ينظر المسلمون منذ العصور الوسطى إلى الحرم القدسي الشريف باعتباره جزاءا لايتجزأ من المسجد الأقصى فهو أي المسجد جميع ما أحاط به سور الحرم، وفيه الأبواب أيضاً ويستدل على ذلك بما ورد في الحديث الصحيح من أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين أخبر قومه بالإسراء واستنكروه أرواد أن يمتحنوه بالاستيضاح عن صفة المسجد فأخذ يصفه لهم ويعد أبوابه باباً باباً وقد كانوا يعرفونه فتحققوا صحة الوصف وقد أيد ذلك الأب مرمرجي الدومنكي أحد أساتذة المعهد الكتابي والآثار في القدس الشريف وعضو المجتمع العلمي العربي بدمشق عندما ذكر في كتابه بلدانية فلسطين العربية أن المتعارف عند الناس أن الأقصى من جهة القبلة الجامع المبني في صدر المسجد الذي فيه المنبر والمحراب الكبير وحقيقة الحال أن الأقصى اسم لجميع المساجد مما دار عليه السوار
ومهما يكن من أمر فقد حرص ولاة المسلمين على العناية بالحرم القدسي وبتعميره وإضافة المنشآت المختلفة إليه على مر العصور

أ#- البوائك:

يقصد بالبائكة (يجمع على بوائك) ذلك البناء المؤلف من صف واحد من الأعمدة التي تحمل عقوداً متصلة وقد جعلت للحرم القدسي في جهاته المختلفة بوائك انطلاقاً من أن ساحته هي جزء من المسجد الأقصى ولجذب أنظار الزوار لأهمية المكان حيث كان المسجد الإسلامي يتألف تقليداً من جملة البوائك التي تحمل الأسقف ولكن بوائك الحرم القدسي لم تكن تحمل أسقفاً على الإطلاق ولعبت دورا أشبه ما يكون بدور البوابات المفتوحة أو المداخل ذات الطابع التذكاري على غرار النصب الأوربية لا سيما وأن هناك درجات سلم صاعدة للحرم تسبقها مباشرة

1- البائكة الجنوبية:

وهي أقدم بوائك الحرم ويصعد إليها بدرجات سلم وقد شيدت في العصر العباسي ربما أثناء أعمال الخليفة المهدي لإعادة بناء المسجد الأقصى أو وقت الترميمات التي قام بها الخليفة المأمون في قبة الصخرة بعد الزلزال المدمر الذي أصاب القدس في بداية القرن الثالث الهجري (9م) وقد قام الفاطميون في عام 426 هـ (1035م) بترميم هذه البائكة وجددها العثمانيون أيضا في سنة 1311 هـ (1893م) وتتألف هذه البائكة من أربعة عقود حجرية ترتكز على دعامتين حجريتين بينهما ثلاثة أعمدة رخامية رشيقة مختلفة التيجان ولعلها منقولة من عمائر سابقة
وتتوسط كوشات عقود هذه البائكة مزولة شمسية لتعين دخول أوقات الصلاة أثناء النهار وقد قام بعمل هذه المزاولة الرخامية رشدي الإمام مهندس المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1907م،

2- البائكة الشرقية:

شيدت هذه البائكة في العصر العباسي، وأعيد ترميمها في العصر الفاطمي وتم ترميمها بواسطة المجلس الإسلامي الأعلى في عام 1954م، وهذه البائكة مؤلفة من دعامتين حجريتين بينهما ثلاثة أعمدة رخامية وتحمل جميعها خمسة عقود نصف دائرية وهي في ذلك تختلف عن البائكة السابقة في عدد العقود ونوعها وأغلب الظن أنها شيدت بعد البائكة الجنوبية نظراً لاهتمامها بالتوزيع المتوازن للعقود بحيث يصبح العقد الأوسط محورا تتوزع من حوله العقود الأربعة الباقية بترصيف وتوازن هو من أهم خصائص فن العمارة الإسلامية بعد نضجه المبكر في العصر العباسي فضلاً عن العناية بزخرفة أعلى البائكة بمربعات حجرية غائرة

3- البائكة الغربية:

من المرجح إن الآمر بإنشاء هذه البائكة هو الأمير أبو القاسم أنوجور بن الإخشيد وكان ذلك في عام 340 هـ (952م) وذلك في وقت لاحق لإنشاء البائكة السابقة وقاعدة هذه البائكة مؤلفة من ثلاثة أعمدة رخامية على جانبيها من الخارج دعامتان حجريتان مبنيتان وهي جميعاً تحمل أربعة عقود حجرية مدببة وقد زخرف أعلى البائكة بزخارف من مربعات حجرية غائرة تشبه الموجودة في البائكة الشرقية وقد تم تجديد هذه البائكة في عصر الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي بعد الزلزال الذي ضرب القدس

4- البائكة الجنوبية الشرقية:

هذه البائكة إنشاء فاطمي خالص وقد شيدت ضمن أعمال التجديد والترميم التي أجريت أيام الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله 426هجري (1035م) وقام بالإشراف على إنشائها قائده الشهير أنوشتكين الغوري أمير الجيوش ولكن بناءها لك يكن محكماً إذ اضطر الملك المعظم عيسي الأيوبي إلى ترميمها مرة أخرى في عام 608هجري (1211م) وأشرف على ذلك الأمير عز الدين بن عمر بن يعقوب وتتألف البائكة من دعامتين حجريتين بينهما عمودان رخاميان وهما يحملان ثلاثة عقود حجرية مدببة

5- البائكة الشمالية :

تم إنشاء البائكة هذه البائكة في عصر المماليك البحرية وقد أمر بنشيدها السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في عام 721هجري (1331م) وهي بائكة صغيرة مؤلفة من عمودين رخاميين تكنفهما دعامتان حجريتان وهي بائكة من ثلاثة عقود حجرية مدببة الأوسط منها أعلى ارتفاعاً وأكثر سعةً من العقدين الجانبين وقد ازدان أعلى البائكة بزخارف هندسية بسيطة محفورة بشكل غائر.

6- البائكة الشمالية الشرقية:

أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء هذه البائكة في سنة 726هجري (1326م) حسبما هو مسجل في لوح من الرخام مثبت في كوشة العقد الأخير وتختلف هذه البائكة بشكل واضح عن تصميم البوائك الأخرى المنتشرة حول الحرم على الرغم من أنها مؤلفة من دعامتين حجريتين بينهما عمودان حجريان رشيقان وهم جميعاً يحملون ثلاثة عقود مدببة.
وتمتاز العقود بأن أرجلها أطول بشكل ملحوظ (مشمورة) وقد اتخذت هيئة المخدات المتلاصقة التي رصدت وفقها صنجات العقود ذاتها وزيادة على ذلك فقد زخرف أعلى البائكة بصف من المقرنصات الحجرية

7- البائكة الشمالية الغربية:

شيدت هذه البائكة في نهاية عصر دولة المماليك البحرية وذلك في عهد السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن قلاوون في سنة 778هـ (1376م) وقد جرى تجديدها في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني.
وتتألف هذه البائكة من دعامتين حجريتين بينهما عمودان رخاميان وعقود البائكة الثلاثة مدببة وقد حرص المعمار على أن يكون العقد الأوسط منها أعلى ارتفاعاً وأكثر اتساعاً من العقدين الجانبين كما زخرف أعلى البائكة بصف من المقرنصات الحجرية

8- البائكة الجنوبية الغربية:

وهي الأحداث بين بوائك الحرم، إذ تم تشيدها بأمر من السلطان المملوكي الأشراف قايتباي في عام 877هـ (1473م) وكان المشرف على عمارتها ناظر الحرمين الشريفين الأمير ناصر الدين محمد النشاشيبي، وتتألف هذه البائكة من ثلاثة عقود مدببة متساوية في الارتفاع والسعة وصنجاتها على هيئة مخدات متلاصقة واتخذت أرجل العقود ذات الشكل وقد زين أعلى كل عمود بشكل قناة محفورة في الحجر تعرف في مصطلح العمارة المملوكية باسم جفت لاعب

ب#- أبوب الحرم القدسي:

نظراً للتغيرات التي طرأت على عمارة الحرم القدسي الشريف سواء بسبب الزلزال المدمرة أو من جراء الاحتلال الصليبي للمدينة فقد ظهرت تناقضات في أقوال المؤرخين المسلمين بشأن عدد ومسميات أبواب الحرم القدسي والذي زار الحرم في نهاية القرن الثامن هـ(9م) قال أنها ثلاثة عشر باباً وهي (باب الحطة- بوابتا الأسباط – أبواب الهاشميين –بوابة الوليد-بوابة إبراهيم- بوابة أم خالد- بوابة داود- باب السكينة- باب قبة السلسة )
وعندما زار الرحالة الفارسي ناصري خسرو القدس في منتصف القرن الخامس الهجري (11م) ذكر أن للحرم أحد عشر باباً هي (باب داود-باب صقر- باب الأسباط-باب الأبواب-باب في السور الشمالي- باب الرحمة- باب التوبة- باب يؤدي إلى أماكن الوفود-باب النبي- باب العين سلوان باب الحطة باب الحرم القدسي)

1- باب السلسة وباب السكينة:

الموقع: في السور الغربي للحرم
وهذان البابان المتجاوران من أبواب الحرم القديمة والباب الشمالي منهما يعرف باسم السكنية أو باب الساحرة ويعرف أيضا بالباب المغلق لأنه مغلق ولا يفتح وتجدر الإشارة إلى أنه كان يعرف في نهاية القرن لثالث الهجري (9م) باسم باب داود أو الباب المفتوح والذي يقع ناحية الشمال فهو باب السلسة ويبدو أنه عرف بهذا الاسم لوقوعه على مقربة من قبة السلسة وقد أعيد تشيد هذا الباب في العصر الأيوبي بعد استرداد صلاح الدين لبيت المقدس والبابان متشابهان إذ يتكون كل منهما من مدخل شاهق على هيئة عقد مدبب من صنجات حجرية معشقة ويرتكز عقدا المدخلين على دعامات حجرية من الخارج أما من الداخل فهناك زوجان من الأعمدة في كل جانب وضعا فوق بعضهما البعض وقد غطيت المسافة بين واجهة المداخل من الخارج وظهره الداخلي بقية المصراعين باب صغير يعرف باسم (خوخة) وهي فتحة صغيرة تكفي لدخول شخص واحد عند إغلاق الباب الكبير.

2- باب الناظر:

الموقع في السور الغربي للحرم.
وهو من أبواب الحرم القديمة وكان يعرف بباب ميكائيل ثم بباب علاء الدين البصير لمجاورة رباطه وعندما حوّله الأتراك العثمانيون إلى حبس عرف باسم باب الحبس ويعرف اليوم باسم باب الناظر وأيضاً بباب المجلس الإسلامي الأعلى
والباب الحالي من إنشاء الملك المعظم عيسى الأيوبي في عام 600هـ (1203م) وواجهة الباب على هيئة عقد حجري مدبب وقد شيد المعمار عقدين جانبين داخل الباب ليصلا بين عقدي الواجهة والداخل، وقد حولت الأركان التي تتلاقى فيها العقود الأربعة بواسطة مقرنصات حجرية إلى منطقة انتقال لقبة ضخمة تغطي داخل الباب ويغلق على فتحة الباب مصرعان من الخشب المصفح بالنحاس

3- باب العتم:

الموقع: في السور الشمالي للحرم.
وهو أيضاً من الأبواب القديمة وكان يسمى باب شرف الأنبياء وباب الدوادارية وقد تم تجديده على يد الملك المعظم عيسي الأيوبي في سنة 610هـ (1213م) وتقوم فوقه المدرستان الباسطية والأمينية.
ويشبه هذا الباب في تكوينه العام باب الناظر إذ يبدو على هيئة عقد حجري مدبب متين البناء وقد فتحت خوخة في أحد المصراعين الخشبيين اللذين يغلقان على فتحة هذا الباب وتكفي هذه الخوخة لمرور شخص واحد أثناء إغلاق الباب الكبير.

4- باب حطة:

الموقع: في السور الشمالي للحرم.
يعتبر باب حطة أو باب الحطة من أقدم أبواب الحرم فقد ذكره ابن الفقيه (903م) وابن عبد ربه(913م) والمقدسي(895م) وناصري خسرو(1047م) ومجير الدين الحنبلي (1496م) وقد أشار ناصري خسرو إلى أن -الله عز وجل- أمر بني إسرائيل بالدخول إلى الحرم من هذا الباب وجاء في سورة البقرة (الآية:58) (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقوالو حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)
وقد أجريت تجديدات متعاقبة في بناء هذا الباب وكان آخرها تلك التي تمت في سنة 617هجري (1220م) خلال فترة حكم الملك المعظم عيسى الأيوبي والباب عبارة عن مدخل حجري معقود بعقد مدبب على جانبيه مكسلتان حجريتان وقد فرشت أرضيته التي تمتد إلى داخل الحرم بالأحجار وغطيت المسافة لتجديدات المعظم عيسى بأعلى فتحة المدخل المعقودة وكما في معظم أبواب الحرم فلهذا الباب مصراعان من الخشب القوي يغلقان عليه.

5- باب المطهرة:

الموقع في السور الغربي للحرم القدسي
هذا الباب من الأبواب القديمة للحرم وكان يعرف حتى عام 1890م، باسم باب المتوضأ وهو يعرف اليوم بباب المطهرة ولا شك أنه قد جدد خلال العصر الأيوبي وجدده بعد ذلك الأمير علاء الدين أيد غدي البصير عندما عمر المتوضأ في عام 665هجري (1266م) خلال عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري وخلافاً لمعظم أبواب الحرم يتميز هذا الباب بصغر حجمه وتواضع بنيانه إذ يبدو على هيئة مدخل على جانبيه عمودان رخاميان يحملان عقداً مدبباً صنجاته المعشقة على هيئة مخدات متلاصقة ويؤدي هذا الباب إلى ممر مكشوف يسبق المطهرة وقد روعي فيه أن يكون مكشوفاً لتوفير الإضاءة والتهوية اللازمين للمطهرة.

6- باب الغوانمة:

الموقع في السور الغربي للحرم القدسي باتجاه الشمال عرف هذا الباب قديماً باسم باب الخليل وذكره المقدسي باسم باب الوليد بينما أشار إليه مجير الدين الحنبلي باسم باب الغوانمة لأنه ينتهي إلى حارة بني غانم وقد تم تجديده في العصر الأيوبي ثم عمّر من جديد في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون في حدود عام 707هجري (1308م)
والباب بسيط التكوين قليل الارتفاع ومحدود السعة أيضاً وقد توج بعقد حجري مدبب وله مصراعان من الخشب ويؤدي إلى دهليز مستطيل الشكل مغطى بقبو طولي ينتهي بدوره إلى داخل الحرم الشريف عبر درجات سلم تهبط إليه.

7- باب المغاربة:

الموقع: آخر أبواب السور الغربي من ناحية الجنوب.
وهو الآخر من الأبواب القديمة للحرم، إذ ذكره المقدسي باسم باب النبي وظل يعرف بهذا الاسم حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ويعرف أيضاً باسم باب البراق أما سبب تسميته بباب المغاربة فيعود إلى مجاورته لجامع المغاربة ونهايته عند حارة المغاربة وقد تم تجديده كلياً في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون ويعكس صغر حجم هذا الباب مدى اطمئنان سلاطين المماليك بعد إزاحتهم للخطر الصليبي من الشام فلم تعد الضخامة في البناء من الأمور التي تراعى عند تجديد أبواب الحرم وباب المغاربة ليس سوى عقد حجري مدبب بسيط البناء متوسط الارتفاع والسعة وله باب من مصراعين خشبيين يغلقان عليه

8- باب الحديد:

الموقع: من أبواب السور الغربي ويقع بين باب الناظر وباب القطانين
وهو من أبواب الحرم القديمة وقد ورد ذكره باسم باب الحديد لدى مجير الدين الحنبلي وقد تم تجديده لآخر مرة على يد الأمير أرغون الكاملي- نائب السلطنة المملوكية بالشام- وذلك قبل وفاته في عام 758هـ (1356م) وقد شيد هذا الباب كما لو كان يخص منشأة تجارية مملوكية فهو في دخلة قليلة الغور متوجة بعقد حجري مدبب على جانبيها مكسلتان حجريتان أما فتحة الباب فهي مستطيلة ولها عتب حجري من قطعة واحدة وبأعلى العقد المدبب فتحة معقودة بعقد نصف دائري مزخرف والغرض منها كان تخفيف الثقل البنائي الواقع على عتب الباب وهو مسدود الآن

9- باب الأسباط:

الموقع من أبواب السور الشمالي للحرم.
وقد ورد اسمه في كافة المصادر التاريخية التي تحدثت عن أبواب الحرم إذ تحدث عنه كل من المقدسي وناصري خسرو ومجير الدين الحنبلي وقد جدد في العصرين الأيوبي والمملوكي وكانت آخر التجديدات فيه خلال القرن التاسع عشر بالتحديد في عام 1232هـ(1817م) ويتخذ الباب هيئة عقد حجري مدبب متوسط الحجم يؤدي إلى ردهة مغطاة بقبو متقاطع وهو يفتح على الحرم بعقد حجري مدبب مماثل للعقد الخارجي

ت#- أروقة وإيوانات الحرم

1- الرواق الشمالي:

اكتمل بناء هذا الرواق على مدى أكثر من قرن ونصف من الزمان تعاقب خلالها أمراء وسلاطين الدولتين الأيوبية والمملوكية على تشيد مكوناته الحالية وقد بدأ الملك المعظم عيسى بإنشاء الجزء الغربي منه الواقع إلى الغرب من باب العتم وذلك في عام 610هجري(1213م) وجاء بعد ذلك ابنه نجم الدين يوسف الذي شغل في دولة المماليك وظيفة نائب القدس وناظر الحرمين الشريفين ليكمل الجزء الذي يمتد بين باب الحطة وباب العتم وذلك في عام 6949هـ (1294م).
وخلال عهد السلطان الملك الناصر محمد قام الأمير الشهير علم الدين سنجر الشجاعي وكان من المغرمين بالعمارة بإنشاء الجزء الواقع في الركن الشمالي الغربي للحرم القدسي وذلك على حدود عام 715هـ (1315م).
أما آخر أجزاء الرواق فهي من إنشاء السلطان المملوكي الأشرف شعبان بن حسين وذلك في سنة 769هـ (1367م) ويمتد هذا الجزء في المسافة الواقعة بين باب الأسباط وباب حطة وقد حرص البناة المتعاقبون على أن يجعلوا هذا الرواق من دعامات حجرية ضخمة تحمل عقوداً مدببة ينجم عن تقاطعها تغطيات على هيئة أقبية متقاطعة مع تبليط أرضيتها بالأحجار.
وقد كان على العثمانيين أن يسدوا بين العقود وبعضها البعض بحوائط لتوفير أماكن لإيواء الفقراء الواردين إلى القدس إلى أن تمت إزالة هذه الحوائط القاطعة في عام 1341هـ (1922م) ليعود الرواق الشمالي إلى تصميمه الأصلي.

2- الرواق الغربي:

شرع في إنشاء أروقة هذا الجانب من الحرم في بداية القرن الثامن الهجري ولم يصل هذا القرن إلى نصفه الأول إلا وكان البناء قد اكتمل وتشبه الأروقة الغربية نظيرتها الشمالية إذ تتألف من دعامات حجرية ضخمة تمتد في نهايتها عقود مدببة لترتكز على سور الحرم ويؤدي التقاء هذه العقود مع بعضها إلى نشأة تغطيات للأروقة بعنصر القبو المتقاطع وقد استخدمت بلاطات من الحجر في تمهيد أرضية الأروقة التي تبدو مرتفعة قليلاً عن ساحة الحرم وكانت الإدارة العثمانية قد سدت عقود هذه الأروقة لاستخدامها في إيواء الفقراء من زوار القدس إلى أن تمت إزالة الحوائط الدخيلة في عام 1314هجري (1922م).
ومن المعروف أن حلقات العلم كانت تعقد داخل هذه الأروقة المطلة على ساحة الحرم ويعود الفضل في بدء البناء لهذه الأروقة إلى الأمير المملوكي بلفاق بن جفان الخوارزمي الذي شرع في تشيد الجزء الممتد من باب الغوانمة إلى باب الناظر وأتمه في عام 707هجري (1307م) أي خلال سلطنة الملك الناصر محمد ابن قلاوون وبعد ست سنوات قام الأمير شرف الدين موسى بن حسن الهدباني بتعمير الأجزاء الواقعة بين باب السلسة وباب المغاربة أما آخر أجزاء الأروقة فقد شيدت في عام 737هجري (1337م) في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون وهي الواقعة بين باب السلسة وباب القطانين

3- إيوان السلطان محمود:
الموقع: داخل الحرم القدسي الشريف من ناحية الشمال على مقربة من باب العتم
المنشئ: السلطان العثماني محمود الثاني بن عبد الحميد
تاريخ الإنشاء: 1223هجري (1808م)
وكان القصد من إنشاء هذا الإيوان الذي يعرف أيضاً بقبة العشاق هو تخليد اسم السلطان وإبراز اهتمامه بعمارة الحرم القدسي طلباً للثواب والمغفرة وتصميم هذا الإيوان غير مسبوق فهو يحتل مساحة مربعة شيدت أركانها أربع دعامات حجرية مربعة المقطع وهي تحمل أربعة من العقود الحجرية المدببة حولت أركان تلاقيها بواسطة مثلثات كروية إلى مثمن صار بمثابة منطقة انتقال شيدت عليها رقبة القبة قليلة الارتفاع و فوق هذه الرقبة شيدت خوذة القبة الضحلة ويصعد إلى هذا الإيوان بدرجات سلم ولهذا الإيوان محراب في الضلع الجنوبي وهو محراب حجري مستطيل الأبعاد بسيط التجويف وعلى جانبيه عمودان رخاميان غاية في الرشاقة والجمال