وعلاقتها بالتنمية البشرية المستدامة
الحكم هو ظاهرة كونية تتواجد في جميع المجتمعات بدائية كانت أم سائرة في طريق النمو أم متقدمة . إلا أنه لا يقود بالضرورة إلى التنمية البشرية . وذلك هو السبب الذي يستدعي تحديد إطار مفهومي يربط بين الحكم الصالح ومقوماته وخصائصه المطلوبة وبين إمكانية تحقيق التنمية البشرية للجميع وبدون إقصاء . ووفق الرؤية الاستراتيجية التي عمل على تطويرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن خصائصه تتحدد بالآتي:
المشاركة الشعبية الفاعلة : جميع الرجال والنساء على حد سواء لهم الصوت المسموع والمؤثر في اتخاذ القرار . ومثل هذه المشاركة الواسعة مبنية على قاعدة شرعة حقوق الإنسان التي تضمن حرية التعبير والاجتماع.
حكم القانون ودولة المؤسسات : تطبيق الأطر والنصوص القانونية بصورة عادلة وبدون أي إقصاء بين أفراد المجتمع وبشكل يشتق أصوله من قوانين السلامة العامة والأمن المجتمعي وحقوق لإنسان
الشفافية : ضمان التدفق والتبادل الحر للمعلومات وبحيث أن المؤسسات ومعاملاتها وحساباتها تصبح متاحة بصورة مباشرة لذوي الشأن وأن يتم توفير معلومات كافية وشاملة عن أداء المؤسسات العامة والخاصة كي يمكن متابعتها ومراقبتها .
الجاهزية والاستجابة : المؤسسات والعمليات العامة تخدم المواطنين وأن القائمين عليها هم في خدمة المواطن .
التوجه نحو الاجماعية : جميع المصالح الخلافية يتم التوسط فيها للوصول إلى إجماع واسع حول ماذا يعني النفع العام للوطن وللجماعات المحلية ، وماذا تعني السياسات والإجراءات المتبناة لتحقيق ذلك.
العدل الاجتماعي : جميع المواطنين (رجالاً ونساء) لديهم الفرص الحياتية لتحسين أوضاعهم مع وضع سياسات ذات أولوية لاستهداف تحسين أوضاع الفئات المحرومة من أجل ضمان إشباع حاجاتهم الأساسية وضمان أمنهم المجتمعي .
الفاعلية والكفاءة : العمليات والمؤسسات العامة تفرز مخرجات ونتائج لمقابلة حاجات الجماهير مع الالتزام الأكيد والصارم بتوظيف الموارد الوطنية بالشكل الأمثل وبما يضمن إعادة إنتاجها واستدامتها.
المُسائلة : جميع متخذي القرار سواء في إطار الدولة أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع يتعرضون للمحاسبة أمام الرأي العام ومؤسساته .
الرؤية الاستراتيجية : تتحدد الرؤية التنموية من قبل مؤسسات المجتمع والدولة من خلال منظور بعيد المدى لعملية التطوير المجتمعي والحكم الصالح والتنمية البشرية ، مع توفير الوضوح في رسم البدائل واختيار الأفضل من بينها الذي يأخذ بالاعتبار المتغيرات المحلية والدولية الحالية ومستقبلها في المدى المنظور .
الشرعية : ضمان شرعية السلطة من خلال أُطر مؤسسية وقانونية واضحة ومن خلال القرارات المحددة التي تقرر المعايير المؤسسية والعمليات والإجراءات المقبولة والمتفق عليها اجتماعياً .
الحرص في التعامل مع الموارد : ضمان استغلال الموارد وتسييرها واستخدامها بالشكل الذي يساعد على رفع المستويات المعيشية والرفاه للمواطنين على امتداد أجيال متعاقبة ، والابتعاد عن الأنانية للجيل الحالي.
البيئة السليمة : ضمان حماية البيئة وإعادة إحيائها وتجديدها من خلال تحقيق الاستدامة في الاعتماد على الذات.
التمكين والاقتدار : جميع القواعد الأساسية في المجتمع يتم تمكينها من القوة والفعل لتحقيق غاياتها المشروعة وان يتم ضمان البيئة الملائمة لتعظيم نجاحات تلك المبادرات وتحقيق الوضع الأفضل للمجتمع.
الشراكة : الحكم الصالح لايعني بأية حال استئثار الحكومة بادراة شؤون المجتمع حيث أن ذلك هو من مسؤولية جميع الشرائح الاجتماعية والفواعل الأساسية في المجتمع . ويتطلب ذلك توفير اطر واليات مؤسسية لتحقيق الشراكة بين القطاع العام والقطـاع الأهلي ومؤسسات المجتمع .
اللامركزية : الحكم الصالح يأخذ بالاعتبار التوزيعات المكانية للجماعات المحلية ويؤكد على أن النظام الإنساني متعدد المستويات بطبعه ويقترن بمبدأ التنظيم الذاتي وفق تقرير المصير على كل مستوى ، مما يستوجب الاعتراف بذلك ووضع الجماهير في مركز اتخاذ القرار المحلي من اجل الاعتماد على الذات وتحقيق الاستقلالية في رسم السياسات وتحديد أهداف وبرامج التنمية بما يلائم شروط الجماعة المحلية .