د.عبد اللطيف العزعزي
من قوانين العقل الباطن قانون التركيز الذي يقول:«الشيء الذي تركز عليه، يؤثر في حكمك على الأشياء».
دعونا نوضح هذا القانون الذي إذا فهمناه ستتغير نظرتنا بل حياتنا للأمور بشكل كبير. عندما نتعامل مع الأشياء ومع الناس، منا من يركز على ما يهمه منها، ومنا من يركز على ما لا يهمه، وهناك فرق كبير بين الحالتين. فالتركيز على الأمور التي تعنينا تعطينا قيمة ونستفيد منها في حياتنا، أما ضياع الوقت والجهد في أمور لا تسمن ولا تغني من جوع فهي هدر لعقول البشر، وإيذاء للنفس ومدخل في كثير من الأحيان للمشاكل والعداء.
ولعل هذا يظهر عند كثير من الزوجات عندما يتقاعد الزوج وليس لديه ما يشغله كالأعمال الخاصة والتجارة فإنه يبدأ يركز على كل صغيرة وكبيرة في البيت، فتضيق الزوجات ذرعاً من ذلك
البعض يتذمر من الحياة فنسألهم عن السبب فيتبين بأن السلع الفلانية ارتفعت أسعارها، فيعيشون في هم وغم وكل تركيزهم على تلك الزيادة ويهملون الإيجابيات الأخرى من حولهم.
جاءني ابني الأكبر وقد أضاع هاتفه المحمول أثناء قيادته للدراجة، وقد أمضى وقتاً طويلاً في البحث عنه ولم يجده، فصمت طويلاً أفكر في الأمر، فالهاتف ثمين وجديد من ناحية، ومن ناحية أخرى هو ابني فلذت كبدي، فأنا بين أمرين: الفعل (إضاعة الهاتف) والابن، فركزت على أهمية ابني عندي أما المال فيأتي ويروح، فهدأت من روعه
فكم من المواقف التي حكمنا عليها سلباً واكتشفنا بعد مدة أننا كنا على خطأ، وكم من الأشخاص أسأنا الظن بهم وتبين لنا بعد زمن أنهم على غير ذلك، كل ذلك لأننا أصبحنا لا نرى الحقائق إلا من النظارة السوداء للعقل الباطن على الرغم من وجود نظارات بيضاء لشتى مجالات حياتنا
جاءتني سيدة تشكي زوجها فسألتها عن نسبة تقديرها لإيجابياته وسلبياته فقالت: «إيجابياته 20 وسلبياته %80». فطلبت منها ذكر إيجاباته بحيادية وبأمانة، فأخذت تذكر الشيء الكثير، وبعد انتهائها قلت لها: «كم نسبة إيجابيات الزوج وسلبياته؟» ففكرت قليلاً ثم قالت: «إيجابياته %80 وسلبياته %20».
إن التركيز على أخطاء الآخرين وعلى سلبياتنا يثبتها، وإطالة التركيز عليها يضخمها فيصبح حكمنا وقراراتنا مبنية على ما ركزنا عليه. فلماذا إذا فشلنا في عمل شيء ما حكمنا على أنفسنا بالفشل؟! وإذا مررنا بموقف صعب رأينا حياتنا كلها صعبة والمستقبلمظلم؟
عزيزي القارئ تأمل دائماً في ما تركز عليه، فقد تركز على هوامش صفحات الحياة وتنسى أهم الأمور