بالأرقام..استثناءات بالجملة للحد الأقصى للأجور






المصدر : مصر العربية

بينما كان الجميع ينتظر باهتمام صدور قرار من مجلس الوزراء يضمن تطبيق حد أقصى للأجور، خرجت علينا حكومة الدكتور حازم الببلاوى بقرار لتطبيق الحد الأقصى للأجور على الجهاز الإدارى فقط وبحد أقصى 35 ضعفا للحد الأدنى الذى تم تحديده بنحو 1200 جنيه.



المشكلة الكبيرة التى برزت والتى أوجدها القرار أن هناك استثناءات من شأنها تغذية الفساد مجددًا وعدم تحقيق العدالة كما ينبغى، حيث لم يشمل القرار جهات مثل البنوك العامة ومؤسسات القضاء والشرطة والجيش، والقرار بشكله الذى خرج به جعل العديد من الخبراء يؤكدون أنه سيفشل فى تحقيق عائد مناسب للخزانة العامة، كما أنه سيغذى حالة الانقسام ويكرس للحقد بين الطبقات الاجتماعية المختلفة لاسيما أن الفئات التى تم استثناؤها كان من الممكن توفير 18 مليار جنيه منها إذا ما تم تطبيق القانون عليها.

وبينما تؤكد وزارة التخطيط فى أحدث تقاريرها أن أغنى 20% من السكان يحصلون على 39% من الدخل القومى وأفقر 20% يحصلون فقط على 9% من الدخل، نجد قرار الحد الأقصى للأجور الذى كان من المفترض أن يساهم فى إحداث التوازن المنشود فى الأجور لا يساهم بالقدر الكافى فى مواجهة هذه المشكلة المزمنة بل يعمقها باستثناء الفئات الأكبر دخلًا فى المجتمع من الحد الأقصى.

أجور رؤساء البنوك
وقال الدكتور هشام إبراهيم، الخبير المصرفى، إنه بشكل عام ضد الاستثناءات، موضحًا أن استثناء البنوك من الحد الأقصى أمر يكرس لفكرة التمييز، رغم أن القائمين على شئون البلاد ولجنة الخمسين التى تعد الدستور يتحدثون بشكل مفرط عن عدم التمييز والاستثناءات حتى فى إعداد الدستور فإن الشغل الشاغل هو عدم التمييز وعدم فرض كوتة أو نظام العمال والفلاحين ونسبتهم فى الانتخابات والمواقع النيابية.

وأوضح أن تطبيق الحد الأقصى للأجور على البنوك العامة أمر ضرورى للغاية حيث أن الإدارات العليا تتحصل شهريًا على ملايين الجنيهات، موضحًا أن رئيس البنك وحده يحصل على نحو مليونى جنيه شهريًا هى مجموع ما يحصل عليه نتيجة رئاسته للبنك وعضويته فى مجالس إدارات الشركات المملوكة وبدلات السفر والانتقال والاجتماعات وغيرها.

وأضاف ابراهيم أن الحديث عن أن الحد الأقصى للأجور سيجعل قيادات البنوك العامة تهرب إلى البنوك الخاصة وأنهم كفاءات أمر غير سليم بشكل كامل، لأن قيادات البنوك العامة فى أغلب الوقت يتم اختيارهم وفقًا لتوجهات سياسية معينة، أو طبقًا للعلاقات، موضحًا أن البنوك العامة تحتوى على كفاءات وخبرات كبيرة فى الصفوف المتأخرة نتيجة أن بعض قيادات هذه البنوك تقلص من مهام الخبرات والكفاءات حتى لا تجد منافسًا لها فى البنك.

وأردف أن هناك قرار للبنك المركزى منذ نحو العامين يقضى بضرورة أن تفصح البنوك عن أجور أكبر 20 مسئول لدى كل بنك، إلا أن البنوك لم تلتزم بهذا القرار، ولم نجد بنوكًا أعلنت أرقام أجور رؤسائها.


وأكد أن تطبيق الحد الأقصى على البنوك سيوفر للدولة حصيلة كبيرة يمكن من خلالها تقليص العبء الذى سيقع على الموازنة العامة للدولة فى تطبيق الحد الأدنى للأجور والذى سيتكلف 19 مليار جنيه شهريًا بحسب ما أعلنته وزارة المالية والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.

القضاة : الاستثناء طبيعى
وبالنسبة لاستثناء القضاة من الحد الأقصى أكد المستشار أيمن عبد الغنى وكيل هيئة قضايا الدولة أن استثناء القضاة الذى أقرته الدولة يحدث فى دول كثير من العالم نظرا للطبيعة الخاصة للعمل القضائى.

وأوضح عبد الغني أن القاضى محظور عليه ممارسة أي نشاط تجارى أو سياسى، أي محظور عليه العمل فى أي مجال غير القضاء.
وأضاف عبد الغنى أن القاضى لا يطبق عليه هذا القرار لأنه لا يتاح إليه ما يتاح لأى مواطن آخر وهو أنه من حقه زيادة دخله من خلال ممارسة أي نشاط آخر، فلابد أن حرمانهم من مزايا معينة يكون له مقابل.

وقال عبد الغنى بأن القاضى لا بد أن تتوافر له جميع احتياجاته المادية حتى لا يتعرض للتشتت فى البحث عن موارد أخرى حتى يكون هناك تركيز فى عمله القضائى الذى يحتاج إلى صفاء ذهنى.

وأشار عبد الغنى أن القضاة فى عدد كبير من دول العالم يكون دخله مفتوحا دون وضع حدود مثل إنجلترا وغيرها.

ويرى عبد الغنى أن الهدف من هذا الاستثناء هو تفريغ القضاة للعمل، لأن طبيعة عمل القضاى تختلف عن أي شخص أخر فلابد من تلبية جميع احتياجاته حتى لا ينشغل بالمادة، وهذا ينطبق أيضا على الشرطة والجيش لأنه محظور عليهم ايضا ممارسة أي نشاط تجارى.

وطبقًا لمصادر مطلعة، فإن رواتب القضاة تعد من أعلى شرائح الرواتب بين الجهات الحكومية حيث يبلغ راتب وكيل النيابة خمسة آلاف جنيه كراتب أساسى بخلاف البدلات والمكافآت والانتدابات، وذلك فى بداية عمله.

بينما يبدأ راتب القاضى من 18 ألف جنيه كراتب أساسى ويعمل القاضى أسبوع واحد فى الشهر غير البدلات والمكافآت والانتدابات هذا بخلاف مزايا العلاج المجانى فى أفضل المستشفيات ومزايا النوادى والتصييف.

جدوى القرار
وأشار الدكتورة علياء المهدى، أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن قرار الحد الأقصى للأجور بشكله الذى خرج به لن يفيد كثيرًا فى دعم الميزانية العامة للدولة.

وأفادت أن القرار اختص فقط الجهاز الإدارى للدولة ورواتب هذا الجهاز محدودة، أما المؤسسات التى تم استثنائها فهى البنوك والشرطة والقضاء والجيش فهى المؤسسات التى كان من الممكن أن تحقق عائدًا مناسبًا للخزانة العامة للدولة.

10 آلاف جنيه مرتب ضباط الشرطة
ومن جانبه قال اللواء مجدى بسيونى مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني بأن من سيطبق عليه الاستثناء فى الحد الأقصى للأجور هى فئة قليلة جدا من الشرطة لأن من يحصلون على مبلغ 42 الف جنيه أو يزيد هم القيادات العليا.

وأشار بسيونى أن ضباط الشرطة لا تزيد مرتباتهم عن 10 الالاف جنيه، ولا يزيد عن 12 الف جنيه موضحا أن هذا الاستثناء يستفيد منه مديرى الأمن أو مساعدى وزير الداخلية.
وقال بسيونى أن الشرطة من الفئات التى يحظر عليها ممارسة أي نشاط تجارى، أو العمل السياسى.

وفى نفس الوقت طالب بسيونى بأن يتم وضع حد أقصى لهذه الاستثناءات ولا يكون بشكل مطلق بدون ضوابط.

وأكد أن هذا الاستثناء يستفيد منه قلة من القيادات فقط فى جهاز الشرطة وليس السواد الاعظم، حتى رتبه اللواء لا تصل مرتباتهم إلى الحد الأقصى المحدد.

الحد الأقصى بالقطاع الخاص
ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادى عبدالسلام أبوضيف أن تطبيق الحد الأقصى للأجور كان من المقترض أن يكون على القطاع الخاص أيضًا وليس الجهاز الإدارى أو الحكومة فقط، موضحًا أنه بالنظر إلى الوضع فى الولايات المتحدة فإنها تطبق حدًا أدنى للأجور لكل منطقة بحسب طبيعتها الاقتصادية ومستواها ومعدلات التضخم بها، وكذا فإنها تطبق حدًا أقصى فى كل ولاية بحسب هذه المستويات والمعدلات.

وأوضح أن هناك عددا كبيرا من دول العام تطبق الحد الأقصى على جميع العاملين بها، وهذا يضمن تحقيق العدالة بالشكل الماسب، ويواجه ارتفاع معدلات التضخم، التى ترتفع عادة بسبب قدرة مواطن على شراء سلعة بسعر مرتفع وعدم قدرة مواطن آخر وهو ما يدفع التجار إلى رفع الأسعار طالما يوجد من يشتريها وطالما أن هناك طلبًا سيحقق له المزيد من الربح.