النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: علاج الإخفاق.. ودافعيّةُ النجاح

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
هندسة
المشاركات
3,066

علاج الإخفاق.. ودافعيّةُ النجاح

البشر توّاقون إلى النجاح والإنجاز في حياتهم الشخصية والعملية ليس على مستوى المؤسسات والشركات وحسب، بل على مستوى الدول أيضاً، ولكن النجاح الدائم حلم صعب المنال؛ لأن الإنسان جُبِل على المحاولة والخطأ والإخفاق أحيانًا، والإخفاق ليس رذيلة -كما يعتقد الكثيرون- ما لم يكن المحطة الأخيرة في التجارب التي يمر بها الأفراد والمؤسسات، بل يصبح الإخفاق فضيلة حين يكون دافعًا للنجاح، وسلمًا للصعود والنهوض والدفع باتجاه الأفضل وتحقيق الأهداف.
والإخفاق في أبسط دلالاته يعني الإخفاق في تحقيق أو إنجاز أهداف محددة مسبقًا، وهو يصيب الإنسان في حياته أو عمله أو دراسته أو في إدارته، ودائمًا ما يثير الإخفاق لدى الناس الخوف والإحباط نظرًا لارتباطه بالعقاب الذي يتدرج من التوبيخ والازدراء إلى العقوبات الماديّة والمعنويّة (الخصم أو الضرب أو الفصل .. الخ) من جانب الآخرين، لكن الخوف من الإخفاق والشعور الدائم بالذنب والتخلي عن مهارة المحاولة والخطأ هو الإخفاق بعينه، ونحن نحاول أن نضع أيدينا على دافعيّة النجاح داخل الفرد التي تمكنه من تحويل الإخفاق إلى نجاح.
أسباب الإخفاق ومظاهره
بطبيعة الحال لا نستطيع أن نتجنب الإخفاق تمامًا، ولكن عندما نعلم أسباب الإخفاق عندئذ يمكننا علاج تلك الأسباب، وتحويل هذا الإخفاق إلى نجاح، وقد حدّد علماء النفس وخبراء الإدارة أسبابًا كثيرة للإخفاق منها: ما يتعلق بالفرد نفسه من ضعف الهمة وقلة الخبرة، وتعجُّل النتائج والتسرع بالإضافة إلى نقص القدرات والنمطية والخوف المرضي من الإخفاق وعدم الثقة بالنفس؛ إذ يقع الإخفاق بلا شك حين يحدّث المرء نفسه بأن قدراته ووقته وخبرته لن تمكنه من النجاح؛ فيقول الإنسان: (لن أستطيع أن أفعل .. سوف يعوقني أمر ما.. لن يسمح الوقت لي .. إذا أخفقت سيعاقبني رؤسائي.....الخ).
من أسباب الإخفاق كذلك ما يتعلق بالأهداف ذاتها؛ كأن تكون الأهداف مثلاً مشوشة وغير محددة، أو تكون غير واقعية كأن تضع إدارة مؤسسة ما هدفًا لإنجاز مشروع ما خلال (6) أشهر في حين أن الوقت اللازم لإنجاز هذا المشروع (10) أشهر مثلاً، كذلك يقع الإخفاق عندما تكون الأهداف روتينية لا ترتبط بالإثابة والتحفيز.
ومن أسباب الإخفاق ما يرتبط بالجماعات وبالقائمين على الإدارة أنفسهم، وهنا يبرز أحد أهم أسباب الإخفاق وهو النزاع وكثرة الخلافات، وهنا يحذرنا ديننا الحنيف من النزاع الذي يؤدي للإخفاق (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم .. ) [الأنفال: 46].
كما تخفق الإدارة عندما تتعدّد وتتضارب الأوامر والتوجيهات الصادرة للأفراد أو عند تعدّد القيادات للعمل الواحد، وتخفق الإدارة حين ينقصها المنهج والتخطيط العلميان، وحين تسند الأمور إلى غير أهلها.
منهج علاج الإخفاق
للنجاح طريق واحد، وللإخفاق أبواب عدة، فمن السهل أن نجد ذرائع كثيرة نرجع إليها الإخفاق، لكن من الصعب حقًا هو أن نفسر لماذا ننجح؟!.. فهل ننجح عندما نضع أهدافاً واضحة ومحددة، ونسلك درب الاجتهاد والجد والمثابرة للوصول لهذه الأهداف عبر خطط علمية مدروسة؟ أم النجاح رهن بالإدارة الجيدة؟ أم أن النجاح منهج شامل يأتي محصلة لأسباب كثيرة؟
وهذا هو الفارق بين النجاح والإخفاق.. فحين تسأل شخصًا لماذا أخفقت؟ لا تعييه الإجابة (لم أذاكر.. لا أعرف .. نسيت أن أفعل.. لم يحالفني الحظ .. أخطأت التقدير......الخ) ولكن المنهج السليم لتحويل الإخفاق إلى نجاح يأتي بالمحاسبة والمراجعة لجوانب التقصير وتلافيها، وما يمكن أن نسميه \"المنهج التحويلي\" أي تحويل الإخفاق إلى نجاح، والذي يستلزم بدوره عدداً من المهارات لإحداث هذا التحويل لعل أبرزها الثقة بالنفس، والمعرفة الجيدة بالقدرات والسّمات الشخصية أي أن يعرف المرء ماذا يميزه عن الآخرين، فليس الأذكياء والعباقرة فقط هم من يصنعون النجاح، ولكن كل منها عبقريّ في إطار ما يملك من مقوّمات للإنجاز وقدرات خلاّقة، ومن مهارات المنهج التحويلي أيضًا التعلّم من خبرات الآخرين والقراءة الجيدة لتجارب الناجحين،، وفيما يتعلّق بالعمل الجماعي فتحويل الإخفاق لنجاح يتطلب التوزيع الجيد للأدوار، والمراجعة المستمرة للخطط التي تضعها الإدارة، وإعادة رسم الأهداف، وترك مساحة للأفراد من المحاولة للخطأ، بحيث تبرز مهارات الإبداع والابتكار، وتكون الإدارة قادرة على نزع الخوف من الإخفاق من نفوس العمال أو الموظفين، والإدارة تستطيع أن تصنع من إخفاق أحد عناصرها نجاحًا عندما لا تقتصر الإثابة والتحفيز على من ينفذون أعمالهم بشكل آلي روتيني خال من الإبداع، بل عليها أيضًا إثابة من يمكنهم التحوّل من الإخفاق إلى النجاح وتجاوز الإخفاق.
صُنّاع النجاح
إن تجاوز الإخفاق عبر جسر النجاح يصنعه أصحاب الإرادة القوية، وهم من نصفهم بـ \"صُنّاع النجاح\" فإذا كان الإخفاق يمثل خطوة إلى الوراء؛ فإن تحويل الإخفاق إلى نجاح يمثل خطوات للأمام تدفع صاحبها لمزيد من الإنجاز.
ولعل ما يستدعي منا النظرة العميقة والتحليل أن غالبية النجاحات العظيمة تنطلق من حالة من الإخفاق، وعلى سبيل المثال فإن البطالة هي شكل من أشكال الإخفاق، ولكن بالدراسة وإيجاد الحلول المبتكرة تتحول هذه المشكلة لطاقات متفجرة بقصص عديدة من النجاح، وهو ما حدث ويحدث في الصين التي سخّرت طاقاتها لخدمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تتيح للشباب فرص العمل، والنجاح يدفع لمزيد من النجاح، وإذا كانت هذه تجارب الآخرين فالسيرة النبوية وسيرة السلف الصالح تحوي العديد من التجارب التي حوّلت الإخفاق إلى نجاح؛ ففي غزوة حنين عندما قارب المسلمون على الهزيمة بعد أن غرّتهم كثرتهم (لأن الغرور هو أحد بواعث الإخفاق).
ثبت النبي أمام أعداء الله، فنزل النبي، واحتمى به الصحابة، ودعا واستنصر، وهو يقول‏:‏ ‏(‏أنا النبي لا كذب‏.‏ أنا ابن عبد المطلب‏.‏ اللهم نزّل نصرك‏)‏‏، فثبت المسلمون وحوّلوا الهزيمة إلى نصر والإخفاق إلى نجاح، ويذكر القرآن الكريم هذه القصة في سورة التوبة (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [التوبة:25-26].
وداعًا للإخفاق
دافعية النجاح هي أهم سلاح لمواجهة الإخفاق، فعلى الأفراد أن ينمو داخلهم دافع النجاح والتفاؤل، ويدعّموه بمزيد من العمل والاجتهاد والتخطيط والمثابرة، وكذلك على الإدارة في مختلف المؤسسات أن تدعم داخل موظفيها أو عمالها دافع النجاح، والإدارة الناجحة تصنع من الإخفاق نجاحًا بتغيير إستراتيجياتها وسياساتها، وبداية التخلص من الإخفاق هو الاعتراف به كعثرة في طريق النجاح، ومن ثم دراسة أسبابه ومعالجتها وليس الهروب أو الاستسلام للإخفاق.
وعلينا أن نعي جيدًا أن جميعنا قد يخفق في شيء ما، أو في مرحلة من مراحل حياته، ولكن يمكننا أن نتعلم من هذا الإخفاق ونتعامل معه، وأن نعتبر الإخفاق حلقة في سلسلة النجاح، وكما تقول الحكمة: \"راحت السكرة وجاءت الفكرة\"، فعلينا أن نخرج من سكرة الإخفاق و الإحباط إلى الفكرة التي تصنع النجاح، وإذا استطعت أن تجيب عن السؤال: لماذا أخفقت؟ فستكون الإجابة أكثر يسراً عندما تسأل: كيف أنجح؟ فمن ذاق مرارة الإخفاق هو أدرى –بالطبع- بطعم النجاح، ومن يتعلم من أخطائه فسيقول \"وداعًا للإخفاق\"!!
أَسأل اللهَ عز وجل أن يهدي بهذه التبصرةِ خلقاً كثيراً من عباده، وأن يجعل فيها عوناً لعباده الصالحين المشتاقين، وأن يُثقل بفضله ورحمته بها يوم الحساب ميزاني، وأن يجعلها من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني، وأنا سائلٌ أخاً/أختاً انتفع بشيء مما فيها أن يدعو لي ولوالدي وللمسلمين أجمعين، وعلى رب العالمين اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي.



"وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلاِّ بالله العزيز الحكيم"

#2
الصورة الرمزية athurayadz
athurayadz غير متواجد حالياً محترف
نبذه عن الكاتب
 
البلد
الجزائر
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
87

رد: علاج الإخفاق.. ودافعيّةُ النجاح

شكرا وبارك الله فيك أخي الكريم

#3
الصورة الرمزية aldafrawy
aldafrawy غير متواجد حالياً نشيط
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة العربية السعودية
مجال العمل
أعمال حرة
المشاركات
5

رد: علاج الإخفاق.. ودافعيّةُ النجاح

بسم الله الرحمن الرحيم
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا 0 إن الحياة عقيدة وجهاد

إقرأ أيضا...
علاج الكسل والخمول

كلٌُّ منا يأتيه في بعض اللحظات شعور بالكسل والخمول وعدم النشاط، فإذا حدث ذلك جربوا تناول بعض هذه الأطعمه التي تساعد الجسم على استعادة طاقته وحيويته أولا: الشوكولاته السوداء تحتوي هذه... (مشاركات: 6)


مقولات النجاح : معادلة النجاح ومعادلة الفشل

لا يمكنني أن أعطيك معادلة النجاح لكنني سأعطيك معادلة الفشل وهي : - حاول أن تسعد الجميع - هربرت سوب (مشاركات: 4)


مقولات النجاح : النجاح والخبرة والتقدير الجيد

النجاح نتيجة التقدير الجيد - والتقدير الجيد نتيجة الخبرة - والخبرة نتيجة التقدير السيء انتوني روبينز “Success is the result of good judgment, good judgment is a result of experience,... (مشاركات: 1)


علاج الهموم

كثرت في عصرنا الحاضر أمراض الاكتئاب القلق والدين الاسلامي يكفل للفرد المسلم وقاية من هذه الامراض تغنيه عن كثير من الادوية المهدئة والاقراص المنومة (مشاركات: 5)


النجاح جميل ولكي تحصد النجاح عليك بقراءة هذا !!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف تثبت ذاتك وتنجح في حياتك * أنت قادر على النجاح إذا فكرت في النجاح !؟ النجاح يكمن في الإرادة والاعتقاد بإمكانية تحقيق النجاح فالنجاح بعني تحقيق عدة... (مشاركات: 13)


دورات تدريبية نرشحها لك

دورة التسويق الالكتروني المتقدم

ستتعلم في دورة التسويق الالكتروني كافة أساسيات التسويق الرقمي بداية من تعلم مبادئ السيو SEO لإظهار موقعك في الصفحات الأولى لمحركات البحث، كما ستتعلم كيفية عمل حملات اعلانية على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب أكبر قدر ممكن من العملاء. كما تغطي دورة التسويق الالكتروني شرح نظام تحليلات جوجل Google Analytics بشكل متكامل، وكيفية إدارة كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق أفضل نتيجة. وفي نهاية هذا الكورس ستصبح قادرًا على وضع خطة تسويق إلكتروني متكاملة، وتنفيذها بشكل عملي واحترافي بما يضمن لك تحقيق النتائج المطلوبة.


شهادة دبلومة المستشار العقاري المعتمد

برنامج تدريبي يتناول الموضوعات التي تؤهل المستشار العقاري المحترف على فهم طبيعة السوق العقاري والتسويق العقاري والمبيعات العقارية والتمويل العقاري وتسعير المنتج العقاري والايجار والرهن العقاري.


الدبلوم التدريبي المتقدم في المحاسبة الحكومية

أول برنامج تدريبي عربي متخصص يتناول أوجه الاختلاف بين النشاط الحكومي والنشاط الاقتصادي وتعريف المحاسبة الحكومية وأثر التشريعات على المحاسبة الحكومية ومتطلبات المحاسبة الحكومية ووظائف المحاسبة الحكومية وأدواتها و الاتجاهات الحديثة فى المحاسبة الحكومية و المداخل المختلفة لتفعيل الرقابة المالية عبر التقارير المالية في الوحدات الحكومية و تطوير النظام المحاسبي الحكومي لأغراض المحاسبة عن الكفاءة والفعالية و الرقابة على الموازنات الحكومية


كورس اساسيات ادارة المخاطر للمديرين

برنامج تدريبي مكثف وموجه خصيصا لشاغلي مناصب الادارة العليا في الشركات والمؤسسات، حيث يقدم لهم المساعدة في فهم مبادئ ادارة المخاطر وتطبيقها في اعمالهم ومشروعاتهم كما أنه يمكنّهم من فهم طبيعة المخاطر وكيفية اعداد خطة لمعالجتها.


دورة استراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات

برنامج يتناول موضوع تسعير المنتجات والخدمات وعلاقة التسويق بالتسعير وعلاقة المبيعات بالتسعير واستراتيجيات التسعير وخطواته وأخطاء التسعير الشائعة والعوامل المؤثرة على قرارات التسعير وتأثير التسعير على سلوك المستهلك والتسعير في أوقات الركود وعروض الأسعار والتخفيضات وتقييم السياسات التسعيرية وتحليل أسعار المنافسين


أحدث الملفات والنماذج