ما هو مفهوم إدارة الموارد البشرية? وما أهميتها؟والى ماذا تهدف استراتيجيتها ? وما أثر العولمة على هذا المفهوم? هذه الأسئلة كانت محور المحاضرة التي ألقاها أ. رفعت شميس في دار الأسد للثقافة باللاذقية تحت عنوان(إدارة الموارد البشرية وأثر العولمة بها).


استهل الأستاذ شميس حديثه بتحديد مفهومإدارة الموارد البشرية قائلاً: إنها عملية تنظيم للعلاقة القائمة بين إدارة المنظمةوموظفيها, ترمي الى تحقيق أهدافها وأهدافهم. وذلك من خلال مجموعة من البرامجوالأنشطة المستندة في إعدادها الى نظم وقوانين قابلة للتغيير بحسب الوضع الراهن.


ومن هذا المنطلق فإن إدارة الموارد البشرية تتعامل مع العنصر البشري(الوظيفي لاستثمار طاقاته). ولا يمكن أن تعمل المنظمات أو المؤسسات في بيئة مكانية واحدةمنفردة تحت مظلة القوانين العامة حتى عندما يكون لكل منها مجموعة من القوانين الخاصة، وبذلك يمكن القول بأن هناك تكاملاً في عمل الجميع.


إدارة الموارد البشرية وأثر العولمة عليها
ويضيف الأستاذ شميس بأن هناك علاقة ارتباطبين نجاح المنظمة ونجاح الأفراد فيها بحسب برامج وخطط المنظمة مع العلم أن القياسالفوري لأي عمل ولا سيما في المنظمات الإنتاجية أمر صعب ويبقى التكهن والتنبؤ فيحدود الإمكانيات المتاحة, أما الربح فهو ليس مقياساً صحيحاً لنجاح المنظمة.

إذ إن
هناك عوامل كثيرة تتدخل لتقلب الموازين.. ويكمن سر نجاح أي منظمة في ارتباط مديرإدارة الموارد البشرية برئيس الشركة مباشرة.. والسياسة الواضحة في التعامل معالموظفين المستقطبين للعمل, إضافة الى إعطاء الصلاحيات للإدارات الدنيا لتتمكن مناتخاذ قرارات صائبة أو لتقترح قرارات صحيحة للجهات الأعلى . وعلى المدير الاهتمامبالموظفين كونهم مورده الأساسي... وإيجاد الفرص للتدريب المهني ورصد الاعتماداتالمالية الكافية لهذه الفرص، والعمل ماأمكن على زيادة الرواتب بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي للفرد إضافةالى إعطاء الحوافز التشجيعية والمكافآت...‏

ويتابع: تهدف استراتيجية الإدارة الى تحديد الأهدافالأساسية من أجل المحافظة على استمرارية المنظمة, والى متى ستحافظ على تلكالاستمرارية... ويجب أن تكون استراتيجيات الموارد البشرية مهتمة بالتعيين حسبالخبرة والكفاءة والاختصاص. ويجب أن يكون التعيين, بموجب امتحانات ومقابلات شفهيةوأن تعتمد على سياسة الترقية والمكافآت والاعتماد على الخبرات المركزية كما يجب علىالمدير أن يفرق العدالة والمساواة, فالعدالة هي جانب من أهداف أية منظمة تريد أنتكون ناجحة..
فمن خلال هدفين أساسيين هما: الكفاءة من جهة, والعدالة من جهة أخرى
, يمكن أن تتضح لدينا مجموعة من الأهداف تتلخص بما يلي:‏

الكفاءة والعدالة تعطيان سلعاًجيدة بتكاليف أقل.‏


الكفاءة والعدالة تعطيان إنتاجاً كمياً ونوعياً بمواصفات ترضي الطلب أثناءالعرض.‏

الكفاءة والعدالة تحققان نتائج سليمة في أغلب الأحيان. وكذلك فانهما تجذبان الأفراد الى المنظمة فلا يفكر أحد بتركهامن أجل العمل في غيرها.


كما عرجأ.شميس في حديثه على الإصلاح الإداري قائلاً بأن مصطلح الإصلاح الإداري منحسر فيالدول العربية عموماً في مقابل مفاهيم أخرى لنفس العملية، كالتنمية الإداريةوالتطوير الإداري وغيرها. لكن بمجملها تتطابق مع الإصلاح الإداري من حيث كونهاتعكس عملية تحول ما.‏


والإصلاح الإداري هو جهد سياسي, وإداري, واقتصادي, ثقافي وإرادي هادفلإحداث تغييرات أساسية إيجابية في السلوك والتنظيم والعلاقات والأساليب والأدواتتحقيقاً لتنمية قدرات وإمكانيات الجهاز الإداري بما يؤمن له درجة عالية من الكفاءةوالفعالية في إنجاز أهدافه..
ومن هنا يعتبر الإصلاح الإداري الشامل أقوى عندما يصنع
استراتيجية يمر المجتمع كله بعمليات تغيير وتنمية مجتمعية شاملة حيث تتضافر جهودالإصلاح الإداري مع جهود الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي وهذا يتم تبعاًلأوضاع الدول المعينة وظروفها وايديولوجيتها إلا أنه وفي جميع الحالات لا بد من أنينطلق الإصلاح من أخذ المدخلين الذاتي والالزامي:‏

1-
الذاتي حيث تقوم إدارة الجهاز نفسها بالإصلاح من خلالسعيها لاكتشاف مواطن الخلل والضعف في مختلف جزئيات العمل والقيام بتصحيحها عن طريقالتقييم والمتابعة والرقابة واتباع الوسائل العلمية لتحسين أساليب العمل وتطويرها.‏

2-
الإلزاميالذي ينص على أن الإصلاح الإداري يأتي مفروضاً من خارج الأجهزة الإدارية من جراءالإحساس العام بأن خللاً ما في الجهاز الإداري الكلي تعوق عمله وهناك عوامل أخرىتفرض فرضا،ً وتدفع القيادة السياسية الى تبني هذا الطلب وفرض المدخل الإلزاميللإصلاح الإداري.وهي عوامل (سياسية, اجتماعية, وسكانية).


كما تطرق المحاضر الىالإصلاح الإداري وتطبيقه في سورية وأكد على أن تنفيذ هذا الإصلاح لن يتم دفعة واحدةبل من خلال اعتماد الأسلوب المتدرج في تطبيقه انطلاقاً من التهيئة العامة الشعبيةلقبوله والتفاعل معه. ونوه بأنه لا بد من توفر عدة متطلبات ليتم الإصلاح الإداري منهاالقناعة لدى من يقوم بعملية الإصلاح والاعتماد على أشخاص مشهود لهم بالنزاهة

.
والخضوع للتدريب على تنفيذ البرامج الصحيحة إضافة الى تنمية المعارف والعلوم وفقاًلمتطلبات العصر بتحليل سمات الواقع الإداري في سورية والاعتماد على المدخل الذيانتهجته القيادة السياسية في فرض الإصلاح الإداري وفق إطار فكري يبنى على إدارةواعية..‏

وتوقفأ.شميس عند العولمة وتأثيرها على الموارد البشرية في الدول المتقدمة والعربيةقائلاً: لم تنج الدول المتقدمة مما حملته العولمة بين طياتها حيث تزايد التفاوت فيالدخول بهذه الدول بسبب الضغوط المؤدية الى تناقص الأجور لفئات معينة من العاملينبفضل التغير التكنولوجي السريع وزيادة التحرير الاقتصادي والتجاري والمالي وتراجعنفوذ الحركة النقابية.. كما تراجع دور الاتحادات العمالية.

واختفت فرص التوظيف التي
تستمر مدى الحياة. إضافة الى التحول التدريجي نحو استخدام العولمة المؤقتة وزيادةأعداد العاملين في قطاع الخدمات ليصل الى نحو 80% من العمالة الكلية في بعض الدول مثلأمريكا، وتراجع الاحساس بالأمان الوظيفي نتيجة زيادة العمالة المؤقتة ما أدى الىإذعانهم لتخفيض الأجور للاحتفاظ بوظائفهم. وتراجع أوضاع المتقاعدين ما سيؤدي الىدفع مزيد من الضرائب حفاظاً على مستوى التقاعد أو القبول بخفضه تخفيضاً لما يسمى(بتكلفة العمل)، وتعيش سوق العمل في الدول المتقدمة مرحلة حرجة بسبب البطالة. وتعزىمشكلة البطالة في بلدان الاتحاد الأوروبي الى صرامة سوق العمل المستخدمة،‏وظهور أشكالجديدة منها كالعمل لبعض الوقت خاصة للنساء.

أما عن تأثير العولمة على الموارد البشريةوعلاقات العمل في الدول العربية فيقول بأن هناك عاملين تأثرا بالعولمة، هما:



1-
الأجور: حيث تضع كل دولة أنظمة لتحديد الأجور بشكليضمن سد حاجات العمل الأساسية وتنظيم أساليب حمايتها والزيادات الطارئة عليها ضمنقاعدة الأجور الواحدة للعمل الواحد دون تفريق. كما يجوز ربط الأجربالإنتاج على أساس حصول العامل على الحد الأدنى للأجر فإذا زاد إنتاجه عن المعدلالمقرر منح أجراً إضافياً عن الإنتاج الزائد.‏

2-
حق العمل : حيث تنص تشريعاتالعمل على أنه لكل مواطن قادر الحق في العمل المنتج الذي يمكنه من أن يكسب عيشه وأنيحيا حياة كريمة وعلى الدولة تهيئة فرص العمل عن طريق خطط وبرامج التنمية بما يضمنحق العمل لجميع المواطنين في سن العمل ,هذا الالتزام الذي اعتمدته معظم القوانينالعربية بدأ بالتراجع في ضوء تخفيف القيود المفروضة على التشغيل في تطبيق النصوصوالتعليمات بدقة.‏

المراجع: كتاب ادارة الموارد البشرية الاستراتيجية – المنتدى العربي لادارة الموارد البشرية محاضرة أ. رفعت شميس في دار الأسد للثقافةباللاذقية تحت عنوان (إدارة الموارد البشرية وأثر العولمة بها).‏