لقد خلق الله البشر في أحسن تكوين وجعل منهم الذكر والأنثى الغني والفقير وجعلهم شعوب وقبائل ليتعارفوا، إن الإنسان أو العنصر البشري لا يستطيع إن يعيش بمفرده بمنأى عن الناس، إنما هو كائن اجتماعي تفاعلي يتأثر ويؤثر في الآخرين ولعل هذه هي بداية تكوين الموارد البشرية حيث إذا أخذنا أساس التكتل الاجتماعي ابتداء بالأسرة، نلاحظ إن الوالدين يمثلون الإدارة والأبناء يمثلون الموظفين الذين يديرون شؤونهم، ثم تطورت هذه الإدارة المصغرة لإدارة أكبر منها تمثلت بالعائلة والقبيلة ومن ثم المجتمع بتكتلاته ومؤسساته المختلفة سواء كانت مؤسسات اجتماعية أو اقتصادية، تعاملت وتفاعلت مع هذا العنصر وركزت عليه بصورته العلمية وبحثت العنصر البشري لاستخراج النظريات المنظمة لتفاعلاته وإعماله في بيئة العمل حيث توالت النظريات التي تحاول دراسة العنصر البشري وتكوين تركيبه في المنظمات ومن الممكن أن نقول أن هنالك مرحلتين لدراسة العنصر البشري هما في إدارة المارد البشرية:
1. مرحلة ما قبل الإدارة العلمية
2. مرحلة ما بعد الإدارة العلمية
حيث يمكن أن نلخص المرحلتين بما يلي:
أولا: مرحلة ما قبل الإدارة العلمية:
من أجل معرفة هذه المرحلة وشرحها لابد أن نوضح حال الإدارة في هذه المرحلة وحال المنظمات خاصة وأن هذه المرحلة أتت مرافقة لظهور الثورة الصناعية وتعدد الصناعات حيث تطورت الحياة الصناعية بعد [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] قبل ذلك كانت الصناعات محصورة في نظام الطوائف المتخصصة حيث كان مثلا الصناع يمارسون صناعتهم اليدوية في المنازل بأدوات بسيطة، ومن ناحية إدارة الموارد البشرية كانت الثورة الصناعية بمثابة البداية لكثير من المشاكل، التي ظهرت مع ظهور المصانع والآلات التي تريد من يقوم بتشغيلها والاهتمام بها؛ فكانت هنالك مجموعة من النظريات في القرن السابع الميلادي التي نادت بالعنصر البشري كما ودعت العديد من الكتابات لذلك من أمثال "كتاب (روبرت تايون) في عام 1971 بعنوان "ROBERT" على ضرورة تبني نظرة جديدة للمجتمع، حيث كان الصالح العام للعاملين هدفه الأساسي وإجراء تغير داخل المصنع، وكذلك كان كتاب آدم سميث تحت عنوان "ثروة الأمم" الأثر البالغ في ظهور الأفكار والمبادئ الخاصة بإدارة الموارد البشرية، حيث ظهرت بعدها العديد من النظريات كنظرية " باباج BABAGE " على مبادئ التصنيع كتقسيم العمل، علاوة على تأكيده للمنفعة المتبادلة بين العاملين وأرباب العمل، وأثارت النظريات والدراسات العديد من العوامل التي كانت تعج داخل المنظمات وخارجها وتتعلق بالمورد البشري وبيئة المنظمة حيث لوحظ في تلك الفترة أن هنالك تغيرات على مستوى الفرد على مجموعه من الأصعدة والتي لفتت الانتباه إلى أهمية دراسة وبحث العنصر البشري ودعت الباحثين لفحص هذه العوامل والتي من أهمها:
1. التوسع والتطور الصناعي في العصر الحديث، ساعد على ظهور التنظيمات العمالية المنظمة، حيث بدأت المشاكل بين الإدارة والموارد البشرية مما أدى إلى الحاجة لإدارة متخصصة ترعى وتحل مشاكل الموارد البشرية في المنشأة.
2. التوسع الكبير في التعليم وفرص الثقافة أمام العاملين مما أدى إلى زيادة الوعي نتيجة ارتفاع مستواهم الثقافي والتعليمي، مما أدى للحاجة إلى وجود متخصصين في إدارة الموارد البشرية ووسائل حديثة للتعامل مع النوعيات الحديثة من الموارد البشرية.
3. زيادة التدخل الحكومي في العلاقات بين العمال أصحاب العمل بإصدار قوانين وتشريعات عمالية، مما أدى إلى ضرورة وجود إدارة متخصصة تحافظ على تطبيق القوانين لتجنب وقوع المنشأة في مشاكل مع الحكومة.
4. ظهور النقابات والمنظمات العمالية التي تدافع عن الموارد البشرية وتطلب الأمر ضرورة الاهتمام بعلاقات الإدارة بالمنظمات العمالية، مما أدى إلى أهمية وجود إدارة متخصصة لخلق التعاون بين الإدارة والمنظمات العمالية.
5. زيادة مستوى التفضيل للعمل.
6. التغير في مستوى المعيشة.
7. التوجه الكبير باتجاه الكفاءة والإنتاجية.
8. إدراك المصانع للحاجات البشرية للعاملين.
9. ظهور مبدأ التخصص وتقسيم العمل.
10. إنشاء المصانع الكبرى التي تستوعب الآلات الجديدة.
11. تجميع عدد كبير من العمال في مكان واحد وهو المصنع.
ومن شده الاهتمام بالموارد البشرية وكثرة الدراسات وتفاقم المشاكل وزيادة عدد مطالب العمال واحتياجاتهم انتقلنا للمرحلة الثانية وهي مرحلة ما بعد الإدارة العلمية.
مرحلة ما بعد الإدارة العلمية:
حيث ابتدأ من النظرية العلمية على يد فريدريك تايلور عام (1914) والذي عرف الإدارة بأنها" المعرفة الدقيقة لما تريد من الأفراد أن يقوموا بعمله، والتأكد من أنهم يقومون بتأديته بأحسن طريقة وأرخصها ولكي تؤدي الإدارة العلمية ما أوراد منها فريدريك وانتهجت الإدارة العلمية أسلوب مختلف لما كان شائع حيث استخدم المنهج العلمي والموضوعي لتصميم العمل واستخدم من خلال قياس الوقت والحركة و حلل طرق العمل وذلك لزيادة الإنتاجية" ومن أجل ذلك عامل الإنسان كآلة منتجة وفي دعم تحقيق ذلك تبنى أساليب الرقابة المشددة والعقوبات، حيث زادت إرباح الشركات الأمريكية في تلك الفترة وكان من أبرز ما أكدت علية الإدارة العلمية التي نودي بها في تلك الفترة، فيما يلي:
1) تحقيق مبدأ الكفاءة الإنتاجية، أي إنجاز المهام بأقل وقت وجهد وتكلفة وربط دخل الأفراد بمستوى إنتاجيتهم.
2) التجارب والبحوث العلمية؛ أي الاعتماد على الدراسة والتحليل المعتمد على معلومات وبيانات صحيحة ودقيقة بدلا من التخمين.
3) تقسيم العمل والمسؤولية بين المديرين والأفراد.
4) تدريب العاملين، وإيجاد أسلوب علمي لطريقة اختيارهم وتدريبهم وتطوريهم وتحسين أدائهم.
5) الاعتماد على القانون، ومن خلاله يتم الانضباط في تأدية العمل
وعلى الرغم مما تميزت به النظرية من زيادة بمعدلات الإنتاج وترتيب العمل ودقته ووضع المعايير المحددة للأداء والمتابعة والرغبة في التطور وقياس الإنتاج إلا أن هبطت معنويات العمال وظهرت العديد من المشاكل العمالية التي باتت ترهق المنظمات والأفراد ولعل هذه المشاكل أشارت إلى مجموعة من العيوب في هذه النظرية، وهذا ما نعرضه في مقال لاحق إن شاء الله.
أهم المراجع:
1. إدارة الموارد البشرية، نهاد السبيعي.
2. الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية، محمد العتيبي.
3. السلوك التنظيمي، سلوك الإفراد في المنظمات، حسين حريم.
4. إدارة الموارد البشرية، عبد الرحيم اللهثي.
5. إدارة الموارد البشرية، مدني العلاقي.
6. النظرية العلمية لفريدريك تايلر ... الإدارة الحديثة فنون ومهارات.