ومن أهم هذه المتغيرات المؤثرة:

.1.4رسالة المؤسسة:(Message de l'entreprise)

تعد رسالة أي منظمة، هي الرؤية المستقبلية لما تريد الوصول إليه مستقبلا، وبالتالي فهي تمثل الطموح أو رغبة الإنجاز لكل من يعمل في المؤسسة على أن يكون هذا الطموح مشترك بين كل الأطراف وموحد بينهم.

فالرسالة هي غاية جميع العاملين في المؤسسة من رؤساء ومرؤوسين، وبالتالي فإن نقطة الإنطلاق في إعداد أية إستراتيجية هي وضع الرسالة، لأن تحقيقها يعني بقاء المؤسسة وإستمرارها .

"والرسالة هي سبب وجود المؤسسة في حد ذاتها، حتى تلبي رغبات زبائنها، ولا بد أن تكون الرسالة مبنية بوضوح ومفهومة، من أجل نجاح إنجاز مهامها "[31]، وعندما تكون الرسالة واضحة المعالم، فهذا سيساعد المسيرين في صياغة جيدة لإستراتيجية المؤسسة ووضع أهدافا قابلة للقياس والإنجاز وفق الإمكانيات المادية والبشرية للمؤسسة، والرسالة هي غاية جميع العاملين في المؤسسة وهي الموجه لكافة نشاطاتها المستقبلية.

4ثقافة المؤسسة:

إن الثقافة التنظيمية أو ثقافة المؤسسة ليست إلا تعبيرا عن القيم والعادات المشتركة بين العمال داخل المؤسسة، وهي تتفاعل مع بعضها لينتج عنها نمط سلوكي موحد لجميع العاملين، وبالتالي فهي موجه أو مسار للسلوك التنظيمي البشري داخل المؤسسة بإتجاه واحد.

وثقافة المؤسسة توفر معايير وظوابط سلوكية يلتزم بها الجميع، وهي أيضا"تعد التعبير عن المعتقدات الأساسية والقيم والأولويات التي يلتزم بها صناع القرارات الإستراتيجية داخل المؤسسة، كما تعبر الثقافة أيضا عن نوايا المؤسسة في أداء نشاطها ومسؤولياتها الإجتماعية إتجاه المجتمع الخارجي"[32].

وتتميز "الثقافة بأنها مشتركة ومتكررة في سلوك أفراد المجتمع الواحد، ويتم إكتسابها وإنتقالها من جيل إلى آخر بواسطة التنشئة الإجتماعية وليس بفعل العوامل الوراثية "[33]

وما من مجتمع إلا وله ثقافة خاصة يتميز بها عن غيره من المجتمعات الآخرى، وتجسد الثقافة الطرق وأساليب الحياة التقليدية التي يتبعها المجتمع في مختلف ميادين العمل والسلوك والفكر، فهي المصدر الأساسي الذي يستمد منه المجتمع كافة الأساليب والأفكار الخاصة بكسب العيش وتنظيم الحياة الإجتماعية.

والمؤسسة حتى توظف ثقافة الأفراد في خدمتها وخدمة الصالح العام لا بد أن توفر معايير وبنود سلوكية يحترمها الطرفين (المؤسسة والأفراد العاملين) حتى تكون العامل الذي يربط الطرفين ويدعم جهودهم في الأداء والعمل، ومن بين هذه المعايير " – أسلوب تعامل المؤسسة مع الموارد البشرية،

- أسلوب تعامل المؤسسة مع زبائنها

- أسلوب تعامل المؤسسة مع المجتمع

- النمط القيادي وتعامل الرؤساء مع مرؤوسيهم

- أسلوب تعامل الأفراد مع بعضهم البعض في مكان العمل

- الإتجاه العام الموحد للسلوك التنظيمي داخل المؤسسة"[34]

وبالتالي فإن تواجد ثقافة تنظيمية في الوسط المهني تحتوي على قيم وعادات سلوكية واضحة، هذا حتما سيؤدي إلى توحيد إدراك العاملين فيها لرسالتها، وللقواعد السلوكية التي يجب الإلتزام بها من قبلهم، فتوضح بذلك لهم ما هو مرغوب وأخلاقي وما هو غير ذلك، فالثقافة التنظيمية شيء رئيسي وأساسي في جميع المنظمات المعاصرة، لأنها ستساعد وبنسبة كبيرة على تحسين النمط السلوكي والتنظيمي لأنها ستوجه سلوك وطاقات الأفراد العاملين بها إلى العمل وتحقيق الأهداف الموضوعة في إستراتيجية المؤسسة.

وهذا سيساعد كثيرا على إدارة الموارد البشرية ويسهل عليها تدريب وتنمية العاملين في المؤسسة وخاصة من الناحية السلوكية، عملية التدريب ليست موجهة فقط إلى تدريب العاملين من الناحية المهنية أو التكنولوجية، فالتكوين موجود من الناحية السلوكية، كتطوير مهارات الإتصال لدى الأفراد، كيفية تعامل الأفراد مع مرؤوسيهم والمسؤولين مع الأفراد، كما نجد أيضا وحاليا تكوينا في إطار كيفية تحفيز الأفراد العاملين .

كما أن إدارة الموارد البشرية عليها مسؤولية في هذا المجال خاصة دورها في القيام بتعليم الثقافة لكل من يعمل في المؤسسة وخاصة الأفراد الجدد فيها، كما تعمل أيضا على شرح هذه الثقافة بوضوح لهؤلاء الأفراد، وتدريبهم على الإلتزام بها أثناء تعاملهم مع الأفراد الأخرين في المؤسسة وتحسيسهم على أنها بمثابة دستور قانوني لا بد إحترامها "كما أن إدارة الموارد البشرية لا بد أن تضع معايير إنتقاء الموارد البشرية بحيث تنسجم مع مكونات هذه الثقافة، بحيث يتم إنتقاء عناصر بشرية للعمل تتوفر فيها أو تحمل معها أخلاقيات وقيم تنسجم مع مضمون ثقافة المؤسسة التنظيمية "[35].

كما أن التكوين في حد ذاته داخل المؤسسة أو لجوء هذه الأخيرة إلى عملية التكوين لتطوير مهارات عمالها ونوعية خدماتها تعتبر هي الأخرى مظهر من مظاهر الثقافة التنظيمية التي تكتسبها المؤسسة.

ومن خصائص الثقافة التنظيمية أنها إنسانية وإجتماعية، بإعتبار "الإنسان هو الكائن الحي الوحيد العاقل أو الناطق، أي هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يفكر وينتج أفكار ويصنع أدوات، ويستطيع من خلالها التكيف مع ظروف الطبيعة، والتحكم فيها بفضل إختراعاته وإستغلاله إياها، كما أنه ترك نتاجا فكريا قانونيا وفيا، لا يستطيع غيره من الكائنات القيام به، سواء من أجل تنظيم نفسه إقتصاديا وسياسيا في مجتمعات متميزة بأنماطها وفيها الثقافية أو من أجل الإستهلاك المباشر والتكوين وغيره "[36]