في دراسة جديدة أجريت في المملكة المتحدة البريطانية كشفت أن المال والثروة لا يمكن أن يشتريا السعادة, ولكن العلاقات الأسرية الودودة يمكنها فعل ذلك على ما يبدو, كما أوضحت الدراسة أن الثروة والشهرة والسلطة تأتي في الدرجة الأدنى من أولويات غالبية البشر.


أما المفتاح الحقيقي للحياة السليمة فهو الأسرة السعيدة, وفقا لبحث جديد نشر في مجلة دراسات السعادة, حيث طلب من الرجال والنساء المشاركين في هذه الدراسة ان يتصوروا أنفسهم وقد بلغوا سن الخامسة والثمانين وقد أوشكوا على مفارقة الحياة, وطلب منهم ترتيب الأشياء الثلاثين التي يعتبرونها هامة للغاية وللأبد ويستحق الحياة من أجلها.


في هذا الصدد يقول الدكتور غريغوري بون، الذي أدار الدراسة وهو محاضر بقسم علم النفس بجامعة موناش في مدينة ملبورن الأسترالية, "لقد ركزنا على مفاهيم الحياة الطيبة أو ما يعتقد الناس أنها ستجعل حياتهم تستحق العناء المبذول في سبيلها", مضيفا "طلب منهم تخيل حياتهم ككل متكامل، ويعودون بالذاكرة للوراء ويقولون ما هو الشيء الهام وما لم يكن هام للغاية, وقد أظهرت النتائج مزيد من الدلائل التي تؤكد على أن العلاقات الوطيدة والدائمة تعد مركزية للشعور بالرضا عن الحياة".


كما أوضح دكتور بون قائلا "العلاقات الحقيقية والوطيدة غالبا تكون بعيدة عن العبث، سواء كان المرء متزوجا أو يربي أطفالا أو يتعايش بانسجام مع الأصدقاء المقربين وزملاء العمل، وكلها لها تحدياتها الخاصة بها, وعلى المدى الطويل تضم هذه العلاقات العديد من اللحظات غير الممتعة، لكن ما زال معظمنا يعتقدون أن تلك العلاقات هي ما تجعل الحياة جديرة بأنها نعيش من أجلها, وهذا بطبيعة الحال ينبغي أن يخبرنا شيئا ما عن طبيعة بني الإنسان".


كما تصنف كذلك حياة الشخص المهنية جديرة بالاهتمام بأنها أهم للحياة السليمة من أن يكون له حياة ناجحة واحدة, كما ينبغي تقدير الهوايات أو النشاطات التي تؤدى وقت الفراغ, والتي كانت مرضية بطريقة شخصية, بأنها أهم قليلا من تربية الأطفال الذين كانوا ناجحين.


ومن نافلة القول, فإن اكتساب الحكمة وأن تحيى حياة أخلاقية كانتا على قمة العشرة متطلبات للحياة الجديرة بالاهتمام، حيث أنها تقيم بأنها التي تكسب المرء احتراما.


بينما كانت نيل المرء منا مكانة أو شهرة في أدني درجات المتطلبات، كما أنه كذلك لم يأتي إلا بعد أن يكون المرء متدينا, فيما أتت السلطة على الآخرين في المرتبة الثالثة من الدنيا، وراء اكتساب المرء العديد من الأصدقاء, كما لم تكن امتلاك ثروة أهم من توفير الأمن المالي، حيث جاء ذلك في المرتبة الخامسة للمتطلبات اللازمة للمرء في الحياة.


جدير بالذكر أن الباحثين اكتشفوا أن المتطلب الرئيسي للحياة الطيبة كان نفسه في كل المجموعات العرقية والثقافية التي أجروا عليها الدراسة, ووجدوا أن كون المرء متواصلا بأناس آخرين بطرق مرغوبة له أهمية أساسية لكل المجموعات, مشيرين إلى أن الأكثر إثارة للدهشة وشدة الأثر بشأن هذه النتائج كان درجة التشابه أو الاتساق عبر المجموعات في تفضيلها للعلاقات الوطيدة والدائمة مثل وجود أصدقاء مقربين أو وجود حياة زوجية جيدة أو شراكة رومانسية وتكوين أسرة سعيدة.


"إن كل واحدة من هذه المعايير تم تقيمها في كل المجموعات بدرجة عالية، مما يُشير إلى أن مستوى من الشمولية في فهم هذه المشاركة، في شكل ارتباطات بالآخرين، هو مفتاح لتكوين وتأسيس حياة مُرضية أو ذو شأن وسعيدة"


وفقا لهذه الدراسة, تشير النتائج التي توصل إليها الباحثون إلى أن الحاجة إلى الصحبة تمثل حقيقة بيولوجية هامة, وهذا ما يتضح ويتبين من رؤية كل مجموعة أجريت عليها الدراسة لحاجتها إلى العلاقات الوطيدة والدائمة أساسا لتصورهم للحياة السعيدة".