فريد مناع
يقول ديل كارنيجي: (غالبًا ما تفشل مباراة فريق النجوم الذي يضم أفضل اللاعبين من الفرق المختلفة, ورغم أنهم الأفضل إلا أنك قد تجد الهزيمة من نصيبهم). يمثل هذا مثالًا للأزمات التي قد تواجه فرق العمل حتى وإن كان أفراده من الأفضل في هذه المهنة, إلا أن فرق العمل لا تواجهها الكثير من المشكلات الداخلية من الفريق مردها إلى جودة الإنتاج, لكن تكون أكثر العقبات من تنظيم العمل الجماعي داخل الفريق. والبعض الآخر من الأزمات يكون نتيجة طبيعية لبعض العوامل الخارجية التي تخرج عن نطاق سيطرتك, فمثلًا إذا كنت تملك مصنعًا وواجهتك مشكلة كانقطاع التيار الكهربي لمدة ثلاث أيام عنه بسبب بعض أعمال الصيانة, فماذا ستفعل لتسلم المنتج المطلوب منك في موعده المحدد؟ تحد العقبات: (المشاكل ليست إلا فرصًا ترتدي ملابس العمل)
هنري كايزر
من أهم التحديات التي تواجه المنظمات وفقًا لمفاهيم فرق العمل تتمثل في تحدي ردم الفجوة بين متطلبات المؤسسة ومهارات العاملين، والاستخدام الأمثل للتقنيات المتطورة والحرص على الكفاءات الوظيفية المتميزة التي تحقق أهدافالمؤسسة، ففي المنظمات الناجحة تعتبر العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين هي حجرالأساس لنجاح فرق العمل المختلفة ويلعب القائد أو المدير دور مهم في تطوير هذهالعلاقة في مناخ من الثقة المتبادلة والاحترام والفهم الشامل لاحتياجات كل منالمؤسسة والفرد, وذلكلخلق بيئة ملائمة لتحقيق أهداف وتوجهات الإدارة العليا للمنظمة وفي نفس اللحظة يتم تحقيق أهداف وتطلعات العاملين. فمثلًا الإدارة التقليدية للأعمال تجعل القائد أو المدير هو محور التوجهات, وبالتالي إغفال دور الأفراد بشكل أو بآخر, مما يتعارض مع واقع اليوم الذي يفرض على القائد أو المدير ـ إذا رغب النجاح ـ التخلص من هذه الأساليب التي عفا عليها الزمن, ويتسلح بسلاح الثقة والطمأنينة, ويفسح المجاللاهتمامات المرؤوسين وأفكارهم ووجهات نظرهم, وأن يسعى باستمرار لدفع السلطة إلى أسفلالسلم التنظيمي؛ لتمكينهم من أداء أعمالهم لأنهم أكثر التصاقًا بها ويعلمون خفاياها ومتطلبات النجاح بها وكيفية قياسها, لذلك يمكن لنا استنتاج العوائق والصعوبات التي تواجه فرق العمل المختلفة في المنظمات وإيضاحها على النحو التالي: أولًا ـ المعوقات التنظيمية: وهذه هي بعض المعوقات التي غالبًا ما تصيب شركتك بالترهلات, ومنها: 1. المعوقات الثقافية: ثقافة المناخ التنظيمي قد يطغى عليها ثقافة الفردية والتنافس والتركيز على الإنجاز الشخصي ويكون الحديث عن فرق العمل كمفهوم حديث سطحيبعيد كل البعد عن الإلمام بفوائد المفهوم أو وجود الدافع للعمل به, فإيمانالقادة والمدراء (صناع القرار) بمنهجية فرق العمل كأسلوب إداري يؤدي إلىاعتقادهم بأهميتها, وهذا الاعتقاد يخلق الدافع للبحث بجدية عن الفوائد والمنافع, ومن ثم تحدد الاحتياجات التي يمكن تحقيقها من خلال فرق العمل المختلفة، وعلى العكس منذلك فإن افتقار القادة والمدراء لهذا الأمر يوجد ثقافة تنظيمية تمنع العمل على شكلفرق عمل. 2. التركيز على إنجاز العمل: بمعنى التركيز على قبول الوظيفة كما هي والقيام بمهامها بدون النظر إلى العلاقات والمشاعر والاحتياجات الإنسانية للأفراد, انطلاقًا من قاعدة (أستطيع أن أعمل) فتنجز الأعمال الموكلة للأفراد إما بشكل جماعي أو بشكل فردي, ويصرف النظر عن كل ما من شأنهتحقيق البناء الفعال لفرق العمل. 3. ضعف التفكيرالاستراتيجي: فمن المعروف أن التفكير الاستراتيجي يؤدي إلى التمييز بينالسبب والنتيجة بما يساعد على تحديد المشاكل التي تواجهها المؤسسة والأسباب الرئيسة لها، كما يحقق الحصول على أفكار وحلول جديدة بعيدة عن الطرق التقليدية في أداء الأعمال، وكذلك عدم الخوض في الجانب التنفيذي والتركيز على الجانب الاستراتيجي المهم, ومن ثم استخلاص النتائج ومعرفة أثر كل ذلك على الأفراد من خلال دراسة مدىاستجابتهم للكثير من القرارات الإدارية التي تتخذ, ولمزيد من الإيضاح فإن التفكير الإستراتيجي يوفر عامل الوقت, ويساعد على تحديد المهارات المطلوبة للمستوياتالإدارية المختلفة؛ ليحول دون قيام التحصينات الثقافية المانعة لمنهجية بناء فرق العمل. 4. الهيكل التنظيمي: عندما يكون هناك هيكل تقليدي ذو تسلسل هرمي واسع, وهناك عدد من المراتب مختلفة المستويات, وينظر إلى بعض القطاعات بمنظور مختلف يقلل من مكانتها في التنظيم؛ فإن العمل على شكل فريق عمل يكون عملية صعبة جدًا, وتصبح نشاطات بناء فرق العمل الفعالة غاية في التعقيد. 5. الحوافز والمكافآت: حيث تؤدي نظم الحوافز والمكافآت التي توجه للجهود الفردية إلى تأثير كبير على عمليات بناء فرق العمل وتعيق تقدمها من خلال التركيز على الفردية وإيجاد التنافس. ثانيًا ـ المعوقاتالفردية: تمثل المعوقات الفردية صعوبة كبيرة؛ إذ أن الهدف المطلوب لفريق العمل قد يتحقق دون تحقيق بعض الأفراد لمهامهم, وبالتالي فالفريق يهتم بالانتاجية الجماعية على الانتاجية الفردية, وهذه بعض المعوقات التي تواجه الأفراد داخل فرق العمل: 1. معتقدات قائد الفريق: تلعب معتقدات قائد الفريق واتجاهاته ومعرفته ومهاراته دورًا هامًا في عملية بناء الفريق, حيث لايكفي الإيمان بأهمية فرق العمل لوحده في بناء فرق عمل ذات فعالية عالية, حيث يعود بعض القادة إلى العمل الفردي بمجرد التعرض إلى بعض الضغوط ويسعى ليسودرأيه في النهاية على أنشطة الفريق من منطلق الحرص على عامل الوقت والمحافظة علىالكفاءة المطلوبة لإنجاز العمل. 2. المهارات:وهناك نوعان من المهارات؛ المهارات الفنية ومهارات العمل ضمن الفريق, وبخصوص المهارةالفنية لأعضاء الفريق فمن المهم أن تتوافر بشكل كافي لأداء المهمة, وليس من الضروريأن يكون هناك مجموعة كاملة من المهارات؛ حيث أن أحد فوائد العمل كفريق هي إتاحة الفرصة للأفراد لتعزيز مهاراتهم وتطوير أنفسهم, ويشمل التطور المهارات الفنية, ومن المهم أن يتوفر في الفريق المهارات الفنية الملائمة ومهارات التفكير الاستراتيجي والمهارات الشخصية. 3. المكان: الوضع المثالي هو أن يعمل الفريق في مكان واحد, وبقدر ما يكون هناك بعد مكاني بقدر مايصبح من الصعب بناء فريق عمل فعال, وتكون عملية تبادل المعلومات والبيانات ووضع الأهداف عمليةمزعجة ومتعبه جدًا, ويكون التعاون ضعيفًا بين أعضاء الفريق, ويمكن للخبرة أن تساعد في تحسين وضع الفريق والحد من مشاعر العزلة, غير أن إعادتهم للعمل في مكان واحد سيؤديإلى زيادة التعاون. 4. عدد أعضاء الفريق: يتراوح العدد المثالي لأعضاء فرق العمل عادة ما بين ثلاثة إلى ثمانية أفراد وفي بعض الأحيانيصل العدد إلى عشرة أفراد، مع ملاحظة أن أي زيادة في العدد عن الحد المعقول يؤدي إلى تخفيض الوقت المتاح لكل عضو للمشاركة الفعالة في نشاط الفريق والمناقشات أثناء الاجتماعات المتعددة, وكذلك فإن أي نقص في العدد سوف يكون من شأنه الإقلال من فعالية وكفاءة الفريق؛ وذلك لانخفاض وقلة الأفكار والرؤى المختلفةالمطلوبة للنجاح في أداء المهمة, ولذلك يمكن القول بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال بناء فريق فعال إذا كان هذا الفريق سيضم عددًا كبيرًا من الأعضاء؛ لأن من شأن ذلك انطباق قانون (تناقص الغلة) على مثل هذا النوع من الفرق ، حيث كلما زاد عدد أعضاء الفريق كلما قل التعاون وقلة الفعالية والفائدة ولن يتحقق العائد والهدفالذي من أجله تم تشكيل الفريق. اقبل التحدي: يمكنك الآن أن تقبل بمواجهة تحديات فرق العمل بعد أن تكونت لديك البصيرة اللازمة والرؤية الصحيحة للمشكلات الواقعية التي غالبًا ما ستواجهك مع فريق العمل لكي تصل بهم إلى هدفك المنشود متجاوزًا تلك العقبات التي قد تدفعك للتوتر, وهنا يمكننا أن نتذكر ما قاله د. واين داير حين قال: (ليس هناك توتر في العالم, ولكن هناك أناس يفكرون في أشياء تدعو للقلق).