ريم سليمان، دعاء بهاء الدين– سبق– جدة: لم ينكر خبراء الاقتصاد أن برنامج "حافز" يعد مشروعاً مميزاً، لكنهم اتفقوا أن وزارة العمل لم تحسن استخدامه كوسيلة لمواجهة ظاهرة البطالة، واتهموا "العمل" بأنها قتلت هذا البرنامج بسبب ما وصفوه بـالتعجل وسوء التخطيط اللذين ساهما بقوة في إضعافه، مؤكدين أن كل الجهود التي بذلت من أجل السعودة قضى عليها "حافز".

ووجّه الخبراء انتقادات حادة إلى برنامج حافز، معتبرين أنه يعيد إنتاج البطالة عاماً بعد آخر. واقترحوا أن تسير حلول البطالة في خطين متوازيين بإعطاء تعويضات للعاطلين، وتوفير وظائف عن طريق إقامة المشروعات.


اتّكال على "حافز"
فضل مصطفى الصبحي "ثانوية عامة" الاتكال على الله ثم إعانة "حافز" بدلاً من العمل كاشير أو حارس أمن، معللاً ذلك بتدني الراتب، وعدم تناسبه مع غلاء المعيشة، وقال: اعتمدنا على حافز أنا وزوجتي، وأصبح مبلغ الأربعة آلاف ريال معقولاً لسداد تكاليف المعيشة، متوقعاً حدوث مشكلة في منزله بعد انقطاع حافز الذي صار مصدراً أساسياً للدخل لدى أسرتي.

فيما لم يبدِ عناد المطيري اهتماماً بانقطاع حافز وقال لـ"سبق" أنا خريج ثانوية عامة منذ سنتين، وبحثت عن عمل ولم أجد حتى الآن، وتساءل: ماذا أفعل حتى أجد عملاً؟ ورداً عما ينوي فعله بعد انقطاع حافز أجاب: بكل بساطة سأقترضُ من أهلي وأصدقائي، فلا عيب في ذلك.

وبكل هدوء تحدث أحد الشباب قائلاً: اعتمدت على حافز منذ عام، واستطعت شراء جوال جديد، ومستلزمات شخصية، وعند سؤاله عن شعوره بعد انقطاع حافز أجاب: سأطلب من أبي وأصدقائي مساعدتي، حتى أجد العمل المناسب لي، والذي لا يقل راتبه عن أربعة آلاف ريال.

واقترحت وفاء الحربي بدلاً من إنفاق المبالغ الطائلة لبرنامج حافز، أن تقوم الدولة بإنشاء مدينة صناعية نسائية تعمل على استقطاب السعوديات، وتُسهم في مواجهة بطالة الفتيات التي أصبحت شبحاً مخيفاً.

مشروع ممتاز
من جهة أخرى، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد بن دليم القحطاني، أن "حافز" يعد مشروعاً ممتازاً لو أن عناصر بيئة العمل سليمة، موضحاً أن تلك العناصر مجموعة من العاملين في القطاع الخاص، العاطلين عن العمل والمستفيدين من برامج السعودة ومخرجات التعليم العالي والمهني، ومؤسسات القطاع الخاص والعام، مشيراً إلى أن أي خللٍ أو قصور في هذه العناصر ينتج عنه قصور في الهيكل العام للقوى البشرية، وقال: لا أتخيل أن هناك استفادة من تلك البرامج ما لم يستفد القطاع الخاص.

وأعرب عن أسفه مما صنعته وزارة العمل حيث قتلت برنامج "حافز" منذ بدايته بسبب التعجل وسوء التخطيط اللذين ساهما بقوة في إضعاف البرنامج، مؤكداً أن كل الجهود التي بذلت من أجل السعودة قضى عليها حافز، وأضاف: للأسف حافز يسير في الاتجاه المخالف لتطلعات وتوجهات ولاة الأمر، ما جعله أقرب إلى الضمان الاجتماعي.

عشوائية البرامج
وأنحى القحطاني باللائمة على وزارة العمل، قائلاً إن جميع القائمين على وزارة العمل غير متخصصين في الموارد البشرية، ولذا لا توجد خطة موارد بشرية ناجحة تضمن نجاح واستمرار السعودة، والنتيجة هي حالة الضياع التي يعيشها مجتمع حافز، مؤكداً أن المملكة في ظل إمكاناتها واستقرارها السياسي والاقتصادي تستطيع أن تستوعب جميع العاطلين عن العمل بكل بساطة إذا توفرت برامج دقيقة تساهم في حل مشكلة البطالة.

وناشد وزارة العمل بضرورة البدء الفوري بعمل تخطيط للقوى البشرية، مبنياً على دراسة صحيحة للقوى البشرية حتى نستطيع من خلالها أن نعرف مكامن العجز والفائض من خلال تحليل سوق العمل ووظائفه واحتياجاته، حتى يصبح التخطيط مبنياً على أسس سليمة ومدروسة، وختم حديثه بقوله: "وزارة العمل باتت في مأزق كبير بسبب عشوائية البرامج، حيث قضى "حافز "على كل البرامج التشجيعية القادمة.

إنتاج البطالة
أما الكاتب والباحث في قضايا التنمية المستدامة الدكتور فيصل العتيبي، فاعتبر أن البرنامج ساعد الكثير من العاطلين عن العمل إناثاً وذكوراً، وحقق أهداف اللفتة الأبوية الحانية لخادم الحرمين الشريفين في مساعدة أبنائه وبناته في البحث عن لقمة العيش الكريمة، بيد أن تحميل هذا القرار الملكي مسؤولية حل مشكلة البطالة يحتاج إلى إعادة نظر.

ورأى أن "حافز" يفتقد وجود دراسات متكاملة من وزارات الدولة والجهات الحكومية المعنية بالقضية، ورؤية واضحة عن تجارب الدول الأخرى، وأيضاً استراتيجية طويلة المدى للحد من تضخم مشكلة البطالة، وتوقّع أن يشكل "حافز" قاعدة بيانات أساسية لمعدلات البطالة، وبالتالي سيساعد الكثير من الباحثين والمهتمين على طرح الحلول، والمقترحات المستقبلية التي تعمل على الحد من آثار البطالة على مجتمعنا السعودي.

واتّفق العتيبي مع القحطاني، في أن "حافز" لا يتمتع بحلول مبنية على دراسات تهدف إلى معالجة البطالة على أساس النوع والطبيعة، بقدر ما يتمتع بحلول ترتكز على تخفيف الأعداد، لافتاً إلى أن هذا يعيد إنتاج البطالة عاماً بعد آخر.

ولمواجهة البطالة اقترح العتيبي تشكيل تكتل من وزارات الخدمة المدنية والعمل في إطار قاعدة بيانات وطنية كبرى؛ تعمل كبوابة لحصر الوظائف والمؤهلات المطلوبة لها، والمواطنين المؤهلين للعمل والعمالة الوافدة التي تشغلها، كما هو متبعٌ في مجالس القوى العاملة في كثيرٍ من الدول.

معالجة البطالة
وقال العتيبي إن هذه الخطوة سوف تسهم بشكلٍ فعلي في الحد من الاستقدام لغير الحاجة الفعلية كما أنها ستضغط على القطاع الخاص بخصوص تحسين بيئة العمل بما تتضمنه من أجور وملحقاتها من الامتيازات والبدلات، موضحاً أن دور صندوق الموارد البشرية لتوجيه الاحتياجات سيحد كثيراً من هذه المشكلة، بالإضافة إلى تطوير وتوسيع برنامج حافز ليشمل القادرين على العمل الراغبين فيه الجادين في البحث عنه، بما يمكنهم من العمل المتوافق مع إمكاناتهم ومؤهلاتهم دون تمييز من حيث السن أو أي شروط أخرى.

خطان متوازيان
رأى المستشار والمحلل المالي الدكتور مقبل الذكير، أن حافز فكرة رائدة ضمن مسؤوليات الحكومة في توفير الحد الأدنى للمعيشة لأفراد المجتمع، رافضاً أن يصبح وسيلة اتكالية يعتمد عليها الشباب عوضاً عن الوظيفة، وقال إن أي مشروعٍ تنفذه الدولة يمثل عبئاً اقتصادياً عليها، بشرط تحقيق التوازن بين تكاليفه والفائدة المرجوة منه، مطالباً بالنظر إلى خريطة البطالة من حيث مستوى التعليم، والعمر، والجنس. واعتبر أن "حافز" حل قصير الأجل، وضرورة لابد منها لاحتواء بطالة الشباب، مستعرضاً تطبيق دول العالم له، وأكد أنه لا يوجد برنامج يخلو من سلبيات في تنفيذه، وأقترحُ أن تسير حلول البطالة في خطين متوازيين بإعطاء تعويضات للعاطلين، وفي الوقت نفسه العمل على توفير وظائف للشباب عن طريق إقامة المشروعات التي تستوعب طاقاتهم.

ودعا الذكير في هذا الصدد الحكومة لتشجيع رجال الأعمال بالحوافز والقروض، وتوفير الأراضي حتى ينفذوا مشروعات تعمل على توظيف الشباب لإنقاذهم من كابوس البطالة الخطير على المجتمع.