3 مبادرات جديدة لإنجاح التوطين الوظيفي بالمملكة

عبدالعزيز الزغيبي - الرياض 2013/12/11 - 03:00:00

جريدة اليوم السعودية


طرحت ثلاث مبادرات رئيسية عقب مناقشة دراسة «سياسات العمل وتوطين الوظائف في القطاع الخاص»، التي ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي أمس في دورته السادسة، لإنجاح خطط وسياسات التوطين في القطاع الخاص والتغلب على معوقات التوطين، وتضمنت مبررات طرحها، والجهات المعنية بتنفيذها، والآليات المقترحة لترجمتها إلى واقع عملي ملموس.
وخرجت تلك المبادرات الثلاث، والتي تنص المبادرة الأولى على إنشاء هيئة عليا للقوى العاملة في المملكة العربية السعودية، ويتولى تنفيذ المبادرة خلال ثلاث سنوات مجلس الوزراء، ولجنة وزارية تقوم بوضع التنظيم الإداري للهيئة.
وأشارت الدراسة إلى وجود العديد من المبررات لطرح هذه المبادرة، من أهمها تعدد مصادر التشريعات الخاصة بتنظيم سوق العمل، وتعدد الأنظمة التي تحكم سوق العمل والحاجة إلى تطويرها بشكل مستمر لمواكبة المستجدات، والحاجة إلى جهة موحدة تختص برسم الاستراتيجيات، ووضع السياسات التي تحكم سوق العمل، وضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص فيما يخص تطوير الأنظمة والقوانين، كما أن الشراكة بينهما لا تقوم على نظام مؤسسي، ولا ينجم عنها غالباً نتائج تتوافق مع تطلعات القطاع الخاص، علاوة على وجود مؤشرات تتعلق بظهور توطين غير حقيقي، وعدم مواءمة مخرجات النظم التعليمية والتدريبية لاحتياجات سوق العمل، والتستر التجاري الذي يعد واحداً من أبرز معوقات التوطين في القطاع الخاص.
تتمثل مبررات المبادرة، في جاذبية القطاع العام للعمالة الوطنية، وتفضيل العمالة السعودية للعمل لدى الشركات المتوسطة وما فوق؛ بسبب تفوق بيئة العمل فيها على تلك الأصغر، وعدم ملاءمة بيئة العمل في كثير من منشآت القطاع الخاص للمرأة السعودية
كما تتضمن مبررات المبادرة الحاجة إلى سياسات عامة وبرامج لإعادة تأهيل وتدريب القوى العاملة الوطنية، وعدم مراعاة الاختلاف بين مناطق المملكة من راسمي السياسات والبرامج وصناع القرار، إضافة إلى حاجة السياسات والبرامج القائمة للمراجعة والتقويم المستمر.
ووضعت الدراسة عدداً من الآليات لتنفيذ المبادرة، تتضمن توحيد مصادر رسم الاستراتيجيات ووضع السياسات وتطوير الأنظمة التي تحكم سوق العمل، ومعالجة ضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل الشراكة بينهما بشكل مؤسسي، وضمان التجانس بين السياسات التي تنظم سوق العمل، وتطوير الأنظمة والتشريعات لضمان مواكبتها لمتغيرات العصر، واعتماد السياسات والبرامج والقرارات ومنحها الصبغة النظامية بعد التأكد من توافقها مع الأنظمة، وتقييم التنظيمات والتشريعات التي تسهم في الكشف عن التستر، والإسهام في تطوير الأنظمة الحكومية ذات الصلة (المشتريات والمنافسات)، بما يكفل تقديم مميزات نسبية للشركات والمؤسسات التي حققت معدلات عالية في توطين الوظائف، والمراجعة والتقويم المستمر لسياسات وبرامج التوظيف بما في ذلك سياسات الدعم والتحفيز، وتبني سياسة إعادة التأهيل والتدريب والإحلال للقوى العاملة.
وتتعلق المبادرة الثانية بالتحفيز والمشروعات الحكومية، وتتولى تنفيذها وزارة المالية من خلال صندوق الاستثمارات العاملة، ووزارة العمل من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية، علاوة على وزارة التجارة والصناعة، ويتم تنفيذها على مدى خمس سنوات.
وتنبع مبررات المبادرة من الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل، وتشبع القطاع العام وعدم قدرته على استقطاب أعداد كبيرة من الباحثين عن العمل، وتقوية وتوسيع قدرات القطاع الخاص نتيجة لتخصيص المشروعات التي تتولى الحكومة تنفيذها بعد نجاحها، واعتماد برنامج حافز على فلسفة الدعم بشكل كبير يفوق فلسفة التوظيف، وتعزيز الاتكالية لدى شريحة من أبناء وبنات الوطن، كما تعد ميزانية البرنامج ضخمة، ومن شأنها تأسيس مشاريع عملاقة قادرة على استقطاب الكثير من أبناء وبنات الوطن.
وبينت الدراسة أن تنفيذ تلك المبادرة يتم عبر عدد من الآليات، هي زيادة تفعيل الاستراتيجية الوطنية للصناعة، ودراسة وتحديد المشاريع الصناعية الاستراتيجية التفضيلية والتحويلية التي يمكن للقطاع الخاص تنفيذها في مناطق محددة في حال توفر التحفيز الحكومي المادي والنظامي، وتشكيل فرق عمل من جهات التنفيذ لتحديد الأنشطة الاقتصادية المستهدفة التي تحقق غاية هذه المبادرة، وإقامة صناعات متطورة مملوكة للدولة، ولا يستطيع القطاع الخاص تنفيذها حالياً وتتمتع بميزة نسبية، وموزعةعلى مناطق المملكة ومدنها بطريقة متناسبة مع أعداد المتعطلين، وأن تكون الأولوية في تدشين هذه المشاريع للمناطق التي تبين أنها تعاني من البطالة بشكل يفوق غيرها من المناطق.
وتشمل آليات تنفيذ المبادرة تأسيس مشروعات انتاجية حكومية تدار وتنفذ بكوادر نسائية، ودعم وتشجيع القطاع الخاص على إنشاء مشروعات تدار وتنفذ بالعناصر النسائية، والتوسع في تحمل صندوق تنمية الموارد البشرية لجزء من المزايا المالية للقوى العاملة الوطنية في مثل هذا النوع من المشروعات، وتدشين تلك المشروعات داخل النطاق العمراني ما أمكن، وتشكيل فريق عمل نسائي من أجل العمل على ابتكار أساليب جديدة لتوظيف العناصر النسائية، ودراسة الأفكار والمبادرات المطروحة، وتعميم الاستفادة من التجارب الناجحة على المستويين المحلي والعالمي.
أما المبادرة الثالثة التي تطرحها الدراسة فتحمل عنوان «البرنامج الوطني لتحسين وتطوير بيئة العمل»، حيث ان بيئة العمل المادية والمعنوية هي إحدى معوقات توطين بعض الوظائف، ويتولى تنفيذ المبادرة خلال ثلاث سنوات وزارة التجارة والصناعة، ووزارة العمل، والغرف التجارية الصناعية.
وتتمثل مبررات المبادرة، في جاذبية القطاع العام للعمالة الوطنية، وتفضيل العمالة السعودية للعمل لدى الشركات المتوسطة وما فوق بسبب تفوق بيئة العمل فيها على تلك الأصغر، وعدم ملاءمة بيئة العمل في كثير من منشآت القطاع الخاص للمرأة السعودية، وشعور شريحة من طالبي العمل السعوديين بعدم توافر الأمن الوظيفي في القطاع الخاص.
أما آليات التنفيذ، فتتضمن دراسة وتحديد الشروط الخاصة بشغل الوظائف، والمواصفات الملائمة للعاملين والعاملات السعوديين من صندوق تنمية الموارد البشرية، وتطوير وتنفيذ أنظمة ولوائح بالمشاركة مع القطاع الخاص، تكفل تطبيق المواصفات الملائمة للسعوديين في مكان العمل، وكذلك الجزاءات والمكافآت والحقوق والواجبات لكل من المنشأة والعامل، وتحفيز القطاع الخاص عبر برنامج نطاقات لتبني المواصفات الملائمة للعاملين والعاملات السعوديين في مكان العمل والحوافز اللازمة لزيادة الإنتاج وتحقيق الولاء، ومساهمة القطاع الخاص ممثلا بمجلس الغرف في إيجاد وحدة تنظيمية هدفها تقديم المشورة في هذا الخصوص.
وتشمل الآليات تصميم حملة تثقيفية بهدف تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن القطاع الخاص لدى أفراد المجتمع، ووضع المزايا والحوافز لشغل المهن الحرفية والميدانية.
وجاءت تلك المبادرات بهدف القضاء على معوقات توطين الوظائف التي رصدتها الدراسة، حيث لاحظت وجود (20) معوقاً، منها: عدم توافر العدد الكافي من السعوديين الراغبين في العمل في بعض المهن أو الأعمال، مثل المقاولات والصيانة والنظافة، وتفضيل بعض المديرين الأجانب والاستشاريين للعمالة غير السعودية، وشعور شريحة من طالبي العمل السعوديين بعدم توفر الأمن الوظيفي في القطاع الخاص، والتستر التجاري الذي يعزز فرص العمالة الاجنبية، وجاذبية الوظائف في القطاع العام، والنظرة السلبية لبعض شرائح المجتمع تجاه بعض المهن الحرفية والأعمال اليدوية، وضعف اللغة الإنجليزية لدى شريحة كبيرة من القوى العاملة السعودية.
كما تتضمن معوقات التوطين، عدم جاذبية الرواتب والعوائد في كثير من الأعمال التنفيذية بالقطاع الخاص، وضعف مرونة القوى العاملة السعودية في قبول مكان التوظيف أو النقل، وارتفاع أجور القوى العاملة السعودية مقارنة بتكلفة القوي العاملة الوافدة، واعتماد بعض القطاعات على العمالة الموسمية المؤقتة التي يصعب سعودتها، ومبالغة القطاع الخاص في شروط شغل الوظائف، وعدم مواءمة مخرجات النظم التعليمية والتدريبية لاحتياجات سوق العمل، وانخفاض انتاجية القوى العاملة السعودية مقارنة بالعمالة الاجنبية.