كشف أحمد بن صالح الحميدان وكيل وزارة العمل للسياسات العمالية، أن الوزارة بصدد إجراء دراسة لايجاد حلول لمشكلة اقتصادية تتمثل في الخلاف القائم بين نظرية العامل وصاحب العمل.
وبين الحميدان في اللقاء السنوي للموارد البشرية الذي نظمته غرفة الشرقية أمس، أن هناك اتهامات متبادلة بين اصحاب العمل والعمالة الوطنية فالاخير يقول: ان بيئة العمل غير صحية والاجور لا تتناسب مع ما يطلب من مهام، بالاضافة الى الضغوط التي تمارس عليهم في العمل بحد قولهم، وفي الجانب الآخر، فان صاحب العمل يؤكد انه يعمل بماله الخاص، ويريد شخصا يعطيه من الاجر بما يتناسب ما يعطيه، واذا استمر في انجازه فانه يستمر في تقديره وزيادة اجره، ومن وجهة نظري فان ذلك يعكس وجود مشكلة اقتصادية يجب ان تدرس لتعالج ونحن الآن بصدد دراستها.
وقال الحميدان: إن الشركات يجب ان تأخذ الاستثمار في العامل السعودي كاستراتيجية تدعم من السلطة العليا لها، وتهيئ ادارة الموارد البشرية لديها بان تعي ذلك، ويصبح لديها القناعة بان عليها فحص المتقدمين للعمل لدى الشركة، وتوظف من تجد فيه الكفاءة ليخدم الشركة في اعمالها.
وأشار الى ان ذلك يساعد الوزارة في خلخلة السوق ومعرفة الجادين في العمل والمستعدين للتطور والاستمرار.
واوضح ان كثرة مبادرات الوزارة تعني ان وضع سوق العمل يحتاج الى مبادرات تنظم عمله، لافتا الى ان هناك دراسة تجرى حاليا لوضع حد ادنى للاجور، وما يترتب عليه ذلك، وكيف يستطيع هذا الموضوع الحد من التسرب الوظيفي.
وحول استغلال بعض الشركات في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، قال: اننا نحسن النية في القطاع الخاص، ولكن البعض يحاول استغلال بعض السياسات، وفيما يخص ذوي الاحتياجات الخاصة وضعنا شرطا في التوظيف على الا يتعدى عدد الموظفين من ذوي الاحتياجات نسبة 10 بالمائة من الموظفين السعوديين المسجلين في الشركة، وقال: نحن نحاول ان نبطل الكثير من التجاوزات لكن بعض الشركات تحاول ان تلجأ الى بعض الاساليب بطيب نية لالتزامها باعمال كثيرة وتحاول انجاز اعمالها على وجه السرعة.
واشار الى ان الوزارة لديها مجموعة كبيرة من التقارير التي تساعدها في اتخاذ القرارات والتواصل مع القطاع الخاص لفهم المشاكل، ومحاولة معالجتها ودعم توطين الوظائف.
من جانبه، قال صالح بن علي الحميدان رئيس لجنة الموارد البشرية، ان مبادرات وزارة العمل استطاعت ان تلامس هموم قطاع الاعمال والتحديات التي تواجههم، وكانت ردود الفعل حولها متباينة، فمنها المؤيد ومنها الرافض ومنها المراقب لنتائجها.
وقال الحميدان: ان سوق العمل كان بحاجة الى هذا التنظيم، مشيرا الى ان المبادرات الاخيرة رغم تأخرها الا انها تحاول سد الفجوة ومسايرة الركب، لما يحدث من تنظيم للسوق في سوق العمل في العالم الذي استطاع ان يضمن حقوق العامل وصاحب العمل، ودعم ذلك بتشريعات وتنظيمات مختلفة.
ولفت الحميدان الى ان حملة تصحيح العمالة الاخيرة كانت من اقوى المبادرات لخدمة سوق العمل، وان اثرها سيمتد الى 5 سنوات في السوق المحلي.
وحول حماية صاحب العمل من التسرب الوظيفي قال الحميدان: ان هناك توجها الى إلزام الموظف السعودي بفترة عقد العمل الذي يوقعه مع أي شركة، وربط ذلك بعدم قدرته على العمل في مكان آخر ما لم يكن هناك حجة او قضية منظورة بهذا الشأن.
واوضح الحميدان ان الحملة التصحيحية ستعمل على انهاء ظاهرة العمالة السائبة في الطريق، وسترفع من جودة العمل المقدم وايضا تكلفة العمل، وجميعنا نعلم بان هذا الثمن الذي يجب ان ندفعه مقابل جودة العمل.
من جهته شدد الرئيس التنفيذي لشركة الحفر العربية سعد بن عبدالله الصعب على ضرورة اعطاء الحوافز المالية والمعنوية كعنصر اساسي لتوطين الكوادر والحيلولة دون التسرب الوظيفي، معتبرا ان العصا السحرية لتوطين الكوادر الوطنية تتمثل في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، مبديا استعداد الشركة لتقديم المشورة والتجربة الناجحة لكل من يطلب لتعميم الفائدة ونشر مثل هذه التجارب الناجحة.
وقال الصعب في ورقة عمل (ألقاها نيابة عنه مدير الموارد البشرية بالشركة توفيق الحلال): إن الشركة حققت نسبة سعودة بلغت 10% عام 1990، ارتفعت هذه النسبة لتقارب الـ 70% في الوقت الحاضر، وباتت الشركة في النطاق الممتاز حسب نطاقات وزارة العمل، بالتالي فالشركة في هذا الجانب تعد ناجحة، موضحا أن الشركة حينما مضت في قرار السعودة لم تواجه أية ضغوط من وزارة العمل لاستقطاب السعوديين، الذين كانوا حينها قلة وأجورهم مرتفعة وكفاءاتهم في مجال عمدل الشركة محدودة، بينما كانت العمالة الوافدة متوافرة بكثافة وبأجور أقل وكفاءة أعلى مما لدى السعوديين، لكن الشركة - ومنذ ذلك الوقت - سارت وفق استراتيجية تعتمد قيم التوطين، التي طبقتها من مبدأ المسؤولية الاجتماعية التي تقتضي استقطاب العمالة السعودية، وتدريبها ومن ثم الاعتماد عليها في تنفيذ كافة أعمال الشركة. وتطرق الى جملة من التحديات التي واجهت الشركة في هذا الجانب، ابرزها طبيعة العمل القاسية في أعمال الحفر، وعدم توافر الكوادر الوطنية القادرة على العمل في هذا الجانب، فضلا عن أن التدريب والتأهيل مسألة مكلفة ماديا وتستغرق وقتا طويلا، لذلك عانت الشركة في البداية من تسرّب وظيفي أحدث حالة من عدم الاستقرار في العمل.. وقال: إن الشركة اتخذت عدة إجراءات لتجاوز هذه التحديات، ففي البداية اتجهت الشركة نحو الفئات من ذوي الدخل المحدود، ومن ذوي الشهادات الدنيا، ووفرت لهم بيئة عمل تتسم بالشفافية والمساواة وحصلوا على محفزات مادية ومعنوية، ساهمت في زيادة العمالة الوطنية لدى الشركة، خصوصا في الوظائف الدنيا.
وأشار الى أن الشركة خصصت 5% من ارباحها لاستقطاب السعوديين وتدريبهم والحفاظ عليهم، واضافة الى ذلك بأن وضعت سلم رواتب خاصا بالسعوديين حسب متطلبات سوق العمل ومتغيرات الحياة، وسارت وفق مبادئ تقضي بالعدالة والمساواة بين العاملين، ووفرت الأمن الوظيفي لهم بوضع ضوابط لقرار إنهاء الخدمة، لذلك وعلى مدار 15 عاما ولدينا اكثر من الف عامل لم تحدث لنا قضية عمالية واحدة.
وخلص الى القول بأن كل هذه الاجراءات كان ناتجها هو نسبة عالية من التوطين، وقوة عاملة سعودية مدربة تتعامل مع اقسى الظروف، تحمل رغبة قوية في الاستمرار، فالسعودة - بموجب كل ذلك - لا تتحقق بالأمنيات بل بالإرادة .. مؤكدا أن أي موظف يرغب في الخروج من العمل يتم اجراء مقابلة شخصية له، لمعرفة سبب الخروج والظروف التي أدت الى ذلك للاستفادة منها في المستقبل، هذا فضلا عن الاستبانات السنوية حول الرضا الوظيفي لدى السعوديين.
وأعرب في ختام ورقته عن استعداد الشركة لتقديم تجربتها في التوطين لأي مؤسسة ترغب في ذلك.
من جهته رئيس اللجنة التأسيسية للجنة الوطنية للجان العمالية بالمملكة نضال بن محمد رضوان قال: ان الكثير من العمال السعوديين يفضلون العمل في القطاع العام بدليل انه يترك عمله في القطاع الخاص مع اول فرصة، وذلك لاعتبارات مختلفة ابرزها الاجر والوضوع في السلم الوظيفي والترقيات والاجازات والامان الوظيفي.
واشار رضوان الى ان القطاع الخاص لديه اعمال والتزامات كثيرة؛ لذا فهو يفضل العامل الوافد لانه يعمل تحت كفالته والنظام يجبره على الالتزام، واكد رضوان ان كلمة تصحيح تعني ان هناك خللا من سنين طويلة من اجراءات وسياسات قديمة خاطئة.
وحول عمل اللجان العمالية قال: ان اللجان لم تأخذ وضعها حتى الآن، كونها مازالت تحت التأسيس كما النظام الذي وضع لها كان في العام 2001، واصبح الواجب مراجعته وتحديثه بحسب الاحتياجات الجديدة والتغييرات الحاصلة.