فضية الريس




حضرت إلى مكتبي إحدى المتدربات كضيفة فقط مع إحدى قريباتي التي كانت تتلقى دورة تدريبية في ذات الوقت .. وحيث إنهما كانتا زميلتين في نفس الدورة التدريبية ، فقد أصرت قريبتي أن تمنحني فرصة التعرف عليها وعلى قدراتها الخرافية ، حسب وجهة نظر قريبتي طبعا .. كانت المتدربة سعيدة بمعارفها أو تلك التي كانت تطلق عليها معارف .. تتباهى وتتحدى أنها لا تخطئ التخمين مطلقا .. فهي قادرة على أن تعرف الكثير عنك وعن شخصيتك دون أن تتكلم . تفتخر كونهاتلقت دورات تدريبية من جهات مختلفة .. طبعا " معهد الإدارة ليس من ضمنها " في كيف تتعرف على الشخصية من خلال خطه ، وكيف تتعرف على شخصية من أمامها من خلال النظر الى التوقيع فقط. وهي بذات الوقت تعقد دورات تدريبية خاصة لتعليم الآخرين هذا الفن الاستثنائي ..




على الرغم من إنني لم احتفي بتلك المهارات التي ذكرتها .. سألتها فقط .. ماذا يمكنها أن تعرف من خلال خطي .. قالت الكثير !! كتبت بعض الجمل على ورقة وأعطيتها لها وقلت فقط اخبريني الكثير الذي تعرفين من خلال خطي .. قالت تحبين القراءة والكتابة .. وتحبين الاستماع للآخرين .. كما أن لديك ألما في أقدامك وخاصة الجهة اليمين ..
صمت للحظات ثم قلت : لنفترض جدلا أن كل ماذكرتي عني على بساطته صحيح مئة بالمائة .. فهل ترين انه مهما للدرجة التي بالإمكان أن يفيدني بشئ على الصعيد الشخصي أو النفسي ؟؟


توقفت عند منطلق الترويج لهذا النوع من الدورات التدريبية أو لنقل " الشعوذة التدريبية " .. لماذا تلقى هذا الرواج من الناس ؟؟ ولم يشغلون أنفسهم بمعرفة هذا النوع من الفن الهامشي جدا وعديم النفع أيضا .. مالذي يعود على متدرب حين يستطيع أن يتطلع إلى خط شخص ويعلم أن لديه ألما في بطنه في جهة اليسار ؟؟ إذا كان الآخر يعرف مسبقا أن لديه ألما في الأقدام أو في البطن او في جهة أخرى من جسده .. إذن ماهي الإضافة التي تعود عليه ؟؟
ايضا حين يعرف عن ذاته ان لديه فن الاصغاء او ليس لديه فن الاصغاء ..انه إنسان قارئ او لا يحب القراءة او انه إنسان ملول او لا .. ماقيمة هذه المعلومات ؟؟ ما أهميتها ؟؟
كيف راجت هذه الدورات التدريبية ؟؟ وكيف اصبح لها هذا الجذب لتستقطب اهتمامات الناس بصفة عامة فيقتطعوا جزءا من وقتهم ومالهم للحصول عليها .


اهو الانبهار بالجديد .. حيث أن لدى الأغلبية من الناس تشوقا هائلا للحصول على أي شئ جديد يستطيعون ان يباهو فيه ويمنحوا انفسهم شيئا من التسويق للذات، بتقديم أنفسهم للآخرين على انهم أناس متفردون ، يملكون معارف خاصة أو استثانيئة وبالتالي هم مختلفون ..اهي الرغبة والفضول للتعرف على الآخرين حتى لو كانت تلك المعرفة تقتصر على ان تعلم ان اقدامهم تؤلمهم مثلا .


لست اعرف دوافعهم بالضبط للبحث عن هذا النوع من المعارف او التدريب .. الا انني مقتنعة ان هذه المعارف ليست الا كفراغ لايقود لشئ .. فلا هو يسهم بتطوير الشخص ، ولا بناء ثقته بنفسه .. ولا هو يصقل مهارة ذات قيمة تساعده ليكون للأفضل .. إنها ليست إلا وهما يقود لوهم .. والباحثون عنها هم مجرد لاهثون خلف اللاشئ ، وخلف فقاعات صابون تتلاشى وتنتهي بمرور وقت قصير وكأنها لم تكن موجودة أصلا ..
احترم كل من يبحث عن للتفرد اوالتميز ولكن على هذا الباحث ان يسلك الطرق الحقيقة .. والأساليب الواعية للوصول الى مبتغاة .. وان يبتعد تماما عن فن الشعوذة هذا الذي لا يجني من وراءه سوى استغلال البسطاء وبيعهم الوهم والخرافه ..