تفاءل ولا تتشاءم ..
منقول :محمد ابو محمود
معهد الادارة و القايدة في بريطانيا

إنك لم تأت إلى الحياة كي تعاني ، إنك فقط تشعر بذلك أحياناً أليس كذلك ، إنك تعاني عندما تُبقي الألم حياً ، إن الألم المكبوت يخلق الغضب بصورة مستمرة ، وينشئ سحائب معتمة ، إن هذه المشاعر الدفينة تعيش بداخلك ، تؤلمك ، لأن ليس لها مكان آخر ، غير أنك تستطيع إخراجها بدون ألم ، إن الحزن لا يعرف ساعة ، والمعاناة يمكن أن تبتلع كل حياتك.

إنني أحاول أن أوصلك إلى دروب الأمل .. إلى الطريق الذي تضع به قدمك ، أريد أن أهبك حديقة مليئة بالورود ، وأن أطيل معك الصعود إلى قمة التفاؤل لأبعث لك عمرا جديدا وألبسك ثوبا جميلا لتبحر في سفن العظماء الذين تغلبوا على لحظات اليأس والقنوط إلى أن ترسوا بك سفنهم الماخرة إلى جزر النجاح.

تذكر أيها القارئ الكريم أن الأشخاص العظماء هم أشخاص عاديون طوروا من قدراتهم ومجهوداتهم ، بالكفاح والمثابرة والخطوات المتأنية ، قد تكون السفن آمنة عندما تكون راسية على الموانئ أليس كذلك ، ولكن السفن لم تصنع لهذا ، انطلق إلى مجاهيل البحار وافعل شيئا جديدا ، وانظر للحياة من زواياها المشمسة وتعلم كيف تتفائل بسحبة الحسن والجمال والروعة التي أنت فيها إنك جميل ولكنك لا تدري ولا تبصر.

هنا وعلى هذه الصفحات روافد وضاءة وضعتها لك من نسيج حروف التفاؤل ومزجتها من دقيق نقي زؤان الأمل لتحتمي بسياجها المنيع من أعاصير التشاؤم وطلقات مدفع اليأس ، حاولت أن أصنع لك قاربا جديدا تخوض به بحر الحياة لتستنشق الهواء العليل وتتلطف معانيك جمال الإبحار في عالم السعادة ، فإن وفقت أن أوصلك إلى ما تبغيه سبيلا فهذا من فضل الله علينا وإن قصرت يدي عن تحقيق آمالك فعذرا سأبحر بك إلى شاطئ آخر وأوقفك هنيهة حتى أريك جمال روعة تلك الأصداف المشعلة بمروج رياتيل التفاؤل فلا زلت أعتقد أن لنا ربا كريما وأنه لن يخيب مسعانا.

تفاءل ولا تتشاءم فليس في التشاؤم إلا إزعاجك وإيذاؤك وإن كنت مؤمنا تتعايش مع القرآن والسنة المطهرة فأنت المتفائل والعظيم والناجح في حياتك وهكذا أنت دوما تتغير نحو الأفضل حينما تجعل التغيير يبدأ من القرآن علما وتدبرا وعملا ، قل لمن يحمل هماً أن همك لن يدوم ، فكما تفنى السعادة هكذا تفنى الهموم ، وتأمل ، واترك الهم والشأم والحزن ، فلا ألم مع الأمل.

دواءك فيك وما تشعر *** وتحسب أنك جرم صغير
وداؤك منك وما تبصر *** وفيك انطوى العالم الأكبر

لا تيأس فليس اليأس أملا تنشده ومرتقبا ترقب فيه أحلامك ، فحقائقُ اليوم أحلامُ الأمس ، وأحلامُ اليوم حقائقُ الغد ، ولا زال في الوقت متسع ، مادام في قلبك نبض يتحرك ، لا تقل نحن في زمن اليأس لا ! نحن في زمن التفاؤل لازالت الفرصة مهيئة لك وسانحة لغيرك لأن الوعد حق لن يتبدل ولن يتغير يقول سبحانه : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).

مهما اشتد الظلام عليك فشمعة واحده كفيلة بأن تبدد كل هذا الظلام ، فما لك لا ترنو ولا ترى النور الأكبر ، إن المتفائل ليس لديه وقت للخمول والخنوع لأنه مفعم بالحيوية والنشاط ممتد بالراحة الأخروية قلبه في السموات عاليا لا ينام وسط الطريق أبدا ليكون عرضة للمخاطر بل لايزال يسير الخطى بأقدام ثابته ونفس تنتظر المثول في أعلى الدرجات لأن سفره واحة حافلة بالإنجازات !!

اعلم يقيناً أن المنح في أرحام المحن ، وأن العظمة في الشدائد ، انطلق ولا تلتفت ، فالطريق مليئة بالكسالى والقاعدين ، والصبح قد بزغ نوره ، وإن النجاح لناظره قريب ...

وللنجم من بعد الرجوع استقامة *** وللشمس من بعد الغروب طلوع