الإلتحاق بالشركات
"حقق طموحك لدى كبريات الشركات في ســـوريا» بهذا الشعار بدأ معرض فرص العمل السنوي في دمشق الذي تنظمه الجمعية السورية لرواد الأعمال الشباب "سيا"، واختتم فعالياته الإثنين 6 يوليو 2009، وسط موجة من التفاؤل سادت الشباب ومنظمي المعرض والمسئولين الحكوميين الذين شهدوا فعالياته.
المسئولون الحكوميون بدورهم هللوا له من منطلق أن يرفع عن كاهلهم مسئولية التوظيف، ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن ديالا الحج عارف وزيرة الشئون الاجتماعية قولها: "المعرض ساهم خلال السنوات الماضية في تأمين فرص عمل عدة للباحثين عنها من خلال تسهيل عملية اللقاء بين الشباب وعارضي فرص العمل".
أما منظمو المعرض فقد بالغوا في وصف أهميته، وقال عبد السلام هيكل رئيس الجمعية المنظمة لصحيفة "الحياة" اللندنية الصادرة يوم الإثنين 6 يوليو 2009 إنه نجح بدوراته السابقة في تأمين الآلاف من فرص العمل.
ووسط هؤلاء وهؤلاء يوجد شباب متمسك بالأمل، أحدهم حمدي الذي تخرج في كلية الاقتصاد منذ أربع سنوات وحتى الآن لم يجد عملا يتوافق مع تخصصه، وقال في نفس العدد من الصحيفة: "سئمت البحث عن وظيفة، لكن أصدقائي يتحدثون بشكل إيجابي عن هذا المعرض؛ لذا زرته، فقد تكون زيارتي الرمية الأخيرة التي تصيب الهدف".
مسلسل مكرر
ولكن كتابا وخبراء سوريين قيموا أداء المعرض بالصحف السورية، وعبروا عن اعتقادهم بأن رمية حمدي لن تصيب الهدف، وفي إشارة إلى أن الأمر أشبه بمسلسل معاد.
استهل الصحفي السوري عبد الرزاق دياب مقاله في صحيفة "قاسيون" السورية بتوقعه للديباجة المكررة التي ستخرج بها الصحف بعد افتتاح المعرض، والتي لن تخرج عن: "افتتحت الدكتورة ديالا الحاج عارف معرض فرص العمل، وشهد إقبالا واسعا،
وشاركت فيه كبرى شركات التوظيف وتأمين العمالة، التي تجاوز عددها 62 شركة، وصرح البعض بأن الغاية من المعرض تأمين فرص عمل للشباب الجامعي، واستطاعت بعض الشركات توفير 100 فرصة عمل وأكثر".
"ولكن لا الشركات وظفت ولا الحكومة كذلك.. والدليل أعداد البطالة المتزايدة".. هذا ما خلص له دياب في النهاية، ودفعه لوصف هذا المعرض بالأمل الكاذب.
لذوي الخبرة فقط
ووفقا للأرقام الرسمية فإن عدد العاطلين عن العمل في سوريا وصل في الربع الأول من عام 2008 إلى 432 ألفا، أي نحو 8.3 في المائة، لكن خبراء مستقلين يعتقدون أن النسبة أكبر من هذا الرقم، وتصل -وفق ما قالوا لصحيفة الحياة الصادرة يوم 6 يوليو 2009- إلى نحو مليون شخص، بينما يقدر عدد الوافدين الجدد إلى سوق العمل سنويا بنحو220 ألف فرد.
ويبدو أن هؤلاء الوافدين لن يكون لهم نصيب في وظائف المعرض، هذا ما كشفت عنه تصريحات عبد السلام هيكل رئيس الجمعية لوكالة الأنباء السورية "سانا"، والتي نقلتها الصحف السورية مع افتتاح المعرض يوم 4 يوليو؛ حيث أعرب عن سعادته بأن الشركات السورية ستستطيع من خلاله جذب الكفاءات السورية العائدة من الخارج، خاصة في دول الخليج العربي، والذين تم الاستغناء عنهم بسبب تداعيات الأزمة المالية.
مسكنات لا أكثر
وفي تعليقه على هذه التصريحات أوضح الباحث الاقتصادي اللبناني المعني بالشأن السوري علي باكير أن ما قاله رئيس الجمعية ليس بجديد على مثل هذه المعارض التي تمثل وسيلة لمن يشتغل للحصول على فرصة أفضل، لكنها لا تعالج داء البطالة.
واعتبر باكير مثل هذه المعارض مجرد ديكور، وقال لـ "إسلام أون لاين": "سأفرض أنها تقوم بدور في التوظيف.. فكم عدد من توظفهم قياسا بجحافل المتخرجين كل عام"، وأضاف: "لا يمكن حل المشكلة، إلا بتدخل الدولة".
وهذا التدخل يلخصه د.منذر خدام, أستاذ الاقتصاد بجامعة تشرين السورية في كلمة واحدة هي "التنمية"، وقال في تصريحات لصحيفة "النداء" السورية: "التنمية هي وحدها التي تخلق فرص عمل وبالتالي تمتص البطالة, وهذا غير متحقق في الواقع السوري".
ومن تشكيك "دياب" في نية الشركات، إلى تصريحات "هيكل" التي أكدت هذه الشكوك، ثم تأكيد "باكير" على دور الدولة، الذي اعتبره "خدام" غائبا، يبدو حلم "حمدي" وأقرانه في الحصول على فرصة عمل من خلال المعرض كأمل لوح لهم من بعيد، لكنه في الواقع فجر كاذب، أضواؤه خادعة.