بالإضافة للموظفين التقليديين أصبحت كثير من الشركات في الغرب تعتمد على العمال المؤقتين والمتعاقدين المستقلين والمستشارين, وهؤلاء العاملون قد:
- يرتبطون بالشركة بشكل مستقل أو من خلال شركة توظيف أو شركة استشارية.
- يبقون لفترات متفاوتة من الوقت تتراوح من يوم واحد إلى عدة سنوات.
- يقدمون خدمات مختلفة بدءًا من الأعمال المكتبية وانتهاء بمهام تتطلب مهارة عالية في المشروعات المختلفة.
ومع كل هذه المتغيرات لم يعد مستغربًا أن يسعى خبراء الموارد البشرية للتحكم في من يكون ضمن قوة العمل غير التقليدية، وكم يجب أن تكون نسبة هؤلاء من قوة العمل.
وعلى الرغم من أن ظاهرة العمال المؤقتين ليست جديدة، وقد اعتمد كثير من أصحاب العمل على هذا النوع من العمالة منذ عقود، فإن خبراء العمل يقولون إن قوة العمل غير التقليدية أصبحت اليوم أكبر حجمًا وأكثر تنوعًا. ويحاول خبراء الموارد البشرية إيجاد مصطلح جديد يواكب وضع العمالة غير التقليدية في مواقع العمل، فبينما ما زال بعض الخبراء يشير لهذه الفئة من العاملين بالعمالة «الطارئة» أو «العارضة» (Contingent) فإن البعض الآخر يرى أن هذا المسمى لا يمثل بشكل صحيح علاقات شركاء العمل والمستشارين.
وبينما اضطرت كثير من الشركات والمؤسسات إلى تخفيض عمالتها، وترددت في توظيف عاملين جدد بسرعة مع ظهور بوادر تحسن الوضع الاقتصادي، فإن العمال المؤقتين سدوا هذه الفجوة، ولاحظ الخبراء تحولاً في الأسلوب الذي لجأت إليه الشركات لملء الشواغر الجديدة.
والتكنولوجيا أيضًا لعبت دورًا مهمًا في طرفي هذه المعادلة، فهي ساعدت على التوسع في قوة العمل غير التقليدية، ووفرت الوسائل التي يحتاجها أصحاب العمل لتعزيز مصادرهم من الكفاءات المطلوبة للعمل.
وفي الولايات المتحدة تصنف معظم نظم إدارة العمالة غير التقليدية تحت عنوان «نظم إدارة البائع» (VendormanagementsSystems).
وتحت هذه الفئة هناك معسكران رئيسيان: أولئك الذين يركزون بصفة خاصة على العمالة البشرية، وأولئك الذين يديرون العمالة كجزء من حل مشتريات أشمل. وبعض الأنظمة مستقلة ويمكنها إدارة بائعين متعددين، بينما نجد بعض شركات التوظيف تعرض أنظمة ملكية لزبائنها. ويضاف لهذه المتاهة موفرو الخدمة المدارة والذين يطلق عليهم أيضًا شركاء الخدمة المدارة، وهذه في الغالب شركات تقدم حلولًا تعتمد على برمجيات كمبيوتر تستخدم داخل الشركة.
إن أنظمة إدارة البائع موجودة منذ عقد على الأقل، لكن قدراتها توسعت وتعمقت ردًا على التغيير في بيئة قوة العمل. ويقول الخبراء إن الحاجة ازدادت مؤخرًا بشكل كبير لأن الركود الاقتصادي أدى إلى تشديد القيود على تكاليف العمالة. وتطبيق مثل هذا النظام يسمح لقادة العمل برؤية الحجم الكلي لعمالتهم المؤقتة، وفي بعض الحالات استخدام هذه المعلومات للتفاوض على تخفيض كلفة العمالة مع وكالات التوظيف.
في شركة «آيتنا/ Aetna» للتأمين الصحي في «هارتفورد» في الولايات المتحدة, درج المسؤولون عن التوظيف على إدارة العمالة المؤقتة بطريقتهم الخاصة، لكن منذ 2001م استخدمت الشركة نظام إدارة بائع من إنتاج شركة «بروكيور ستاف تكنلوجيز»، وهي فرع لشركة «غولت لعلوم المعلومات» مقره نيويورك. ويقول المسؤولون في شركة «آيتنا» إنهم كانوا يلجؤون لشركات التوظيف قبل تطبيق هذا النظام، ويتفاوضون بشأن التعيينات، ولم تكن هناك مناقصات منافسة. أما الآن فإن الاتفاقيات مع شركات التوظيف تتم من خلال مناقصة منافسة، ثم يتم إدخال شروط العقود النهائية في نظام إدارة البائع.
إن مثل هذا النظام يمكن أيضًا أن يساعد أصحاب العمل على معايرة السياسات والإجراءات والتأكد من تطبيقها في كل مرة ينضم موظف مؤقت إلى فريق العمل.
وعامل آخر وراء الطلب المتزايد على أنظمة إدارة البائع كان الزيادة الملحوظة فيما يعرف بعقود نطاق العمل، وهذه العقود مخصصة للمشروعات بعيدة المدى مع شركات تكنولوجيا المعلومات والشركات الاستشارية العاملة في مجال المحاسبة. والموظفون غير التقليديين الذين تغطيهم هذه العقود قد يعملون في موقع العمل لمدة عام أو أكثر. ويقول أحد خبراء الموارد البشرية إن هناك إدراكًا متزايدًا لقواعد العمل في خدمات تعتمد على المشروعات، وإن خدمات نطاق العمل كثيرًا ما تعاني من سوء الإدارة. وفي السابق لم تكن أنظمة إدارة البائع تتعاطى مع تعقيدات مثل هذه العلاقات في مواقع العمل، أما اليوم فإن هذه الأنظمة توفر قدرات متقدمة وتعالج كل هذه القضايا، وتمكن أصحاب العمل من تتبع وقت العمال مقابل مراحل إنجاز المشروعات، بالإضافة لإدارة المواد والمعدات والتراخيص المرتبطة بالمشروعات. كذلك فإن هذه النظم قد تم تعزيزها من المنظور الأمني، فأصحاب العمل يحتاجون لمعرفة من هم هؤلاء العمال غير التقليدين لأن هؤلاء العاملين سيطلعون بحكم عملهم على إمكانات ونظم الشركة أو المؤسسة، ولذلك فإن من المهم جدًا من ناحية أمنية التأكد منهم ومن إنهاء وصولهم إلى مواد وأنظمة الشركة في الوقت المناسب.
إن مسؤولي إدارة الموارد البشرية في الشركات الأمريكية لديهم دائمًا هاجس الالتزام بقوانين العمل الفيدرالية التي تحدد من هم المتعاقدون المستقلون ومن هم الموظفون. وفي السنوات الأخيرة أصبح التمييز صعبًا بين الفئتين مما يجعل الشركات عرضة لسوء تصنيف موظفيها وما يترتب على ذلك من مطالبات، واستخدام نظام إدارة البائع يمكن أن يحل هذه المشكلة من خلال إطلاق إشارات تنبيه للمدراء عندما تقترب عقود العمال غير التقليدين من الانتهاء.
ويقول أحد خبراء الموارد البشرية في الولايات المتحدة إن المزيد من المنظمات والشركات العالمية أصبحت تسعى لأن يكون لديها رصيد من العمالة «الطارئة» يكون مصدرًا يمكن الاعتماد عليه واللجوء إليه عند الضرورة. ولابد من معرفة الكفاءات المطلوبة ومقارنة مهارات الموظفين النظاميين بمهارات العمال المؤقتين. وتستخدم بعض الشركات في الولايات المتحدة نظام إدارة بائع مرتبط بنظام لإدارة الكفاءات يمكن الموظفين النظاميين والموظفين غير التقليدين من إعداد ملفات شخصية توضح خبرتهم ومهارتهم.
وفي الماضي كانت أنظمة إدارة البائع تعاملية في الغالب (Transactional) وتجعل عملية التوظيف أتوماتيكية، أما الأنظمة الحالية فهي تحتفظ بتلك الفعالية، لكنها تضيف أدوات استخبارات تجارية فعالة، حيث تسمح المعلومات لمدراء الموارد البشرية بالمقارنة بين الموردين وتحديد نمط علاقات العمل الأكثر فعالية، وتتبع الأنماط المختلفة فيما يتعلق بحجم التوظيف والمصروفات.
ومثلها مثل معظم تكنولوجيا إدارة الموارد البشرية فإن معظم هذه الأنظمة متوفر على هيئة برامج كمبيوتر تعتمد على الإنترنت، وتختلف أسعارها حسب تعقيدات مهام النظام والعلاقة مع مقدم الخدمة. ويطلب معظم المزودين نسبة مئوية من تكلفة العمالة المؤقتة السنوية للزبون. وبصفة عامة يقول الخبراء إن نظام إدارة البائع يبدأ في تحقيق الجدوى الاقتصادية عندما تصل المصروفات من 1-5 ملايين دولار سنويًا، لكن هناك عوامل أخرى تؤثر قبل أن تصل الميزانية هذا إلى الرقم. فأحد الخبراء يقول إنه في بعض الصناعات وفي بعض بيئات العمل التي تتميز بتنوع كبير في قوة العمل، فإن نظام إدارة البائع يمكن أن يكون مفيدًا حتى إذا كانت العمالة غير التقليدية تشكل 5-10٪ فقط من قوة العمل الكلية. وذكر بعض الخبراء أن التوفير الذي تحقق والشفافية العالية فيما يتعلق بالتكلفة كثيرًا ما تعوضها كلفة النظام منذ العام الأول لتطبيقه.
ومع اتجاه أصحاب العمل للبحث عن طرق أكثر إبداعًا وأقل تكلفة لزيادة الفعالية، فإن الطلب على حلول توظيف أكثر مرونة سيزداد.
وفي الوقت نفسه يريد قادة العمل مزيدًا من المعلومات ومن السيطرة على الأشخاص الذين يصلون إلى معلومات وأصول منظماتهم وشركاتهم، ويعتقد الخبراء أن نظم إدارة البائع يمكن أن تلبي كل هذه الاحتياجات.

المصدر بتصرف عن مجلة (HR) الأمريكية أغسطس 2010م