الدقائق الأولى

فريد مناع "لا يمكن للقلم أن يكون أقوى من السيف إلا إذا كان العقل الذي وراءه يعرف جيدًا كيف يستخدم كل كلمة بمهارة شديدة"
توني بوزان
في يوم من الأيام، قام الأميرال دوبونت بمعركة حربية عند ساحل ميناء تشارلستون، ولكنه لم يتمكن من قيادة مراكبه الحربية إلى هذا الميناء بنجاح، أعطى الأميرال دوبونت يومها ستة أسباب جوهرية لعدم نجاحه في هذه المهمة، وكان الأميرال فاراجوت يستمع إليه بإنصات فأجابه قائلاً: (لكن هناك سبب آخر لم تذكره)، فسأله الأميرال دوبونت: (وما هو؟) وجاء الجواب: (لم تؤمن أن باستطاعتك أن تفعل ذلك). إن أثمن شيء يكسبه المرء من خلال التدريب على فن الخطابة والإلقاء، هو الثقة المتزايدة بالنفس وزيادة الثقة بالمقدرة على الإنجاز، وبعد ذلك أي شيء هو أكثر أهمية لنجاح المرء فيما ينوي تحقيقه؟!! الانطباعات الأولى تدوم: البداية المنظمة خير سبيل للمِّ شتات نفسك والسيطرة على قلقك بشأن الحديث والعرض أمام الجماهير، لذا لا تركز على نفسك فقط وتذكر جيدًا أن المشاركين يعيشون هذه الحالة، ومن ثم ينبغي عليك في سعيك إلى تثبيت أقدامك أن تذيب الجليد فيما بينك وبينهم، قدم نفسك بطريقة متواضعة سواء في البداية أو بعد أن تتعرف على المشاركين، وضح مؤهلاتك حتى يثق المشاركون أنك على علم بما تقوله ولكن لا تسهب في ذلك حتى لا تستفز المشاركين وتدفع بعضهم إلى الرغبة في إثبات عكس ذلك، تمتع بنبرة هادئة واثقة وابتسامة متوازنة وكن متفائلاً متحمسًا لما تود أن تعرضه. وكمثال على ذلك ما يلي: ·أهلاً بكم، أنا سعيد بوجودي مع حضراتكم وآمل في أن نقضي ساعات طيبة في هذا البرنامج. ·يصحبكم في هذا البرنامج/ (اذكر اسمك) وأعمل (اذكر عملك ولابد أن يكون العمل له علاقة ما بموضوع برنامجك)، وقد سبق لي أن عملت في هذا البرنامج مع العديد من المظمات وحققنا من خلاله نتائج طيبة. ·اطلب من المتدربين تعريف أنفسهم وعملهم وما يتوقعونه من البرنامج. ·التقط الخيط منهم واربط موضوعك بالموضوعات الأخرى، فلابد أن يعرف المشاركون أين هم من الإطار الكلي. ·بيِّن أهمية ما تحمله من أهداف في هذه الحلقة التدريبية أو البرنامج (لابد أن يدرك المتدربون قيمة وأهمية الموضوع من الناحية العملية). ·قم بتحفيز المتدربين على تلقي موضوع البرنامج التدريبي بحيث يدرك قيمة هذا الموضوع الشخصي عليه إيجابًا وسلبًا ترغيبًا وترهيبًا. ·نادِ على كل متدرب أثناء التعارف باسمه الذي أمامه. ·وزع الثناء والتقدير على كل المشاركين وأشعر كل مشارك بأهميته لديك من خلال احترامك وتقديرك له. ·اطمئن إلى وصول صوتك إلى كل المشاركين ورؤيتهم لك ورؤيتك لهم. ·بعد أن تنتهي من الافتتاحية ومقدمتك تحرك من مكانك إلى جمهورك. ·لا تسند يديك على المنصة، فهذا الوضع يؤدي إلى استرخاء جسمك وعقلك وقد ينتقل هذا الإحساس إلى جمهورك. ·لا تضع يديك في جيبك فقد يفهم الجمهور من ذلك أنك تتعالى عليهم. ·لا تجعل جسدك مشدودًا، أرخِ عنقك وكتفك أو أي عضلات مشدودة، ابدُ طبيعيًّا واثقًا من نفسك. ·لا تعبث بالأشياء واجعل حركاتك داخل القاعة هادفة (فلا تذهب إلى آخر مسارك ثم تعود مباشرة إلى السبورة). ·استخدم يديك ولغة جسمك في تدعيم رسالتك لجمهور المشاركين. ·كن مبتسمًا باستمرار؛ فهذا يعطي انطباعًا بمهنيتك واحترافك. ·رحب بمستمعيك عند دخولهم القاعة. لا تفعل: ·هذا موضوع جاف ولكنني سأجعله شيقًا قدر الإمكان (إنه يفشل). ·لدي ساعة واحدة فقط لكي أغطي عمل يوم بأكمله (الجمهور يستسلم). ·موضوعنا اليوم صعب للغاية، لكنني سأحاول أن أوضحه بقدر المستطاع (إنه يحاول ولكنه يفشل). ·لم يعطونني إشعارًا قبلها بوقت كاف؛ لذلك لم أجد الوقت الكافي للإعداد ولكنني سأمضي هنا (الجمهور يستسلم). تذكر: عندما يستمع الجمهور إلى اعتذارات من هذا القبيل؛ فإنه يفقد اهتمامه ويشغل الجمهور أذهانهم بأفكار أكثر أهمية. كيف تعرف شركاءك في الرحلة؟ 1.اطلب من كل مشارك أن يعرف نفسه (عيب هذه الطريقة أن أحد المشاركين قد يكون مقتضبًا في حديثه والآخر يسترسل في تعريف نفسه)، ولذا احرص على ما يلي: ·حاول أن تكمل نقاط الضعف في كل حديث. ·وإذا ذكر أحدهم موقعًا لعمل وكنت متأكدًا من اسم رئيسه أو سبق لك تقديم استشارة أو تدريب فيه، فقل له: وكيف حال الأستاذ فلان؟ ولكن انتبه، عليك أن تكون موضوعيًّا و دبلوماسيًّا فلا تخطئ أحدًا أو تشكر أحدًا شكرًا غير عادي. 2.اطلب من المشاركين أن يملأ كل منهم استمارة تعارف كالآتي: الاسم: العنوان: جهة العمل: العمل الحالي: هاتف العمل: هاتف المنزل: البرامج التدريبية التي سبق الاشتراك بها: -ثم اطلب من كل مشارك منهم أن يقوم بتعريف نفسه في ضوء البيانات التي ملأها. 3.امنح المتدربين دقائق معدودة ليحاول كل منهم أن يعرف نفسه إلى من بجواره، ثم يقوم كل مشارك بتعريف زميله وقم باستثمار المرح الذي ينشأ عن هذه الطريقة (هذه الطريقة إذا تمت بشكل جيد فإنها توثق علاقات المشاركين وتدفعهم إلى الانسجام). 4.احتفظ بقاعدة بيانات للمشاركين معك ووثِّق علاقتك وصلتك بهم خارج قاعة التدريب. من هم جمهورك؟ مطلوب منك أن تخاطب الناس على قدر عقولهم؛ فلابد أولاً أن تتعرف على هذا القدر وعلى المستوى الفكري لهذا الجمهور وينبغي عليك أن تتعرف على احتياجاتهم وتتوقع ما يريدون معرفته منك، ولماذا جاءوا إلى هنا؟ ·إذا كان جمهورك لديه إلمام كبير بموضوع حديثك (يفضل في هذه الحالة أن تناقشهم ولا تملي عليهم وتبحث عن أطروحات جديدة معهم). ·أما إذا كان إلمامهم بالموضوع ضعيفًا، فمن المفيد هنا أن تزودهم بالمعلومة ثم تطمئن إلى دقة فهمها. ·عدد المجموعة له تأثير كبير في نوعية تقديمك وعرضك: -فإذا كان العدد كبيرًا فيمكنك أن تجري معهم محاضرة مع أسئلة استرجاعية؛ لتمطئن من خلالها على فهمهم الكامل للموضوع. -بينما إذا كان عدد المجموعة صغيرًا فيمكنك الانتقال بهم إلى التوضيح والتدريب العملي ودراسة الحالة. ·تعرف على عادات وتقاليد وأعراف الجمهور التي لا تقع في مشكلات نابعة من اختلاف ثقافتهم. ·تعرف على أسلوبهم في الاتصال، فبعض الكلمات تختلف من لهجة إلى لهجة ومن مكان إلى مكان في مفهموها والمقصود منها. ·تعرف على متوسط أعمارهم وأعدادهم ونسبة الذكور والإناث منهم. ·تفهم ما يجمعهم من وجهات نظر وما يختلفون فيه عن بعض الموضوعات (هذا يساعدك على عدم الكشف عن اتجاهاتك بسرعة والتعامل مع الموقف بروية). ·إذا كنت تعرف أحد المشاركين، فاستفد من وجهة نظره فيما سبق ولكن احترس من أن تكون متحيزة أو غير موضوعية. ·تعرف على دوافع المشاركين فهل جاء كل منهم للاستفادة والتطبيق أم هربًا من ضغوط العمل بالمؤسسة أم تعنيه فقط الشهادة، بالطبع لن تتمكن من ذلك إلا بمناقشات ودية مع المتدربين. ·تعرف على المؤسسة التي ستقوم بتدريب أفرادها. ·تعرف على المستوى الثقافي والحالة الاجتماعية للمتدربين. وأخيرًا ... تذكر: ·قم بحوار جانبي بينك وبين أحد المتدربين وتعرف منه على اتجاهات الحضور.
·اطلب قائمة بأسماء الحضور وأوراق التعارف الأولى. ·ناقش المسئولين في المؤسسة ولكن لا تقع أسيرًا لوجهة نظرهم. ·اجعل لك صداقات مختلفة؛ فهي تعد روافد جيدة لفهم من حولك.