بقلم: محمود عيسى


إن مستوى تقدم الأمم أصبح يقاس في عالمنا اليوم ليس بما تملكه الأمة من حضارة تاريخية وحسب، ولا بما تملكه من أموال طائلة، ولا بما تملكه من رفاهية مجتمعية وحسب، ولا بما تملكه من معدات وآلات، وتكنولوجيا وحسب، بل تقاس بما تملكه من عقول بشرية خلاقة، مبتكرة، مبدعة، متعلمة، مدربة.. فهذه العقول هي التي تبني الحضارات، وهي التي مع تقدمها تتقدم أمتها، ومع تأخرها تتأخر أمتها.

والحال نفسه في المنظمات والشركات الكبرى، تقاس أهميتها بجانب رأسمالها النقدي، برأسمالها البشري (الفكري)، ويتفوق رأسمالها البشري الماهر والمتميز على ما تملكه من رأس مال نقدي، إذ إن ما تملكه من رأسمال بشري يساعدها على التطور والنمو، والتقدم المستمر.

والمورد البشري بما يملكه من تعليم، وخبرات، ومهارات، في حاجة دائمة وماسة إلى التدريب المتواصل والمستمر لصقل هذه الخبرات وتلك المهارات، واكتساب الجديد دومًا.

والتدريب المبني على أسس علمية، وحقائق واقعية ملموسة على أرض الواقع أصبح ضرورة عصرية للهيئات والشركات والمنظمات والمؤسسات، لما تمثله التطورات التكنولوجية الهائلة في عالمنا اليوم. فالتدريب يمثل الآن عصب الحياة لهذه المنظمات وتلك الشركات، فهو أداة هامة للتنمية وتحقيق الرفاهية للموارد البشرية ومن ثم المجتمعات، فضلًا عن تحقيقه معدلات إنتاجية عالية لهذه المنظمات والشركات تمكنها من تحقيق عوائد ربحية عالية، مما يساعدها على إعادة استثمار هذه العوائد، وتوسيع نشاط الشركات ونموها، بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي أوضحت أن للتدريب دورًا أساسيًا في نمو الاجتماعي والثقافي في المجتمعات المهتمة والآخذة به بشكل جدي، فالتدريب أساس كل تعلم وتطوير وتنمية للمورد أو العنصر البشري، والمجتمع ما هو إلا مجموع للموارد أو العناصر البشرية فمن ثم يتقدم وينمو بتقدم ونمو هذا العنصر أو المورد البشري.

التدريب المتواصل=الإعداد الصحيح للوظيفة

التدريب المتواصل يمكِّن المنظمات والشركات والمؤسسات من الإعداد الصحيح للوظيفة أو للمهنة طالما أن متطلباتها متغيرة بتأثير عوامل عدة كالتطور العلمي المعرفي المستمر، والذي يظهر بوضوح في التقدم التقني (التكنولوجي) في جميع مجالات الحياة المعاصرة، وكذلك سهولة تدفق المعلومات من مجتمع إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى نتيجـة التطور الهائل في أنظمة الاتصالات المتنوعة، وأن التدريب أثناء العمل أو الخدمة - أي أثناء وجود العامل أو الموظف على رأس العمل أو الخدمة أثناء العملية التدريبية - هو الأساس الذي يحقق تنمية العاملين بصفة مستمرة بشكل يضمن القيام بمهامهم ومسؤولياتهم وواجباتهم المنوطة بهم بالشكل الذي يتناسب مع مستجدات ومتغيرات أعمالهم الطارئة وغير الطارئة، التي لم تكن موجودة حين الإعداد قبل الخدمة، فالتدريب يقدم معرفة جديدة يواجه بها المتدرب ما يحدث في المستقبل، ويضيف معلومات متنوعة، ويعطي مهارات وخبرات وقدرات ويؤثر على الاتجاهات والقناعات، ويعدل الأفكار ويغير السلوك ويطور العادات والأساليب.

والتدريب أيضًا يؤدي إلى رفع الروح المعنوية للعناصر أو الموارد البشرية المتدربة داخل المنظمات والشركات، حيث يشعرون بمدى أهميتهم في الشركة أو المنظمة، فهم يترجمون استثمار الشركة أو المنظمة في تنمية كفاءاتهم وزيادة معارفهم وخبراتهم في أن الشركة راغبة في بقائهم ويهمها إكسابهم المزيد من المهارات والقدرات، وهذا ينعكس على هؤلاء المتدربين بارتفاع درجات انتمائهم وولائهم لشركتهم، وبذل كل ما يملكون من طاقات وجهد، والعمل على الابتكار والإبداع، ومن ثم تحقيق أعلى معدلات من الكفاية الإنتاجية، وأعلى معدلات الجودة، ومن ثم تحقيق أعلى معدلات مبيعات وربحية تستفيد منها الشركة أو المنظمة، ويستفيد منها العنصـر البشري داخل الشركة، ويستفيد المجتمع ككل من النواحي الاقتصادية والاجتماعية.

أهمية الأخذ بوسائل التدريب المتقدمة

لا عجب في أن تتجه غالبية دول العالم المتقدم والنامي الآن نحو الأخذ بوسائل التدريب المتقدمة لرفع وزيادة الكفاءة الإنتاجية؛ والتي تمثل أحد الأهداف الرئيسية للتنمية البشرية، وإن اختلفت درجات هذا التوجه بين العالم المتقدم، والعالم الذي يقف على أبواب التقدم، والعالم النامي. فمعظم الدول أصبحت تعي أهمية التدريب، لما له من دور فعال في المحافظة على مكتسباتها الحالية، والمساعدة في تحقيق استراتيجياتها المستقبلية.

وعملية التدريب ليس لها سقف يحدها، ولا مستوى يقيدها، فالكل في حاجة إلى التعلم والتدريب، ومن هذا المنطلق كان لزاما أن يوضع برنامج ذو مراحل واضحة لتدريب من يكلف بعملية تقييم أداء الموارد البشري في المنظمة أو الشركة؛ فالمقيِّم الناجح وراءه برنامج تدريبي متميز.

إن إدارة الموارد البشرية في المنظمة هي المنوطة بوضع برنامج عملية تقييم الموارد البشرية للمكلفين (المقيِّمين) بعملية التقييم داخل المنظمة، مثل الرؤساء المباشرين - وهم المكلفون الأساسيين في عملية تقييم أداء مرؤوسيهم - وفرق العمل، والمرؤوس، والعميل (الزبون الداخلي)، والمورد البشري محل التقييم.

ويجب أن توضح إدارة الموارد البشرية في المنظمة للمكلفين بالتقييم أهمية الاستفادة من برامج التدريب الخاصة بعملية التقييم، التي تعدها لهم، كي يتم لهذه العملية النجاح المأمول، من خلال قيام المقيِّمين بعملية التقييم على أكمل وجه، متسمة بالعدالة، والموضوعية والكفاءة.

الجوانب الأساسية في عملية تدريب المقيِّمين

• إشعار المقيِّم بأهمية عملية تقييم الموارد البشرية، ومدى حساسيتها له وللمقيَّمين، وأن تقريره النهائي لابد أن يتسم بالعدالة، والموضوعية، والبعد عن الحكم الشخصي، أو التحيز الشخصي.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على الكياسة والفطنة أثناء عملية التقييم، إذ يتوجب عليه ملاحظة سلوك وأداء المورد البشري محل التقييم أثناء ممارسته لعمله داخل المنظمة.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على تجنب الوقوع في أخطاء التقييم المعروفة.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على استخدام الأسلوب المعتمد من قبل إدارة الموارد البشرية في عملية تقييم أداء الموارد البشرية داخل المنظمة.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على عدم الحكم الشخصي من خلال الملاحظة وفقط، بل عليه أن يدرب جيدًا على وسائل جمع البيانات والمعلومات الخاصة بالمورد البشري محل التقييم. وتدريب المكلف أيضًا على كيفية تحويل ملاحظاته الشخصية إلى معلومات مدونة يمكنه الاعتماد عليها في عملية تقييم أداء المورد البشري.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على كيفية استخدام معايير التقييم المعدة سلفًا لعملية تقييم أداء الموارد البشرية، وألا يجتهد من نفسه، أو يعتمد على خبراته الذاتية السابقة فقط.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على اتباع أسلوب الإقناع المبني على المناقشة المجدية البعيدة عن الجدل بينه وبين من يقوم بتقييمه، عند عرض نتائج عملية تقييم أدائه عليه.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على كيفية إعداد التقرير النهائي عن عملية تقييم أداء المورد أو الموارد البشرية التي قام بتقييمها، محتويًا حكمه الشخصي على المورد البشري أو الموارد البشرية محل التقييم.

• تدريب المكلف بعملية التقييم على وضع خطة واضحة تعالج نقاط الضعف التي اكتشفها في المورد أو الموارد البشرية محل التقييم، وأيضًا وضع خطة على تقوية نقاط القوة، أو المحافظة عليها على أقل تقدير.

توضيح الهدف من عملية التقييم أولي المراحل

من أهم مراحل عملية التقييم هو أن تقوم إدارة الموارد البشرية داخل المنظمة بتوضيح تام للهدف المنشود من وراء عملية تقييم أداء الموارد البشرية، وعليها أن توضح أيضًا أهمية وضرورة عملية تقييم الأداء للمنظمة والمكلفين بعملية التقييم، والموارد البشرية محل التقييم، وبيان الآثار السلبية التي قد تصيب المنظمة وبالتالي الموارد البشرية في حال كانت نتائج عملية التقييم مبنية على أسس غير علمية، وبعيدة عن المعايير الموضوعة، ومبنية على التحيز والهوى الشخصي، وبيان الآثار الإيجابية التي ستعود على المنظمة والموارد البشرية في حال كانت عملية تقييم أداء الموارد البشرية، مبنية على أسس علمية، وبرامج عملية، ومعايير متفق عليها، وعدالة وموضوعية.

كيفية استخدام أسلوب التقييم

ثاني المراحل هو أن تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بتوضيح وشرح الآتي:

• تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بشرح وتوضيح كيف يستخدم المقيِّم أسلوب تقييم أداء الموارد البشرية الذي اعتمدته إدارة الموارد البشرية، وكذلك شرح معايير ومقاييس عملية تقييم الأداء، مع توضيح شامل لمفهوم كل معيار، وطرح باب المناقشة حوله مع القائمين المكلفين بعملية تقييم الأداء، وتهدف إدارة الموارد البشرية من وراء ذلك إلى توحيد مفهوم القائمين بعملية التقييم حول الأساس المشترك بينهم، وذلك بغرض الوصول إلى نتائج تقييم أداء موضوعية ومتقاربة.

• تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بتدريب القائمين على عملية تقييم أداء الموارد البشرية على كيفية التعامل مع الموارد البشرية محل التقييم من الناحية النفسية (السيكولوجية)، وذلك بهدف تمكينه من اكتشاف وتدوين الملاحظات المتعلقة بسلوك وتصرفات الموارد البشرية محل التقييم.

• تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بتدريب القائمين على عملية تقييم أداء الموارد البشرية على كيفية مناقشة الموارد البشرية محل التقييم في نتائج عملية التقييم، وكيفية مساعدتهم على التخلص من نقاط الضعف في أدائهم. كما تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بتدريب القائمين على عملية التقييم على الطريقة التي يناقشون بها الموارد البشرية محل التقييم، وكيفية انتقاء المعلومات التي يدلون بها لهذه الموارد البشرية محل التقييم، وطبيعة وحجم هذه المعلومات، والتوقيت المناسب الذي يناقشون فيه تقريرهم النهائي مع الموارد البشرية محل التقييم.

• تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بشرح واف للمسؤوليات الملقاة على عاتق القائمين بعملية تقييم أداء الموارد البشرية، وخاصة فيما يتعلق بتقريره النهائي حول نتائج عملية التقييم، وتحديد مسؤوليته حول ما إذا كانت هذه النتائج غير موضوعية أو غير عادلة، إذ ستبنى على هذه التقارير عدة قرارات يتخذها الرؤساء منها كيفية معالجة نقاط الضعف التي أظهرتها التقارير، وكيفية المحافظة على نقاط القوة كذلك، وهل سيتم الاستغناء عن العمالة التي تتأصل فيها نقاط الضعف.. أم ستخضع لبرامج تدريبية متخصصة؟

• تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بشرح أهمية توافر المهنية والعدالة في القائمين على عملية التقييم، لضمان نجاح هذه العملية، وشفافيتها، وتحقيق أهدافها التي تصبو إليها إدارة الموارد البشرية،والإدارة العليا في المنظمة.

شرح وتوضيح الأخطاء الشائعة ثالث المراحل

وفي هذه المرحلة تقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بشرح وتوضيح الأخطاء الشائعة والمألوفة التي يقع فيها القائمون المكلفون بعملية تقييم أداء الموارد البشرية داخل المنظمة، بهدف تفاديها، وتجنب آثارها السلبية.. ومن أهم هذه الأخطاء الشائعة.. الآتي:

• عدم توافر الموضوعية بالشكل المطلوب:

عدم توافر الموضوعية في أداء المكلفين بعملية التقييم، معناه توافر التحيز، وهذا العدو اللدود من دون شك لعملية تقييم أداء الموارد البشرية، ويعطي نتائج مخيبة للآمال، لعدم موضوعيتها، وكفاءتها. وللتحيز عدة وجوه منها ما هو نفسي بحت كعدم استلطاف المقيِّم للمورد البشري محل التقييم ؛ فيضع المقيِّم تقريرًا سلبيًا خاصًا بهذا المورد البشري مخالفًا للواقع الحقيقي لأدائه، أو العكس أن تكون بين المقيِّم والمقيَّم صداقة فيضع المقيِّم تقريرًا إيجابيًا مخالفًا لواقع أداء صديقه، ومنها ما هو مادي كأن تكون هناك مشكلة ما حدثت بين المقيِّم - خاصة الرئيس المباشر - وبين المورد البشري محل التقييم، ويجدها المقيِّم فرصة للانتقام من مرؤوسه بأن يضع في تقريره عن أدائه ما يخالف الواقع والحقيقة.


• خطأ الخوف من المنصب الإداري الأعلى:


الأصل في المكلف بعملية التقييم أن يتحلى بالشجاعة الكافية، وألا يخشى لومة لائم في الحق، وأن يتحرى المصداقية والشفافية، والموضوعية والعدالة في تقييمه للمورد البشري داخل المنظمة بغض النظر عن منصبه الإداري، وألا يخشى إن جاء تقرير غير مواتيًا لهوى صاحب المنصب الإداري، أن يضره في عمله، ويعلم المقيِّم أن تقرير مؤتمن عليه من قبل من كلفوه بعملية التقييم، وهي إدارة الموارد البشرية.


• الوقوع في خطأ التأثر بالسلوك المتميز:


إن من الأخطاء المألوفة التي قد يقع فيها المكلف بعملية تقييم أداء المورد البشري داخل المنظمة، تأثره بسلوكيات تميز المورد البشري عن غيره من الموارد البشرية، أو بسلوكيات منضبطة كمحافظته على الحضور والانصراف في مواعيد العمل المحددة، وكعلاقاته الاجتماعية المتميزة مع رئيسه وزملائه في العمل، هذه السلوكيات وغيرها لا يجب أن تؤثر في عملية تقييم أداء المورد البشري الفعلية لعمله المكلف به، بل يعتبرها القائم بعملية التقييم مؤشرًا مساعدًا في عملية التقييم يدل على أن هذا المورد يمكن أن يكون أداؤه متميزًا كسلوكه، ولكن الحكم يجب أن يكون على الأداء الفعلي الواقعي، والعكس صحيح قد يكون هناك موردًا بشريًا تدل سلوكياته على عكس أدائه للعمل المكلف به.


• خطأ التوافق:


قد يقع المقيِّم في خطأ التوافق، أي أن يكون المورد البشري محل التقييم حاملًا لنفس المؤهل، أو من نفس الحي الساكن فيه... إلخ فيتأثر بهذا التوافق، مما يؤثر على عملية تقييم أداء هذا المورد البشري، فيكون متحيزًا له، وتتأثر نتيجة عملية التقييم، وتكون غير صادقة أو غير موضوعية.


• خطأ التأثر بالصفات الشخصية:


قد يتمتع القائم المكلف بعملية التقييم بصفات شخصية خاصة به، مثل إتقان العمل، أو الدقة في أداء العمل، أو غيرها من الصفات.. فيقوم بعملية إسقاط غير مقصود أو مقصود لهذه الصفات على المورد البشري المكلف بتقييم أدائه، فقيِّمه على أساس توافر هذه الصفات بشكل منطقي وطبيعي في هذا المورد البشري محل التقييم، ويبدأ في حسابه على عدم الدقة المتناهية في كل ما يقوم به من أعمال ومهام. ونجد المقيِّم في هذه الحالة قد وقع في خطأ جوهري وهو أن جعل من صفاته الشخصية معيارًا لعملية تقييم أداء المورد البشري محل التقييم، بدلًا من الالتزام بالمعايير المعتمدة من إدارة الموارد البشرية، ومن ثم يشوب تقريره النهائي الخلل الكبير.


• خطأ التأثر بأحدث أداء المورد البشري محل التقييم:


هذا الخطأ المألوف قد يقع فيه المقيِّم خاصة الرئيس المباشر، فعندما يحين موعد التقييم الفعلي لأداء المورد البشري، ينظر إلى أداء هذا المورد البشري في الفترة المصادفة لمحل التقييم، ويعتمد على ذاكرته - التي قد تخونه - في الحكم على أدائه القديم، ومن ثم يعطيه التقدير غير المناسب لأدائه عن فترة التقييم الكلية، وقد يكون هذا التقرير إيجابيًا أو سلبيًا بالنسبة للمورد البشري، ولكن ما يهم أن هذا التقرير لا يعبر عن الواقع الفعلي للفترة الكلية التي يغطيها التقرير، ومن ثم يفقد التقرير مصداقيته وموضوعيته، مما يجعله غير موضوعي، وغير عادل، ومضللا لإدارة الموارد البشرية، والإدارات محل الاختصاص، فضلًا عن الإدارة العليا في المنظمة.


• خطأ المقارنة:


قد يقع المقيِّم المكلف بعملية تقييم أداء الموارد البشرية في خطأ المقارنة بين أداء مورد بشري متوسط بمورد بشري آخر جيد في نفس الوحدة، ويقومان بنفس الأعمال والمهام، وهذا خطأ إذ يجب أن يقيِّم أداء كل منهم وفقًا للمعايير المعتمدة والمحددة من قبل إدارة الموارد البشرية، إذ قد يكون صاحب الأداء الجيد من وجهة نظره والذي اعتبر أداؤه معيارًا للقياس، ليس هو المعيار المحدد كتقدير للحكم على الأداء من قبل إدارة الموارد البشرية، فقد يكون المعيار المحدد كتقدير للحكم على الأداء هو تقدير ممتاز وليس جيد، وبهذا يكون تقرير المقيِّم متعارضا مع التقرير المرغوب من قبل إدارة الموارد البشرية في المنظمة.


• خطأ التشدد في الحكم:


قد يتأثر المقيِّم المكلف بعملية تقييم أداء الموارد البشرية بمفهوم خاطئ لديه، بأن إعطاء المورد البشري محل التقييم درجة عالية، أو تقدير ممتاز وهو يستحقه، قد يؤثر بشكل سلبي على أداء المورد البشري، إذ قد يصيبه بالغرور، أو الإحساس بأنه قد يحصل على تقدير ممتاز بشكل مستمر، لأن قدراته وكفاءته الشخصية تؤهله لأداء عمله بكفاءة عالية، وجودة عالية أيضًا، ومن ثم لا داعي للتطوير الذاتي، واللجوء إلى التدريب لكسب المزيد من المهارات، فيقوم المقيِّم بإعطاء هذا المورد البشري تحت تأثير هذا المفهوم الخاطئ تقدير جيد مثلًا، مما يشعر المورد البشري بالإحباط، ويتأثر أداؤه في المستقبل، ويكون تقرير المقيِّم غير عادل وغير موضوعي، وقد يتسبب هذا التقييم في بحث المورد البشري الممتاز على فرصة عمل أخرى في مكان آخر يقدر ما يمتلكه من قدرات ومهارات وخبرات، مما يدفعه إلى مزيد من التقدم في عمله، ويتيح له فرصة الترقي الوظيفي، وبهذا تخسر المنظمة الموارد البشرية ذات الكفاءة المتميزة، وما يترتب على تلك الخسائر من نتائج وعواقب وخيمة على المنظمة في الحاضر من انصراف المستهلكين عن منتجاتها أو خدماتها ذات الجودة المتدنية، وعواقب وخيمة في المستقبل قد تؤدي إلى انهيار المنظمة، وعدم بقائها واستمراريتها.


• خطأ التساهل في الحكم:


قد يتساهل المقيِّم في حكمه على المورد البشري محل التقييم، فيعطيه تقديرًا أكثر مما يستحق، وذلك من باب الحرص على مستقبله الوظيفي داخل المنظمة، أو حرصًا منه على الناحية المادية للمورد البشرية وما يحمله من أعباء أسرية، قد يؤثر التقرير النهائي للحكم على أدائه من حرمانه من بعض الحوافز المالية، أو الزيادة الطبيعية في الراتب.. هذا التساهل يؤثر من دون شك على موضوعية تقرير المقيِّم، ويجعله غير شفاف، وغير كفء، وفيه خلل كبير يؤثر على قرارات إدارة الموارد البشرية التي يرفع إليها، ويؤثر أيضًا على قرارات الإدارة التابع لها المورد البشري، ويؤثر أيضًا على قرارات الإدارة العليا للمنظمة. فالتقرير النهائي لعملية الحكم على أداء المورد البشري داخل المنظمة لابد أن يتسم بعدم التشدد وفي الوقت ذاته بعدم التساهل، فلا إفراط ولا تفريط.


• خطأ التأثر بصفة ما:


قد يقع المقيِّم عند تقييمه لمورد بشري ما باهتمامه بمظهره الشخصي، وأناقة ملبسه، أو لباقته في الحديث، ويقيِّم أداءه بناء على هذه الصفات، ويفترض أن اهتمامه بالمظهر يدل على اهتمامه بالجوهر، وأن أداءه لعمله لن يقل بحال من الأحوال عن اهتمامه بمظهره، ولباقة حديثه، وقد يكون عكس هذا الافتراض هو الحاصل، وهو الواقع الفعلي لأداء هذا المورد البشري لعمله داخل المنظمة، وفي هذه الحالة ونتيجة لهذا الخطأ الشائع أو المألوف، يكون التقرير النهائي للمقيِّم منافيا لواقع المورد البشري، ومن ثم يكون تقريرًا غير موضوعي، وغير عادل، ومضللا لإدارة الموارد البشرية، والإدارة العليا للمنظمة.