مهارة تقييم المعلومات

النقد Critizing:
النقد عمليةُ تفكيرٍ تتضمَّن القيامَ بفحصٍ دقيقٍ لموضوعٍ ما بهدف تحديد مَواطنِ القوَّة والضعف فيه، من خلال تحليل الموضوع وتقييمه استنادًا إلى معايير تُتَّخذ أساسًا للنقد أو إصدار الأحكام، وقد تكون المعاييرُ التي تشكِّل عادةً أساسَ الحكم محدَّدةً بوضوحٍ قبل ممارسة النقد، وقد لا تكون، وفي هذه الحالة تفهم المعايير ضمنًا من واقع العبارات المستخدمة في نقد الموضوع، وعند تقديم المعلِّم لعملية النقد ينبغي توجيه الطلبة لملاحظة ثلاث مسائل في غاية الأهمية:
• إن عملية النقد ليست عمليةَ تصيُّدٍ للأخطاء أو حطٍّ من قيمة أي موضوع.
• إن الحكم على موضوعٍ بأنه جيِّد أو رديء لا بد أن يقترنَ بإيضاح السبب الذي يستند إليه الحكم أو المعيار الذي بموجبِه عُدَّ الموضوع جيدًا أو رديئًا، وعليه؛ فإن قيمة الأحكام التي يصدرُها الناقد تتوقَّف على توافر أسس معقولة للحكم.
إن المشاركة الفاعلة في عملية النقدِ تعتمدُ بدرجة كبيرة على قاعدة المعلومات التي يمتلكها الطلبة حول موضوع النقد، وعليه؛ لا بد من جمعِ وتنظيم المعلومات اللازمة حول الموضوع قبل البَدْء بالنشاط النقدي.
• إن لَدَى الطلبة عادةً ما يقولونه في الحكم على الأحداث والمشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعملية، بل إنهم يحبُّون إصدار الأحكام، ويرحِّبون بالأسئلة التي تستدعي تقييم حادثة أو قصة أو مسرحية أو لوحة فنية، وعندما يعرضون أحكامهم، فمن المفيد مطالبتهم بإعطاء الدليل المؤيِّد لأحكامهم، أو البحث عن المعايير التي اتَّخذوها أساسًا للحكم، ومقابلة هذه المعايير مع بدائل أخرى يمكن تطبيقها على الحالة موضع النقد، وفي كل الحالات يجب الاعتراف بحق الطلبة في النقد ومشاركة الآخرين قيمَهم التي توجِّه سلوكهم حاضرًا ومستقبلاً، ومن المفيد أن يستمع المعلمُ إليهم ويشجِّعهم على تأمل أحكامهم، وفحص النقاط والتعليقات المهمة التي أثاروها في نقدهم لموضوع ما.
وعندما يمارس الطلبة عملية النقد بشكلها الصحيح، فإنهم يتعلمون:
• الحرص على وجود أساس أو سند لما يقولون.
• حقيقة وجود تنوع في المعايير، وتقييم زملائهم لهذه المعايير.
• أن النقد عملية بحث عما هو جيِّد وقيِّم، وما هو رديء وعديم القيمة، وما هو "بين بين". ولمساعدة أكبر عددٍ ممكن من الطلبة على المشاركة الفاعلة في النشاطات النقدية، لا بد أن يرسِّخ المعلم لدى طلبته انطباعًا مفادُه احترامه الكامل لآرائهم، وثقته بقدراتهم على التحليل والتقييم.
إن النشاط النقدي يمكن ممارسته في جميع الموضوعات الدراسية، ولكن الفنون اللُّغوية ربما كانت من أوسع الحقول التي تقدِّم فرصًا وفيرة للطلبة كي يتدرَّبوا ويطوِّروا كفاياتهم على النقد والتقييم.
إنهم يقرؤون قصائد وقصصًا وروايات، ويشاهدون مسرحيات ومسلسلات وبرامج تلفزيونية، كما يستمعون إلى إنشاء زملائهم وكتاباتهم في الصف.
وهذه كلها موضوعات تستدعي إصدار أحكام حول الجودة والنوعية، ومع الممارسة المتكررة يمكن أن ترقى أحكامهم الساذجة من نوع التعليق بالقول: "كانت مسرحية جيدة"، إلى مستوى التفكير العميق في البحث عن المحك الذي يبرر إصدار مثل هذا الحكم القيمي.
ومن الأمثلة على نشاطات لُغَوية يمكن أن يمارس الطلبة نقدَها وتقييمَها ما يلي:
شاهد كلٌّ من (علي وسمير) مسرحية "العيال كبرت" وبعد خروجهما قال علي: " إنها مسرحية تافهة!"، بينما قال سمير: "بل إنها مسرحية عظيمة!".
مَن منهما على صواب؟
كيف يمكن أن نتعرف على الحقيقة؟
كيف يمكن لاثنين أن يكون لهما مثل هذه الأفكار المختلفة حول نفس المسرحية؟
وفي مجال النقد الأدبي نُورِد النص الآتي لإيضاح عملية النقد وخطواتها:
"لعلك ترى دقيقَ القمح، أو دقيق الذرة أو الأرز، أو لعلك ترى الجُبْن واللبن، وتريد أن تصف لونَها، فتقول: إنه اللون الأبيض، وأنت ترى مسحوق الفحم، أو قَطِران الزيت، أو شَعر بعض بني الإنسان وهو ملء رأسه، فتقول: هذا اللون الأسود.
وتخلط دقيق قمح أبيض بدقيق فحم أسود، فينتج لديك لون هو بين البياض والسواد هو اللون الرمادي، وهو درجات، يكثر بياضها أو يكثر سوادها.
فهذه هي الألوان التي يتألف منها بياض النهار وسواد الليل، وما بينهما.
وتجوبُ سطحَ الأرض تبحثُ في صخورها، فتتكشَّف لك صخورها عن ألوان شتى، وتزدهر هذه الألوان ازدهارًا حتى ليصبح الصخرُ حجرًا ثمينًا، فيكون الياقوت والزمرد والزَّبَرْجد وما إليها.
وتجوبُ زرع الأرض، فتجد اللون الأخضر غالبًا، وتخرج الثمار وتخرج الأزهار بألوان شتى. فالخيار أخضر، والموز أصفر، والورد أحمر وأصفر، وكما في الزرع ففي كل كائن آخر حي. في الحشرات، وفي سائر الحيوانات، وفي الأسماك، والطيور خاصة.
إن الطبيعة في شتى مناشطِها على سطح هذه الأرض، وشتى مخلوقات الله عليها، أنتجت من الألوان ما عجز جرم سماوي آخر، كالقمر، أن ينتجه... إن القمر لا حياة فيه، فامتنعت عليه ألوان لا ينتجها إلا النبت، وإلا ما يعيش على النبت من أحياء.
وفي سماء الأرض زرقة، ليست في سماء القمر.
ولم يَقنَعِ الإنسانُ بالذي نتج في الأرض المَوَات من لونٍ، ولا بالذي لبسته وازدانت به سائر الأحياء، فراح بالعلم - وبالكيمياء خاصة - يصنع اللون، فصنع منه آلافًا، فزيَّن البيوت، وزين أثاثها، وزين ملابس سكَّانها وبعلم الزهور اصطنع للحدائق ألوانًا جديدة لم يعرفها النبات وحده، حتى أصبح الإنسان يعيش عيشًا اللونُ بعض أصوله.
وابتدع الإنسان الفن، فكان اللون أصرخ ما فيه، وتوارث الإنسان الفن صورًا رائعة تصور حياة الناس على هذه الأرض، ريشات حملت من رقعة الألوان الصبغ الأصفر والأحمر والأخضر، وبسطته على لوحات من خيش، فخلقت من كل ذلك ما أبكى حينًا، وما أضحك حينًا، وما سكت الناظرُ أمامه عن ضحك وعن بكاء حالمًا ساهمًا، يحاول أن يستكنه الحركات النفيسة الدفينة في هذه الصور الرائعة".
إن الخطوة الأولى في عملية النقد تتطلب وضع المعايير التي سيتم بموجبها نقد الموضوع، وإذا كانت معاييرُ النقد الأدبي متباينةً بين المدارس النقدية، فإن معظمَها تتَّفِق على معايير أساسية وعامة للنقد الأدبي، من أبرزها ما يأتي:
• سلامة اللغة بمراعاة القواعد الإملائية والنَّحْوية والصرفية.
• سلامة الشكل الفني من حيث ملاءمة علامات الترقيم والتفقير (تقطيع الفقرات).
• سلامة الأسلوب من حيث الابتعاد عن التعقيد والحشو واستخدام الصور الفنية في موقعها الملائم، وكذلك توظيف الاقتباس والتضمين في مواقعه الملائمة، والابتعاد عن أسلوب الوعظ والإرشاد المباشرينِ.
واستنادًا لهذه المعايير نقترحُ ممارسة عملية النقد الأدبي للنص السابق على النحو الآتي:
الشكل الفني:
• الفقرة الثالثة: ورد تعبير، متبوعًا بنقطة (.)، والصحيح أن تتبعه فاصلة منقوطة (؛)؛ لأن السياق يستدعي التفصيل، وليس الوقف لانتهاء الفكرة، وكذلك بعد كلمة "حي".
• الفقرة السادسة: وردتْ جملتانِ "وزين ملابس سكانها وبعلم الزهور" بدون نقطة بعد "سكانها"؛ لأن الفكرة قد انتهت وبدأت جملة جديدة تحمل فكرة جديدة.
• الفقرة الثانية وردت جملة "فهذه هي الألوان التي يتألَّف منها بياض النهار وسواد الليل، وما بينهما"، وقد وضعت كفقرة مستقلة، مع أنها لا تحمل فكرة منفصلة عما قبلها، والأصح أن يتم إلحاقها بالفقرة السابقة.
• الفقرة الخامسة وردت جملة "وفي سماء الأرض زرقة، ليست في سماء القمر"، وقد وضعت كفقرة مستقلة كذلك، والأصح أن يتم إلحاقها بالفقرة السابقة.
الأفكار:
جاءت الفكرة الأولى مناسبة لافتتاح الموضوع، وهي مشوِّقة؛ لاشتمالها على مفاهيم ومفردات مألوفة ولازمة لحياة الإنسان، وجاءت الأفكار التالية متسلسلة مترابطة تدعم الموضوع الرئيس.
الأسلوب:
النص يخلو من التراكيب المعقدة والصور الفنية، ومع أن البداية جاءت مشوِّقة تشجع القارئ على الاستمرار في متابعة الموضوع، لكن الخاتمة غير واضحة، بل كأنك لا تجد خاتمة للموضوع، وقد استخدم الكاتب صورة غريبة عندما أورد فكرة خلط القمح الأبيض بدقيق الفحم الأسود لإنتاج اللون الرمادي.
لم يكن الكاتب موفقًا في استخدام إشارات الحذف "..." في الفقرة الرابعة؛ لأن الحذف أدَّى إلى غموض العبارة، كما أن العبارة الأخيرة في النص "يحاول أن يستكنهَ الحركات النفسية الدفينة في هذه الصور الرائعة" غامضة.
هناك حشو في المواضع الآتية:
• الفقرة الثالثة: "فيكون الياقوت والزمرد والزبرجد وما إليها".
• الفقرة الرابعة: "فامتنعت عليه ألوان لا ينتجها إلا النبت، وإلا ما يعيش على النبت من أحياء".
• الفقرة السادسة: "حتى أصبح الإنسان يعيش عيشًا".
• الفقرة الأخيرة: "... ما أبكى حينًا، وما أضحك حينًا، وما سكت الناظر أمامه عن ضحك وعن بكاء".
التعرُّف على الأخطاء والمغالطات:
الخلط بين الرأي والحقيقة:
يتعرَّض الفرد الذي يشهد في عصرنا ثورةً في عالم الاتصالات والمعلومات إلى سيلٍ من الموادِّ الإعلامية التي تنقُلُها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعات على اختلاف أنواعها، ومن الطبيعي أن يلتبس الأمر على الكثيرين في التمييز بين الحقيقة والرأي، ومن الظواهر الشائعة بين الطلبة على اختلاف المراحل الدراسية أنهم يقرؤون الموادَّ المقرَّرة، ويتعاملون معها وكأنها حقائق مسلَّم بها دون نقاش.
وفي مجالات الحياة العامة ينقل الناس أخبارًا وحوادث على أنها حقائق مؤكَّدة، وعندما تثار تساؤلات أو شكوك حول صحتها، لا تجد في ردودهم ما هو مقنع للسامع؛ من مثل قولهم: "هذا مكتوب في الجرائد"، "هذا الخبر أذاعته محطة..."، "هذا ما قاله الأستاذ".
إن المتعلِّم بحاجة إلى تدريبٍ وممارسة؛ حتى يكتسبَ المهارة اللازمة لتمكِّنه من التعرف على الأقوال أو التعبيرات التي تعد حقائق ثابتة، وتلك التي تعبر عن وجهات نظر أو آراء قائليها أو ناقليها، وحتى يكون التدريب فعَّالاً لا بد من توضيح المعايير العامة التي تشكل حدودًا فاصلة بين الحقائق والآراء، وفيما يلي قائمة بملامح الحقائق مقابل الآراء:
الحقائق
الآراء
وقعت أو وجدت في الماضي
من المحتمل أن تحدث مستقبلاً (أو حدثت في الماضي)
عدد قليل جدًّا من الناس لا يتقبلون الحقائق
عدد أكبر من الناس لا يتفقون مع الآراء
تحوي معلومات رقمية وأمثلة محدودة
ليست أكثر من مقولات عامة لم تثبت بصورة فعلية
تبنَى على خبرات عدد كبير من الناس
مبنية على ما يعتقد الفرد أنه صحيح
من الأمثلة على الحقائق التي تنسجم مع المعايير أعلاه:
يبلغ عدد سكان الأردن حوالي أربعة ملايين ونصف المليون نسمة.
احتلَّت إسرائيل الضفة وغزة وصحراء سيناء وهضبة الجولان عام 1967 م.
أما الآراء، فمن الأمثلة عليها:
مادة الجبر أصعب من الهندسة.
المدارس الخاصة أفضل من المدارس الحكومية.
التناقض أو عدم الاتساق:
التناقض في أي مادة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، يعني ببساطة وجود تعارض أو عدم اتساق بين شيئين أو فكرتين لا يمكن أن تكونا صحيحتين في نفس الوقت، وهو من الأخطاء المنطقية التي يقع فيها الكاتب أو المتحدث؛ نتيجةَ الإهمال وعدم الانتباه في اختيار الألفاظ وتطوير الأفكار الواردة في النص أو المادة المَنْوِي توصيلها للقارئ أو السامع.
وقد يحتاج القارئ أو السامع إلى تدريب ويقظة للتعرف على التناقضات التي يواجهها.
اقرأ السؤال الآتي وحاوِلِ التعرف على موضع التناقض فيه:
يوجد مع أحمد قطعٌ نقدية من فئتي عشرة قروش وخمسة قروش، فإذا كان عدد قطع فئة عشرة قروش سبعةَ أضعاف عدد قطع فئة خمسة قروش، وكانت قيمة القطع من فئة خمسة قروش تزيدُ عن قيمة القطع من فئة عشرة قروش بمبلغ 130 قرشًا، فكم يبلغُ عدد القطع النقدية التي بحوزته من كل نوع؟
إذا تفحَّصنا نص السؤال يمكننا تلخيص المعطيات على النحو الآتي:
معطى (1): عدد القطع من فئة عشرة قروش أكبر من عدد القطع من فئة خمسة قروش.
معطى (2): قيمة القطع من فئة خمسة قروش أكبر من قيمة القطع من فئة عشرة قروش.
هل هذا معقول؟!
بالطبع ليس من المعقول أن يكون عدد القطع من فئة عشرة قروش أكبر من عدد القطع من فئة خمسة قروش، بينما تكون قيمتها أقل من قيمة القطع من فئة خمسة قروش، وعليه؛ فإن التناقض واضح بين مضمون المعطى (1) ومضمون المعطى رقم (2)؛ نظرًا لاستحالة أن يكونا صحيحين في نفس الوقت.
ويمكن إزالة التناقض بإعادة صياغة المعطى رقم: (2) على النحو الآتي:
معطى (2): قيمة القطع من فئة عشرة قروش أكبر من قيمة القطع من فئة خمسة قروش بـ 130 قرشًا.
ولإعطاء مثال على التناقض المكشوف في نص لُغَوي، نورد ما يلي:
"تعرَّض فريق كرة السلة بالمدرسة المجاورة لحادث سيارةٍ أدَّى إلى وقوع عدة إصابات بين اللاعبين، وقد نُقِل المصابون إلى الطوارئ بمشفى قريب من مكان الحادث؛ حيث أفاد الأطباء بأن إصابات اللاعبين تراوحت بين كسور في أرجل اللاعبين وجروح خفيفة متفرقة، وخرج اللاعبون جميعًا بعد إجراء الإسعافات المطلوبة باستثناء قائد الفريق الذي تقرَّر أن يبقى في المستشفى لمدة يومين أو ثلاثة، وكان رأي الطبيب المعالِج أنه لن يكون قادرًا على استخدام يده اليسرى في اللعب".
إن النص يتضمن تناقضًا واضحًا بين إفادة أطباء قسم الطوارئ التي حصرت إصابات اللاعبين بين كسور في الأرجل وجروح خفيفة متفرقة، وبين رأي الطبيب المعالج لقائد الفريق من حيث عدم قدرته على استخدام يده اليسرى في اللعب.
ومع أن التناقض أو عدم الاتِّساق قد يبدو واضحًا في كثير من النصوص والأخبار والإعلانات والمواقف، إلا أنه يصعب أحيانًا فهم الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في فخ التناقض حتى من قِبَل شخصيات أو جهات اعتبارية، إلا إذا كان السببُ الرئيس لعدم التنبُّه لهذا الخطأ هو الجهل أو الضعف في مهارةِ التعرُّف على الأخطاء والمغالطات التي مَرَدُّها عدم الاتساق في التفكير، وقد يكون من المفيد إيرادُ مثال من الحياة العملية كما ورد على صفحة من جريدة الأسواق الأردنية بتاريخ 1998 /1 /22:
إعلان صادر عن مراقب الشركات:
يُعلِن مراقب الشركات في وزارة الصناعة والتجارة بأن الهيئة العامة للشركة الشرقية لقطع الغيار ذات المسؤولة المحدودة والمسجَّلة تحت الرقم (3090) بتاريخ 1993/2/17، قد قرَّرت في اجتماعها غير العادي والمنعقد بتاريخ 1997/2/25 الموافقةَ على تخفيض رأسمالها ليصبح (250,000) دينار بدلاً من (300,000) دينار؛ تمهيدًا لزيادة رأسمالها ليصبح (400,000) دينار، يرجى ممن له اعتراض على ذلك مراجعة مديرية الشركات بالوزارة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ نشر الإعلان.
مراقب الشركات / لؤي مسمار
إن اكتشاف التناقض بالنسبة للقارئ في هذا الإعلان لا يحتاج إلى عناء كبير؛ لأنه موجود في نفس الجملة؛ إذ كيف يمكن أن يفسَّر قرار بتخفيض رأس المال تمهيدًا لقرار آخر برفع رأس المال؟
أما التناقض الغامض الذي يحتاج إلى قراءة بين السطور، فنورد عليه المثال الآتي:
"يُصنَع الفولاذُ بخلط الحديد والكربون معًا، ويستخدم لصناعة أدوات شديدة الصلابة تتحمل الضغط، وقد كان الكثير من العدد اليدوية والأدوات والمسامير يصنع من الحديد النقي، وعند مقارنة المواد المصنَّعة من الحديد النقي مع المواد المصنعة من الفولاذ نجدُ أن الموادَّ المصنَّعة من الحديد النقي أكثر صلابة".
إن النص هنا يتضمَّن تناقضًا مبهمًا يتعلق بدرجة صلابة المواد المصنعة من الفولاذ مقارنةً بتلك المصنَّعة من الحديد النقي، فبينما تقرِّر الجملة الأولى أن خلط الحديد والكربون في صناعة الفولاذ يهدفُ إلى زيادة صلابة المواد المصنعة، نجد أن الجملة الأخيرة تشير إلى أن المواد المصنعة من الحديد النقي أشد صلابة.
وفي بعض الأحيان يصعب اكتشاف التناقض في المعلومات المعطاة دون وجود خلفية معرفية مناسبة، ومن الأمثلة على ذلك اكتشاف التناقض في النص الآتي:
أقصر أيام السنة في نصف الكرة الأرضية الشمالي هو يوم الحادي والعشرون من كانون أول (ديسمبر)، كما أن يوم الحادي والعشرين من كانون الثاني (يناير) هو أيضًا أقصر أيام السنة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
"بدأت مشكلة جنوب السودان بعد الاستقلال، فقد أثرت هذه المشكلة في استقرار السودان وأمنه، وحاولت الحكوماتُ السودانية المتعاقبة إيجادَ حلول لهذه المشاكل، فعندما أُعلِن استقلالُ السودان قرَّر البرلمان السوداني إعطاءَ الجنوب صفة فيدرالية، واستمر هذا الوضع قائمًا حتى عام 1983 م، حينما أنهى الرئيس السوداني جعفر النميري الحكم المحلي في جنوب السودان، فاحتج الجنوبيون على هذا الإجراء وانفجر الصراع في جنوب السودان".
إن هذا النص يتضمَّن أفكارًا مشوشة ومتناقضة حول مشكلة جنوب السودان؛ لأنه يبدأ بتقرير وجود المشكلة منذ الاستقلال، ولكنه يقرِّر بعد ذلك أن المشكلة قد حُلَّت بإعطاء صفة فيدرالية للجنوب حتى عام 1983م، ثم يعود ليقرِّر تفجر الأوضاع بعد ذلك، ولو أخذت العبارات بحرفيَّتها، فلن يجد القارئ صعوبةً في ملاحظة التناقض بين البداية والعرض والنهاية في العبارة المذكورة.
ومن الأمثلة على التناقضات في اللغة الإنجليزية نورد القطعة الآتية:
"Ahmed is a butcher who always sells stale bread. One morning last week as he was busy working in his office , a lady came in and ordered six loaves and four apples. Ahmed had never had such a large order befor and he suggested bringing the cakes and sandwiches to her house in his van. So, at 10 a.m. after a hard days work , Ahmed put on his overcoat and scarf and stepped out into the sunny June evening. As he approached his customers tent, Ahmed took the goods from the basket of his bicycle and walked up the front path to hand over the vegetables to the lady wait - ing in the reception hall " (Frank, Rinvolucri & Berer, 1982, p.33)
إن القراءة المتأنية لمضمون هذا النص تكشف عن وجود الكثير من التناقضات التي يمكن التعرف عليها بسهولة ودون عناء، ومن بين هذه التناقضات نذكر ما يأتي:
• أحمد جزار يفترض أنه يبيع اللحم وليس الخبز والخضروات.
• الخبز الجاف أو القديم لا يكون جيدًا كما وصف في النص.
• أحمد جزار ولا يمكن أن يكون عمله في المكتب.
• الزبون (السيدة في النص) لا يذهب إلى محل الجزار لشراء الخبز والتفاح.
• ما طلبته السيدة (ستة أرغفة وأربع تفاحات) ليس كثيرًا، كما أنها لم تطلب كعكًا وسندويتشات.
• ما طلبته السيدة لا يحتاج من البائع أن يوصله إلى بيتها بسيارته.
• كيف يمكن أن يكون اليوم متعِبًا لأحمد وقد غادر العمل مبكرًا عند العاشرة صباحًا؟
• لم يكن اليوم ماطرًا، بل صيفيًّا مشمسًا، وبالتالي لم يكن ضروريًّا أن يلبس أحمد معطفًا ولفحة.
• غادر أحمد عند العاشرة صباحًا وليس مساءً.
• تسكن السيدة بيتًا وليس خيمة؛ لأنها استقبلت البائع في صالة الاستقبال.
• كان يفترض أن أحمد يقود سيارة وليس دراجة.
أما القطعة الآتية، فإن أوجه التناقض فيها مبطنة، وتحتاج إلى فهم أعمق لمحتوى النص حتى يمكن اكتشافها:
"Many different kinds of fish live in the ocean. Some fish have heads that make them look like alligators, and some fish have heads that make them look like cats. Fish live in different parts of the ocean. Some fish live near the surface of the water, but some fish live way down at the bottom of the ocean. There is absolutely no light at the bottom of the ocean. Some fish that live at the bottom of the ocean know their food by ist col - or. They will only eat red fungus.
أما وجه التناقض المبطن في النص، فإنه موجود في آخر جملتين؛ حيث يقرِّر النص أن قاع المحيط مظلم، ثم يشير إلى أن بعض الأسماك التي تعيش في قاع المحيط تجد طعامًا عن طريق التعرُّف على لونه، وأن هذه الأسماك لا تأكل سوى نوع معين من النبتات البحرية هو Fungus، وإذا كان البحر في أعماقه مظلمًا، فكيف يتسنَّى للأسماك في قاعه أن تتعرف على لون طعامها؟
صلة المعلومات بالمشكلة:
تعد المعلومات التي نسمعها أو نقرؤها وثيقة الصلة بالمشكلة المطروحة إذا كانت ضرورية ومفيدة لفهم المشكلة وحلِّها، وفي كثير من الحالات - سواء في المواقف التعليمية المبرمجة أو المواقف الحياتية - لا تقتصر المعلومات المعطاة على ما يحتاجُه المتعلم لفهم المشكلة وحلها، وذلك بهدف زيادة درجة صعوبة المشكلة، عن طريق إضافة جزئيات من المعلومات التي لا ترتبط بالمشكلة ولا قيمة لها في الحل، وإذا لم يتمكن المتعلم من فرز المعلومات ذات العلاقة بمتطلبات الوصول إلى حل المشكلة من تلك المعلومات الهامشية أو المضللة، فإنه قد يفقد السيطرة على الموقف ويصاب بالارتباك وتشتُّت الانتباه، وبالتالي لن يكون قادرًا على حل المشكلة بالشكل الصحيح، وبناءً عليه؛ فإن مهارة التعرف على المعلومات غير المرتبطة بحل المشكلة من المهارات المهمة للتفكير التقييمي، الذي يعتبر من المكونات الأساسية للتفكير الناقد.
وفي دراسة تجريبية قام بها الكاتب على عينة من 386 طالبًا وطالبة - تم اختيارهم بصورة عشوائية من مدارس عديدة في محافظتي العاصمة والبلقاء في المملكة الأردنية الهاشمية - موزعين على الصفوف من الثالث إلى السادس الأساسي، للتعرف على مهاراتهم في تحديد المعلومات المرتبطة بحل المشكلة، أُعطِي الطلبةُ مجموعة من أسئلة الرياضيات التي تحتاج إلى إجادة العمليات الحسابية الأربعة، بالإضافة إلى مهارة التعرف على العلاقات، وكان أحد الأسئلة كما يأتي:
عائلة مكوَّنة من سبعة أفراد، عمر الابن الأكبر 25 سنة، وعمر الابن الأصغر يقل عن عمر الابن الأكبر بعشر سنوات، كم سن عمر الأب إذا كان أصغر الأبناء وأكبرهم ذكورًا؟
وكانت النتيجة أن أيًّا من المفحوصين لم يتوصل إلى الإجابة الصحيحة؛ ببساطة هي أن المعلومات المعطاة غير كافية لحل السؤال، وأشار تحليل الإجابات إلى أن الأغلبية العظمى من المفحوصين لم تتردَّد في جمع الأرقام المعطاة دون إدراك لمدى ارتباطها بحل المشكلة.
ومن الأسئلة المشابهة نورد المثال الآتي:
تبلغ مساحة المملكة الأردنية الهاشمية 98,287 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ عدد سكانها أربعة ملايين ونصفًا، فإذا كانت نسبة الإناث تصل إلى 48% من مجموع السكان، ومعدل دخل الفرد يبلغ حوالي ألف دينار سنويًّا، فكم تبلغ الكثافة السكانية في الكيلو متر المربع الواحد؟
وإذا تفحَّصنا المعلومات المعطاة في السؤال، لوجدنا أن نسبة الذكور إلى الإناث ومعدل دخل الفرد السنوي ليست ذات علاقة بحل السؤال؛ لأن الحصول على الكثافة السكانية يتم عن طريق قسمة عدد السكان على المساحة فقط.
وفي سؤال آخر وجَّه المعلم طلبتَه من مستوى الصف الثامن الأساسي إلى مكتبة المدرسة؛ لإعداد ورقة موجزة عن رياضة كرة القدم بالرجوع إلى الكتب الموجودة في المكتبة وذات العلاقة بالموضوع، وطلب إليهم أن يكتبوا مجموعة فقرات قصيرة تصف الكتاب المطلوب حتى يتمكن أمين المكتبة من مساعدة كل منهم في الحصول على الكتاب المناسب، فكتب أحد الطلبة ما يلي:
يجب أن يكون الكتاب:
• رخيص الثمن.
• عدد صفحاته لا يقل عن مائة صفحة.
• حديث الطبع لم يمضِ على نشره أكثر من سنة.
• يتضمن عرضًا لتاريخ لعبة كرة القدم.
• غلافه من الورق المقوَّى.
• مكتوبًا باللغة العربية.
• يتضمن قواعد التحكيم.
ولو نظرنا إلى هذه المواصفات التي وضعها الطالب، لوجدنا عددًا منها لا قيمة له بالنسبة للموضوع، ولا يساعد أمين المكتبة على اختيار الكتاب المناسب إذا التزم بجميع المواصفات، ومن الواضح أن عدد الصفحات وطبيعة الغِلاف وثمن الكتاب مواصفاتٌ ليست وثيقة الصلة بالموضوع، وبالتالي لا جدوى من وضعها في القائمة.
• المغالطة في الاستدلال المنطقي أو الاستنتاج:
الاستدلال المنطقي عملية تتضمن التوصل إلى استنتاجات بالاستناد إلى دليل ما، وكثيرًا ما يتسرع الناس في الوصول إلى استنتاجات لا تبررها الأدلة المتوافرة لديهم.
وتأتي الاستنتاجات المغلوطة على أشكال عدة، من بينها:
الافتراض بأن شيئًا ما لم يكن ليحدثَ لو لم يسبِقْه حدوث شيء أو أحداث أخرى؛ مثل:
لو لم يولد أينشتاين لما كان في عالم اليوم قنابل ذرية.
الافتراض بأن الكل له خواصُّ كلِّ جزء من أجزائه؛ مثل:
قطع هذا الحاسوب رخيصة، إذًا فالحاسوب يجب أن يكون رخيصًا.
الافتراض بأن خواص الكل تنطبق على كل حالة ترتبط بالكل أو تنتمي إليه؛ مثل:
• شعرها أشقر، إذًا لا بد أن تكون ألمانية، الألمان شعورهم شقراء.
• المعادن بعامة صلبة؛ لذا فإن معدِن الزئبق لا بد أن يكون صلبًا.
الافتراض بأن وجود خاصية ما يستتبع آليًّا وجود خاصية أخرى؛ مثل:
• الألمنيوم خفيف؛ لذلك لا يمكن أن يكون شديد القوة.
• سعيد لا يزور المكتبة، إذًا لا بد أنه لا يحب القراءة.
استخدام فروض صحيحة بطريقة تؤدي إلى استنتاجات مغلوطة؛ مثل:
• جميع الكلاب حيوانات.
• جميع القطط حيوانات.
• إذًا جميع الكلاب قطط.