(جاهد لآخر نفس في حياتك)
ويليام شكسبير
إذا أردت أن تنجح في حياتك، فابدأ بقطع الالتزامات على نفسك والوفاء بهذه الالتزامات، اتفق مع نفسك واقطع عليها العهد أن تحافظ على فعل شئ معين ووف بهذا العهد والتزم به بالفعل فأنت بذلك تنمي ثقتك بنفسك، وتولد لديها قناعة بأنك تستطيع تحويل الكلام النظري إلى واقع عملي وأنك شخص إيجابي يختار الاختيار الأفضل ويأخذ القرار السليم ثم ينفذه ويلتزم بتنفيذه.
يقول ستيفن كوفي: (إن الالتزامات التي نقطعها على أنفسنا أو لغيرنا، وتمسكنا بهذه الالتزامات، هو الجوهر وأكثر الوسائل وضوحًا للإعلان عن إيجابيتنا.
وهكذا فإننا نكون بإزاء نهجين لجعل أنفسنا مسيطرين على حياتنا على الفور: إننا نستطيع أن نبذل وعدًا ثم نفي به ، أو نستطيع أن نضع هدفًا ونعمل من أجل تحقيقه.
وبقطع الالتزامات والوفاء بها، حتى الالتزامات البسيطة، فإننا نبدأ في تكوين استقامة باطنية تخلق لدينا الوعي بالتحكم في الذات والشجاعة والقوة لتقبل المزيد من المسئولية تجاه حياتنا، وببذل الوعود وإيفائها لأنفسنا وللآخرين فإن أمانتنا تكبر شيئًا فشيئًا).
إن الزام النفس بما نقطعه عليها من عهود ومواثيق لهو الطريق إلى القوة الذاتية الحقيقية وإلى ذرِّ الرماد عن جمرة الإيجابية المشتعلة داخل أنفسنا.
التزام طالب ياباني:
(قرر طالب ياباني في عام 1938م أن يستثمر كل ما يملك في ورشة صغيرة، ليصنع محرك سيارة ويبيعه لشركة تويوتا، وبعد عمل مضنٍ متواصل، ترفض تويوتا شراء محركه؛ لأنه لا يتوافق مع مقاييس الشركة، عاد إلى دراسته ليتحمل سخرية مدرسيه وزملائه لفشله في صنع المحرك.
وفي عام 1940م ينجح في تصنيع المحرك، وتوقع معه شركة تويوتا عقدًا طالما حلم بتوقيعه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتعلن الحكومة اليابانية دخول الحرب العالمية الثانية، ولذا رفض طلبه للحصول على الأسمنت اللازم لبناء مصنعه، فماذا يصنع؟ قام هو وفريقه باختراع طريقة مبتكرة لإنتاج الإسمنت اللازم لهم ومن ثم بنوا مصنعهم.
ثم تأتي سنوات الحرب، ويتم قصف مصنعه مرتين، مما أدى إلى تدمير أجزاء رئيسة من هذا المرفق الصناعي، فكيف كانت استجابته؟ لقد جند فريقه على الفور وأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغة التي كانت المقاتلات الأمريكية تتخلص منها، والتي وفرت له المواد الأولية التي يحتاجها لها، وهي مواد لم تكن متوفرة في اليابان حينذاك، ويبدأ المصنع في العمل، ولكن زلزال يضرب المصنع، فيضطر إلى بيع ما تبقى منه لشركة تويوتا.
بعد الحرب، تعاني اليابان من ندرة مريعة في مؤونات البنزين، فيقرر بطل قصتنا أن يركب محركًا صغيرًا لدراجته، وسرعان ما أخذ جيرانه يطلبون منه أن يصنع لهم دراجات، ولذا قرر أن يبني مصنعًا لصنع المحركات لاختراعه الجديد.
غير أنه لم يكن يملك رأس المال اللازم، فأخذ يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم (18000) أن يهبوا لمساعدته، وأخذ يكتب خطابات لهم ليبلغهم بأنه يسعى للعب دور في إعادة إحياء اليابان من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه أن يوفرها، واستطاع إقناع (5000) من هؤلاء البائعين بأن يقدموا له رأس المال اللازم.
غير أن دراجته النارية لم تبع إلا للأشخاص المغرمين جدًا بالدراجات، ولذا أجرى تعديلاً جديدًا لصنع دراجات أخف كثيرًا وأصغر من دراجته، وسرعان ما حققت الدراجة نجاحًا باهرًا.
بعد ذلك بوقت قصير يفوز بجائزة إمبراطور اليابان، ومن ثم يبدأ بتصدير دراجاته النارية إلى أوروبا والولايات المتحدة، إلى أن صنع أول سياراته في السبعينيات من القرن العشرين، وحظيت هذه السيارات برواج واسع النطاق).
لقد كان الالتزام بل والوفاء التام بهذا الالتزام هو الجزء الأهم في قصة ذلك المهندس الياباني، وهو الذي أوصله إلى إنشاء شركة سيارات يابانية معروفة حملت اسمه، وهي شركة "هوندا".
الالتزام، لماذا؟
1. طريق النجاح:
الالتزام هو أهم سبل النجاح والتميز، ومن ثم لا يمكن للإنسان أن يحقق المبادرة الفعالة وينجح في تلك المبادرة، ويصبر على نتائجها إلا بالالتزام، فكما يقول زيج زيجلير: (يفشل الناس أحيانًا، ليس بسبب نقص القدرات، ولكن بسبب النقص في الالتزام).
2. فوق الحواجز:
فالالتزام والوفاء به حتى الممات هو الضمان للقفز فوق حواجز وعقبات المبادرة والفاعلية، فكما يقول جون مكسويل في كتابه لليوم أهميته: (في أي وقت تقطع على نفسك عهدًا، فإن العهد سيواجه تحديات كثيرة).
3. أراك على القمة:
وحتى تصل إلى القمة في التميز، فإليك نصيحة دكتور روبرت شولر في كتابه قوة الأفكار، حين يقول: (ابذل قصارى جهدك وابدأ صغيرًا، ولكن فكر على مستوى كبير عليك باجتياز العواقب واستثمر كل ما عندك، وكن دائمًا مستعدًا للتصـرف وتوقع العقبات، ولكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم).
الهرم الثلاثي:
وحتى نصل إلى ذلك الالتزام، عليك أن تبني هرم الالتزام ذا الدرجات الثلاث، كما في يلي:
1. وضوح الهدف:
فكما يقول سيسل ديميل: (أغلبنا يسعى لتحقيق أهدافه بشكل يفتقر إلى المثابرة والمواظبة، إن الشخص الذي يحقق النجاح في الحياة، هو الذي يضع هدفه نصب عينيه بصفة مستمرة، ويتجه إليه بلا انحراف).
2. رفقاء الدرب:
فأنت تحتاج في طريق المبادرة والفاعلية إلى رفقاء الدرب ممن جعلوا الالتزام شعارهم، كما يقول دونالد كليفتون: (إن العلاقات تساعدنا على تحديد هويتنا وإمكاناتنا المستقبلية، وأغلبنا يستطيع أن يقتفي أثر إنجازاته ليجدها مرتبطة بعلاقات محورية في حياته).
3. العمل الدائب:
فكما يقول الدكتور عبد الكريم بكار: (لو تصفحتم يا أبنائي وبناتي سير عظماء الرجال وعظيمات النساء لوجدتم أنهم يشتركون في عدد من الصفات والعادات الحسنة، وهي التي جعلتهم عظماء ومتميزين وستجدون من بين تلك الصفات "المثابرة" والقدرة على الاستمرار في العمل؛ وذلك لأن الأعمال الصغيرة حين تستمر تتراكم وتتحول إلى أعمال عملاقة وكلكم يعرف ما تفعله قطرات الماء الواهية في الحجر الأصم إنها مع الاستمرار تحفر فيه الأخاديد، وتغير شكله).
وهكذا العمل الدائب، والسعي المستمر، يجعل من العمل البسيط المستمر قطرات تحفر أخدود المبادرة في نفس كل منا.