في واحدة من المؤشرات السلبية التي تلاحق الاقتصاد المصري، أبانت نتائج مؤشر التنافسية الذي يصدره منتدى الاقتصاد العالمي بدافوس للعام 2013/2014 عن تراجع ترتيب مصر إلى المرتبة 118 من بين 148 دولة على مستوى العالم، في حين كان ترتيبها في العام الماضي 107 من بين 144 دولة.


والدلالات السلبية التي اعتمد عليها تقويم أداء الاقتصاد المصري تتمثل في تراجع نوعية التعليم الأساسي، وضعف الأداء بالتعليم العالي، والاستعداد المحدود لتبني وتطبيق التقنية الحديثة.


وأظهر مؤشر التنافسية مواطن ضعف الاقتصاد المصري على صعيد البيئة المؤسسية، حيث لوحظ أن حماية حقوق الملكية والملكية الفكرية تعاني من ضعف، كما زادت حالات المدفوعات غير الرسمية "الرشوة"، وضعف استقلال القضاء، والهدر في الإنفاق الحكومي، فضلا عن عدم كفاءة الإطار القانوني المعني بتسوية النزاعات.


ولم ير اقتصاديون مصريون أي مفاجأة في هذا التقهقر، ووصفوه بالطبيعي في ظل الأجواء المحيطة باقتصاد البلاد، ورهنوا أي تحسن في وضعه بتحقيق الاستقرار السياسي، وذهب بعضهم إلى ضرورة استمرار حالة من الاستقرار تتراوح ما بين عشرة وعشرين عاماً، في حين رأى بعض آخر أن عاماً واحداً من الاستقرار كفيل بإيجاد حالة من التحسن في مؤشرات الاقتصاد المصري.






تراجع متوقع
واعتبر وزير المالية المصري الأسبق سمير رضوان أن تراجع تنافسية الاقتصاد المصري متوقع في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ولذلك يؤكد أن مصر بحاجة إلى حالة من الاستقرار السياسي والمجتمعي حتى يتمكن الاقتصاد من الانطلاق، مع وجود خطة واضحة للتعامل مع المشكلات المزمنة والمعطلة للانطلاق الاقتصادي.


ويدلل رضوان على سوء الوضع الاقتصادي بمعدل النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 2.3%، أو تدني معدلات الإشغال في المناطق السياحية، وغير ذلك من المؤشرات السلبية التي يصعب معها تحسين مناخ سوق العمل أو استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.


ويضيف أن مؤشرات التعليم وسوق العمل من المشكلات التي لن يتم التعامل معها بشكل جذري إلا في ظل استقرار طويل الأمد لا يقل عن عقد إلى عقدين، كما حدث ذلك في ماليزيا والهند وغيرهما من الدول التي استطاعت أن تغير من أوضاعها الاقتصادية بشكل إيجابي. ويطالب الحكومة بأهمية وضع سياسة اقتصادية واضحة تساندها مجموعة من السياسات العامة في مجالات الأمن والتعليم والبنية الأساسية.


عامل الاستقرار
ويتفق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أحمد غنيم مع وزير المالية المصري الأسبق في ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي للوصول إلى طريقة سليمة للتعامل مع المشكلات الاقتصادية المتراكمة.


ويؤكد غنيم للجزيرة نت أن المشكلات التي يتناولها المؤشر متجذرة ويحتاج علاجها إلى وقت، إلا أنه يرى أن الخروج من هذه المشكلات سهل إذا ما تحقق الاستقرار السياسي ولو لمدة سنة، حيث سيدفع ذلك المتعاملين في الاقتصاد المصري إلى حالة من التفاؤل.


ويوضح أن كافة المؤشرات الاقتصادية في مصر تشهد تراجعا ملحوظا منذ ثورة 25 يناير، وأن ما حدث من تحسن في بعض المؤشرات يعد تحسناً ظاهرياً وغير حقيقي، مثل الاحتياطي من النقد الأجنبي أو الفائض في ميزان المدفوعات، لأن هذا التحسن أتى من خلال المساعدات العربية وليس من خلال موارد ذاتية وحقيقية.


ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في القاهرة سامر عطا الله أن ما تضمنه المؤشر من معدلات أداء اقتصاد مصر لا يثير أي غرابة أو اندهاش، فكلها حقائق لا بد أن نعترف بها، فالتعليم بنوعيه الجامعي وما قبله يعاني من مشكلات حقيقية تؤثر بشكل مباشر في نوعية التعليم ومهارة الخريجين بما يجعلهم غير مؤهلين للتعامل في سوق العمل بشكل جيد.