قال العالم النفساني الفرد أدلر Alfred Adler


بعد أن أنفق معظم وقته في دراسة الناس و خصائصهم النفسية الكامنة:
"إنّ من أروع مميزات الإنسان قدرته على تحويل السالب الى موجب"
و إليك مثالا على ذلك قصة ترويها الكاتبة ثلما تومبسون Thelma Thompson
قــالت:


في خلال الحرب العالميه الأخيرة ، صدر الأمر الى زوجي بالانتقال
الى أحد معسكرات التدريب في
"صحراء موجيف" Mojave Desert بولاية نيو مكسيكو



وصحبته إلى مقره الجديد ، ولكني سرعان
ماكرهت ذلك المكان وازدريته . كان زوجي إذا خرج
الى معسكر التدريب في الصحراء ، تركني وحيدة نهبا للضيق والضجر فقد كانت حرارة
الجو فوق ما أحتمل ، ولم أكن أجد من أحادثه أو أسامره
فالمكسيكيون والهنود الحمر لا يتكلمون لغتي وكان الطعام الذي أطعمه ، والهواء
الذي أستنشقه محملين بذرات الرمال . وبلغ بي الشقاء مبلغا كبيرا
حتى أنني كتبت لوالدي خطابا قلت لهما فيه أنني عقدت العزم
على ترك زوجي والعودة اليهما . ورد أبي على خطابي هذا بسطرين فقط
وسطرين سأذكرهما ماحييت لأنهما غيرا مجرى حياتي تماما ،



وهذان السطران هما



" من خلف قضبان السجن، تطلع إلى الأفق اثنان من المساجين ، فاتجه
أحدهما ببصره الى وحل الطريق،أما الآخر فتطلع الى نجوم السماء !"



وقد قرأت هذين السطرين وأعدت قراءتهما مرات ، فخجلت من نفسي، و اخذت
عهدا أن اتطلع إلى " نجوم السماء" وماهي إلا فترة وجيزة


حتى عقدت صداقة وطيدة مع كثير من أهالي تلك المنطقة ، وبادلوني هم
ودا بود ، فما أكاد أبدي اعجابي بشىء من منسوجاتهم ، أو أوانيهم الخزفية حتى يسارعوا


إلى اهدائه إليّ

ورحت أدخل على نفسي البهجة
بتأمل مغيب الشمس في جوف الصحراء ، كما أخذت أشغل وقت فراغي
بالتقاط الأصداف من الرمال التي كانت يوما قاعا للمحيط.


فما الذي أحدث في نفسي هذا التغيير ؟!


إن صحراء موجيف لم تتغير كما لم يتغير الهنود الحمر ، ولكني أنا
التي تغيرت ، أو تغير اتجاهي الذهني وبهذا استطعت أن أحول تجربة أليمة
إلى مغامرة مثيرة تعمر بسيرتها حياتي بل قد كانت تلك المغامرة


من الاثارة بحيث دفعتني إلى تأليف قصة عنها بعنوان " قضبان لامعة "


وكنت أعني بها تلك القضبان التي تطلعت من ورائها فرأيت نجوم السماء !
على أن " ثلما " لم تكتشف إلا حقيقة قديمة عرفها الاغريق
قبل الميلاد بخمسمائه عام ،حيث قالوا :


" أفضل الأشياء أصعبها منالا "
وأعاد " هاري ايمرسون فوزديك" صياغة هذه الحقيقة فقال :
" ليست السعادة في السرور وانما هي في الظفر "


نعم ! الظفر الذي نحسه حين تثمر أعمالنا حين نحيل السالب إلى موجب !
وهب أننا أصابنا اليأس فأفقدنا الأمل في احالة حياة الكدر
إلى حياة عذبة صافية ، فهناك سببان يدفعاننا إلى المحاولة ، فقد نكسب
كل شىء ، ولكننا على التحقيق لن نخسر شيئا..


-1 السبب الأول: أننا قد ننجح في المحاولة


-2 السبب الثاني: أنه على فرض اخفاقنا، فإن المحاولة في ذاتها "محاولة استبدال السالب بالموجب"


ستحفزنا على التطلع إلى الامام
بدلا من الالتفات الى الوراء ، وستحل الأفكار الانشائيه في أذهاننا
محل الأفكار الهدامة ، وتولد فينا طاقة من النشاط تدفعنا إلى الانشغال
بالعمل فلا يغدو أمامنا متسع من الوقت للتحسر على الماضي الذي ولّى وانتهى



بينما عازف الكمان العالمي " أول بول " يقيم إحدى حفلاته الموسيقية
في باريس ، انقطع فجأة وتر من أوتار كمانه ، فما كان من العازف البارع
الا أن واصل العزف على الأوتار الثلاثة الباقية!
هكذا يجب أن نخوض