الرقابة مرة ثانية وثالثة ورابعة
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد



تعتبر الرقابة احدى حلقات النشاط الاداري وهي تاتي في اخر مراحل النشاط الاداري وكل شيء خاضع للرقابة من باب المؤسسة والادارة حتى راس الهرم ولا يخلفها سوى المسؤولية التي تاتي نتيجة لها
وللرقابة تاريخ طويل كسائر تفرعات ومظاهر الحكم تولدت في عصور النهضات السياسية والاجتماعية وكانت متناسبة في عمقها وجديتها مع قوة هذه النهضات
• فقد وجدت في الاسلام وسميت الحسبة وغرضها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجد ديوان المظالم وهو اشبه بالقضاء الاداري اليوم والرقابة القضائية على اعمال الادارات الحكومية
• وفي الدول الاوربية تولدت الرقابة مع مبدا حكم الشعب وفور تولي الشعوب سلطات التشريع وانقلاب اهداف الحكم وتوجهها نحو الشعب اصبح من لوازم هذه المهمة الجديدة ممارسة الرقابة على الجهاز المنفذ للتأكد من سيره في مسار الاهداف والمثل والطرق التي رسمها الشعب عن طريق ممثليه واول اشكال هذه الرقابة مسؤولية الحكومة امام المجالس واغلب الدساتير تنص على رقابتين :
- مسؤولية مسبقة تتمثل بالثقة التي تمنح للحكومة لدى توليها الحكم بناء على البرنامج الوزاري الذي تتقدم به إلى المجلس قبل ممارسة مهمتها
- مسؤولية مرافقة تمارس اثناء الحكم على ضوء الاعمال التي تقوم بها وذلك بطريق الاستجواب أو السؤال أو حجب الثقة التي منحت
- تستعين السلطة التشريعية التي تمثل الشعب بوسائط واجهزة متخصصة للرقابة الدورية والمتقطعة والفورية والانتقائية وحتى تستطيع اجهزة الرقابة اداء واجبها بعالية وصدق يجب إن تتميز بما يلي :
- 1- الكفاءة العلمية التي تمكنها من فهم النصوص التشريعية فهما صحيحا وعميقا يصل إلى اغراضها الحقيقية
- 2- النظافة الاخلاقية التي تناى بها عن المغريات وسائر اشكال التحيز
- 3- الاستقلال عن السلطة التنفيذية الذي يحميها من سلطة التاثير والخوف
- 4- المهارة الفنية التي تؤهلها لادراك التصرفات الحكومية وتمييز الصحيح من الفاسد منها
- 5- هناك رقابة الصحافة ورقابة الهيئات المحلية والشعبية ورقابة الاحزاب السياسية ورقابة الحكومة نفسها ضمن الادارة الواحدة وبشكل عام هدف كل وسائل الرقابة :
- التاكد من إن التصرف والتنفيذ يسيران في طريق الاهداف التي وضعت من اجله التشريعات والانظمة بشكل سليم وبقدر جيد من الكفاءة ومن اجل التوصل إلى ذلك الاهدف يجب إن تتوفر شروط هامة اهمها :
- * الاهداف
يجب إن تكون اهداف الرقابة واضحة محددة والا تكون تكون مهمة المراقب مثل العسكري الذي يشرف على المحكومين بالاشغال الشاقة يأمرهم بنقل الاحجار إلى مكان اخر ثم اعادتها إلى مكانها الاول
- * انظمة تطبيقية سليمة
أي المقصود هنا الرقابة الاقتصادية أي الوصول إلى الهدف باقل جهد وكلفة
- * كفاءة الاجهزة
مهما بلغت التشريعات والانظمة والخططمن الاتقان فان سلامة الناتج من تطبيقها منوطة بكفاءة الاجهزة المنفذة
- * الوسائل اللازمة للتنفيذ
كل لوازم العمل لاسيما السيارات والمخابر والادوات الفنية والمحللون وغيرها والرواتب
- * كفاءة جهاز الرقابة :
- الرقابة اعلى من العمل التنفيذي ومفهوم الرقابة الحديث يعني ترشيد وتقويم العمل الحكومي وتحديد الاهداف القريبة والبعيدة وترتيب الاولويات ووضع اولويات ضمن الاولويات وتسلسل زمني وتكاليف مالية ومستلزمات مادية وبشرية والرقابة مهمة جدا اليوم بعد إن امتد نشاط الدولة إلى كل المجالات الحيوية ويجب مراقبة :
- 1- الخطة
- 2- تنفيذ الخطة
- -3- الانفاق المالي
- 4- الموازنة
- 5 التعيين
- 5- الانتقاء
- -6- التدريب
- 7 –اجراء موازنة بين تكلفة المشروعات عندنا وعند الغير
المفهوم الحديث للرقابة
خرجت الرقابة من مفهومها التقليدي البوليسي المستندي الذي يهتم بالضبط والمنع والاتجاه السلبي وسلكت اتجاه الرقابة الايجابية البناءة التي تتعلق باغراض التنمية حيث توجه الاهتمام إلى :
- التاكد من سير عملية التنمية نحو الاهداف
- استعمال الموارد بشكل سليم وعدم تبديدها
- الحد من الهدر والاسراف الحكومي
- محاربة الفساد والفاسدين
- تطوير وتحسين العمل الاداري
- تحقيق الكفاية والفعالية الانتاجية
- ابعاد النشاط الحكومي عن الاهواء والتيارات التي تحيده عن غاياته
- يجب إن لا يبقى شيء دون رقابة أي شمولية الرقابة
- يجب تفعيل عمل اجهزة الرقابة الداخلية
- يجب الحاق عمل اجهزة الرقابة برئاسة الجمهورية نظرا لما يتمتع به موقع الرئاسة من حرص على الوطن والمال العام وخدمة الناس
- يجب تغيير توقيت الرقابة وتفعيل عمل كل اشكال الرقابة الادارية والقضائية والمالية والتفتيشية والسياسية
- يجب مراقبة المراسيم والقرارات والقوانين وتقييم تطبيقها واعلام رئاسة الجمهورية بالخلل للمعالجة السريعة والفورية
- إن تبعية اجهزة الرقابة للحكومة امر غير سليم واثر سلبا على عملها وفعاليتها لذا نقترح هنا :
• الحاق جهاز الرقابة المالية باعلى سلطة في الدولة لان الرقابة لدينا لم تاخذ شكلها السوي ولم تمنع هدر ونهب المال العام ويجب اسدال الستار على الصور السابقة غير السليمة للرقابة ووضع تشريع جديد يحقق الاغراض السامية للرقابة المالية تستقى من مقاصدها العلمية ومن ممارستها في الدول الاخرى العريقة وخاصة الشقيقة مصر التي بلغت مستوى مرموق من حيث التشريع والتنظيم والممارسة
• اخيرا نقول إن طرق المعالجة الجزئية الجانبية لا تؤدي إلى استئصال الداء من جذوره على اساس إن الاصلاح الكامل لا يأتي بطريقة الترقيع أو الترميم انما يكون باقتلاع الطرق المريضة من اسسها ووضع طرق جديدة منبثقة من العلم الصحيح حيث يقوم في الوقت الحاضر علم الادارة العامة بمهمة التنظيم السليم للادارة الحكومية لذا يجب اعتماد قواعد هذا العلم في التعيين والرقابة والانتقاء والترفيع والاختيار والتدريب وادارة شؤون العاملين والتحفيز والتطوير وتسمية كبار الموظفين والمحافطين ونحن اليوم نطرح مشروعا تحديثيا تطويريا كاملا للدولة يجب إن يؤسس على مبادئ علم الادارة العامة وادارة الاعمال ومبادئ الادارة الحديثة حتى نحصل على نتائج طيبة وجيدة ونطور الادارة العامة السورية
• يجب وقف التخبط العشوائي المرتجل في التنظيم الحكومي الذي يسئء إلى الفرد والى الدولة ويستهلك منها قدرات ثمينة اولى بها إن توجه إلى الاعمال المنتجة النافعة
• نرجو إن تتخذ خطوات جدية للاستفادة من خريجي المعهد الوطني للادارة العامة لا سيما لموقع المحافظين لان الادارة المحلية تحتاج إلى خبرات متخصصة وهانحن ننشر كل مانتعلمه في هذه المؤسسة العلمية المتخصصة في الادارة علنا نقدم فائدة للقراء وللبلد
هل يمكن تفعيل دور اجهزة الرقابة ؟

- لقد شدد الرئيس الشاب بشار الاسد الامين القطري للحزب على تفعيل دور اجهزة الرقابة في الكلمة الختامية لاعمال المؤتمر القطري العاشر للحزب في سورية والذي لا شك نقلة نوعية وقفزة في بعض المجالات بينما بقيت التوجيها التوصيات في المجالات الاخرى
- لا بد من الاشارة الى ان عملية التطوير والتحديث التي اطلقها قائدنا الشاب رمز التطور والحداثة والازدهار تنبع من الاحساس العالي بالمسؤولية تجاه الوطن الذي اعطى لنا الكثير وعلينا دائما ان لا نسأل ماذا اعطانا الوطن بل ماذا اعطينا للوطن ؟
- لا بد من الاشارة الى ان الرئيس الشاب لا يملك العصا السحرية لاصلاح كل شيء بل لا بد من ان يقوم كل فرد وكل جهة بدورها والجميع يتكاملون فيحدث الاصلاح الذي نريده
- اصلاح النصوص وحده لا يكفي لاحداث التطور بل يجب ان يرافقه اصلاح في الادارة التي تنقل النصوص الى واقع عملي وكذلك اصلاح اجهزة الرقابة التي تراقب وتتابع تنفيذ النصوص وانفاق المال العام وتراقب النشاط المالي والاداري وغيره
- التشريعات المتطورة لا تنفذها ادارات متخلفة لانها تحبط أي تشريع لذا نحن بحاجة الى ادارة كفوءة تطبق التشريعات في الوقت المناسب وتبدع الحلول للمشاكل التي تعترض طريقها لا ان تنتظر التوجيهات من اعلى وضعيتها الدائمة هي موافقة اصولا ويرجى الاطلاع والتوجيه واجراء ما ترونه مناسبا
- رئيسنا الشاب بشار الاسد شخص لنا الحالة ومهد لنا الطريق و أشاع منظور تطويري لذا لا تنهض العملية التطويرية الا بتوفر ثلاث شروط رئيسية هي:
1. وجود إدارة كفوءة متخصصة تشخص وتنفذ وتكون الأداة.
2. ارادة صلبة ورغبة في التطوير وصدق الانتماء الوطني.
3. توفير الوسائل الكفيلة بانجاح العمل التطويري والتحديثي.
ومنها المراجعة المستمرة للتشريعات – اعادة النظر بالقوانين المتعلقة بالإجراءات الإدارية.
- اعادة النظر بالرواتب والاجور والثواب والعقاب والتعيين.
- التأكيد الدائم على التدريب والتأهيل المستمر للكادر الإداري.
- اعادة النظر بمثألة الرقابة وآلية عملها وهنا سأركّز قليلاً على الرقابة ومفهومها وآلية عملها ومقترحات لتنجح في تحقيق أهدافها.
- الرقابة لم تعد تفتيش وعقاب وخوف بل هي وسيلة من وسائل الإدارة لاكتشاف جوانب القوة والضعف في اداء الأجهزة الادارية.
- الرقابة هي مكافأة للإنجاز السليم وتصويب الأداء الخطأ لإعادته الى الطريق الصحيح.
- الرقابة أداة لمنع حدوث الانحرافات وتكرارها مستقبلاً وهي تحفيز للعاملين للإرتقاء بمستوى الأداء الإداري العام.
- الرقابة احدى الوظائف الرئيسية للإدارة يبدأ نشاطها منذ وضع الخطط حتى تتحقق الأهداف الموضوعة.
- الرقابة تضع معايير مستمرة من الخطط ثم تقيس النتائج.
- الرقابة عندنا في سورية عملية سلبية وأداة قمع وضغط وإرهاب وتخويف. فخوف المسؤولين يؤدّي الى الترهّل وعدم المبادرة وعدم انفاق الموازنة الاستثمارية وهي رقابة ورقية دفترية مستندية طالما أن الورق والمستندات سليمة فالأمور تمام علماً أن الواقع مختلف جدّاً وبائس جدّاً.
- لدينا العديد من أجهزة الرقابة المالية "الجهاز المركزي- الادارية- الهيئة المركزية". لدينا رقابة سياسية وشعبية وداخلية وذاتية ورئاسية ورقابة وسيلة الاعلام لكن كل هذه الأنواع لم تحمِ وتصن المال العام من الهدر والسرقة والضياع.
- أعلب مؤسسات القطاع العام خاسرة وهادرة للمال ولم يحاسب أحد على ذلك. لذلك نحن بحاجة الى رقابة جديدة فعالة وتفعيل أجهزة ودور الرقابات الحالية بحيث يكون هدف الرقابة تحقيق الاقتصاد في النفقات ومنع الادارة من الاستبداد والتعسف والتأكّد من أن سلطات الدولة تبقى ضمن نطاق القانون والتأكد من أن موظفي الجهاز الاداري يعملون وفق الاجراءات القانونية المحددة.
والتأكد من أن الأعمال تؤدي بجودة وانتاجية وكلفة قليلة والحد من الاسراف الذي لا مبرر لـه لا بدّ من أن تعمل أجهزة الرقابة على رفع مستوى الفعالية والكفاءة للأنشطة بمختلف أنواعها ومستوياتها.
- لا بد من التأكد بأن الأعمال تؤدّي بأفضل طريقة ممكنة وتعطي أفضل النتائج في أفضل الظروف المتاحة.
- الرقابة تعني معرفة ما إذا كانت الأموال العامة تدار بشكل جيد طبقاً للقانون والأنظمة النافذة وأن تجري فحوصات موضوعية ومستقلة لمعرفة إذا كانت برامج الحكومة قد نفذت بطريقة اقتصادية فعالة.
- الرقابة تنظر الى الأمام بطريقة مثالية وأفضل أنواع الرقابة هي التي تكشف الأخطاء والانحرافات قبل أن تحدث وأثناء وقوعها وليس كما يحدث عندنا حيث يتم رصد الأخطاء بعد وقوعها لمعاقبة مرتكبيها.
- الرقابة هي البوصلة للمدير التي يجب أن تقدّم لـه معلومات واقعية شفافة عن العمل من أجل ترشيد عملية اتخاذ اتخاذ القرارات.
والرقابة تعمل لكشف الأخطاء فور وقوعها ومعالجة أسباب ذلك.
- وفي هذه الإطار لا بد من دعم أجهزة الرقابة بالأدوات اللازمة لا سيما السيارات. حيث ليس من المعقول أن يرسل المدير الذي نفتش علية سيارته لاحضار المفتش المراقب المالي وهنا يبدأ كسر جدار الهيبة والهالة المعنوية للرقابة.
- لا بد أن يمتنع العاملين في أجهوة الرقابة بالحصانة ضد الإغراءات وأن يحصلوا على رواتب وتعويضات توفر لهم العيش اللائق الكريم.
- لا بد من أن يتوفر لهم الوقت الكافي لممارسة الرقابة بهدوء وطمأنينة.
- لا بد من محاسبتهم عندما يتم اختراقهم وشراء ذمم البعض الذين يسكتون عن فضائح وممارسات واضحة ويغطّون عليها.
- ما نرجوه أن تستجيب أجهزة الرقابة بمختلف أنواعها لتوصيات الرفيق الرئيس بشار الأسد وأن تعمل بشفافية وبنزاهة وبعلنية بحيث تكون قادرة على رصد الانحرافات ومنع تكرارها وأن تتبع تنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف وأن تحاسب العاملين على اساس الأداء وأن تطور ثقافة الانجاز وثقافة العمل وأن لا تحاسب على المبادرات وأخطاء العمل وأن تساهم في وضع دراسات وحلول للعديد من المشاكل التي يعاني منها جهازنا الاداري.
بالتكامل والغيرية والادارة نستطيع أن نفعل المستحيل ونستطيع أن نطور ونحدّث بلدنا والتغيير يجب ان نعيشه حتى لا نصاب بالجمود والثبات والموت.

الخاتمة
انها مهمة شاقة جدا شأن كل عملية اصلاح ولكن لابد من التوصل إلى ادارة حكومية سليمة تحقق اهداف الدولة وتخدم مصالح الشعب وتحقق مشروع تحديث وتطوير سورية وان جميع صيحات التذمر ونداءات الناصحين وتعليمات السلطات الامرة تذهب هباء اذا لم تسلك الطرق العلمية للاصلاح واذا لم نحدث اداة للتنفيذ وزارة أو هيئة وهذا ما ندعو اليه ونامل تحقيقه في العهد الجديد عهد القائد الشاب الدكتور بشار الاسد
عبد الرحمن تيشوري