمل.
شروط الاختبار الجيد:
الاختبار الجيد، هو الاختبار الذي يحقق الغرض من استخدامه, أي أن جودة الاختبار تقاس بمدى قدرته، على قياس الخصائص والصفات المطلوب قياسها.
ولكي نحكم على الاختبار، هناك معايير ينبغي التأكد منها، وهي:
1. التأكد من ثبات الاختبار، وإمكانية الاعتماد عليه.
2. التأكد من صدق الاختبار في قياس ما هو مطلوب.
3. التأكد من تطبيق الاختبارات في أماكن أخرى.
4. التأكد من وجود بيانات معيارية، تساعد على تفسير نتائج الاختبار.
5. التأكد من عدم تحيز الاختبار لفئات من الأفراد دون آخرين.
رابعًا: المقابلات:
تتميز المقابلات، بأنها توفر فرصة التفاعل المشترك بين المتقدم وبين صاحب العمل، أو من يمثله؛ حيث يتم استكشاف بعض الصفات، في المقابلات التي قد لا يمكن اكتشافها في المراحل السابقة، كما أنها تتضمن أيضًا، قدرة كل من طرفي المقابلة، على إقناع الطرف الثاني بوجهة نظره.
إرشادات لمن يقوم بالمقابلات:
إذا كنت تقوم بمقابلة بعض المرشحين للتوظف، يفضل:
1. أن يكون لديك أسئلة معدة من قبل.
2. أن تعرف الوظيفة، والمواصفات المطلوب توافرها فيمن سيشغلها.
3. لا تبن إنطباع من اللحظة الأولى، وعند رؤيتك للشخص، انتظر حتى نهاية المقابلة.
4. لا تتحيز في المقابلات؛ وذلك بسبب شكل وملابس الشخص، أو سنه، أو جنسه، أو بلده.
5. لا تتأثر بصفة وحيدة في الشخص تعمم بها على باقي الصفات.
6. لا تعط تقديرات متساهلة، أو متشددة، أو متوسطة لكل المرشحين.
7. ركز على الصفات التي يمكن الكشف عنها خلال المقابلة.
8. شجع الطرف الآخر أن يتحدث، اسمع منه، وأوميء برأسك، ولا تتحدث كثيرًا.
9. انتبه لطريقة التعبير الخاصة بالشخص، وجلوسه، وحركة عينيه، وتعبيرات وجهه، وحركة جسمه.
10. ارجيء قرارك بعد نهاية المقابلة، وافحص مجرياتها.
خامسًا: الكشف الطبي:
هي المرحلة النهائية للاختيار، وتهدف إلى التأكد من صلاحية المرشح للوظيفة من الناحية الطبية، ويتم الكشف الطبي على المتقدمين، بواسطة جهات طبية متخصصة، كالمستشفيات، والأطباء المتخصصين، وأهم ما يتم التأكد منه:
1. سلامة الجسم والأعضاء.
2. الكشف على القلب.
3. عمل رسم مخ كهربائي؛ للتأكد من عدم إصابة المرشح بأي أمراض عصبية كالصرع.
4. عمل تحليلات للدم.
5. قياس ضغط الدم.
وهناك بعض الوظائف، التي تتطلب التأكد من كفاءة، عمل أجزاء معينة في الجسم.
وبعد اجتياز الكشف الطبي، يصدر قرار تعيين المرشح.
وأخيرًا:
أختم بقول ستيفن كوفي: (المؤسسة المثالية الفعالة، هي التي يمتلك أفرادها المعرفة، والمهارة، والرغبة، والفرصة للنجاح الشخصي، بطريقة تؤدي إلى النجاح الشامل للمؤسسة ككل)