يتمتع الفكر الإنساني بمكانة متميزة في وجدان البشرية ، لأنه هوالمسئول عن التقدم والتطور مهما تكن مصادره، وعلا الرغم من التباين والخلاف يثور أحيانا حول العلاقة مابين التقدم والتطور في بعض الأحيان ينظر إلى التقدم نظرة إيجابية باعتباره أمراً مستحباً ، في حين أن التطور يمكن أن يكون هوا لأفضل ، وهناك من يرى أن بين التقدم والتطور ارتباطا وثيقاً ولانرى فيهما أي فرق، وهناك من يرى في التعليم ( Education ) و المعلومات ( Information ) و الحماس ( Motivation ) كل شيء في إطار العولمة ( Globalization ) . وبما أن مختلف المنظمات تتعامل في وقتنا الراهن مع ظروف بيئية تتسم بالديناميكية وسرعة التغيير وحدّته، وإزاء هذه البيئة المتغيرة وجب على القائمين عليها تبني إستراتيجيات تسمح لها بمواجهة التهديدات البيئية والمحافظة على موقعها التنافسي وتطويره. لا يزال العديد من المختصين في الموارد البشرية ينظرون إلى اختيار العاملين على أساس تحقيق الملائمة بين المرشح للوظيفة والوظيفة، وهذه النظرة تتضمن التحليل الشامل لكلٍ من الشخص والوظيفة، ومدى ملائمة كل منهما للآخر، وتؤكد على المهارات الخاصة بالوظيفة ( مثل مهارات الاتصال )، ولكنها تؤكد بصورة أقل على المعرفة والخبرة الواسعتين، والمهارات الاجتماعية، والقيم، والمعتقدات، واتجاهات العاملين. ولعل من أهم مصادر الميزة التنافسية التي يمكن أن تحقق هذا الرهان لهذا النوع من المؤسسات جودة المنتجات التي تقدمها للزبون، وهذا ما يستلزم على المشرفين عليها تبني مداخل إدارية تكون محورها الجودة، إلا أن التعديل الجزئي في العمليات قد لا يأتي بنتائج تحقق لهذا النوع من المؤسسات الموقع التنافسي المستهدف، لذلك لابد من إعادة التفكير بشكل جذري في العمليات المختلفة التي تتم في المنظمة خاصة منها تلك المرتبطة بالجودة، وإعادة تصميمها بالاعتماد على إستراتيجية للتغيير تنبني على أساليب حديثة على غرار إعادة الهندسة الإدارية وإدارة الجودة الشاملة. واليوم تتفوق بعض الشركات في جذب صفوة الموهوبين والاحتفاظ بهم، مما يؤدي غالباً إلى علاقات إيجابية بين الأفراد ضمن المنظمة، ويعزز البُنية التحتية الاجتماعية التي تُعد حاسمة للحصول على الإجماع على القرارات الرئيسة، والتشارك في المعلومات، وتعزيز التعاون. لان المديرون يبحثون باستمرار للحصول على العاملين الممتازين الذين يمكنهم رفع المنظمة إلى مستوى متقدم، وتطويرهم والاحتفاظ بهم، ولكن ذلك ليس متاحاً دائماً، وليس شرطاً كافياً للنجاح، فقد واجهت العديد من الشركات مشاكل عديدة في الاستفادة من الموهوبين والتقنيات لإنتاج منتجات أو خدمات ناجحة. ليس الموضوع في اقتصاد المعرفة المعاصر إلى حد كبير كم حجم موجداتك، بل إلى أي مدى تبدو المنظمة قادرة على اجتذاب صفوة الموهوبين والاستفادة منهم في تدفق إنتاج ذي قيمة إلى السوق اهتم المديرون في القرن الماضي بالموارد الملموسة بشكل كبير مثل الأرض، والآلات، والأموال، بالإضافة الى الموارد غير الملموسة مثل العلامات التجارية، والانطباع عند الناس، وولاء الزبون، وكانت الجهود توجّه أكثر نحو التوزيع الكفء للعمل ورأس المال – العاملان التقليديان للإنتاج .. وفي الوقت الحاضر أصبح أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاديات المتطورة يقوم على أساس المعرفة، أي أنها تقوم على الموجودات الفكرية والمهارات غير الملموسة للأفراد. وفي الولايات المتحدة الأميركية تكوّن العمليات الفكرية والمعلوماتية معظم القيمة للشركات في الصناعات الكبيرة للخدمة ( مثل البرمجيات، والرعاية الصحية، والاتصالات، والتعليم ) والتي تمثّل 76% من الناتج المحلي الإجمالي لأميركا بأجمعها، وفي قطاع الصناعة فإن الأنشطة الفكرية مثل البحث والتطوير، وتصميم العملية، وتصميم المنتوج، والابتكارات التقنية، تحقق الجزء الأكبر من القيمة المضافة.ومن خلال المعادلة التالية يتبين نسبة القيمة السوقية الى القيمة الدفترية لمجموعة من الشركات:رأس المال الفكري = القيمة السوقية للمنظمة - القيمة الدفترية للمنظمة
لان اليوم في اقتصاد المعرفة knowledge economy تتكون الثروة بشكل متزايد من خلال الإدارة الفاعلة للعاملين المعرفيين بدلاً من الرقابة الكفوءة للموجودات المادية والمالية، ومن الواضح أن الأهمية المتزايدة للمعرفة، الى جانب تحرك أسواق العمل نحو مكافأة العمل المعرفي يجسدان أن الاستثمار في شركة هو في جوهره شراء مجموعة من المواهب، والمقدرات، والمهارات، والأفكار – رأس المال الفكري -، وليس موارد مادية أو مالية، وفي دراسة مقارنة بين القيمة السوقية والقيمة الدفترية لـ 3500 شركة أميركية لأكثر من 20 عاماً، ظهر في العام 1978 أن القيمة الدفترية تمثّل 95% من القيمة السوقية، ولكن الفجوة بين القيمتين اتسعت بشكل كبير، فبعد 20 عاماً أصبحت القيمة الدفترية 28% من القيمة السوقية. ومن الواضح أن الفجوة بين القيمتين تكون أكبر في المنظمات ذات الكثافة المعرفية بالموازنة مع منظمات ذات إستراتيجيات تقوم أساساً على موجودات ملموسة.