أكد عدد من التربويين والمستثمرين في قطاع المدارس الأهلية على تراجع جدوى الاستثمار في قطاع التعليم الخاص بعد عزوف العديد من رجال الأعمال خوض غمار هذه التجربة نتيجة المعوقات والمشكلات التي تواجه المدارس الأهلية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة والتي أسفرت عن إغلاق بعضها وخروجها من السوق. وأشاروا في حديث لـ”لمدينة” إلى أن قرارات وزارة العمل برفع رسوم العمالة، وتصحيح الأوضاع وتحديد سقف زمني لها، إضافة إلى اشتراطات الدفاع المدني وغلاء الأراضي وندرتها وارتفاع سعر العقار أدّى في نهاية المطاف من تحجيم نمو الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

عوائق الاستثمار
وتقول إحدى الملاك للمدارس الأهلية نادية فتيحي: إن هناك أسبابًا تراكمية أدّت إلى عوائق في عملية الاستثمار في المدارس الأهلية بداية بالاشتراطات التي تأتي متأخرة من قبل الجهات الحكومية مثل اشتراطات الدفاع المدني التي تأتي بمقاييس للمدارس المبنية حديثًا، ولكنها تضيف تكلفة جديدة وغير محسوبة على المدارس القديمة من الهدم والبناء والتغيير، وتضيف: هناك مبانٍ لا يجب أن تكون مدرسة أهلية، وتتحدث أن هناك أسسًا مطلوبة لسلامة الطالبات، وهذا أمر مفيد، ولكن هناك اشتراطات يجب مراعاة المدارس الأهلية فيها. وترى أن السعودة بنسبة 100% أمر لا يخدم الجودة والتدريب وتقترح أن يكون هناك نسبة 20% للكفاءات الأجنبية حتى ترتفع الجودة بشكل أكبر ويستفيد الكادر السعودي منه فالكفاءة الأجنبية لديها القدرة على أن تكون مدربة ومعلمة ومرجعًا. وتوضح أن المعونة الحكومية رمزية، ولا يكاد يكون لها أدنى تأثير يذكر.

انسحاب من السوق
ويضيف المستثمر في المدارس الأهلية عبدالله حسن سروجي أن انسحاب عدد من المدارس الأهلية كان لوجود اشتراطات جديدة تسبب عبء على المستثمر، مشيرًا إلى أن هناك هجمة إعلامية على المدارس الأهلية لا يعرف أسبابها، ولماذا تتحدث بهذه الصورة، ويرى سروجي أن التعليم الأهلي محتاج للفتة أكبر من الدولة حتى تزيد المدارس الأهلية؛ لأنها الآن لا تزيد بسبب الاشتراطات، وبدأ الكثير من المستثمرين من الانسحاب من السوق. وتبين المالكة لإحدى المدارس الأهلية مسفرة الغامدي أن إجراء تصحيح العمالة بالمدارس الأهلية رفع من التكلفة، فالعمالة لديها من الخادمات والسائقين هم من العمالة الأجنبية ومن الصعب إيجاد سعوديين كبدلاء لهم، وهذه العمالة هي على غير الكفالة وكان هذا الأمر ساريًا لسنوات طويلة، وترى أن الأمر يحتاج بعض الوقت لتصحيح وضع هذه العمالة، وترى لو انه أعطي خطابًا بديلاً يفيد بأن العمالة يجري تصحيح أوضاعهم حتى لا يتسبب ضيق الوقت وعدم قدرتهم على إنهاء هذه المعاملات في توقف هذه المدارس عن العمل، وتضيف: أن المعلمات الأجنبيات من غير الموجودات على كفالة المدرسة يرغبون في السماح لهم بالبقاء في المدارس الأهلية ببطاقات تكفل لهم العمل بشكل نظامي بدون نقل كفالتهم على المدرسة.

تغطية التكلفة
وتشير صباح بترجي إحدى مالكات المدارس الأهلية بأن ارتفاع مقدار الاقساط في المدارس الأهلية هو لتغطية التكلفة وليس لرفع الجودة التعليمية بالمدارس الأهلية، وترى أن إصدار تصريحات بالعمل بدلاً من نقل الكفالة أمر تحتاجه المدارس الأهلية. من جانبها أوضحت رئيسة لجنة المدارس الأهلية والدولية للبنات بالغرفة التجارية بجدة فريدة فارسي، أن عددًا كبيرًا من المدارس الأهلية خرجت من السوق وخاصة المدارس التي دخلت السوق لتغطية الحاجة والتي تأخذ (الرجيع) من المدارس الحكومية فهي عملت دراساتها على هذا الأساس، فالمواطنون كانوا يذهبون لهذه المدارس الأهلية، وحال لسانهم يقول: إن الذهاب إلى المدرسة الحكومية البعيدة عن الحي يأخذ الكثير من المصاريف والوقت وإدخالهم لهذه المدارس الأهلية هو تقريبا بنفس هذه التكلفة. وتضيف أن اشتراطات وزارة التربية والتعليم من ناحية ونسب السعودة، ومع وجود المدارس العالمية حاليًّا إثر ذلك بشكل كبير على جدوى الاستثمار في المدارس الأهلية وسبب انسحاب الكثير منها. وتشير الفارسي أن الجامعات السعودية لا تخرج من يدرسون المناهج باللغة الإنجليزية فليس هناك من يدرس الرياضيات باللغة الإنجليزية من خريجي الجامعات، وتقول: إن نوعية هذا التعليم أصبحت مطلوبة من كثير من المواطنين لتعليم أبنائهم في المدارس الأهلية.

غياب التصنيف
وعن الفوارق في الجودة والمعايير والأسعار بين المدارس الأهلية قالت: إن وزارة التربية والتعليم لم تضع المعيار الحقيقي وليس لديها تصنيف للمدارس الأهلية مع أنه في كل العالم هناك تصنيف. وتقترح الفارسي زيادة إعانة الوزارة للمدارس الأهلية من أجل تشجيع المستثمرين في دخول هذا المجال وترى أن العقد الموسمي أمر ضروري فلا داعي أن تتكلف المدرسة الإجازات الموسمية الطويلة وتقول: إنها لا تستطيع إعطاء راتب بدون دوام رسمي، وتقترح أن تعفى المدارس من إعطاء راتب للمعلمات السعوديات خلال الاجازات الموسمية وتكتفي بدفع رسوم التأمينات الاجتماعية وتكتفي المعلمات بالدعم الحاصل من الموارد البشرية.