ماذا تعني هذه المراحل بالنسبة للإدارة؟
(كلما عملت، واجتهدت، وطورت أكثر من مقدرتك على المشاركة في حياة الآخرين وإسعادهم، كلما تحسنت حياتك في كل النواحي)
بريان تراسي
إن من أهم الأمور المتعلقة ببناء فرق العمل وإدارتها، يكمن في فهم الإدارة لدورها، وفهم القائد لدوره في حسن أداء ذلك الفريق، ولا توجد سلوكيات محددة سلفًا للتعاطي مع فرق العمل؛ لأن اختلاف فرق العمل وظروفها وطبيعة أعضائها، تحتم اختلافًا في السلوكيات الإدارية والقيادية المثلى.
إن الفهم الصحيح لمراحل تطور الفريق التي عرضناها أنفًا تفيد قائد فريق العمل في طريقة إدارته للفريق، فلا يخفى أن المراحل الخمسة تلك تمثل مستويات "نضج" معينة للفريق. وما نعنيه "بنضج الفريق" هو: إلى أي درجة تمكن فريق العمل من تجاوز الحواجز النفسية والشخصية والتنظيمية نحو البدء بمرحلة الأداء الفعلي والإنجاز؟ إن تصرف الإدارة وتصرف قائد الفريق يكون تبعًا لتطور نضج الفريق، فلا يُعقل مثلًا أن تكون قيادة فريق متجانس ومتفاهم ويعرف بعضه بعضًا، مثل قيادة فريق غير متآلف وغير منسجم ولا توجد لديه رؤية مشتركة، ولا تعريف موحد لواجباته وأهدافه. وفيما يلي بعض السلوكيات القيادية المطلوبة في مستويات النضوج المختلفة: 1. عند تشكيل الفريق: لأن أعضاء الفريق في هذه الفترة في أمس الحاجة للمعلومات، فيحتاجون بالتالي في هذه المرحلة إلى فهم لطبيعة المهمة، وتوضيح سبب تشكيل فريق العمل، كما يحتاج الأعضاء إلى التعرف على بعضهم البعض ومعرفة لماذا تم تجميعهم بهذا الشكل، إن السلوك القيادي المطلوب هنا هو سلوك إرشادي وتوجيهي يزود أعضاء الفريق بكافة المعلومات الضرورية لإبتداء عمله. ويهدف القائد في هذه المرحلة إلى نشر الوعي حول المهمة وأهميتها، ودور أعضاء الفريق في الإنجاز الصحيح، وكيف يخدم هذا الإنجاز المؤسسة وأهدافها ورؤيتها. 2. عند مرحلة النزاع: ليس كل نزاع رديء، وليس كل صراع سلبي، فينبغي على القائد في هذه المرحلة أن لا يعمل على كبت النزاع؛ لأن كبته دون حل أسبابه يكون بمثابة تغطيته وستره لفترة محدودة دون حله من جذوره. ففي هذه المرحلة يستخدم القائد النزاع الموجود لشحذ الأفكار واستخراج الآراء، والبحث عن قوانين وأعراف خاصة بالفريق تناسبه دون تعارض مع قوانين المؤسسة. كما يحرص القائد في هذه المرحلة على أن يمنع النزاعات من أن تتحول إلى نزاعات شخصية، بل يجب أن تتم الإستفادة من الصراع الموجود لبناء الأفكار وتنقيتها، كما يسعى لحل المشاكل، والتعاطف مع الأعضاء؛ لأن هذه مرحلة طبيعية في العديد من فرق العمل، غير أنه لابد من تجاوزها إلى مرحلة أرقى وأنضج. 3. مرحلة الإستقرار: في هذه المرحلة يبدأ القائد بالتخفيف من تدخله بعمل الفريق، ويسعى إلى أن يطور الفريق نفسه ليصبح لاحقًا مستقلًا في عمله، وهذا لا يحدث إلا بعد أن يطمئن القائد إلى أن الأعضاء قد اتفقوا على معظم قواعد عملهم، وإن النزاعات الموجودة هي نزاعات هادفة ترمي إلى تطوير الأفكار وشحذها، وليس إلى النزاعات الشخصية أو النفسية. كما يتفق الأعضاء في هذه المرحلة على القيادة، وعلى نظم وقوانين الإجتماعات، وعلى طرق إتخاذ القرارات، كما يتفقون على تحديد لأدوارهم المختلفة المكملة لبعضها البعض. 4. مرحلة الأداء: وهذه مرحلة متطورة يتضاءل فيها دور القائد؛ يحيث يُفوّض الكثير من الأمور إلى الفريق نفسه الذي يعمل بشبه استقلالية، ويعتمد على أفكار أعضائه ويتعلم من أخطائه، وهنا يتغير دور القائد من كونه منظمًا ومتدخلًا، إلى كونه مرشدًا استشاريًا.