يمتلك رجل الأعمال المصري علي مصطفى موسى سيرة ذاتية لافتة، ويشير سجله العملي إلى قدرة على الإنجاز المتداخل والمتنوع لا تتكرر كثيرا، وقد عمل موسى في مجالات متباينة منها الزراعي والصناعي والتجاري والمعماري، وكان قد بدأ حياته العملية وهو طالب بقسم العمارة في كلية الفنون الجميلة بالعاصمة الفرنسية باريس، واقتحم أخيرا مجال الاتصالات من خلال رئاسته لمجلس إدارة شركة «AA تكنولوجي»، التي أدخلت شركة «بووم تاون» (للألعاب الإلكترونية) إلى مصر، لخلق مجتمع الألعاب، اعتقادا بأن الشعار القادم هو: العالم يلعب وليس يغني فقط، كما يقول حاليا. ويؤكد علي موسى أن الإحصائيات تقول إن 42 في المائة من مستخدمي الكومبيوتر يلعبون مرة واحدة على الأقل أسبوعيا على ألعاب الإنترنت، وأنه لا يمكن لرجال الأعمال في مجال بزنس الألعاب، أن يفوتوا هذه الملاحظة. ويرى رجل الأعمال المصري وعضو اللجنة الاقتصادية في لجنة السياسات بالحزب الوطني المصري، أن اتجاهه للاستثمار في مجال التكنولوجيا بعد خبرته الطويلة في مجال الكيماويات ومواد البناء ليس بجديد.


رجل الأعمال المصري علي موسى: الشراكة مع الأقوياء والتنظيم أهم عناصر النجاح

ويضيف علي موسى أن سبب هذه التحولات، هو التطور السريع في مجال الاتصالات والتكنولوجيا في مدى زمني لا يزيد عن 20 سنة، مقارنة مع صناعة مثل الإسمنت لها حوالي 100 عام، وأنه مع قصر عمر هذه الصناعة، فقد أصبحت (صناعة الاتصالات) اكبر الصناعات الموجودة في العالم، ولا يمكن لأي رجل أعمال يمتلك عقلية تجارية استثمارية، أن يتجاهل هذا القطاع ومن هنا بدأت الدخول في هذا القطاع وشاركت صديقي رجل الأعمال أشرف إسكندر، الذي لديه خبرة في هذا المجال، وأنشأنا الشركة منذ 10 سنوات تقريبا، ونجحنا في وضع الشركة ضمن شركات الاتصالات والتكنولوجيا الناجحة في مصر. بدأ علي موسى حياته العملية في قطاع المقاولات بمشاركة أخيه بعد وفاة والدهما رجل الأعمال مصطفى موسى عام 1975، حيث كانا يدرسان وقررا تكملة المشوار وإدارة الأعمال في قطاع المقاولات، الذي أصيب بهزة عنيفة بسبب مشكلة سعر الصرف في ذلك الوقت، وبالرغم من ذلك لم ينس علي موسى زميلة دراسته الكويتية الجنسية في كلية الفنون الجميلة بفرنسا، والتي أصبحت فيما بعد زوجته وأم أبنائه الثلاثة، الذين لم يجبرهم على العمل معه، حيث تعمل ابنته الكبرى صحافية ومراسلة لجريدة «الهيرالد تريبيون»، أما ابنه فيعمل في سوق الأوراق المالية (البورصة)، واختارت ابنته الصغرى دراسة العلوم السياسية والاقتصاد.ويقول موسى في ذلك، «إن هناك فرقا بين الملكية والإدارة، وليس ضروريا أن نختار لأبنائنا ما نرغب نحن به، فهم أيضا لهم اختياراتهم وحساباتهم الشخصية، مثلما فعلنا أنا وأخي منذ 30 عاما، واخترنا استكمال المشوار في مجال والدنا».
ويستطرد علي موسى، وضعت مبادئ أولية يقوم عليها نظام العمل، حتى نستطع أن نصل لما وصلنا إليه وأول هذه المبادئ، هو الحفاظ على السمعة والثاني تسوية المديونيات للأفراد والشركات في موعدها أو قبله، وعدم الاستدانة من جديد وللخروج من الأزمة المالية قمنا بتطوير أصغر شركاتنا في مجال الكيماويات والتي كانت تمتلك إدارة قوية وسمعة جيدة في السوق ومعها استطعنا خلال العام الأول تسديد مديونيات الأفراد والشركات، مما جعلنا نعمل بقوة ودون ضغط، وقمنا بسداد مديونية البنوك خلال خمس سنوات وتحولنا إلى أحد أكبر مصانع البويات في مصر (سكيب)، مما جعل مجموعة أوراسكوم تشاركنا في قطاع البويات، نظرا لعملهم في مجال البناء، وكون أهدافنا واحدة، كما أن عائلة «ساويرس» تربطنا بها علاقات اجتماعية منذ الصغر.
ويضيف موسى، لم يكن فكر المشاركة في مصر في ذلك الوقت، أي في بدايات الانفتاح مطروحا، مثلما فعلنا مع أوراسكوم، لذلك كان الحل البديل، هو مشاركة شركات عالمية لديها الخبرة في هذا المجال، وجميع شركائنا عالميون، ما عدا مصنعا واحدا فقط، لكنه أخذ خبرة عالمية أيضا من شركة ألمانية، وأصبحنا في المقدمة، وعلى سبيل المثال في مجال الجبس لدينا أكثر من 55 في المائة من السوق المصرية، بالإضافة إلى التصدير لعدة بلدان في أوروبا وأفريقيا، وللمنطقة العربية، وكذلك قمنا أخيرا بتصنيع قوالب الجبس للمراحيض السراميك منفردين في مصر، بعد أن كنا نستوردها في السابق من تركيا وألمانيا، وبدأنا تصديرها لبعض الدول المجاورة، وسنقوم بافتتاح مصنع خاص لها في الجزائر بداية عام 2007.
وحول كيفية إيجاد الوقت لإدارة كل هذه الأعمال، يقول علي موسى، «يكمن السر في إيجاد شريك قوي، والاعتماد على إدارة قوية، وإعطاء صلاحيات اتخاذ القرار للشخص المناسب، وتخصيص عمل محدد لكل فرد، ليسأل عنه بحيث يساعد تنظيم العمل على إيجاد الوقت للجميع، خاصة بالنسبة لي»، ويضيف «إنني أقرأ تقارير العمل الشهرية لكل شركة ومصنع، لمعرفة السلبيات والإيجابيات ومستوى الإنتاجية، بالإضافة لعمل اجتماعات دورية لمناقشة الأهداف الاستراتيجية، وما تحقق منها وما لم يتحقق، ومعرفة الأسباب وراء ذلك». وعن تجارة وتوزيع المواد الاستهلاكية، التي يعمل بها أيضا علي موسى يقول «إن شكل البيع في مصر اختلف، بعد أن سيطرت الأسواق التقليدية لفترة بتكتلاتها، ولا تزال هناك مواقع تحتكر تقريبا سلعا بعينها، مثل شارع عبد العزيز كسوق للإلكترونيات، ومنطقتي العتبة وبين السورين اللتين اشتهرتا في المواد الغذائية والخردة والموسكي في الأقمشة، وهكذا ويعاد توزيع هذه البضاعة مرة أخرى عبر شبكة من العلاقات والتجار الصغار والمتوسطية، وعندما جاءت الشركات العالمية إلى السوق المصري، لم يكن أمامها سوى الاستعانة بموردين ومسوقين مصريين حتى تنجح، وقد دخلنا في هذا الإطار». ويتوقع موسى تغييرا في شكل التجارة والبيع في مصر خلال المرحلة المقبلة، مع تواجد السوبر هايبر ماركت، وبالتالي وجوب تحول فكر تاجر التجزئة الصغير ونوعية البضاعة التي يعمل بها وأسلوب العرض والتداول.
وبالرغم من أن علي موسى دخل في مجال الأعمال المختلفة، لكنه لم ينس أنه خريج قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة، وشارك في تجميل مدينة الإسكندرية، وبعض الشوارع في منطقة وسط البلد بالقاهرة، في محاولة لمواجهة القبح المعماري، الذي بدأ يطال الكثير مناطق القاهرة، ولم يستطع التخلي عن مفهوم الجمال، الذي أصبح أحد مكونات شخصيته، إلى جانب لعبة الغولف، الذي يمارسها في أوقات الفراغ، بديلا لرياضة الإسكواش أيام الصبا والشباب، والتي تركها حاليا.