تحفيز الموظف العمومي
ينظر إلى الحوافز على أنها مجموعة من العوامل التي تعمل على إثارة القوى الحركية في الإنسان والتي تؤثر على سلوكه وتصرفاته. وينظر للحوافز أيضا على أنها تشمل كل الأساليب المستخدمة لحث العاملين على العمل المثمر. وهناك من يرى بأن الحوافز: "كل الوسائل والعوامل التي يكون من شأنها حث الموظفين والعمال على أداء واجباتهم بجد وإخلاص، وتشجيع العاملين على بذل أكبر جهد زائد عن المعدل، في مجال الإنتاج والحوافز.

المطلب ألأول:ماهية التحفيز
ان مفهوم التحفيز باعتباره أحد أدوات تطوير العمل الاداري، عرف بدوره تطورا مضطردا،حيث أجريت العديد من الدراسات والبحوث في هدا المجال،وكانت المدرسة الأمريكية هي السباقة لإثارة هدا الموضوع وخاصة مع بداية القرن 18.
الفرع ألأول:مفهوم التحفيز
لقد أعطيت تعارف كثيرة للتحفيز، من قبيل أن التحفيز هو مجموعة من العوامل أو المؤثرات التي تدفع الموظف العمومي نحو بدل جهد اكبر في عمله،والامتناع عن الخطأ فيه،فناك من عرف التحفيز على أنه مجموع العوامل التي تدفع أيا كان موقعهم للإقبال على تنفيذ بكفاءة وجدارة لرفع مستواهم الوظيفي،وهناك من عرف أيضا التحفيز بأنه الإمكانية المتاحة في البيئة المحيطة في الفرد والتي تمكنه والتي تمكنه من استخدامها لتحرك دوافعه نحو سلوك معين وأدائه لنشاط محدد بالشكل والأسلوب الذي يشبع رغباته أو حاجاته أو توقعاته،وهناك من أشار إلى أن الحوافز تستخدم لإثارة همم الموظفين حتى يبدلوا أقصى طاقتهم في العمل والإنتاج فيحققوا أقصى ما يمكن من نجاح وتوفيق.[1]
وعلى هدا الأساس حوافز الموظف العمومي تختلف عن دوافع الموظف العمومي،هده الأخيرة بمثابة القوى السابقة من داخل الفرد وتثير فيه الرغبة في العمل،أما الحوافز فهي القوى أو العوامل المحركة والموجودة في البيئة المحيطة الموظف والتي تحثه على تحسين مستوى أدائه في الإدارة.
إن النظام الجيد للحوافز يحقق فوائد عديدة نذكر منها:
الزيادة في إنتاجية العمل.
الزيادة في أجور الموظفين وإشعارهم بروح العدالة دخل الإدارة.
تلافي العديد من مشاكل العمل كالغياب وانخفاض المعنويات والصراعات.
وقد قسم علماء السلوك مفهوم التحفيز إلى ثلاثة أمور.
1-حوافز حب البقاء،وهو الحافز الفسيولوجي،فهو غريزة فطرية
2-التحفيز الداخلي،فهو وجود الدافعية في ذات الإنسان لفعل ميعن.
3-التحفيز الخارجي الذي يكون بإحدى الوسيلتين:الترغيب أو التهذيب.
إضافة إلى هدا فان هناك مجموعة من الدرسات تمت في إطار نظريات اهتمت بالتحفيز من قبيل نظرية هرم الحاجيات ونظرية الإنصاف.
الفرع الثاني:نظريات التحفيز
الفقرة الأولى:نظريات سلم الحاجيات لأبرهام ماسلو
هي نظرية سيكولوجية اقترحها ماسلو في وثيقة نشرت عام 1943 بعنوان "نظرية في التحفيز الإنساني", ركز فيها بشكل أساسي على الجوانب الدافعية للشخصية الإنسانية. وقد انتشرت فيما بعد على نطاق واسع وحاول فيها أن يصيغ نسقا مترابطا يفسر من خلاله طبيعة الدوافع أو الحاجات التي تحرك السلوك الإنساني وتشكله.[2]
هده النظرية هي من أكثر نظريات التحفيز شيوعا وقدرة على تفسير السلوك الإنساني في سعيه لإشباع حاجاته المختلفة،وتقوم هده النظرية على مبدأين أساسيين:
المبدأ ألأول:أن حاجات الفرد مرتبطة تصاعديا على شكل سلم حسب أولوياتها للفرد.
المبدأ الثاني:أن الحاجات الغير مشبعة هي التي تؤثر في سلوك الفرد ومستوى تحفيزه بخلاف الحاجات المشبعة التي لا تؤثر على حاجات الفرد وبالتالي ينتهي دورها في تحقيق أساسيات الفرد التي لا ترقى إلى مستوى التحفيز.[3]
ويمكن أن نلخص ما جاء في نظرية أبرهام ماسلو كما يلي:
لقد ركز ماسلو في وضعه لهرم الحاجيات على خمسة أنواع من الاحتياجات لكل الناس وحدد لها ترتيبا تصاعديا، بمعنى أن الإنسان يبحث عنها بالترتيب المذكور، فعندما يتم تلبية الحاجة الأدنى نسبيا يبحث الإنسان عن المستوى الأعلى من الاحتياجات،واعتبر دلك سلوك إنساني طبيعي،على اعتبار أن الإنسان في بحث مستمر لتحسين وضعه.
فتفكر الإنسان ينصب في المرحلة ألأولى حول تحقيق الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية التي يحتاجها ليحيا كالمأكل والمشرب والهواء والمسكن والملبس والأسرة، لذلك فإن الموظف يحتاج أن تلبى هذه الحاجات الأساسية بتوفير الدخل المادي الكافي أو بعض الدعم من أجل توفيرها،مثل قروض السكان.
وبعد تحقيق الاحتياجات الفسيولوجية ولو بصفة جزئية،فالإنسان يحتاج في المرحلة الموالية إلى تحقيق نوع من الأمان من المخاطر ومن التهديد فهو يبحث عن العمل الآمن المستقر والسكن الآمن والصحة المستقرة، لذلك فإن المؤسسات يمكنها تحفيز موظفيها بتوفير وسائل الأمان في العمل وبتوفير الاستقرار والإحساس بعدم الخوف من الفصل وبتوفير بعض برامج العلاج المجاني أو المدعم وبرامج توفر ما يشبه المعاش بعد التقاعد، لذلك فإن المؤسسات يمكنها تحفيز العاملين بتوفير جو اجتماعي جيد وتنظيم لقاءات اجتماعية أو توفير الوسائل لتحقيقها،هذه الاحتياجات تشمل الاحتياجات الاجتماعية خارج العمل بمعنى قضاء وقت مع الأسرة والأصدقاء والأقارب. فهذه احتياجات لابد من تلبيتها من خلال وجود أجازات وتحديد أوقات العمل بحيث لا يصبح العامل يذهب لبيته عند النوم فقط.
سلم الحاجات لماسلو


5-نظرية العاملين لهرزبورغ
بعد توفير الاحتياجات الأساسية ثم الأمان،فان الإنسان يحتاج إلى تحقيق الاحترام والتقدير ممن حوله ومن المجتمع بصفة عامة نظير ما يقدمه من خدمات،فهو يبحث عن النجاح وعن تقدير الناس لذلك والحصول على وضع متميز دخل وظيفته وبالتالي دخل المجتمع. لذلك فإن مكافأة العاملين وتقدير مجهودهم ماديا ومعنويا هو من الأمور المحفزة.
بعد توفير كل هذه الاحتياجات فإن الإنسان يبدأ في البحث عن تحقيق الذات وهو أن يقدم أحسن ما عنده ويستغل كل طاقاته فيبدع ويتطور إلى حدود عالية جدا وهو ما سوف ينعكس إيجابا على مردود يته دخل عمله.
الفقرة الثانية: نظرية العاملَين لهيرزبرج
تتمحور هذه النظرية حول مجموعتان من العوامل:
المجموعة الأولى وهي التي يسميها هيرزبرج العوامل الصحية (أي الأساسية) وتشمل: الاستقرار الوظيفي بمعنى الشعور باستمرارية العمل وعدم التهديد بالفصل،ثم عدالة نظم المؤسسة، التي يمكن أن تحقق بمنح الموظف المنزلة المناسبة وتشمل المركز الوظيفي و السلطات الممنوحة وساعات العمل ومكان العمل المحترم ، الدخل المادي الكافي والمميزات وتشمل جميع ما يتقاضاه العامل من اجر ومميزات مثل العلاج والإجازات ووسيلة مواصلات ووسائل الاتصال،وتوفير كل الوسائل للقيام بالمهام الوظيفية على أكمل وجه.
حسب هذه النظرية فإن هذه العوامل لسيت محفزات بل إن نقصها يعتبر مصدر إحباط وبالعكس فإن توفيرها يجعل العامل راضيا وليس محفزا.
أما المجموعة الثانية وهي التي يسميها هيزبرج بمجموعة الحوافز وتشمل:
-العمل المثير أي العمل الذي يرضي اهتمامات العامل وقدراته
-التقدير أي التقدير من الرؤساء والزملاء
-فرص النمو أي الشعور بوجود فرص للترقي والتطور وزيادة الدخل
-تحمل المسئوليات أي وجود فرص لتحمل مسئوليات واتخاذ قرارات وقيادة الآخرين
-الإنجازات وهي وجود مجال لتحقيق إنجازات وتجاوز الأداء المطلوب كما أو كيفا
هذه العوامل هي التي تعتبر محفزة حسب هذه النظرية. بمعنى أن المجموعة الأولى (العوامل الصحية) لا تؤدي إلى تحفز ولكن نقصها يؤدي إلى عدم الرضا عن العمل أما التحفيز فيأتي من المجموعة الثانية.

هذه النظرية توضح أهمية تصميم العمل بحيث يكون مُمتِعا للعاملين فيعطيهم مجالا للإبداع واتخاذ القرارات وتحمل المسئولية وتحقيق الإنجازات،كما أنه ومن الأشياء التي تشرحها هذه النظرية هي ظاهرة عدم تحفز العاملين في بعض الأحيان بالرغم من ارتفاع الدخل المادي وتوفير فرص للترقي وذلك يحدث حين لا يكون العاملين راضين عن العمل نفسه. فحسب هذه النظرية فارتفاع الدخل المادي والترقيات لا تعوض عن طبيعة العمل الممتعة التي يشعر فيها الإنسان أنه يحقق ذاته ويقوم بعمل رائع يقدره الآخرون.
ومن الحقائق التي تتفق عليها هذه النظريات أن المال ليس هو المحفز الوحيد وأن المال وحده لا يكفي فالمال يلبي الاحتياجات الأساسية أو الفسيولوجية فقط ولكن الإنسان له احتياجات اجتماعية واحتياجات الاحترام فهو يريد أن يشعر أنه يقوم بعمل له قيمته وأن أمامه في عمله تحديات يحاول التغلب عليها وأن هناك من يقدره. فالمال ليس هو المحفز الخارق وإلا فلماذا يريد الشخص عظيم الثروة أن يستمر في العمل؟ [4].

الفقرة الثالثة:نظرية الإنصاف أو المساواة

ترتكز هده النظرية التي أسسها رائدها الأول آدمـز 1965 (J.Stacey Adams ) على أن الأفراد "يحفزون بتحقيق العدالة الاجتماعية في المكافآت التي يتقوقعون الحصول عليها مقابل الانجاز الذي يقومون به".
هذه النظرية تقوم أساسا على مدى شعور الفرد بالعدالة و الإنصاف في معاملة المنظمة له، مقارنة مع معاملتها لأفراد آخرين بها، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى جماعة عمل واحدة. و العدالة هنا تعني الإنصاف و هذا الأخير لا يعني بالضرورة المساواة، فعندما يعامل الأفراد بشكل متساو، لا يعني ذلك أن العدالة تحققت لأنه قد يتضمن عدم إنصاف بعض العاملين الذين يقومون بعمل أفضل من غيرهم.
وتنقسم هده نظرية الإنصاف إلى نوعين:
إنصاف في التوزيع ويتعلق الأمر بالتوزيع العادل للمكافئات المتعلقة بالأداء.



الإنصاف في الإجراءات ويتعلق الأمر بسياسات وإجراءات المؤسسة كالترقية والعقوبات وتقييم الموظفين.[5]


[1] -جيهان عزوز "سيكولوجية الموارد البشرية" رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام طبعة 2007-2008 ص 174

[2] Kirmi Brahim,Le Management ;Théorie et Processus

[3]عبد الحق عقلة:"دراسة في علم التدبير"الجزء الثاني،الطبعة الأولى،ص 181.

[4] IBRAHIM KIRMI, le Management, théories et processus p62

[5] -نظريات التحفيز"موضوع في الانترنت،موقع الموارد البشرية"-www.arabhrm.com/modules/new/article