العوامـل المؤثـرة فـي نظـام الحوافـز:

إنّ اتخاذ قرار سياسة التحفيز تحيط به عوامل كثيرة تؤثر فيه، منها ما يدخل ضمن إطار المؤسسة ومنها ما يتصل بالسياسة العامة للدولة كما يلي:


u على مستوى الدولة: هنا تتأثر أنظمة الحوافز بعاملين اثنين هما:

أ- سياسة الدولة الاقتصادية وكذا الاجتماعية: وتظهر غالبا في شكل قوانين تعمل المؤسسة من خلال إدارتها على تطبيقها، وبالتالي تشكل الإطار الخارجي الذي يحتوي معالجة كل المشاكل الناجمة عن التطبيق.

ب- القيم الاجتماعية والنظام الاجتماعي السائد: والذي يؤثر بشكل واضح على أفراد المجتمع ويحدد رغباتهم وحاجاتهم، والأولويات في ذلك فكل مجتمع له عادات وقيم تحدد نظرة أفراده للمنافع، وكذا السبل الموصلة إلى تحقيقها، وهنا يتحدد بالتالي نظام الحوافز الذي يتناسب مع هذه المعطيات.

v على مستوى المؤسسة: حيث يتأثر نظام الإدارة بالعوامل التالية:

أ- نوع الجهاز الإداري وإمكانه وتنظيمه: وقدرة إدارته على اختيار نظام الحوافز المناسب، فنظام الحوافز يتحقق وفقا لإمكانيات المؤسسة وكفاءة الإدارة في اختيار النظام الأمثل المطابق لكل من تطلعات العمال وقيود وأهداف المؤسسة.

ب- اقتصاديات المنظمة نفسها: ومدى فعالية نشاطها و مردودها بالنسبة للاقتصاد الوطني أي كلما كانت فعالة اقتصاديا كلما زاد ذلك من فرص إقامة نظام تحفيزي فعال يعود بالنجاح على مستوى الفرد والمؤسسة.

ج- نوع القوة العاملة وتركيبها المهني والاجتماعي والثقافي: وهنا يتحدد مدى انسجام رؤية العامل مع رؤية المؤسسة للأمور، فعلى الفرد أن لما يتناقض في تطلعاته مع حدود المؤسسة المالية، وكذا عليه أن يكون واعيا بالدور المنوط به.


ومهما كان وضع النظام سواء على مستوى الدولة أو المؤسسة فإنه يتأثر بمجموعة من العوامل وهي:

1- الوضع الاقتصادي للقطر

2- الوضع العام للعامل

3- النظام الضريبي المتبع

4- المعايير المشبعة في قرار نظام الحوافز

5- هيكل الأجور وتوافقه مع طبيعة العمل والجهد وكذا الحاجات

6- توقف الإنتاج لسباب غير راجعة لإدارة العامل

7- الحالة الاجتماعية للعامل

8- حب العامل لعمله وتفانيه فيه ورفع إنتاجه

9- انسجام العامل وعمله، وتأثير الظروف المحيطة به.

w عوامل أخرى:

بالإضافة إلى ما ذكرناه هناك عوامل تؤثر إما بطرق مباشرة أو غير مباشرة على أنظمة الحوافز نذكر منها:
أ-عوامل تنظيمية: لكل مؤسسة هيكل يحدد العلاقات داخلها، وهذا الهيكل يأخذ في أي مؤسسة كانت أحد الشكلين التاليين: التنظيم الرسمي أو التنظيم الغير الرسمي.


* التنظيم الرسمي: في هذا النوع من التنظيم واجب الإدارة هو التخطيط، توجيه العمال، أما واجب العمال فيكمن فقط في تنفيذ الأعمال والأوامر على أكمل وجه. وهنا سنتطرق إلى ثلاث وظائف للتنظيم الرسمي نراها مهمة من جانب التأثير على الحوافز وهي: القيادة، الاتصال، المشاركة في اتخاذ القرارات.

- الاتصال:

تسير الاتصالات الرسمية في مختلف المنظمات في ثلاث اتجاهات رئيسية نازلة من أعلى إلى الأسفل وذلك من مستوى أعلى في المنظمة إلى الموظفين في مستوى أدنى أي من المدير(الرئيس) إلى الموظفين الذين يتبعون له، واتصالات صاعدة من أسفل إلى أعلى حيث أن انسياب المعلومات من المرؤوسين إلى رئيسهم حيث تساعد الرؤساء كثيرا على القيام بمهامهم ومسئولياتهم في انجاز أعمالهم وتوجيه مرؤوسهم وتحفيزهم وتحسين مستوى أدائهم وتقديم المقترحات والأفكار الجديدة ومن خلال ذلك يستطيع الرئيس معرفة أن المرؤوسين على استعداد لتقبل القرارات والتعليمات ويمكن لهذه الاتصالات أن تلبي الاحتياجات الأساسية للفرد، الشعور بقيمته وأن له حقوقا كما يمكنه من التشجيع الموظفين على الحديث بحرية أمام رؤسائهم.

أمّا الاتصال الثالث هو الاتصالات الأفقية والتي نجدها بين الأفراد على نفس المستوى الإداري (الهرمي) في المنظمة وهي حيوية لتحقيق فعالية المنظمة وأغلب الأعمال والمهام تحقق بتنسيق بين الزملاء وكذا الدعم العاطفي والاجتماعي للفرد ويكون ذلك بمثابة حاجز للعمال على عملهم ورفع الأداء.

- مشاركة الأفراد في اتخاذ القرارات:

إنّ ضرورة مشاركة الأفراد والجماعات في عمليات اتخاذ القرارات في المنظمات لها العديد من النتائج والآثار الايجابية التي تترتب على المشاركة الأفراد مثل زيادة الإنتاج، وتحسين نوعيته وتحسين الأداء، والرضا الوظيفي وتقدير الذات، والتعاون وتعزيز الالتزام بأهداف المنظمة وتقليص دوران العمل والتغيب، ويساعد على إحداث التغيرات المطلوبة وتحسين الاتصالات الفعالة.

والمشاركة في اتخاذ القرارات تعزز الشعور بالانتماء للمنظمة وحياة العمل إيجابية من خلال تحقيق حاجات الاستقلالية والمسؤولية المادية للفرد.

والمشاركة تؤدي إلى إنتاجية أعلى، وتقليص الدوران الوظيفي والمزيد من الرضا الوظيفي.
وكما أنه أصبح ينظر إلى المشاركة على أنها مسألة أخلاقية، إذ أن عدم المشاركة في رأي الكثيرين تؤدي إلى إلحاق أضرار جسمانية ونفسية بالعاملين على المدى البعيد. وفي ضوء ذلك كله، فإن المديرين مدعون لإيجاد ظروف عمل تسمح للعاملين بمزيد من الاستقلالية في العمل. ويرمي هذا النوع في إشراك العمال في إطارها وتدعى بالتسيير بالأهداف وهذا النوع من التسيير يرمي إلى زيادة الحافز الداخلي للفرد من خلال المرؤوسين مع الرؤساء في تحديد الأهداف وكذا زيادة رقابة المرؤوسين على عمله.

- القيادة:

هي عملية اجتماعية، تسعى للتأثير على أفعال الأفراد وسلوكهم واتجاهاتهم لتحقيق أهداف مشتركة مرغوبة، وهي محاولة شخص ما (القائد) للتأثير على سلوك وأفعال واتجاهات التابع(مرؤوس) ويركز هنا على دور المرؤوس الدافعية والحماس والرغبة والاستعداد الطوعي للعمل والامتثال لرغبات القائد. كما أن القائد الناجح يتأثر أيضا بتباعية مرؤوسيه وحاجاتهم ورغباتهم وميولهم وبدون الأخذ في الحسبان هذا العنصر (المرؤوسين) أو(التابعين) لن يستطيع القائد أن يمارس دوره القيادي بنجاح.

وحسب " جبسون" (Gibson) فالقيادة هي عملية التأثير على جماعة في موقف معين، ووقت معين وظروف معينة لإشارة الأفراد ودفعهم للسعي برغبة لتحقيق أهداف المنظمة مانحة إياهم خبرة المساعدة على تحقيق أهداف مشتركة والرضا عن نوع القيادة الممارسة، فالقيادة تتضمن الأفكار الرئيسية التالية:


1- عملية تأثير، ويعني أنها ذلك التفاعل المستمر والجهد المتواصل من قبل الرئيس، والسماح له من قبل المرؤوسين بالتأثير على تفكيرهم واتجاهاتهم وسلوكهم.

2- التأثير في موقف معين، ووقت معين، وظروف معينة.

3- تحفيز وإثارة الأفراد أو للسعي برغبة لتحقيق أهداف المنظمة.

4- خبرة المساعد على تحقيق أهداف مشتركة

5- الرضا عن نوع القيادة الممارسة.


وهكذا فإن القيادة هي إحدى الوظائف الإدارية للمدير أو الرئيس حيث يقوم بدوره القيادي بتوجيه الأفراد وإرشادهم وحفزهم ونيل تعاونهم للعمل بجد لتحقيق أهداف المنظمة.

* التنظيم الغير الرسمي:

يقصد به شبكة من العلاقات الشخصية والاجتماعية التي تنشأ وتنمو بين العاملين نتيجة اجتماعهم في مكان العمل، ويسمى التنظيم الغير الرسمي كذلك جماعات العمل أو الجماعات غير الرسمية، إلا أن التنظيم الرسمي كثيرا ما يكون هو السبب في خلق التنظيم الغير الرسمي إذ لما يلبث العمال الذين عينوا ووزعوا على الإدارة أن يقيموا مختلف العلاقات التي تبدأ عادة بسبب العمل فقط، ثم تتطور إلى الجوانب الشخصية، النفسية للعاملين من حيث الاهتمامات والتطلعات والرغبات وغيرها.

ويمكن أن نقول أن التنظيمين الرسمي والغير الرسمي ليس متناقضين، أو منفصلين عن بعضهما، وإنما وجهان لتنظيم واحد، فالجانب الأول يحدد الأهداف ويقوم برسم الخطة ويجدول طرق العمل ويتابع تنفيذها ويحكم علاقات الأفراد والإدارات بينما الجانب الثاني يمثل الناس في معاملاتهم وكلامهم وشن علاقاتهم فالجانبان غالبا ما يكونان مكملان لبعضهما البعض والعلاقة بينهما تكون علاقة تداخل، أي أن كل واحد منهما يتأثر ويؤثر بالآخر.

ب- العوامل القيمة

بعدما ذكرنا سابقا من عوامل التنظيم، ورأينا أنها تؤثر في الحوافز إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سنتطرق الآن إلى مختلف العوامل القيمة التي نراها مهمة باعتبارها تعكس الواقع المحيط بالفرد والمؤسسة على حد سواء.
ونظرا لتباين المعتقدات والمفاهيم والاصطلاحات وكذا المعايير والعادات فإن ذلك كله حال دون إعطاء صبغة موحدة لمفهوم القيم وسنعرض تعريفا يعتبر شاملا لمختلف التعاريف.

تعريف القيم: يمكن القول أن القيم " هي ما يعتبره الفرد مهما، وهي أكثر شيء يهم الفرد، ومن أجلها يضحي و بها يعيش، كما يتم التعبير عنها في شكل آراء عن ما هو صواب وحق وعدل ".

ويعني بنظام القيم ترتيب القيم حسب أولوياتها، وأهميتها من جهة نظر الفرد أو الجماعة أو الثقافة.


أما عن أنواع القيم التي يمكن ذكرها هي:

أ- القيم الاقتصادية: أي الاهتمام بكل ما هو نافع، محقق للكسب المادي، إذ أنه وكما مر بنا هناك من يسمي الحوافز المادية أو النقدية بالحوافز الاقتصادية.

ب- القيم الجمالية: تتمثل في اهتمام الفرد بتحقيق التناسق والانسجام الشكلي واللوني سواء كان هذا التناسق مرئيا أو مسموعا.

ج- القيم الاجتماعية: هي المتعارف عليه بين أفراد المجتمع واعتباره مرجعا لتقييم تصرفات الأفراد، كاهتمام الفرد بالآخرين، وتقديم يد المساعدة والعون لهم.

د- القيم السياسية: وهي السعي إلى السيطرة على الآخرين أو قيادتهم أو التحكم فيهم.

و- القيم الثقافية: تتمثل خلاصة لتفاعل مجموعة من العناصر المتمثلة في التاريخ والمعتقدات والعادات.

ن- القيم الدينية: وهي اهتمام الفرد بعلاقته مع ربه، والسعي إلى إرضائه والتدبر والتأمل في مخلوقاته، واستخلاص النتائج والغايات من وراء ذلك و تعتبر هذه القيمة ذات أثر قوي في نفوس الأفراد الموحدين كون الباعث في ذلك هو الخالق للكون والنفوس، وإضافة إلى ذلك فإن هذه القيمة تنعكس على سلوك الفرد بأخلاق حميدة تساعد على التعامل.

مؤشّـرات قيـام نظـام الحوافـز

للوصول إلى نظام الحوافز فعال لابد على الإدارة من وضع مؤشرات كمعدلات للقياس بما يمكن أن يسميه رجل الاقتصاد " التفاوت الحاد لعائد الإنتاجية " وهذا يعني أنه كلما اهتمت الإدارة بنظام الحوافز عملت على التوسيع في استخدامه بكثرة وظهرت آثاره على العاملين، كلما بدأت أهميته في الزوال وبالتالي تفقد الحوافز قيمتها، لذلك على الإدارة استخدام نظام الحوافز بقدر معقول دون إسراف بحيث لا يجعلها تفقد أهميتها، وكما يجب أن تستخدم في الوقت المناسب، هذا الوقت الذي تحدد لنا بعض المؤشرات وهي:

- معدلات الغياب وترك المناصب.

- معدلات الحوادث والإصابات.

- معدلات التخلف في تحقيق الأهداف.

- معدلات الإنتاجية.


والخلاصة أن فعالية الحوافز تتحدد بمدى الإثراء والتجديد والتعديل في منظومة الحوافز. ذلك الانطباق قانون تناقص الغلة عن منظومة الحوافز، فمادامت الحاجات متجددة والحافز مشبع للحاجات، ففعالية الحوافز تتوقف على مدى توافقها والحاجات