الموضوع: الإدراة بين الإرداة و القوة
الإدراة بين الإرداة و القوة
كتب الدكتور خالد الخاجة
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الحركة الجماعية للشعوب وتناغمها هي المحرك الحقيقي للتنمية، وتبادل الأدوار فيما بينهم وإيمانهم بما يقومون به وإصرارهم عليه، هي السبيل إلى النجاح، إلا أن أحدا لا ينكر أيضا أن الإنجازات الحضارية كانت لإبداعات فردية في الأساس، كما أن ما حدث من إنجازات على وجه الأرض، مردّه إلى نخب فردية استطاعت أن تؤثر فيمن حولها، وكل الأفكار التي حفرت لنفسها مكانا ومكانة تاريخية، كانت حلما في أدمغة أصحابها الذين أصروا عليها، وكان الرأي العام حولها في حاصل تفعيل الرأي الخاص، عبر الاقتناع لا عبر القهر والفرض.
وبعيدا عن كل الفلسفات التنظيرية التي أعتقد أن جانبا كبيرا منها تم قياسه على أرض الواقع، وما قبله الواقع وحقق نجاحا واستحسنه الناس، تم تقعيده وتطويره والبناء عليه، والشاهد أن القادة الذين ألهبوا مشاعر الناس وحركوا الماء الراكد وغيروا معالم التاريخ الذي توقف عندهم كثيرا، لم تكن انطلاقاتهم من قواعد علمية بقدر ما هي سمات شخصية وواقع أثبت نجاعته.
وأتذكر يوم أن حدثني صديق قائلا: رغم أنني أسست شركة بمواصفات عالمية، إلا أنني أشعر أنني لم أحقق النجاحات التي كنت أتوقعها، خاصة أنني أجلس على كرسي رئيس مجلس الإدارة الذي أصبحت أشعر أنه عبء كبير، فكيف تجدني أستطيع أن أعيد الركب إلى مسيرته الصحيحة؟ وما السبيل إلى الوصول بالسفينة إلى بر الأمان؟ وأين الخطأ على وجه التحديد؟ فأخذت أتابع أداءه بعض الوقت؛ باعتبار أن صديقك من صدَقك، ولأرى بنفسي؛ باعتبار أن من رأى ليس كمن سمع، ولأن ما بيني وبينه يسمح لي أن أَصدُقه.
فقلت: يا أخي، إن القيادة لا تعني أن آخذ قوتك من منصبك رغم أنها تعطيك الشرعية الرسمية، ولكن في يقيني أن الشرعية النفسية هي إيمان فريق العمل معك بكفاءتك واستيعابك وقدراتك.
القيادة الإدارية لا تعني أن تكون لك صلاحية إصدار الأوامر ثم الاكتفاء بذلك، فذاك امتياز مؤقت، ولكنها تعني الجهود المبذولة من أجل تغيير سلوك الناس لتحقيق الهدف المرجو، بمشاركتهم وإحساسهم أنهم الأكثر بذلا، وفي الملمات يكون أقربهم إلى درء الخطر بنفسه وماله، لا أن يتوارى عند الشدائد.
لقد انسحب أحد مرشحي الرئاسة الأميركية من المنافسة، حين تحدثت الصحف عن واقعة فراره يوم أن تعرض منزله لحريق تاركا أسرته من خلفه، قائلة: فكيف من تخلى عن أسرته في محنتها يكون مسؤولا عن الشعب الأميركي؟! يجب على القائد الإداري أن يكون القدوة في الانضباط، فلا يجوز له أن يصل للاجتماعات بعد الآخرين وبوقت طويل، معتقدا أن أهميته ومكانته تتطلب منه أن يفعل ذلك، وأن استعلاءه على من يعمل معهم هو أسلوب يؤدي إلى احترامه.
القائد الإداري هو القادر على معرفة قدرات المحيطين به، كما يستطيع بأقل الإمكانيات تحقيق أفضل النتائج، وإسناد العمل المناسب للشخص المناسب، وأن تكون الكفاءة المهنية هي الحاكمة في التمييز بين من يعملون معه.
القائد الإداري الحقيقي، هو من يستطيع أن يفجّر طاقات من حوله عبر توفير بيئة صحية، وتكون الأولوية فيها للجلوس في الصفوف الأولى لأصحاب البذل الأكبر، كما أن الإداري الناجح يميل دائما إلى أن يجمع من حوله المحترفين في تخصصاتهم، ولكن الضعيف والمرتجف لا يستعين إلا بمن هم أقل منه حتى لا يشعر بعجزه.
الإدارة الحقيقية لا تعني اختفاء المسؤول خلف المكتب بعيدا عن الناس، ولا يسمح لهم بالدخول إلا بعد عنت يجعلهم يكرهون القدوم إليه، فمن أحب لقاء الناس لا شك أنهم يحبون لقاءه. القيادة الحقيقية تعني احترام كل فرد في المؤسسة مهما كان دوره.
وهنا أذكر ما ذكره لي صديق، أن الموارد البشرية في إحدى المؤسسات تمد رئيس مجلس الإدارة يوميا بتاريخ ميلاد العاملين معه والمناسبات السعيدة لهم ولأولادهم، حتى يشاركهم فيها ولو بمحادثة تليفونية.
القائد الإداري الحقيقي صاحب مشروع ولديه وضوح في الرؤية وخطة محددة يسعى إلى تحقيقها، ومن وضوح رؤيته يستمد منه الآخرون طاقة للبذل عبر الفهم، أما ضبابية القيادة فهي تنعكس على من حوله، ففاقد الشيء لا يعطيه.
المسؤول الحقيقي هو الذي يستطيع التمييز بين طباع ونفسيات وحاجات الذين يتعاملون معه، فهو لا يتعامل مع آلات تعمل لتنتج دون معرفة الاحتياجات، فهناك من يسعده الثناء والكلمة الطيبة التي تمنحه مزيدا من الثقة بالنفس قبل المكافأة المادية، وهناك من هو بحاجة للتشجيع المادي قبل الثناء، وهناك من يحتاج إلى إشعاره بمكانته، وقبل هذا وذاك كيف يستطيع القائد الإداري أن يتعامل مع النفوس ليستنفر ما بداخلها من عطاء ويفجر ما لديها من طاقات.
المسؤول الناجح لا يترك المشكلة حتى تتحول إلى أزمة، ولا يتجاهل الأزمة حتى تتحول إلى كارثة، وعند مواجهة المقصرين لا يكتفي بتوقيع الجزاءات – وهو الطريق الأسهل- ولكنه يهتم قبل ذلك بمعرفة وتحليل الأسباب التي أدت إلى تلك المشكلة، وكيفية الخروج من خلال ابتكار حلول غير تقليدية.
إن الوعي بالمسؤولية الحقيقية يتمثل في كيفية الاستفادة من الأزمات والخروج منها بمكاسب، عبر تحويل المحنة إلى منحة، على غرار أن السوط الذي لا يقصم الظهر يقويه.
المسؤول الحقيقي هو من لديه القدرة على الاستماع إلى الآخرين وإعطاء كل ذي حق حقه، كما يتمتع بنفسية واسعة تعطيه القدرة على الاعتراف بخطئه إن أخطأ، والتنازل عن رأيه إذا ثبت أن هناك رأيا أصوب بغض النظر عن صاحبه، وأن تكون لديه مرونة تعديل المواقف، فإن نفعل الأشياء الصحيحة ولو متأخرين خير من أن لا نفعلها.
ومن خلال تجربتي العملية في الحياة، شاركت في كثير من الاجتماعات فوجدت أن الإداري الناجح هو الذي يستمع أولا إلى آراء الغير قبل رأيه، حتى لا يجامله البعض بتبني وجهة نظره حتى لو كانت خاطئة.
القائد الإداري هو القادر على الحسم، وأن يبادر دائما إلى الفعل، لا أن تنبع سلوكياته من ردة الفعل، كما أنه يتمتع ببصيرة تستشرف فرص النجاح، وتستشعر مواطن الخطر، مما يزيد الوثوق به، إضافة إلى أسلوب واضح للتقييم أساسه الإنصاف بين العاملين، مع التصميم على تحقيق الأهداف التي يتم وضعها مهما بدت الصعاب، من خلال إثارة حماس من حوله.
لذا فإن القيادة الإدارية الناجحة، في جانب كبير منها، فن لا يجيده الجميع، رغم أن البعض قد ينجح في اكتساب بعض الصفات التي تؤهله ليكون مديرا، ولكن القليل هم من يصلون إلى درجة الإبداع الإداري؛ لانعدام القدرة.
نقلا عن جريدة البيان الاماراتية
منبع القوة
أنجب أحد الملوك توأمين، ولم يستطع أن يحدد أيهما وُلد قبل الآخر ليكون خليفته على العرش، ولما كبرا، لم يختلف أحد على ذكائهما وجاذبية شخصيتهما وقوة بنيانهما، فاستدعاهما الملك ذات... (مشاركات: 1)
السلام عليكم
اليكم : كتاب :
كيف تنفجر الإرادة
لتحميل الكتاب بالمرفقات
اتمنى لكم الاستفادة (مشاركات: 2)
بحث في مقياس التسويق السنة الثانية علوم تجارية تحت عنوان القوة البيعية (مشاركات: 2)
هل من علاقة؟ إذا كنت موظفا ربما تسأل دائما عن تقييم أدائك نهاية كل عام، بل قد تجادل أو تناقش رئيسك فيه،ولكن هل تساءلت يوما ما عن معني تقييم الوظيفة ومدي علاقته بمعايير تقييم أدائك؟ هذا ما اعتقدك... (مشاركات: 0)
السلسلة: سلسلة التطوير الإداري
السلام عليكم ..
إليكم ملخص من كتاب إدارة التغيير الشخصي .
الشروع في العمل
*تطوير القوة الشخصية/
من الركائز المهمة لإدارة التغيير هو تعزيز قدرتك الشخصية... (مشاركات: 0)
برنامج يتناول موضوع ادارة نظم المعلومات الصحية والمفاهيم الأساسية لنظم المعلومات الصحية وأمن نظم المعلومات الصحية والصحة الإلكترونية والتحول الرقمي وتطبيق أمن وحماية نظم المعلومات الصحية والتطبيقات الحديثة في الصحة الإلكترونية
برنامج متخصص لتأهيل المدير التنفيذي في المؤسسات الرياضية يتناول شرح الجوانب القانونية والتشريعية وطبيعة عمل المؤسسات الرياضية المختلفة والاسس الادارية لوظيفة المدير التنفيذى ثم الادارة الاستراتيجية والتحليل البيئى بالمؤسسات الرياضية وكذلك ادارة الجودة الشاملة بالمؤسسات الرياضية وأيضا سيتم دراسة حوكمة الاعمال الادارية والمالية بالمؤسسات الرياضية وغيرها من المحاور التي تفيد العاملين في الادارة العليا بالمؤسسات الرياضية ويختتم البرنامج بتطبيقات وممارسات عملية لخريطة اعمال المدير التنفيذى بالمؤسسات الرياضية.
اذا كنت مؤهلا لشغل وظيفة "مدير جودة" او اذا كنت مسئولا ومهتم بمجال الجودة، فإننا نرشح لك هذا البرنامج التدريبي المتميز، الذي يهدف تأهيل المشاركين فيه على العمل في وظيفة مدير جودة وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لتصميم وتنفيذ وصيانة نظام ادارة الجودة بناءً على المعايير الدولية.
برنامج تدريبي يتناول التشريعات المنظمة للاندية الرياضية والمتعلقة بطبيعة عمل المؤسسات الرياضية المختلفة والتطوير والاصلاح الادارى بشركات أندية كرة القدم المحترفة والطبيعة القانونية لشركات أندية كرة القدم المحترفة ولوائح تراخيص الاندية فى اندية كرة القدم المحترفة والادارة الاقتصادية لشركات أندية كرة القدم المحترفة ومؤشرات الاداء تقيييم الاعمال ( BSC ) للعاملين فى شركات أندية كرة القدم المحترفة وادارة الازمات والمخاطر بشركات أندية كرة القدم المحترفة والادارة المالية ودراسات الجدوى الاقتصادية بشركات أندية كرة القدم المحترفة ومهارات القيادة والحوكمة بشركات أندية كرة القدم المحترفة .
دورة التحول الرقمي في الجامعات هو أول برنامج تدريبي يهدف إلى تقديم كل الشرح المفصل للمشاركين فيه للتعرف بشكل مفصل عن آليات تمكين الجامعات من تبني تقنيات جديدة وتحسين عملياتها وتعزيز التعلم للطلاب.