مدارس الفكر الإداري :

1 - المدرسة العلمية ( 1910- 1935) يعتبر فردريك تايلور المؤسس الأول لحركة الإدارة العلمية ، ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في البداية عاملا في مصنع ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا ، ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي للاستشاريين من المهندسين في احد المصانع الأمريكية ن وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج من خلال ما يعرف بدراسة الزمن والحركة . ويحدد تايلور مبادئه في الإدارة العلمية على النحو التالي: أ*- إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من اسلوب الحدس والتقدير ، وذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا ، واختبار أفضل طرق الأداء ، وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى ، والمدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه. ب - إحلال الأسلوب العلمي في اختيار وتدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية . ج - تحقيق التعاون بين الإدارة والعاملين من اجل تحقيق الأهداف. د -تحديد المسئولية بين المديرين والعمال ، بحيث تتولى الإدارة التخطيط والتنظيم ، ويتولى العمال التنفيذ. هـ - ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية . و - إحكام الإشراف والرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه الذاتي. ز - وفي الوقت نفسه نجد أن هناك دراسات أخرى حول أهمية المدخل العلمي للإدارة في حل المشكلات الإدارية ، ففي الوقت الذي كان فيه تايلور ينادي بالإدارة العلمية في أمريكا ، كان هنري فايول ينادي بمبادئ الإدارة في فرنسا ، ويهمنا في حياة العامل هنري فايول العملية أن كان في البداية مهندسا في شركة تعدين ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مديرا تنفيذيا ، ثم أصبح على قمة الهرم ( مديرا) لذلك نجده يركز أبحاثه حول إدارة الموظفين باعتبارهم المفتاح السحري للنجاح وتطبيقها في مختلف المستويات الإدارية مكونا بذلك الأساس للنظرية الإدارية وهي : - تقسيم العمل : وهو مبدأ التخصص وتقسيم أوجه النشاط سواء كان ذلك في مختلف العمليات أو العملية الواحدة. - مبدأ السلطة والمسئولية : والسلطة كما يراها فايول تتكون من عنصرين : السلطة التي يستمدها الفرد من وظيفته، والسلطة الشخصية التي يستمدها من قوة ذكائه وخبرته وخلقه. - مبدأ النظام والتأديب : أي ضروري احترام النظم واللوائح ، وعدم الإخلال بالأوامر. - مبدأ وحدة الأمر : أي يجب أن يحصل الموظف على أوامره من رئيس أو مشرف واحد. - مبدأ وحدة التوجيه : رئيس واحد وخطة واحدة لمجموعة من النشاطات التي تتماثل في الهدف . - مبدأ المصلحة العامة : أي خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة. - المكافأة : أي تعويض الأفراد المستخدمين تعويضا عادلا باستخدام المكافآت . -مبدأ المركزية : ويقضي بتركيز السلطة في شخص معين ، ثم تفويضها حسبما تقتضي الظروف. - مبدأ تدرج السلطة : أي تسلسل السلطة من أعلى الرتب إلى أدناها. - مبدأ الترتيب والنظام : أي أن يكون هناك مكان معين لكل شيء ولكل شخص ، كما يجب أن يكون كل شيء وكل شخص في مكانه الخاص به. - مبدأ المساواة : وهو خاص بحصول الرؤساء على ولاء المستخدمين عن طريق المساواة والعدل. - استقرار العاملين : أي شعور العاملين بالراحة والاستقرار في عملهم ، وكذلك الاطمئنان على مستقبلهم ، والتأمين ضد ما قد يتعرضون له من الطرد والعقوبة بدون مبرر. - مبدأ المبادأة : أي البدء في رسم الخطط وتنفيذها ، وعلى الرؤساء إيجاد روح المبادأة بين المرؤوسين. - مبدأ روح التعاون : تشجيع روح الفريق والعمل الجماعي. ومن أهم ما كتب فايول " عناصر الإدارة" أو ما يسمى بنظرية " التقسيمات الإدارية " واعتبرها فايول وظائف الإدارة ، ويرى أن عناصر الإدارة خمسة وهي: - التخطيط : ويقصد به التنبؤ ، ووضع الخطة ، وخطة العمل هي في نفس الوقت تحديد الوقت ، والنتائج المرجوة ، والطريق الذي يجب أن يتبع ، وخطوات العمل. - التنظيم : إمداد المشروع بكل ما يساعده على تأدية وظيفته مثل المواد الأولية ، رأس المال ، والمستخدمين. - إصدار الأوامر : إشارة البدء بالعمل والتنفيذ. - التنسيق : لم ينجح فايول في فصل عنصر التنسيق عن وظيفتي التخطيط والتنظيم ، فيرى أن التنسيق هو ترتيب وتنظيم الجهود من أجل الوصول إلى الهدف ، وفي حقيقة الأمر أن كل عملية الإدارة ـ التخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ما هي إلا تطبيق لمفهوم التنسيق. - الرقابة: عملية الكشف عما إذا كان كل شيء يسير حسب الخطة الموضوعة والإرشادات والأوامر الصادرة والمبادئ والأصول المقررة. ولقد اتفق مع فايول علماء كثيرون في تحديد وظائف الإدارة ، وأضافوا عناصر أخرى لتطوير النظرية الإدارية لتصبح (7) سبع وظائف مثل لوثر جوليك ، وكذلك لندل أوريك، وهي التخطيط ، التنظيم ، التوظيف ، التوجيه ، التنسيق ، التسجيل ، وضع الميزانية. ومن خلال العناصر الإدارية نلاحظ أن اهم ثلاثة عناصر أشار إليها جوليك موجودة عند فايول وهي : التخطيط ـ التنظيم ـ التنسيق ، وأن عنصر الرقابة عند فايول قد شمل التسجيل ووضع الميزانية عند جوليك. وفي سبيل الوصول إلى الكفاءة وزيادة الإنتاج ، ووضع معايير جديدة لنظرية التقسيم الإداري نجد عددا من العلماء قد اهتموا بدراسة التخطيط ـ التنظيم ـ الرقابة مثل هربرت سيمون وهوايت. الفرق بين أفكار تايلور وأفكار فايول:

من خلال أفكارهما يمكننا الخروج بحقيقة أساسية وهي : 1- أن تايلور اهتم بأساليب الإدارة على مستوى التنفيذ ، أما فايول فقد اهتم بالإطار العام لموضوع الإدارة دون الدخول في التفاصيل ، وتعتبر أفكارهما مكملة لبعضها باعتبارهما يركزان على الكفاءة في المشروعات. 2- اهتم تايلور بالمستوى الأدنى من الإدارة في الصناعة ( العاملين) ، في حين اهتم فايول بالمستوى ألأعلى ، وكان اهتمامه منصبا على المدير . 3- أكد تايلور على تنميط مبادئ الإدارة العلمية وتطبيقها المتشدد ، في حين يرى فايول أن المدراء لابد أن يتمتعوا بالشعور والانسجام والمرونة حتى يستطيعوا تكييف مبادئهم حسب المواقف المتجددة. وقد أصبحت الإدارة العلمية حركة عالمية بعد عقد أول مؤتمر للإدارة في براغ عام 1924م إلا أنها واجهت فيما بعد نقدا شديدا وأخذت عليها بعض المآخذ من أهمها: 1- نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد ، يلتزم بالقوانين والأنظمة ، وأنه إنسان مادي سلبي ، وغير محب للعمل بطبعه ، ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة. 2- تجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري والعاملين ، وبين العاملين وبعضهم البعض ، وبين العاملين والسلطة. 3- لم تهتم بالحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية للفرد والعامل ، ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من أدوات الإنتاج. 4- ركزت على السلطة والقوانين الرسمية ، ولم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وغيرها. وعلى الرغم من النقد الذي وجه للإدارة العلمية إلا أنها هيأت لميادين العمل كثيرا من النجاح، كما كان لها تأثير قوي على الفكر الإداري ، والممارسة الصناعية ، ومن محاسنها أنها لم تتحيز لأي من العمال أو أصحاب العمل ، وأيضا ، إحلال الأسلوب العلمي في الإدارة بدلاً من الاعتماد على الحدس والتخمين. 2 - المدرسة السلوكية ( 1935 ت 1950) .

تعتبر هذه المدرسة تحديا للمدرسة الإدارية ورد فعل للإدارة العلمية ، حيث ترى هذه المدرسة أن الفرد كائن اجتماعي يتفاعل مع البيئة الاجتماعية ، ويتأثر بأفرادها سلوكاً ، وأن شعور الفرد وإحساسه بانتمائه لهذه المجموعة هو الأساس الذي يدفعه ويحفزه للعمل والعطاء ، حيث ركزت على سلوك الإنسان ، وحاجاته النفسية والاجتماعية ، واهتمت بالعلاقات الإنسانية داخل التنظيم ، وبالتنظيم غيرا لرسمي للمنظمات. وتعتبر ماري باركر أول ما اهتمت بدراسة العلاقات الإنسانية في الإدارة وأولت اهتماما كبيرا بالجانب السيكولوجي فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للتنظيم الإداري. بيد أن حركة العلاقات الإنسانية في الإدارة ترتبط أكثر ما ترتبط بجورج إلتون مايو ، حيث قام إلتون وزملاؤه بتجاربهم في مصنع هوثورن في إحدى شركات الكهرباء الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الدراسة تنصب حول : فهم السلوك الإنساني في المنظمة ن العلاقات الإنسانية ، الصلات بين الأفراد ، الاتجاهات النفسية ودوافعها ، وقد بدأت الدراسة بالتركيز على : ظروف العمل والإجهاد ، والعمل الرتيب ( الروتين) والتكرار فيما يختص بالعاملين ، وكانت الدراسة تهدف إلى الوصول إلى معرفة واضحة عن هذه العلاقات بتقييم موقف تجريبي يمكن قياس اثر المتغيرات مثل الحرارة والرطوبة وساعات العمل منفصلة عن أثر ظروف العمل المفروضة على العاملين ، أي معرفة أثر كل عامل من عوامل ظروف العمل ذاته ، وأجريت الدراسة الأولى على ثلاثة أقسام في المصنع ، وكان الضوء يزاد ويخفض في هذه الأقسام ، غير أنه لم تتبين أي علاقة للضوء بالإنتاج ، ثم اختبر أحد الأقسام لتجارب أعمق من ذلك، وقسم العاملون في هذا القسم إلى جماعة تجريبية وجماعة ضابطة ، كل منهما في مبنى مختلف ، وترك العمل على طبيعته في المجموعة الضابطة ، بينما كانت ظروفه تتغير مع المجموعة التجريبية ، فكانت الإنتاجية تزيد مع هذه المجموعة كلما زاد الضوء ، ولكن الأمر الغريب أن الإنتاجية زادت بنفس القدر مع المجموعة الضابطة وأعيدت التجربة مع مجموعتين أخريين ، إحداهما تجريبية والثانية ضابطة، واحتفظ بمستوى الضوء في المجموعة الضابطة بصفة مستمرة ، بينما خفض في المجموعة التجريبية ولكن لمجرد إحساس أعضائها بأنهم محل اختبار ، وعلى ذلك أمكن استنتاج أثر العامل المعنوي على زيادة الإنتاج ، وكان أهم ما أثبتته هذه الدراسات: أ - وجود علاقة بين ظروف العمل المادية وبين إنتاج العاملين ، وتأثرها بالمتغيرات وكذلك الظروف الاجتماعية وبخاصة الرضا النفسي للعاملين. ب*- أظهرت جوانب متصلة بالعملية الإدارية : الروح المعنوية ، دينامكية الجماعة ، الإشراف الديمقراطي ، العلاقات الشخصية. ج - تأكد أهمية الظروف الاجتماعية والنفسية لتحفيز العاملين لرفع معنوياتهم وزيادة حجم الإنتاج. د - ارتباط الجو الإشرافي بنجاح المؤسسة. هـ - أهمية الاتصالات بين ألإفراد. و ـ أهمية تطوير مهارات العاملين. ز - النواحي المادية ليس لها أهمية إلى جانب النواحي المعنوية والاجتماعية . وقد ظهر على أثر لذلك دراسات هامة في مجال علم النفس الإداري ، كان من أهمها دراسة ماسلو الذي وضع سلما هرميا للحاجات الفردية ، وقد ظهرت اتجاهات هذه المدرسة في نظريتين: 1- نظرية التنظيم غير الرسمي. 2- نظرية العلاقات الإنسانية. ويقوم التنظيم غير الرسمي بدراسة العلاقات والتفاعلات بين أعضاء المنظمة بعضهم البعض وبينهم وبين الإدارة. أما العلاقات الإنسانية فتعرف بأنها الدارسة التي تعني بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية للعاملين، بهدف تحقيق الأهداف العامة للإدارة والخاصة بالعاملين ، إلا أن بعض البحوث الأخيرة أثبتت أن العلاقات الإنسانية وإن كانت عاملا مهما في الإدارة إلا أنها ليست كافية ، ومن ثم بدأ الاهتمام بالعلاقات الإنسانية يقل ن ويتركز الاهتمام حول ما يسمى بالنظرية في الإدارة ، بل إن الحملة ضد العلاقات الإنسانية بلغت ذروتها على يد مالكولم ماكير ، حيث قام في الستينات بهجوم واسع على انتشار العلاقات الإنسانية في مقالة له ، وأبدى قلقه تجاه الاهتمام الزائد بالعلاقات الإنسانية على حساب أداء العمل وإتقانه. وقد أخذ على هذه المدرسة مآخذ منها: 1- أنها اتجهت اتجاها متطرفا نحو الاهتمام بالجانب الإنساني على حساب التنظيم الرسمي والجانب العملي للمنظمة. 2- أغفلت تأثير البيئة الخارجية على سلوك المنظمة ، ومن ثم أخذت المنظمة كوحدة مستقلة ومنعزلة لا كجزء من نظام اجتماعي متكامل.
3- أهملت مشكلة التخطيط والتنسيق. ورغم ما يقوله النقاد فلا يزال لهذه المدرسة مزاياها، فهي أول من كشف النقاب عن الروابط الدقيقة التي ترتبط بين الظاهرة الاجتماعية والمستويات التنظيمية ، وبين الفرد والجماعة ، كما أنها شكل من التنظيم الذي يسمح للأفراد بتحقيق الذات ، ويحرك فيهم من داخلهم كل دوافع الاهتمام بعملهم. 3 - المدرسة الحديثة في التنظيم. ظهرت هذه المدرسة كنتيجة للنقد الذي وجه لكل من النظريات التقليدية الكلاسيكية ( العلمية ) ، والعلاقات الإنسانية ، وكانت تهدف إلى إيجاد نظرية تنحى منحى متوسطا بين المدرسة العلمية والعلاقات الإنسانية ، ومن أهم نظريات هذه المدرسة:ـ 1- نظرية التوازن الوظيفي. 2- النظرية السلوكية التحليلية. تدعو نظرية التوازن الوظيفي إلى محاولة تحقيق التوازن بين مصلحة الأفراد والمصلحة الخاصة بالمنظمة ، فهي تهتم بالعمل والعاملين في آن واحد ، ويعتبر شستر برنارد ، وهربرت سيمون في مقدمة رواد هذه المدرسة. أما النظرية السلوكية التحليلية فإنها قامت على نقد الاتجاه المتطرف في التركيز على الناحية الإنسانية للأفراد العاملين ، ونادت بعد المبالغة في ذلك ، ومن ثم فهي تهتم بالجانب العملي في الوقت الذي تهتم فيه أيضا بمراعاة الجوانب الإنسانية ، وكانت نتائج التجارب التي قام بها ليكرت والتي أكدت عدم وجود علاقة طردية بين ارتفاع الروح المعنوية وزيادة الإنتاج عاملا فاعلا في ظهور تلك النظرية.