العصبية القبلية والتعصب العرقي وتحيز اللون والجنسية وما وصلنا في هذه الأمر من مستوى مخيف يعتصر الفؤاد من شدة التمادي فيه بطريقة جاهلية تنفي التحضر والتعليم ودماثة الأخلاق وحتى التمسك بتعاليم الدين الحنيف وتوجيهات نبينا الكريم ... لا أنكر ولا أخفي أنني أشعر بأننا نعيش في زمن يجدر بنا تسميته (عصر الجاهلية الحديثة)
تمر بي وبغيري مواقف يُطأطأ لها الرأس ويعتصر الألم القلب من قسوة وظلم وجور هذه العصبية وهؤلاء المتعصبين الذين يغطسون ويسبحون ببراعة في وحل التكبر والتعالي واحتقار الغير.
من المواقف "الواقعية" التي أتكلم عنها:
* رجل عربي ((ومسلم)) يدعوه صديقه من بلد عربي مسلم آخر إلى حفل زواجه وعندما يصل يستقبله صديقه بكل ترحيب وحفاوة وكرم ويدعوه للجلوس مع أقاربه فيجلس الرجل وبعد دقائق يبدأ أقارب العريس بتوجيه نظرات صفراء سامجة وباهتة له لا يجد لها تفسيراً حتى يقاطعه أحدهم بقوله .. أنت جنسيتك كذا ... فيقول نعم فيرد عليه ... أهلاً .. ويسكت قليلا ثم يتابع ... كيف عرفت العريس يعني بالعامية (وش لم الشامي عالمغربي)؟؟؟ باستهزاء واضح ... فيرد عليه نحن زملاء في العمل ، فيسكت الجميع .... وبعد دقائق يبدؤون بالانسحاب والانتقال إلى مكان آخر يجتمعون فيه دونه ويتركوه لوحده وكأنه آفة!!!
* يتنزه رجل مع أصدقائه في شوارع المدينة وخلال نزهتهم يشاهدون رجلاً يتضح من ملامحه وملابسه أنه من جنسية أخرى فيقول أحدهم ((شوف الأجنبي راكب سيارة عمره ما حلم فيها في بلده وموديل السنة وأنا ((جنسيتي كذا)) ولا قدرت أركب سيارة مثلها)) سبحان الله في هذا التفكير الذي يدمع له القلب قبل العين.
* موظف في شركة يجيب على الهاتف لخدمة عميل وفي نهاية المحادثة يبدي العميل إعجابه به وبأنه سعيد جداً لأنه تحدث إلى موظف من جنسيته وقدم له خدمة جيدة واسترسل في كلامه حتى وصل إلى شتم وسب الجنسيات الأخرى ولم يتوانى في إبداء حقده واحتقاره لهم. لا تعليق يليق بالموقف وصدمة الشاب ومدى ما سيصبح في قلبه من حزن وحقد على هذا العميل ومن على شاكلته.
* يذهب أحد المقيمين لتسجيل ابنه في مدرسة تحفيظ القرآن فيجيبه المسئول عن التسجيل بعد أن يطلع على الملف : (أجنبي) ماله تسجيل عندنا !!! رغم أنه شخص ملتحي ويعمل في مدرسة لتحفيظ وتعليم كتاب الله وإنشاء جيل حفظة القرآن الكريم. فيصطدم الرجل برده وكأنه اصدم بجبل ويقول في نفسه (نعتذر منك أخي فالنظام لا يسمح بتسجيل المقيمين لدينا) علماً بأن كتاب الله وتعليمه ليس حصراً لجنسية محددة بل هو حق شرعي بل وواجب إسلامي على كل من يستطيع لكل من يستطيع تعليمه من أبناء المسلمين من جنسيته أو من غيرها.. فعجباً وألف عجب لهذا الحال الـ...... المؤسف.
* حتى بين أبناء الجنس الواحد والبلد الواحد نجد أبناء كل قبيلة يفخرون بأنفسهم بتعصب شديد ويسخرون ويحقرون من شأن غيرهم من القبائل.
* حتى في دول الطغيان والتجبر حاربوا التعصب العرقي وفي بلدان العرب والمسلمين لا زلنا ننادي أصحاب البشرة السوداء بـ ... يا عبد ونلقبهم بالعبيد (وكلنا عبيد الله)
نفرق بين الناس بكل شيء (اللون - الجنسية - القبيلة - المال - المنصب) إلا الدين والتقوى قد لا نميز فيها إهل الدين والتقوى يكاد لا ينظر لها إلا من رحم الله ونعاملهم كلُ بطريقة تتناسب مع جنسيته أو لونه أو قبيلته ... إلخ من وجهة نظرنا للأسف إلا من رحم الله أيضاً
لن أسترسل في ذكر المزيد من المواقف فقد أطلت عليكم كثيراً وأخاف أن أكون مملاً جداً فأرجو أن تتحملوني ...
ولكن سأسأل ...
- أليس في كتاب الله تعالى آية تقول ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) ؟؟؟؟
- ألم يثب في الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ((لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى)) ؟؟؟؟
- ألم يحذرنا صلى الله عليه وسلم من العصبية القبلية عندما قال عنها (دعوها فإنها منتنة) وكررها مراراً ؟؟؟؟
- ألم يخبرنا حبيبنا المصطفى بأن اكتمال الإيمان ينتفي عن من لا يحب لأخيه (((المسلم))) كما يحب لنفسه عندما قال : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) ؟؟؟؟
- ألم نعي بعد كل ما قام في الدنيا من حروبٍ بربرية بين الشعوب وكذلك بين الدول سببها هو التعصب العرقي والعصبية القبلية؟؟؟؟
- هل عاد بنا العصر إلى عصر داحس والغبراء ونسينا أن الإسلام ألفهم وجعلهم إخوانا متحابين ؟؟!!! بل هل نسينا كيف آخى نبي الرحمة بين المهاجرين والأنصار حتى أنهم اقتسموا كل شيء بلا استثناء؟؟!!!
- هل عميت أبصارنا وبصائرنا عن كون نبينا بعث ليؤدبنا بأخلاقه وهو من أدبه ربه فأحسن تأديبه ؟؟!!! هل نسينا قوله صلى الله عليه وسلم ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))