هل الصراع والخلاف جزء من العمل ؟

عبدالعزيز بن محمد الدبيان


الصراع التنظيمي: الصراع أو النزاع التنظيمي ظاهرة لا تخلو منها منظمة من المنظمات المجتمعة فهي تحدث بداخلها في أشكال متعددة من خلاف أو جدال كرد فعل لتلك التفاعلات وسطها، والمنظمة جهاز له أهداف محددة تسعى إلى تحقيقها في البيئة الاجتماعية التي توجد بها من خلال تنظيم الأدوار والعلاقات والمهام وتوزيع السلطات والمسؤوليات، وتوجد المنظمة داخل بناء محدد له معاييره وقوانينه ونظمه، ويطلق عليها حينئذ (مؤسسة) ومن خلال نشاطها تتولد عمليات تفاعلية ينتج عنها ظهور الصراع التنظيمي.
ماهو الصراع التنظيمي؟
مفهوم الصراع التنظيمي (كما أشار إليه عادل الجندي) عملية الخلاف أو النزاع أو التضارب التي تنشأ كرد فعل لممارسة ضغط كبير من جانب فرد معين أو مجموعة أو منظمة على فرد آخر أو مجموعة أو منظمة أخرى سواء من داخل ميدان عملها أو في ميدان مجتمعي آخر بهدف إحداث تغيير إيجابي أو سلبي في بيئة أو معايير أو قيم ذلك الفرد أو تلك المجموعة أو المنظمة، في حين يرى (الدكتور سيد الهراوي) بأن المقصود بالصراع هو العلاقة التنافسية الشخصية المباشرة بين الأفراد والمجموعات في المنظمة الواحدة أو بين المنظمات ذات الرسالة الواحدة.
أنواع الصراع:
قسّم (سزلجي Szilagyi) وآخرون الصراع إلى أربعة أنواع هي:
1- الصراع داخل الفرد وله نوعان:
أ- صراع الهدف الذي ينشأ عندما يكون الفرد في موقف الاختيار بين هدفين إيجابيين أو سلبيين.
ب- صراع الدور الذي ينشأ عندما يعاني الفرد من مجموعتين من الضغوط في نفس الوقت.
2- الصراع بين الأفراد، وينشأ بسبب تمسك كل فرد بوجهة نظرة أو بمصلحته، وبصفة عامة فإن الصراع بين الأفراد يمكن رده إلى سببين أساسيين هما:
- عدم الاتفاق على السياسات والخطط العامة.
- المسائل العاطفية، مثل المشاعر السالبة من طرف لطرف آخر بسبب تضارب المصالح تنعكس في صورة الغضب وعدم الثقة والخوف والرفض.
3- الصراع بين المجموعات: حيث يظهر بين الوحدات التنظيمية مثل (الإدارة أو القسم في عدة مجالات في المنظمة) منها:
- الصراع بين مستويات السلطة (العليا والوسطى والتنفيذية).
- الصراع بين الإدارات الوظيفية.
- الصراع بين الوظائف التنفيذية والاستشارية.
4- الصراع بين المنظمات أو المؤسسات ذات المهمات المتماثلة ببواعث المنافسة والتفوق.
مصادر الصراع الأساسية في المنظمة:
- هناك أربعة مصادر أساسية تسبب الصراع داخل المنظمة هي:
-عدم التجانس في الأهداف.
- نقص الموارد التنظيمية.
- توقعات الأداء.
- الهيكل التنظيمي.
إدارة الصراع التنظيمي: يشير مفهوم الإدارة بصفة عامة إلى أنه يجب توجيه نشاط مجموعة من الأفراد نحو هدف مشترك من خلال تنظيم جهود هؤلاء الأفراد وتنسيقها واستثمارها بأقصى طاقة ممكنة للحصول على أفضل النتائج بأقل جهد ووقت ممكن، فالعلاقات بين الأفراد، والتركيز على فريق العمل هو محور عملية الإدارة أما مفهوم إدارة الصراع فيعني على المستوى التنظيمي الطريقة أو الآلية أو الاستراتيجية التي يتبعها المدير المسؤول ويمكن من خلالها حل الصراع أو الاختلاف الذي ينشأ بين أنماط السلوك العادية أو المفضلة سواء بينه وبين العاملين معه أو بين العاملين مع بعضهم أو بينهم وبين النمط السلوكي الذي يفضله التنظيم وتوجيهه نحو إحداث التغيير والتطوير المبدع للعاملين، ومن ثم زيادة كفاية وفاعلية التنظيم الإداري لأن الصراع إذا أحسنت إدارته تحول إلى ظاهرة تبعث على الإبداع والمنافسة الشريفة وتنوع الاجتهاد والذي يعود بالفائدة على العاملين وعلى المنظمة ومن هنا فإن من المؤكد أن المشكلة ليست في وجود الصراع من عدمه حيث لاتوجد منظمة تخلو من الصراع وإنما المشكلة الحقيقية في كيفية معالجة هذا الصراع وتحويله لمنافسة شريفة مبدعة.
استراتيجيات إدارة الصراع:
لإدارة الصراع بين أفراد التنظيم أو الجماعات داخل التنظيم أساليب واستراتيجيات مختلفة أهمها:
1- استراتيجية التعاون (Collaborative): وهي تعني الجهود التي يبذلها مدير المنظمة بغية تدعيم اعتقاد العاملين بأن أهدافهم متناغمة أكثر منها متنافسة ويكمن مردود ذلك في دفع العاملين إلى مناقشة الاختلاف الموجود بينهم بصراحة ووضوح، الأمر الذي يكون مفاده توظيف الصراع لمصلحة الأطراف المختلفة أي العمل معاً بصورة ابتكارية للوصول إلى تسوية أو حلول اتفاقيات يستفيد منها الجميع.
2- استراتيجية التنافس (Competitive): يقول (تجو سفولد Tjo svold) بأن المدير يحاول من خلال تلك الاستراتيجية إجبار المرؤوسين على الامتثال لوجهة نظره ومقترحاته وقوته وغالباً ما يعتقد المرؤوسون في هذه الحالة بوجود ارتباط سلبي بين أهدافهم وأهداف مديرهم، وقال جوهانز (Johns) قد يترتب على إدارة الصراع من خلال تلك الاستراتيجية أن يتنازل أحد الأطراف عن شيء مقابل الحصول على شيء آخر ومن ثم فإن الهدف في هذه الحالة هو تحديد محكات التبادل بين الطرفين والتي يمكن أن تساعد على إدارة الصراع.هذا ويمكن الاعتماد على هذه الاستراتيجية في الحالات التي يكون الصراع فيها ناتجاً عن نقص الموارد، في حين تقل فعاليتها كاستراتيجية لحل الصراع في الحالات التي يكون فيها التنازل عن السلطة نظراً لأن الطرف الأضعف لا يوجد لديه ما يتنازل عنه.
3- استراتيجية التجنب أو الإغفال (Avoiding):وهي تعني تجاهل مسببات الصراع بالرغم من استمرار حدوثه وبالرغم من أن تجاهل الصراع يقوم على فرضية مؤداها إن الإغفال والتجاهل يمكن أن يساهم في حل الصراع فإن بعض الباحثين يخشون من إمكانية زيادة الصراع ضراوة وقسوة أما مثل (دبوزوبرنجل Duboseaul bringle): فيقولان بأن الإغفال والتجنب يمكن أن تكون لها نتائج إيجابية في تلك الحالات التي يحتاج فيها المرؤوسون إلى مدة زمنية كافية للتفكير والتروي وإعادة النظر في الأمور التي أدت إلى حدوث الصراع ومجمل القول من خلال تحليل الاستراتيجيات الثلاث أن على المدير أن يختار أيا من هذه الاستراتجيات لكل واحد في ضوء مناسبتها للحالة وقدرتها على حل الصراع.
وفي ضوء ما تقدم يمكن أن نخلص إلى نقاط أهمها:
1- أن المدير يستطيع أن يتعامل مع الصراع بطريقة إيجابية ويخفف من حدته من خلال تحديد المهام والاختصاصات وتقسيم الأدوار والمهمات بين العاملين والتنسيق فيما بينهم، فهو المتحكم الرئيس في المصادر التنظيمية المسببة للصراع.
2- أن الصراع يساعد على تحقيق الكثير من المميزات للمنظمة مثل تحسين صنع القرار وزيادة القدرة على التغيير والتطوير والابتكار من خلال تفجير القدرات الإبداعية شريطة أن يحسن المدير اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارة الصراع.
3- إن استراتيجية التنافس تؤثر سلباً على إحساس العاملين في المنظمة وتزيد من حدة الصراع.
4- ضرورة العمل على إدارة الصراع بأسلوب علمي والحرص على تقليل كمية الصراعات وتخفيض حدتها.
* مدير عام التدريب التربوي - وزارة التربية والتعليم
..............................................
المراجع:
د. سعيد الهراوي (المدير الفعال للقرن الـ 21)
عادل الجندي (الإدارة والتخطيط التعليمي الاستراتيجي)

الموقع ادارة واقتصاد
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]