بدأنا معك أيها القارئ الكريم في اللقاء السابق التعرف على نموذج عملي لإدارة الوقت واستغلاله في شهر رمضان المعظم، حتى تربح فيه أعظم الربح عندما تفوز بمقعد في جنات النعيم، وتكون من عتقاء الله من النار في هذا الشهر الكريم، ولعلك الآن قد أتقنت الخطوات الأربعة الأولى لإدارة وقتك في رمضان، فحددت مجالاتك التي ستتحرك فيها، ثم حددت أهداف كل مجال ثم الوسائل التي من خلالها ستحقق هذه الأهداف، ثم أعطيت لكل وسيلة حجمًا مناسبًا من الوقت يكفي لتنفيذها، ونكمل معك الآن بقية الخطوات:



5ـ الخطوة الخامسة: تجميع الأزمنة:

قم بتجميع الأزمنة اللازمة لتحقيق أهداف ووسائل كل مجال، والتي حددتها في الخطوة الرابعة، ولو راجعت معنا المثال التطبيقي الذي ذكرناه لك في المقال السابق، ثم جمعت هذه الأزمنة لوجدتها كالتالي:ـ





المجال



الوقت اللازم

دقيقة

ساعة

1

التربية الإيمانية



111

2

الأسرة والأبناء



22

3

الأقارب والأرحام



19

4

دعوة الآخرين لأعمال البر



14

إذًا الوقت الإجمالي: 166 ساعة.



6ـ الخطوة السادسة: حساب الوقت المتاح لديك:

في اليوم [24] ساعة يلزمنا فيها من الأشياء الكثير من الأوقات مثل النوم والطعام والمواصلات .. إلخ، وهذه الأشياء تختلف بالطبع من شخص إلى آخر.

ولنفرض أن هذه الأشياء الأساسية تأخذ منك عشر ساعات يوميًا إذًا يتبقى لك 14 ساعة يوميًا × 7 أيام =89 ساعة أسبوعيًا، ولكي تنجح في إدارتك لوقتك استخرج من هذا الوقت المتاح وقتًا للطوارئ والمستجدات والمقاطعات التي تملأ حياتنا وتفسد علينا إدارتنا لأوقاتنا، وفي البداية لابد أن تستخرج وقت الطوارئ بنسبة 30 ـ 50% من حجم الوقت المتاح، وبالممارسة تقل هذه النسبة تدريجيًا مع ملاحظة أن وقت الطوارئ يزيد أو يقل حسب احتكاكك بالآخرين في ممارستك لأعمالك فالأعمال التي تفعلها وحدك يقل فيها احتساب وقت الطوارئ والعكس بالعكس.

ـ اطرح أيضًا الأوقات البينية، وهي الأوقات التي تقضيها بين الأنشطة فأنت لا تنتقل من نشاط لآخر فجأة وإنما لابد من التمهيد والتهيئة النفسية له.

وكنموذج تطبيقي لحساب الوقت المتاح.

ـ الوقت الكلي 24 ساعة يوميًا.

ويطرح منه: وقت الأشياء الأساسية [نوم ـ طعام .. الخ] 14 ساعة

وقت الطوارئ والمقاطعات 3 ساعات

الأوقات البينية 2 ساعة

إذن إجمالي الوقت المشغول: 19 ساعة

إذن الوقت المتاح = 24 – 19 = 5 ساعات فقط خلال اليوم كله.

إذن الوقت المتاح خلال 20 يومًا [على اعتبار أن العشر الأواخر لم يتم إدراجهم للاعتكاف] = 5 ساعات وقت متاح × 20 يوم = 100 ساعة.



الخطوة السابعة: مقارنة حجم الوقت المتاح بحجم الوقت المطلوب:

أي مقارنة الخطوة الخامسة بالخطوة السادسة، وعند هذا الحد قد تترك القلم من بين يديك وتعرض عن هذا النموذج إذا لم يكن لديك العزيمة القوية، لأنك ستفاجأ أن هناك حجمًا ووقتًا للأنشطة أكبر بكثير من الوقت المتاح، ولكن يعينك على استكمال هذا النموذج هو إدراكك أن هذه الأنشطة كانت ستهدر كلها أو بعضها إذا لم تكن هناك إدارة للوقت.

ـ تذكر أن هذه الخطوة هي التي تعرفك على الواقع لتلمسه وتتعامل معه بدلاً من أن تغرق في المثاليات ولا تفعل شيئًا.

وبمواصلة التطبيق العملي نجد أن المقارنة تكون كالتالي:

الوقت المطلوب = 166 ساعة.

الوقت المتاح = 155 ساعة.

الفرق بينهما = 66 ساعة.



الخطوة الثامنة: المراجعة:

والهدف من هذه الخطوة المواءمة بين الوقت المتاح والوقت المطلوب.

وتتم هذه المراجعة بالنظر في قائمة أهدافك وإعادة ترتيبها حسب الأولوية.

ـ قم بترشيد الأنشطة والوسائل اللازمة لتحقيق أهدافك بحيث تقوم بها في أقصر وقت ممكن.

ـ لا تتوقف عن عملية المراجعة إلا عندما تشعر أن وقتك المتاح مساويًا للوقت المطلوب.

ـ تذكر أنك إذا لم تقم بهذه المراجعة فإن خطوات هذا النموذج ستكون حبرًا على ورق ولن تستطيع التعايش معه.

ـ وكنموذج تطبيقي: على هذه الخطوة .. نعيد النظر في قائمة المجالات والأهداف والوسائل.



أولاً: مجال التربية الإيمانية:

يمكننا اختصار وقت الهدف الأول حيث إن هذا الوقت قد تم احتسابه أكثر من مرة، فوقت صلاة الفجر [راجع المقال السابع] يتضمنه وقت الأشياء التي لا يمكن التحكم فيها، حيث إنه قد تم احتسابه ضمن ساعات النوم وكذلك صلاة الظهر، ضمن وقت العمل، وبذلك تصبح:

30 × 3 × 20 =1800 دقيقة = 30 ساعة بدلاً من 50 ساعة.

ـ اختصار وقت ختم القرآن وقراءته في المواصلات كاستثمار للأوقات البينية 600 دقيقة = 10 ساعات.

ـ اختصار وقت صلاة التراويح بحيث يصبح 90 دقيقة

90 × 20 = 1800 دقيقة

إذن 2400 – 1800 = 600 دقيقة = 15 ساعة

إذن نحتاج إلى 30 ساعة بدلاً من 40 ساعة

ـ اختصار وقت جلسة تحديد الأهداف في الاعتكاف إلى 90 دقيقة بدلاً من 180 دقيقة وبذلك تصبح ساعة ونصف بدلاً من ثلاث ساعات.



ـ ثانيًا: مجال الأسرة والأبناء:

دمج وقت الهدف الخاص باكتساب بعض المعلومات الإسلامية والترفيه عن الأبناء مع وسيلة قراءة جزء من كتاب يحث على الأهداف الخاصة بهذا المجال، على أن تكون هذه المتابعة يوم ويوم بحيث يصبح مجموعهم:

60 × 10 = 600

إذن 1200 – 600 = 600 وبذلك تصبح 10 ساعات بدلاً من 20 ساعة.



ـ ثالثًا: مجال الأقارب والأرحام:

اختصار وقت تلبية ثلاث دعوات على الإفطار من 180 × 3 = 270 دقيقة بدلاً من 540 دقيقة، وبذلك تصبح 4,5 ساعة بدلاً من 9 ساعات.

والآن فقد قمنا باختصار 56 ساعة، ولأننا في حاجة إلى معظم هذه الأهداف والوسائل يمكننا أن ننظر في قائمة الأوقات المشغولة ونأخذ من الأوقات البينية نصف ساعة يوميًا ليصل هذا الوقت إلى ساعة ونصف يوميًا بدلاً من ساعتين يوميًا.



9 ـ الخطوة التاسعة: قم بإعداد الجدول النهائي وتوزيع الأنشطة مراعيًا وقت الذروة:

والقاعدة العامة في ذلك هي توزيع الأنشطة الرئيسة والأكثر ارتباطًا بالأهداف المجمعة ووضعها في الوقت الرئيس من اليوم، وهو الوقت الذي يكون فيه الإنسان في أعلى مراحل النشاط، وهو المسمى بوقت الذروة والذي يختلف من شخص لآخر.

ـ وبعد اختصار نصف ساعة يوميًا من الأوقات البينية توفر لدينا 10 ساعات أخرى فيصح ما وفرناه = 66 ساعة.

إذن الوقت المطلوب = الوقت المتاح = 100 ساعة.

كما أن لدينا وقتًا للطوارئ = 60 ساعة .. وقت احتياطي بالإضافة على 30 ساعة وقتًا بينيًا.

والآن: أنت في طريقك الصحيح لإدارة وقتك في رمضان ومعك 90 ساعة مخزونًا إضافيًا.



ـ وصايا ذهبية لنجاح إدارة الوقت:

ـ تذكر أنك باستطاعتك أن تزيد من فعالية استخدامك لوقتك والشخص الوحيد الذي يملك ذلك هو أنت.

ـ كل فرد ليس لديه الوقت الكافي خلال اليوم ولذلك فالسؤال هو كيف تستثمر الوقت المتاح لنا حاليًا؟

ـ لا بد من إشراك من يكون بينك وبينهم مساحة كبيرة من الوقت المشترك كأولادك وزوجتك ومرؤسيك.

ـ ركز على ما تجيد تنفيذه ولا تفعل إلا العمل الذي تتمكن من أدائه إلا إذا كان المقصود من ذلك التربية والتدريب.

ـ استعمل الرفق والإقناع لضرورة تحقيق التغيير مع الآخرين بشأن فهم أهمية الوقت، فأنت تغير قيمًا وعادات.

ـ حدد مقدار الوقت الذي تتحكم فيه أنت حتى تستطيع أن تدير وقتك بكفاءة وفاعلية.

ـ لابد أن يكون لديك القدرة على أن تقول 'لا' عندما تكلف بأعمال تعوق تنظيم وقتك، حتى لا يفشل تخطيطك لوقتك بسبب عدم تنظيم الآخرين لوقتهم.

وأخيرًا نسأل الله أن يوفقنا لما فية الخير وكل عام وانتم بخير