هناك من نظر للصراع على أنه سلاح ذو حدين يمكن استخدام أحد أطرافه في العنف والتدمير وتقويض البنيان الإداري كما يمكن توجيهه إلى أداء فاعلة للنمو والرقي وحفز الموظفين نحو التجارب الفعالية والبناء، وبالتالي فالصراع يمكن إن يكون سلبياً ولكنه أيضا يمكن إن يكون ايجابياً، ويمكن تناول مفهوم الصراع التنظيمي من خلال وجهتي نظر محددتين هما:


1- النظرة الكلاسيكية (التقليدية):
يرى أصحاب هذه النظرة الكلاسيكية أن الصراع شيء غير مرغوب فيه، ويجب تقليله أدنى حد ممكن ، أو إزالته من خلال الاختيار السليم للأفراد ، والتدريب ، وتوصيف الوظائف ، وإعادة التنظيم وغالبا ما تساعد هذه المبادئ على تقليل أو احتمال منع بعض أشكال الصراع غير المرغوب فيه .

فالمفهوم التقليدي يرى في الصراع أنه عملية أو سلوك تنظيمي معطل وغير مرغوب فيه ناتج عن تعارض أو اختلاف أو خلاف بين الرئيس والعاملين، أو بين العاملين بعضهم بعضا، ويؤدي إلى تفتيت جهود العاملين, وخفض درجة التعاون فيما بينهم, وتقليل روح الجماعة، وارتفاع معدلات دوران العمل، وعدم القدرة على تحقيق الرضا الوظيفي، وضعف الانتماء للمنظمة, وارتفاع الخسائر المادية للمنظمة, ما يعوق تحقيق أهدافها ويهدد بقاءها واستمرارها في نشاطها, وبحكم هذا المفهوم التقليدي فإن الصراع التنظيمي يكون دائماً سلبياً وغير فاعل وغير صحي, الأمر الذي يتطلب من القيادة تجنبه والابتعاد عنه قدر الإمكان لتفادي التوتر والقلق . وللأسف هذا المفهوم هو الأكثر شيوعاً في منظماتنا المحلية[4].


فأصحاب تلك النظرة يتناولون الصراع على أنه نوع من النقص، والقصور الناتج عن الهيكل التنظيمي ، وغالبا ما يؤدي هذا الصراع إلى التأثير على كفاية وفعالية المنظمة ، وبصفة عامة ، فإن أصحاب هذه النظرة يرون أن علاج النتائج السلبية للصراع يكمن في معالجة جوانب القصور في الهيكل التنظيمي بالدرجة الأولى ويتضح من هذا الافتراض أن الجهود الإدارية لمعالجة الصراع التنظيمي يجب أن توجه إلى تحسين العديد من الأبعاد التنظيمية مثل : تحسين قنوات الاتصال ، وتحديد المهام ،والاختصاصات الوظيفية ، والاهتمام بصياغة القوانين والإجراءات التنظيمية ، كوسائل أساسية لعلاج الصراع, وكذلك يتضح أن عدم قدرة الإدارة على تكوين الهيكل التنظيمي المناسب يمكن أن يؤدي إلى تزايد حدة النتائج السلبية للصراع التنظيمي .




2- النظرة الوظيفية (السلوكية):

من جهة أخرى, يتبنى بعض الباحثين في الإدارة مفهوماً أكثر حداثة ومغايراً لمفهوم التقليديين حول الصراع، فهو بالنسبة لهم ظاهرة تنظيمية إيجابية وسمة أساسية ملازمة للتفاعلات الإنسانية في أي منظمة، وهو على نوعين صراع سلبي وغير فاعل وصراع إيجابي فاعل, فالصراع الإيجابي أو الحميد هو أحد المتغيرات الأساسية للنمو والاستمرار والتطوير التنظيمي الذي تنشده كل منظمة, يتناولونه بحسبانه ظاهرة طبيعية، حتمية تنظيمية، تصاحب التفاعلات الإنسانية داخل أي منظمة، ولا يمكن التخلص منه، بل ينبغي إدارته، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه.


تعتمد هذه النظرة على المفهوم القائل بأن تشخيص الموقف وتحليله يعتبر أمراً ضرورياً للعمل والأداء, وبالتالي فإنه من الأمور الهامة التي يجب اعتبارها عند التعامل مع الصراع ضرورة البحث عن بدائل لإدارة الصراع ومن ثم دراسة الموقف الأكثر مناسبة وملاءمة لكل من هذه البدائل التي يمكن إن تحقق فيها أقصى كفاية.


وعليه إذا نشأ موقف صراع وكانت فيه أهداف الإطراف المختلفة غير متكاملة فإن من الضروري اختيار أسلوب للتعامل يتمتع بأفضل إنتاجية ممكنه من بين البدائل المتوافرة مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إن بدل ربح – خسارة هو اقلها أنتاجا، بينما بديل ربح – ربح الذي يربح فيه كل من الطرفين مع إن ربحاهما قد لا يكون متعادلاً هو أفضل إنتاجيه ولذا فإنه يعتبر أفضل منطلق للاختيار من بين بدائل إدارة الصراع والتعامل معه.


كما يمكن تقسيم إتجاهات المنظمات حول الصراع فيما يلي[5]:
1- الاتجاه الإيجابي: وهو اتجاه ينظر إلى الصراع على أنه فرصة جيدة لتلمس مواطن الضعف في المنظمة ومن ثم إيجاد الحلول الناجعة لها عن طريق قبول المقترحات ووجهات النظر المختلفة حول موضوعات الخلاف مع تشجيع عملية الإبداع والتفكير الخلاق في سبيل تطوير الإجراءات والأساليب والهياكل التنظيمية لتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية وبناء علاقات جيدة بين الأفراد عن طريق إحداث تغيير حقيقي للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة.


2- الاتجاه السلبي: وهو اتجاه ينظر إلى الصراع من جانبه السلبي حيث إنه يشتت الجهود ويستهلك قدرًا كبيرًا من موارد المنظمة ويتسبب في زيادة ضغوط العمل على الموظفين مما يقلل من الإنتاجية ويضعف الأداء ويوتر العلاقات بينهم فيصبح التعاون مستحيلاً مما يتسبب في حالات من العنف بين الأفراد.



3- الاتجاه المتوازن: وهو اتجاه ينظر إلى الصراع نظرة واقعية حيث إن بعض الصراعات مرغوب بها والبعض الآخر غير مرغوب بها حسب الظروف والإمكانيات. كما ينظر إلى أن بعض الصراعات يمكن تجنبها وعدم الاكتراث بها والبعض الآخر يمكن التعامل معها وإدارتها بطريقة فاعلة تؤدي إلى حل للمشكلة المسببة للصراع.