نظرية الإدارة المحلية

مقدمة:
إن أنواع العلاقات بين القادة الحكوميين والجمهور تعتمد على شكل الحكومة، والتركيب الإداري للحكومة، والعلاقات المتداخلة، والتعاون بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية والوكالات المحلية المتطوعة من جانب، وقدرة النظام الإداري الحكومي في الاستجابة لاحتياجاتومشاكل المواطنين من جانب آخر..
تطور الحكم المحلي:
ترجع جذور الحكم المحلي إلى الماضي البعيد.. فمنظروا السياسة وفلاسفتها منذ عهد أفلاطون وسقراط قاموا بشرح وتفسير العديد من النظريات التي تصف مختلف الأنماط التي يمكن أن تأخذ بها الدول والأنظمة الحكومية.. وكان نتاج هذه الجهود حصيلة من الاصطلاحات والتعابير التي نستخدمها الآن.. فنظام الحكم يمكن أن يوصف بالديمقراطي، أو الديكتاتوري، أو حكم الملأ، أو حكم ملكي أو ملكي دستوري.. وهذه المسميات جميعها قد ساهمت كثيراً في تصنيف نظم الحكم..
والمقياس الذي يمكن الاعتماد عليه في تحديد طبيعة الدولة ونظام الحكم فيها يعتمد على عاملين أساسيين:
1- الحاجة إلى تركيز الجهد المحلي لخدمة أهداف واستراتيجيات مشتركة..
2- حاجة الدولة في الاستجابة للتطلعات والاحتياجات المشتركة لتقدم الوسيلة التي يمكن عن طريقها التعبير عن هذه الاحتياجات.. فالنظام الذي يتجه نحو الأسلوب المركزي يوصف بالنظام الديكتاتوري أو الطبقي.. بينما النظام الذي توزع فيه السلطات على مستويات مختلفة لتلبية احتياجات المواطنين يعرف بالنظام الديمقراطي..
إلا أن هذا التمييز غير كاف لتحديد أنظمة الحكم, فالأنظمة التي توصف بالدكتاتورية ربما تتجه نحو اللامركزية.. والأنظمة الديمقراطية ربما تميل نحو المركزية مع الاحتفاظ بمسئوليتها نحو الناخبين.
ومهما يكن من أمر فإنه بمراجعة مختلف النظريات السياسية التي تصف مختلف أشكال الدول والأنظمة السياسية, يمكننا أن نميز ثلاثة أشكال:

1- الدولة الموحدة.
2- الدولة الاتحادية..
3- الدولة الفيدرالية..
الدولة الموحدة:
وتكون السلطات فيها مركزية بهدف تجميع كل موارد الدولة لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات العامة المشتركة للمواطنين وأشكال الدول الموحدة تختلف من دولة لأخرى وفقاً لدرجة تركيز السلطات وتوزيعها على مختلف المستويات.. وأفضل نمط يعبر عن الدولة الموحدة، بريطانيا وفرنسا..
الدولة الاتحادية:
وتسمى الدولة المتحالفة أيضاً وتتكون من اتحاد عدد من الدول لتكون دولة واحدة مع احتفاظ كل دولة بدرجة كبيرة من الاستقلال، وأصدق نموذج لها الاتحاد السويسري..
الدولة الفيدرالية:
وهي تختلف عن الدولة الاتحادية في أربعة أوجه:
1- فالدولة الفيدرالية تتميز بقوة التنظيم، والوظائف التي تقوم بها وكذا ميزانيتها..
2- الدولة الفيدرالية تتعامل مباشرة مع المواطنين في الضرائب والتطبيق السريع لقراراتها.. بينما الدولة الاتحادية تعتمد على دول الاتحاد في التطبيق والتمويل لقراراتها ومشاريعها..
3- الدول في النظام الاتحادي يمكنها الانسحاب من الاتحاد بينما في النظام الفيدرالي لا يوجد هذا الحق..
4- القوانين الفيدرالية تسود على أي تشريع آخر، بينما القوانين الاتحادية تحتاج إلى موافقة دول الاتحاد عليها قبل تطبيقها..
وأخيراً فإن النظام الفيدرالي استحدثه الأمريكان.. وقامت دول أخرى بتطبيقه كالهند ونيجيريا وأخيراً السودان..

الدول الاشتراكية:
والدول الاشتراكية عامة تطبق أنظمة الحكم والإدارة التي سبقت الإشارة إليها، إلا أن هذا لا يمنع تمييزها بفلسفتها السياسية الخاصة التي تملى عليها تطبيقاً مغايراً لنظام الحكم والإدارة.. والنماذج هنا تتمثل في الاتحاد السوفيتي والصين..
أنماط الحكم المحلي:
مهما كان نظام الحكم المطبق في دولة ما، سواء أكان مطلقاً استبدادياً أو حكم طبقة معينة أو حكماً ديمقراطياً أو خليطاً منها جميعاً، فهو يعكس مظاهر مشتركة: فالدول جميعها المتقدمة منها والنامية، والتي تتبع منها النهج الغربي الليبرالي الديمقراطي, تتسم بممارسات ومزايا أساسية للحكم الذاتي المحلي يختلف عن تلك الدول الاشتراكية، إذ أن نظام الحكم المحلي هنا يمثل جزءاً من سياسة الدولة..
أما الدول النامية، فلها شكل مشترك، وهو أن أجهزة الحكم المحلي مؤسسة من أعلى، ومعظمها إما مأخوذ من أحد النمطين الغربي أو الشرقي أو من كليهما..
وعلى كل فإن هذا التصنيف يعكس عالمية الحكم المحلي، والذي يأخذ درجات متفاوتة من الاستقلال الذاتي سياسياً وإدارياً ومالياً.. فهنالك عوامل مشتركة تحدد: شكل ومزايا ومهام وعلاقات النظام.. وهنالك التاريخ والثقافة، والاقتصاد والسياسة, والتوزيع الجغرافي والسكاني..
تركيب الحكم المحلي:
إن الدور السليم للحكم المحلي في الدولة الموحدة قد تعرض للتجربة الأكاديمية والعملية في مجال الإدارة العامة لمدة طويلة.. وهذا الدور للحكم المحلي يدور حول اثنتين من القيم المتعارضة:
أ - الجدل حول المساواة والعدالة.. فأينما يسكن الناس يجب أن تكون لديهم المقدرة على التمتع بخدمات عامة ذات مستوى متساو تقريباً..
ب - أن يكون للمواطنين الحق في تحديد ما يجب أن يكون أو لا يكون من خدمات ومرافق وغيرها في منطقتهم..
وهنا نجد ثلاث وجهات نظر متباينة حول العلاقات المركزية المحلية:
أ - السلطات المحلية تمثل وكالات للحكومة المركزية، ودورها يتمثل في كفاءة تنفيذ السياسات التي يحددها المركز وهنا تترك للسلطات المحلية فقط تفصيلات الإدارة للتصرف فيها..
ب - السلطات المحلية شريكة الحكومة المركزية في تقديم الخدمات للجمهور بينما الخطوط العريضة للسياسة تحدد قومياً..
جـ - الموازنة بين الرقابة المركزية والاجتهاد المحلي، والسؤال الحاسم هنا هو ما مدى استعداد الحكومة المركزية بالسماح للسلطات المحلية بحرية الحصول والإنفاق المالـي، لقد أثيـــر هذا التساؤل في لجنة ليفيلد ( LayfieldCommittee ) التي كونت لتمويل الحكم المحلي في بريطانيا عام 1976م وكان جواب اللجنة عليه ( انه من رأي أعضاء اللجنة أن السبيل الوحيد للإبقاء على ديمقراطية محلية هو توسيع نصيب الضرائب المحلية في إيرادات الدخل المحلي وبذا يمكن لأعضاء المجالس المحلية أن يكونوا مسئولين أمام الناخب المحلي في الإنفاق وقرارات الضرائب)..
ومما لاشك فيه أن قضية قدرة السلطات المحلية على التمويل لتقوم بمسئولياتها في تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين ولتسيير المرافق العامة هي التي تحدد فعالية السلطة المحلية..
فالسلطة المحلية بدون قدرات مالية تحت تصرفها تصبح دون جدوى لوجودها، فالاعتماد على المنح المركزية والمساعدات غير مضمون، هذا بالإضافة إلى أن التمويل المركزي عرضة للتخفيض مما يلحق الضرر بالخطط والبرامج المحلية في تقديم الخدمات وتسيير المرافق العامة القائمة.. ولذا فقد ذهب كثير من الكتاب إلى المطالبة بمنح السلطات المحلية مصادر للتمويل تحت إشرافها وكذلك منحها الحق في فرض الضرائب.
استقلالية السلطة المحلية:
وهذه قضية أساسية أخرى كقضية التمويل تعرض لها الباحثون بالدراسة، ففي دراسة حديثة لمستر (جفري استاينر ) نبه إلى ضرورة اعتبار السلطات المحلية كأنظمة سياسية لها أسلوبها الخاص وأساليبها المميزة في حل مشاكلها والقيام بوظائفها..
وهذه النظم المحلية تختلف في مدى التحضر الذي ينتظمها, كوجود وحيوية الأحزاب السياسية، والفئات التي تشكل مجموعات ضغط فيها، وكذلك تأثير بعض المجموعات والشخصيات من داخل وخارج السلطات المحلية..
وتمتلك الحكومة المركزية والسلطة المحلية موارد متنوعة والتي يمكن أن تكون في مصلحتها وقد تستخدم ضد مصلحتها..
1- المصادر التشريعية الموروثة:
وهذه تمتلكها الحكومة المركزية فقط، فالحكومة المركزية وحدها هي التي تشرع لخلق وتغيير وإلغاء السلطات المحلية.. وهي التي تمنحها السلطات وتسحبها منها، وهي التي تمنحها مصادر التمويل أو تأخذها منها..
2- الموارد السياسية:
وهذه تمتلكها كل من الحكومة المركزية والمحلية، فكل من أعضاء البرلمان أو المجالس المحلية يملكون الشرعية التي منحهم إياها الانتخاب العام..
3- الموارد المالية:
حوالي 5. - 6. في المائة من دخل الحكومات المحلية يأتي عن طريق منح من الحكومة المركزية ولكن ما تبقى يتم الحصول عليه من الموارد المحلية، وما يعيب هذا المورد هو أن الحكومة المركزية يمكنها تخفيض الدعم المركزي للسلطات المحلية وهذا الإجراء من الحكومة المركزية يؤدي إلى رضوخ السلطات المحلية لرغباتها..
4- الموارد الدستورية الشرعية:
بالرغم من أن السلطات المحلية تنبع من التشريع المركزي، إلا أنه بمجرد منح السلطة يمكن أن يكون سلاحاً يستخدم ضد السلطة المركزية..
5- الموارد الإعلامية:
وهذه أيضاً تمتلكها كل من السلطتين المركزية والمحلية، كما ويمكن استخدامها لمعاقبة كل منها للآخر.
وعليه فإن العلاقات المركزية المحلية تمثل عملية تبادل يكون فيها تكافؤ القوى وفقاً لما يتوفر من مصادر لكل من المشاركين في تلك العلاقة..

المشاركة في الحكم:
إن عدم رضاء المواطنين عن الحكومات بمختلف أشكالها، يعبر عن الرغبة المتزايدة في مشاركة المواطنين في صنع واتخاذ القرارات..
فقد تم في بريطانيا عام 1969م تكوين لجنة لدراسة هذه الحالة وكان من أهم ما خرجت به تلك اللجنة تقرير بعنوان ( المواطنون والتخطيط ) أوصت فيه بتوحيد مشاركة المواطنين في عمليات تخطيط المدن والأرياف..
إن طبيعة مشاركة المواطنين تعتمد على نوعية القرارات والتغييرات التركيبية التي اتخذت وتهدف إلى زيادة مشاركة المواطنين في السلطة المحلية سياسياً وإدارياً وذلك بخلق وحدات صغيرة يسهل الوصول إليها، كما أنها يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في تنشيط الاهتمامات والمصالح المحلية والانغماس فيها..
إن مشاركة المواطنين تزيد من أهمية المجموعات الضاغطة لأن هذه المجموعات تستطيع أن تستخدم أساليب المشاركة لتوصيل آرائها..
القائد المحلي:
يعتبر القائد المحلي العنصر الأساسي في النظام الإداري فهو واحد من القلائل الذين يلمون بالنظام كاملاً، ويستطيع التأثير فيه..
ينبغي على القائد المحلي أن يكون متمتعاً بمقومات القائد، وأن تكون لديه آراء قوية وأفكار محددة ورغبة وعزيمة في تنفيذ تلك الأفكار وتحريك العمل، وذلك لأن وضعيته مميزة في صنع السياسة ووضع الأسبقيات في المجلس، هذا بالإضافة إلى قيادته في الأعمال اليومية واتخاذالقرارات اليومية..
مشاركة المواطنين:
لاشك أن مشاركة المواطنين من مختلف الاتجاهات القومية، والقبلية والعنصرية في مساندة الجهود التنموية تعتبر عملاً ايجابياً ومرغوباً فيه، فالحكم المحلي الذي يعتبر جهداً دفاعياً ضد التسلط المركزي، هو أيضاً وسيلة فعالة لنشر وتوسيع مشاركة المواطنين في الجهود التنموية.. إن تأثير هذه المشاركة من قبل المواطنين عظيم على المستوى المحلي، ففي هذا المستوى المحلي فقط تكون الخدمات العامة ذات قيمة بالنسبة للمواطن..
وهنا نجد أربعة أنواع للمشاركين:
1- المواطنون المحليون..
2- الصفوة المحلية..
3- الموظفون الحكوميون..
4- الموظف الأجنبي..
المجموعتان الأوليان لهما جذور محلية، ويساهمان مباشرة في مشاركة المواطنين، فالمواطنون المحليون في المنطقة الريفية يتكونون من المزارعين سواء أكانوا مستأجرين أو ملاكاً للأراضي، والرعاة والحرفيين، بينما الصفوة المحلية هي التي لها التزام نحو المنطقة التي تعمل فيها، وتختلف من منطقة لأخرى، وبالنسبة للمجتمع الريفي، نجد ثلاث مجموعات من الصفوة..
1- القادة غير الرسميين مثل رؤساء العشائر، رجـال الديـن، الموظفين الذين لهم نفـوذ في المجتمع، ووجهاء البلد..
2- الرؤساء المشاركون، سواء أكانوا منتخبين أو معينين للمنظمات الرسمية كزعماء الاتحادات المهنية..
3- شاغلوا الوظائف المحلية، رؤساء الوحدات، الشيوخ، العمد وجامعوا الضرائب..
أما المجموعتان الأخريان، فتمثل الأولى منهما مستخدمي الوحدات الحكومية المحلية من أبناء المنطقة المحلية، بينما المجموعة الثانية تمثل المستخدمين الذين قدموا من خارج المنطقة للعمل فيها..
بالإضافـة إلى مشاركة المنتخبين في الإدارة، فإنه يمكن تحديد أربعة أبعاد للمشاركة:
1- المبادرة في صنع القرارات المستمرة والموضوعات العملية..
2- المساهمة في التطبيق بالعمل على زيادة الموارد، وكذلك المساهمة في العمليات الإدارية وتنسيق العمل.
3- المساهمة فيما يعود بالمنفعة بالاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية..
4- المشاركة في تقييم الأداء والخدمات بغرض التحسين ورفع الكفاءة..
إن مشاركة المواطنين عبر الخدمات الحكومية المحلية تعبر عن الجهود الحقيقية كما وأنها تخدم ثلاثة أهداف تنموية:
1- تطوير القدرات الإدارية..
2- تحديد أولويات البرامج..
3- التقويم والإصلاح..
ولا شك أن المواطنين يمكنهم المشاركة من خلال عملية انتخابات المجالس المحلية، وعبر الإجراءات الإدارية والسياسية في تحديد أولويات البرامج التنموية وتنفيذها، وينبغي أن يسمع صوت المواطنين في توزيع الخدمات وتركيزها: كالمدارس والمستشفيات ومختلف مؤسسات الخدمة الاجتماعية.. الخ
وعبر هذا الإطار العام للمشاركة، فإننا نلقي الضوء على مشاركة المواطنين في الدول النامية، وتتمثل هذه المشاركة في وضع وتنفيذ سياسات التنمية المحلية سواء أكان ذلك بجهودهم الذاتية أو بالتعاون مع الوكالات والمؤسسات المحلية أو الحكومة المركزية، أو بتضافر جهود الجهات الثلاث:
1- سياسياً بالتمثيل في المؤسسات الحكومية لاتخاذ القرارات..
2- تنموياً بتنفيذ المشاريع التنموية..
ولاشك أن هذين النوعين من المشاركة، في اتخاذ القرار وفي التنفيذ لا غنى عنهما في مختلف أنظمة الحكم الرأسمالية أو الاشتراكية أو النامية ولكن بدرجات متفاوتة..
ومن الملاحظ أن البيروقراطية الحكومية، هي من أهم الوسائل لتحقيق أهداف التنمية في الدول النامية، ولا يمكن هنا تجاهل الصفوة ودورها في تكوين سياسات مشاركة المواطنين في كل من صنع القرار وتنفيذه..
إن مشاركة المواطنين تحقق منافع كثيرة في مجالات حيوية:
1- التنمية الاقتصادية والاجتماعية..
2- التنمية السياسية..
3- الكفاءة الإدارية..
4- الوحدة القومية..

في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
يعتقد معظم الاقتصاديين أن الدول النامية لا يمكن أن تحقق معدلات التنمية المطلوبة باعتمادها على التمويل الأجنبي، وصحيح أن رأس المال الأجنبي يدعم المشاريع التنموية، ولكنه ليس المصدر الأساسي للتنمية، فالدول لا يمكن أن تتطور، مالم تعتمد على مواردها الذاتية المحلية، وأهم هذه الموارد الذاتية هو الإنسان..
وأية دولة تتجاهل هذا المصدر الأساسي وتعتمد على رأس المال والتكنولوجيا فقط فسوف تخلق عبئاً على التنمية، وهذا العبء يتزايد كمه وينتج عن ذلك تضاؤل في كفاءة العمل ومن ناحية أخرى ستواجه الدولة تنمية غير متوازية فبعض الناس سينالون أكثر من غيرهم بمعنى أن يزداد الغني غنى والفقير فقراً..
إن استراتيجيات التنمية ينبغي أن توجه نحو المناطق الريفية، حيث الحاجة الملحة لدراسات التنمية البيئية، والمواطنون في المناطق الريفية يجب أن يدركوا ويلموا بأهمية هذه المشاريع التنموية حتى يساهموا في تنفيذها، إن تنفيذ المشاريع التنموية دون إحساس المواطنين بأهميتها وما تدره من فوائد عليهم يجعلهم يقفون عقبة في طريقها..
التنمية السياسية:
يتفق منظرو السياسة وكتابها أن أي نظام سياسي لا يكون ديمقراطياً إلا إذا كان يحتوي على شكل من أشكال الحكم المحلي، وتعتبر اللامركزية الحكومية واحدة من أهم وسائل المشاركة الفعالة، وجدير بالذكر أن المشاركة في الحكومة تتبعها لا مركزية إدارية..
الإدارة الفعالة:
إن دور المشاركة في الإدارة الفعالة يمكن الإحساس بفائدته في المجالات التالية:
1- يسمح للقادة بوقت كاف يمكنهم من التفرغ للتخطيط القومي..
2- مستوى الخدمات، وأداء المرافق العامة سيكون تحت الإشراف والرقابة المباشرين لمستخدميها والمنتفعين بها..
3- أنماط جديدة من المؤسسات تناسب الوحدات الريفية سوف تظهر..
4- سلطة صنع القرارات وتنفيذها ستكون قريبة من مواقعها وبالتالي تقصير الظل الإداري مما يرفع من كفاءة الأداء..
الوحدة القومية:
تؤدي مشاركة المواطنين في السلطة إلى تقوية الوحدة القومية وبصفة خاصة في الدول النامية ويرجع ذلك إلى أن العلاقات الأسرية والقبلية والعشائرية أقوى من الإحساس بالروح القومية، وبذا يمكن إذابة العنصرية القبلية وصهرها في البوتقة القومية..
مشاكل المشاركة الفعالة:
تجابه مشاركة المواطنين في الدول النامية المشاكل التالية:
1- مشاكل اجتماعية: وهذه ترجع إلى الاختلاف في التركيب الاجتماعي والثقافة العامة في المجتمعات غير المتطورة..
2- مشاكل إدارية: وهذه نتيجة لوجود مؤسسات إدارية متطورة في محليات تعوق مشاركة المواطنين في المناطق الريفية..
3- مشاكل اقتصادية: إن العامل الأساسي والهام الذي يعوق مشاركة المواطنين في المناطق الريفية للدول النامية هو نقص الموارد المالية، ونقص الموارد هذا يرتبط بالانفجار السكاني الذي أصبح ظاهرة في الدول النامية..
ومثل هذه المشاكل لا يمكن علاجها ما لم تتوفر لدى هذه الدول قيادات مخلصة وملمة بالاحتياجات الفعلية لمجتمعاتها ليتم تخطيط وتحديد الآتي:
1- أسبقيات التنمية التي تتمشى مع الاحتياجات الفعلية للمواطنين..
2- المصادر السليمة والجادة للتمويل..
3- اختيار التقنية المناسبة التي تتمشى مع البيئة المحلية..
الحكم المحلي بين أهدافه واحتياجات المواطنين:
يعتبر الحكم المحلي وسيلة فعالة من وسائل التنمية شأنه في ذلك شأن الوكالات العامة.. وكذلك فإن أنواع الخدمات التي تقدمها السلطات المحلية متنوعة وتختلف من دولة إلى أخرى.. إن الهدف الأساسي الذي من أجله أنشئت الحكومات المحلية بمختلف أشكالها وأنماطها منذ العصور الوسطى هو تقديم الخدمات للمواطنين، والراحة في السكن، والتعليم العام، وإنشاء شبكات الصرف الصحي، والإمداد بالمياه العذبة, وشق الطرقات.... الخ.... فتقديم مثل هذه الخدمات وغيرها يمتص معظم الأموال التي ترد لخزينة الحكومة المحلية في شكل ضرائب ومنح.. ولا يخفىأن بعض الخدمات تلتزم الحكومة المحلية بتقديمها قانوناً مثل خدمات التعليم للأطفال في معظم دول العالم..
وإلى جانب الخدمات الأساسية، كالتعليم، والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية فإن السلطات المحلية تقوم بتقديم خدمات المكتبات العامة المجانية والحدائق العامة، والمتاحف الفنية، وصالات الاحتفالات، وأحواض السباحة، والمراكز الرياضية وميادين اللعب.. الخ..
هذا إلى جانب خدمات البوليس والطوارئ، ومثل هذه الخدمات تخلق مشاكل من نوع خاص لأنها ترتبط بالمحافظة على النظام العام واكتشاف الجريمة إن أمكن قبل وقوعها لتجنبها..
أما إدارة الموارد، فموضوع متنازع عليه داخل وخارج السلطة المحلية.. إذ يعتقد الكثيرون أن السلطات المحلية إهدار للمال والقوى البشرية..
وبالرغم من هذا الاعتقاد، فإن الاتجاهات الحديثة في الحكم المحلي تتجه نحو منح الحكومات المحلية والإدارة المحلية موارد للدخل كافية حتى تتمكن من تمويل خدماتها وإنشاء مشاريعها بما يلبي احتياجات مواطنيها..
ملاحظات حول الاتصالات بين المواطنين والموظفين:
إن انتشار الإعلام ووسائل الاتصال جعل من الصعوبة إخفاء المعلومات أو التلاعب بالحقائق ولنفس السبب فإن كفة العلاقات العامة التي تعتمد على الإعلام الصادق تزداد رجحانا مقابل كفة الدعاية التي تعتمد على إخفاء وتحوير الحقائق..
هناك على الأقل ركنان من أركان العلاقات العامة، هما العمل الجيد للمنظمة ككل والإعلام المدروس الذي تقوم به الجهة المختصة بنشاط العلاقات العامة.. والعلاقات العامة لا تنتهي عند هـذا الحـد، إذ لابد للمنظمة إذا أرادت أن تبني سياستها وأعمالها على ضوء رغبات وحاجات الجمهور، فإن عليها أن تتعرف على تلك الرغبات والحاجات بالرجوع إلى الجمهور واستلام المعلومات منه.. فالدراسة المستمرة للرأي العام ومراقبة ردود فعل الجمهور تجاه المنظمة ونشاطها وهذا ماتعبر عنه المعادلة:
العلاقات العامة = الأداء + الاتصالات
والعلاقات العامة تساعد المنظمات على خدمة الفرد بأفضل صورة، فالمساهمة في خدمة الفرد ورفاهيته هي السبيل الوحيد لبقاء أية منظمة مهما كان نوعها وهدفها..
تستهدف الدول من العلاقات العامة إيجاد علاقات عامة طيبة مع المواطنين تقوم بوضع كل المعلومات والأنباء والإحصاءات والحقائق وما تقوم به من أعمال وخدمات في متناول أيديهم وسمعهم وأبصارهم باستخدام وسائل الإعلام المختلفة: كالصحف، المجلات، الكتب، النشرات، اللافتات، الملصقات، الراديو، التليفزيون، السينما، المعارض، المهرجانات، الاجتماعات بالإضافة إلى المفكرين والخطباء.... الخ..
وتلجأ بعض الدول إلى التعرف على وجهات نظر المواطنين واتجاهات الرأي العام عن طريق ما ينشر ويكتب في الصحف والمجلات وعن طريق شكاوى المواطنين.. وقد تعتمد على الاستفتاءات في بعض المناسبات لغرض معرفة آراء المواطنين.. وقد تفتح باب المناقشات في أي موضوع من المواضيع..
العوامل المؤثرة في العلاقات العامة:
تشتمل هذه العوامل على عوامل داخلية وعوامل خارجية.. أما العوامل الداخلية فتتمثل في:
- سياسة الإدارة العليا: وتأخذ شكل فلسفتها تجاه الجمهور، وسياسات العاملين والسياسة الإعلامية للمؤسسة بالإضافة إلى الإمكانات المادية والبشرية.
وتشمل العوامل الخارجية ما يلي:
- النظام السياسي: ونعنى به الإطار العام الذي يتحدد فيه شكل الدولة وأهدافها العامة ومهماتها الأساسية القطرية والقومية في جميع مجالات الحياة العامة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو معنوية..
ولوسائل الإعلام والاتصال بالجماهير تتضح أهمية وكيفية الوصول إلى أذهان الجماهير وأفكارهم والتأثير فيهما.. وللإعلام والعلاقات العامة مسئولية كبيرة في التنمية وذلك لتوضيح الرؤيا في مسيرة التنمية القومية..
- البيئة الاجتماعية: تعتبر المؤسسات الاقتصادية صناعية أم تجارية أم خدمية منظمات اجتماعية، لأنها تهدف إلى تحقيق أهداف اجتماعية بعيدة المدى تتعلق بالعدالة الاجتماعية..
والمؤسسات القائمة في المجتمع تؤثر في البيئة الاجتماعية، كما وأن البيئة هي الأخرى تؤثر في المؤسسات القائمة.. ولاشك أن البيئة هي الأصل الذي يحوي تلك المؤسسات وأن المؤسسات والجماعات والأفراد هي الفروع..

تتأثر المنظمات بالعوامل الاجتماعية وهي تشمل: القيم الدينية، الأيدلوجيات العليا، النظام العام, الآداب والأخلاقيات، القوانين الوضعية..
الرأي العام لجماهير المنظمة:
تشمل جماهير المنظمة أنماطاً مختلفة من الجماهير والمجموعات التي تتميز كل منها بأهداف وغايات ورغبات وأذواق وقدرات معينة على التأثير على نشاط المنظمة وعلى رأس هذه الأنماط الحكومة وهي بما تفرضه من نظام عام وعقيدة سياسية واقتصادية عليا، وقوانين ترسم الخطوط الأساسية والتفصيلية لكيفية إنشاء المؤسسة وتخطيط أهدافها وأساليب عملها..
وهكذا فإن الرأي العام يتكون بالتدريج نتيجة لعمل المؤثرات الحسية والنفسية والبيئية ولقد تعددت وسائل الاتصال العامة ولم تعد قاصرة على الصحيفة التي كانت مسيطرة خلال القرن التاسع عشر، لقد تطورت هذه الوسائل تطوراً مذهلاً: فأجهزة الراديو والتليفزيون مواليد عصرية قللت من دور الصحافة باعتبارها المحتكر الأول للرأي العام فدخلت هذه الوسائل الحديثة كل قرية وكل بيت وهي تتصل بالمواطن دون عناء وقد أصبح التليفزيون يكتسب جمهوراً متزايداً على مر الزمن بفضل التطور العلمي..
اقتراحات لتحسين الاتصالات بين المواطنين والموظفين الحكوميين:
1- الاهتمام بإنشاء مكاتب الاستعلامات وتزويدها بالموظفين الأكفاء والمدربين على أساليب مخاطبة المواطنين والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم..
2- إنشاء مكاتب خاصة بشكاوى المواطنين وأخرى بمقترحاتهم مع تزويد تلك المكاتب بالكادر المؤهل والقادر على تقييم تلك الشكاوي والمقترحات والتعامل معها حتى يحس المواطن بجدية تلك المكاتب..
3- إصدار النشرات والكتيبات التعريفية بالأنشطة المختلفة وطريقة استفادة المواطنين منها والمشاركة فيها..
4- تخصيص برامج في الإذاعة والتليفزيون لمعالجة مشاكل المواطنين والإجابة على استفساراتهم..
5- تنظيم ندوات ومحاضرات عامة لمناقشة المواطنين في الأمور التي تهمهم وأخذ آرائهم ومقترحاتهم فيما يقدم لهم من خدمات وطريقة تحسين وزيادة كفاءة تلك الخدمات..
6- عرض الأفـلام التعريفية والثقافية والتعليمية لربط المواطن بالأنشطة المختلفة..

The new trends in local government is to give the local governments enough resources to finance its services and projects and hence satisfy the needs of the citizens.
References:
Brownstone, Meyer and Plunkett T.J.: Metropolitan Winnipeg - Politics and reform of local government. University of California Press, London 1983.
Elcock, Howard: Local government - Politician, professionals and the public in local authorities. London, Methon & Co., 1982.
Harlow, Le Roy F: Servants of all, professional management o f city government. Birmingham, Young University Press, New York, 1981.
Muttalib, M.A. and Mohd. Akbar Ali Khan: Theory of local government. New Delhi: Sterling PUblishers, 1983.
Stewart, John: Local government - the conditions of local choice. University of Birmingham, London:1983.
1- احمد رشيد، الإدارة المحلية - المفاهيم العلمية ونماذج تطبيقية، دار المعارف, القاهرة 1981م
2- عبد القادر الشيخلي، نظرية الإدارة المحلية والتجربة الأردنية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - عمان 1983م..
3- عادل حسن - العلاقات العامة - دارة النهضة العربية للطباعة والنشر - بيروت 14.4هـ / 1984م..
4- فخري جاسـم سليمان، عبد الرزاق إبراهيم الشيخلي، فضيلة صادق زلزلة - العلاقات العامة - مطابع مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر - جامعة الموصل - العراق - 1981م..
Journals:
Documentation in Public Administration. Vol. 7, No. 1, January 1975.
Documentation in Public Administration. Vol. 6, No. 4, October, 1978
Local Government Studies - New Series. Vol. 1, No. 1, April, 1975.
Local Government Studies - New Series. Vol. 3, No. 3, July 1977.
Local Government Studies - New Series. Vol. 1., No. 2, April 1984.