تأتي عملية الاختيار بعد عملية الاستقطاب التي تكلمنا عنها في المقال السابق، فبعد أن تم جذب عدد من الموظفين لشغل الوظيفة، يتم التصفية بينهم واختيار الأنسب منهم، يقول الدكتور عادل محمد زايد: (تمثل عملية الاختيار نقطة البداية الطبيعية عند تنفيذ أنشطة إدارة الموارد البشرية، وبالتالي تكون المهمة الأساسية لعملية الاختيار هي وضع تلك الخطة الاستراتيجية موضع التنفيذ، وبمعنى آخر تهدف عملية الاختيار إلى تحقيق التوافق بين متطلبات وواجبات الوظيفة وبين مؤهلات وخصائص الفرد المتقدم لشغلها)، فنحن ـ عزيزي القارئ ـ على موعد في هذه المقالة مع كيفية اختيار موظفيك.
أولًا ـ ما هوالاختيار؟
يصف الدكتور أحمد ماهر عملية اختيار الموظفين بأنها (تلك العمليات التي تقوم بها المنظمة؛ لتصفية وانتقاء أفضل المرشحين للوظيفة، وهو الشخص الذي تتوافر فيه مقومات ومتطلبات شغل الوظيفة أكثر من غيره، ويتم هذا الاختيار طبقًا لمعايير الاختيار التي تطبقها المنظمة).
ويقول الدكتور زكي محمود هاشم عن اختيار الموظفين: (هو وضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة، وهو أمر له أثره البالغ في رفع الكفاءة الإنتاجية بالمنظمة).
فيقصد بالاختيار والتعيين أنه ذلك النشاط الإداري الذي يتعلق بالبحث عن المهارات المطلوبة للمنشأة، وحث الأفراد الذين تتوافر لديهم الاشتراطات للتقدم للوظائف الشاغرة؛ تمهيدًا لاختيار أفضل المهارات للعمل بالمنشأة المعنية.
ثانيًا ـ أهمية عملية الاختيار:
1- تعد مفتاح دخول العنصر البشري إلى المنظمة.
2- تحدد كفاءة الاختيار كفاءة الإدارة على تصميم باقي السياسات الأخرى الخاصة بالأفراد.
3- ترتبط مدى كفاءة تحديد احتياجات المشروع من التدريب مستقبلًا بمدى كفاءة تطبيق سياسة الاختيار للأفراد.
4- تؤثر سياسة الاختيار في فرص الترقية مستقبلًا.
5- الارتفاع المتزايد في تكاليف العمالة يجعل من الضروري التركيز على اختيار أنسب المهارات الإنسانية التي تتلاءم مع الوظائف الزائدة والعمالة الناقصة في بعض القطاعات.
6- يؤثر فشل سياسة الاختيار كثيرًا على مستوى الكفاءة الإنتاجية للمنظمة.
7- ترجع كثير من مشكلات العمالة إلى سوء سياسات الاختيار والتعيين المتبعة في المنظمة.
ثالثًا ـ ما هي معايير الاختيار؟
تعتبر معايير الاختيار هي الخصائص والمواصفات التي يجب توافرها في المرشح لشغل الوظيفة بمستوى معين "أو بنسبة معينة"، وهذه الخصائص والمواصفات تكون مستمدة من تحليل الوظائف بغرض الحصول على مستويات عالية من الأداء في تلك الوظائف، وهذه المعايير يتم تجميعها في خصائص معينة، وهي:
1- مستوى التعليم:
تتطلب كل وظيفة من الوظائف مستوى معينًا من التأهيل العلمي، وتقوم إدارة الموارد البشرية بتحديد المستوى العلمي المطلوب قبل الإعلان عن شغل الوظائف.
2- الخبرة السابقة:
يفضل معظم أصحاب الأعمال الأفراد الذين لديهم خبرة سابقة بالعمل الذي سيلتحقون به؛ لأن هذه الخبرة السابقة تجعل ممارسة العمل أمرًا سهلًا بالنسبة لطالب الوظيفة، كما أنها تعتبر مؤشرًا لإمكانية نجاح الفرد في عمله.
3- الصفات البدنية "الجسمانية":
تتطلب بعض الوظائف صفات جسمانية معينة كالطول، أو قوة الذراع واليدين أو بعض الصفات التي تتعلق بالاهتمام بالمظهر والإناقة في الملبس مثل العاملين في مجال المبيعات أو التسويق.
4- الصفات الشخصية:
وتشير الصفات الشخصية إلى نمط شخصية الفرد مثل الحالة الإجتماعية، ومن البيانات التي تشير إلى الشخصية أيضًا العمر.
رابعًا ـ مراحل عملية الاختيار:
ترتبط عملية الاختيار بالعمليات السابقة لإدارة الموارد البشرية، فمن الطبيعي أن يتم الاختيار بعد عملية تخطيط الموراد البشرية وعملية الاستقطاب، لذلك تتطلب عملية الاختيار القيام بإجراءات أو خطوات معينة؛ حتى يتم اتخاذ قرار باختيار أحد المرشحين للاختيار، وهذه الخطوات هي:
المرحلة الأولى: المقابلة المبدئية:
تعتبر المقابلة المبدئية بمثابة الخطوة الأولى التي يلتقي فيها كل من صاحب العمل أو من يمثله مع المتقدم للوظيفة، فعندما يتقدم أحد الأفراد للوظيفة فإن مدير أو أخصائي الموارد البشرية يجلس معه لدقائق قليلة، يكون الغرض منها التعرف على المتقدم، ويكون الهدف من هذه المقابلة هو استبعاد الأفراد الذين لا تتوافر فيهم الشروط اللازمة للتعيين.
ومن أهم المعايير التي يمكن استخدامها لاستبعاد المرشحين ممن لا ينطبق عليهم شروط شغل الوظيفة المعايير التالية: شرط ( الجنسية ـ حسن السير والسلوك ـ عدم تطبيق أحكام جنائية على الشخص ـ عدم الفصل من الخدمة من منظمات سابقة ـ اجتياز الاختبارات الوظيفية ـ اللياقة الصحية).
المرحلة الثانية: طلب التوظيف:
يقوم طالب التوظيف في هذه المرحلة باستيفاء بيانات طلب التوظيف وذلك بغرض تقديم نفسه للشركة، وتهتم الشركة بطلب التوظيف؛ لأنه يساعدها على اختيار الأفراد المطلوبين، وطلب التوظيف يمكن أن يعطي بيانات عن الفرد تفيد في التنبؤ بمدى فاعلية الفرد في عمله، ويكون هذه الطلبات أساس الملفات الشخصية للمرشحين الذين اجتازوا بنجاح الاختبارات المقررة لشغل الوظائف الشاغرة، وهو من أرخص وسائل الاختيار، ويتضمن بيانات عن الفرد مثل: (البيانات الشخصية، التعليم والمؤهلات، الاهتمامات في أوقات الفراغ، التاريخ الوظيفي للشخص "اسم المنظمة التي عمل بها من قبل").
المرحلة الثالثة: اختبارات التوظيف:
يقول ميشيل أرمسترونج: (يتكون اختبار الانتقاء من تطبيق إجراءات قياسية على من يخضعون للاختبارات وهي التي تتمكن من قياس إجاباتهم، والاختلافات في النتائج تمثل اختلافات في القدرات والسلوك)، ويقول الدكتور أحمد ماهر: (تستخدم الاختبارت كإحدى وسائل الاختيار في جميع الدول المتقدمة، ويتحدد الشكل المناسب لاختبارات التوظيف في ضوء المتطلبات الوظيفية)، ومن أهم أنواع الاختبارات ما يلي:
1- اختبارات الذكاء:
تعد اختبارات الذكاء من الاختبارات النفسية الأقدم والأكثر استخدامًا، حيث تقيس هذه الاختبارات المعارف، والمهارات، والاستعدادات الذهنية للفرد، ومن أهم القدرات العقلية مايلي: الفهم اللغوي، والفهم العددي، وسرعة الإدراك والفهم، والتصور البصري، الطلاقة الكلامية، والاستنباط.
2- اختبارات شخصية ونفسية:
تحاول الاختبارات الشخصية تقييم نوع شخصية المتقدم للتعرف على سلوكه، مثلًا هل هو شخصية عدوانية أو مثابرة ...إلخ أو أنواع الشخصية، والصفات المهمة التي تصف الفرد مثل الانطوائية والاجتماعية، فتهدف هذه الاختبارات إلى قياس التصرفات التي تميز الفرد عن غيره.
3- اختبارات الأهلية والتحصيل "الأداء":
يتم تصميم اختبارات الكفاءة للتنبؤ بإمكانية قيام الفرد بعمل ما أو مهمة خلال العمل يمكنها أن تغطي بعض المجالات مثل الكفاءة الكتابية، والكفاءة العددية والميكانيكية، والبراعة اليدوية والعقلية، وقد تكون على شكل اختبارات فردية موثوق بها، أو مجموعة من الاختبارات مثل تلك التي تم تطويرها منذ عدة سنوات من قبل المعهد القومي البريطاني لعلم النفس الصناعي لاختيار الحرفيين.
المرحلة الرابعة: المقابلات:
يتم في هذه المرحلة مقابلة المرشحين لشغل الوظيفة بشكل رسمي، من خلال مقابلات شخصية تعقدها المنظمة، يتم من خلالها قياس قدرات المرشحين، وتهدف تلك المقابلات إلى الحُكم عن قرب على مدى صلاحية المتقدمين لشغل الوظيفة، واختيار أكثرهم تطابقًا لشروط شغل الوظيفة، ومن الممكن أن تعتمد المنظمة على نوعيات متعددة من المقابلات وذلك حسب الموقف، ويوضح الجدول الأنواع المختلفة للمقابلات الشخصية:
نوع المقابلة
نوع الأسئلة
الاستخدامات
غير المخططة
تحدد الأسئلة خلال المقابلة.
يمكن استخدامها في مقابلة المرشحين لشغل المناصب الإدارية العليا، أو عند الرغبة في إعطاء المرشح فرصة للتحدث عن نفسه.
المخططة
قائمة أسئلة محددة من قبل، توجه إلى كل المرشحين.
يمكن استخدامها في الحالات التي يكون فيها عدد المتقدمين لشغل الوظيفة كبير، وبالتالي يمكن المقارنة بينهم واستبعاد غير اللائق.
المختلطة
خليط من الأسئلة المخططة وغير المخططة.
مناسبة في الحالات التي ترغب فيها المنظمة في تحقيق أهداف المقارنة مع السماح بحرية التعبير عن الذات.
السلوكية
أسئلة عن مواقف افتراضية يطلب من المرشح توضيح كيفية التصرف فيها.
تستخدم لاختبار قدرات الفرد المنطقية وقدرته على تحليل وحل المشاكل تحت ظروف افتراضية.
المواقف الصعبة
مجموعة من المواقف الصعبة غير المتوقعة تهدف إلى إثارة ردود فعل المرشح.
تستخدم لقياس ردود فعل الفرد تجاه مواقف صعبة قد تتشابه مع ظروف العمل الطبيعية، خاصة في الحالات التي تتطلب التعامل مع الجمهور أو حل مشاكل العاملين أو العمل لساعات طويلة.

المرحلة الخامسة: الكشف الطبي:
وهي المرحلة النهائية للاختيار، وتهدف إلى التأكيد من صلاحية المرشح للوظيفة الناحية الطبية، ويتم الكشف الطبي على المتقدمين بواسطة جهات طبية متخصصة كالمستشفيات والأطباء المتخصصين، وذلك لوجود بعض الوظائف التي تتطلب التأكد من كفاءة الموظف، وبعد اجتياز الكشف الطبي يصدر قرار تعيين المرشح.
وفي الختام:
وأخيرًا نختم بقول الدكتور أحمد ماهر: (عند الاختيار من بين المتقدمين لشغل الوظائف الخالية يتم الاعتماد على معايير من أهمها: التعليم، والخبرة، والصفات الشخصية، والصفات البدنية، والمعرفة السابقة)، فعليك ـ عزيزي القارئ ـ إن كنت مديرًا أن تتأكد فيمن تعينهم أن يتحلوا بهذه الصفات، أما إن كنت تبحث عن وظيفة فأنت أمام المعايير التي يبحث عنها المدراء، فاجتهد في تحصيلها حتى تكون ناجحًا في حياتك.