من عجائب الإدارة فى الشرق الأوسط – والتى بدأت تتكشف جلياً – هو تجاهل علم و تخصص وأهمية إدارة الموارد البشرية فى نجاح المؤسسات بمختلف أنواعها وإسناد دور متدنى لها وحصرها فى إنهاء المعاملات الحكومية الخاصة بالموظفين وحسب…وهذا يدل على جهل كبير بدور إدارة الموارد البشرية فى إنجاح – أو إفشال – المؤسسات…

فإن كانت إدارة المبيعات تقوم بالبيع وتقوم إدارة التسويق ببعض الأنشطة التى تزيد من الحصة السوقية للشركة كما تقوم إدارة الإنتاج بتوفير المنتجات…فإن إدارة الموارد البشرية – فى حالتها المثلى – تقوم بتوفير العنصر البشرى الذى يُنفذ كل ما سبق وتدريبه وتقييم أداؤه وتحفيزه وتعظيم دوره فى إنجاح المؤسسات…

والغريب فى الأمر أن من يتجاهل أهمية إدارة الموارد البشرية هم من يناط بهم تطبيقها…وهم المدراء فى مختلف القطاعات…ذلك لأن مدراء الموارد البشرية ومتخصصيها فى الشركات يقومون بدور الإستشارين لمعاونة باقى المدراء على تنفيذ أدوارهم فى إدارة مواردهم البشرية…ولا ينبغى أن يتعدى مدراء ومتخصصى الموارد البشرية دور الناصح والإستشارى الى دور المُنفذ والآمر الناهى فى الشركة والذى سوف يفقدهم دعم المدراء الذين سوف يشعرون بتدخل مدراء الموارد البشرية فى صميم أعمالهم مما سوف يدفعهم الى مقاومة – بل ومحاولة إفشال – كل أنشطة الموارد البشرية

فالمدير هو – فعلياً – من يقوم بتوظيف موظفيه…ومتابعتهم بعد أى تدريب يتلقونه…بل ويقوم بتدريبهم بشكل مباشر أحياناً…وهو من يقيم أداء الموظفين ويحفزهم على العمل والإنجاز…ولذلك ينبغى أن يقتصر دور مدراء ومتخصصى الموارد البشرية فى معاونة باقى المدراء فى بناء وتعديل وتطوير نظم الموارد البشرية التى يستخدمها باقى المدراء فى الشركة…

ولكى يتمكن كل مدير من إدارة موارده البشرية – لابد له من فهم مبدأى لتخصصات ونظم الموارد البشرية وكيفية تطبيقها وأفضل الممارسات لها فى ذات الصناعة التى يعمل بها…وهذا الدور التعلميى يجب أن يقوم به مدراء ومتخصصى الموارد البشرية فى الشركات

والمدير الذى يتجاهل – أو لايقوم بإدراة موارده البشرية على نحو سليم يتضرر أكبر الضرر…سواء من توظيف كوادر بشرية غير مناسبة مما يشكل عبئاً مباشراً على المدير…أو من خلال إهدار ميزانية الإدارة فى تدريب ليس له أدنى قيمة فى تحسين اداء الموظف…أو فى تسارع معدل خروج الموظفين من الشركة مما قد يُنذر بكارثة محققة للمدير والإدارة…

وعلى النقيض: فالمدير الذى يُتقن إدارة موارده البشرية يربح كل شيىء…يربح موظفين تم إختيارهم بدقة وقادرين على تحقيق إنجازات قوية وسريعة…ويربح تدريب فعّال يُترجم الى عائد مباشر على كل إستثمار فى تدريب الموظفين…ويربح نظم فعّاله لتقييم وتحسين أداء الموظفين لتحقيق الأهداف المطلوبة…كما سيربح مصداقية كبيرة كمدير يحافظ على بقاء موظفيه منتجين ومتحفزين للعمل…وهذه المصداقية لها مردودها المباشر عل سمعة المدير وفرصه الكبرى فى الترقى فى مؤسسته…

بقلم: صلاح الكاشف