ليس المهم من يبدأ اللعبة، ولكن المهم من ينهيها
جون وودين
هل وقفت أمام مجموعة من السيارات في أحد محلات بيع السيارات، وكان عليك الاختيار ما بين مجموعة السيارات؟!
هل فكرت في السفر لرحلة في الصيف مع عائلتك، وطالعت مواقع شركات السياحة والرحلات، والعروض كثيرة، وكان عليك الاختيار بين تلك العروض؟!
هل أنهيت دراستك الثانوية، وجلست لتحدد أي الكليات أو المعاهد ستكمل بها دراستك الجامعية؟!
هل كنت مقدمًا على الزواج، وأمامك عدة خيارات ما بين أقارب وجيران، وصادفك السؤال الأهم: من سأتزوج؟!
هل كنت تعمل في شركة يومًا ما، ولم تعد متحمسًا لإتمام العمل بها، وكان عليك الاختيار ما بين البقاء والرحيل؟!
هل كنت تبحث عن عمل، وقدمت سيرتك الذاتية، واجتزت المقابلة الشخصية، وكان عليك الاختيار ما بين شركتين؟!
ربما كنت بطل أحد تلك المواقف السابقة، أو ربما أكثر من موقف، وقد تكون بطلًا في كل تلك المواقف وأكثر، وهي مواقف متكررة بشكل يومي في حياتنا، وهي أن نكون بين خيارات عدة، وعلينا أن نختار من بينها، أو بعبارة أخرى، علينا أن نتخذ قرارات حاسمة وقاطعة بأن نسير في هذا الاتجاه أو أن نسير في اتجاه آخر، فكل تلك القرارات وأكثر دائمًا ما تكون على قائمة الانتظار، ولا تحتاج منك سوى اتخاذ القرار وتنفيذه في أرض الواقع.
افتح الصندوق:
لكل واحد منا صندوق لقرارته السابقة في الحياة، قبل أن تتعلم كيف تتخذ قرارات حاسمة فيما سيأتي عليك من المواقف، لابد أن تفتح صندوق قرارات الماضي، لتجد نوعين من القرارات:
1. قرارات اتخذتها بالفعل، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ويتعين عليك أن تراجعها لتستفيد من أخطاء الماضي في حالة قرارات سلبية اتخذتها، أو تبني على تجارب ناجحة في حالة قرارات إيجابية اتخذتها.
2. قرارات على قائمة الانتظار، وهي أمور لم تولها أي اهتمام من قبل، حيث ستكتشف جوانب قليلة ظننت أنك سويتها، ولكنك لم تفعل في الواقع، لا تصب بالإحباط، ولكن اعترف بحاجتك إلى اتخاذ قرارات حاسمة بشأن تلك الأمور، وهذه الملفات قيد الانتظار.
قواعد الانضباط:
إن أغلب الناس يحسنون اتخاذ القرارات السديدة بمجرد أن يحيطوا علمًا بالقضايا ذات الصلة، ولكن الشخصية والمثابرة يحددان ما سيحدث بعد اتخاذ القرار، ولكي أساعدك على استكمال كل جانب، عليك ببعض القواعد الانضباطية لكي تمارسها حتى توجه قراراتك بصورة سليمة في حياتك.
فبينما تتقدم، تذكر أنه في الوقت الذي يسهل فيه اتخاذ القرارات بسرعة، إلا أن تبني القواعد الانضباطية في حياتك يتطلب وقتًا أطول، فإذا درجت على حياة تخلو من ضبط النفس في الماضي، فستحتاج إلى وقت أطول لتعلم ضبط النفس، أما إذا كنت شخصًا شديد الانضباط، فستجد سهولة في تبني قواعد انضباطية جديدة، إن النجاح في تبني قواعد انضباطية في جانب واحد من شأنه أن يدوم ويساعدك على النجاح في جوانب أخرى.
القاعدة الأولى: تعرف أين تضع قدمك:
عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات الحاسمة، ينقسم الناس إلى ثلاثة أنواع:
1. هؤلاء الذين يجهلون ما يجب عليهم فعله.
2. هؤلاء الذين يعلمون ما يجب عليهم فعله، ولكنهم لا يحركون ساكنًا.
3. هؤلاء الذين يعلمون ما يجب عليهم فعله، ويقومون بفعله.
ولذا؛ أول القواعد الانضباطية هي: تعرف أين تضع قدمك، بمعنى عليك أن تعرف بالتحديد ماذا تريد؟ وما الجانب الذي يلزمك اتخاذ قرار بشأنه؟ فقد تغريك الحياة بالتحرك في اتجاهات متعددة بصورة مبالغ فيها، ولكن عليك أن تركز على جانب واحد في كل مرة ليتحقق لك أفضل تقدم، وأن تتعرف على جوانب هذا القرار ومتطلباته وتجمع المعلومات حوله.
القاعدة الثانية: افعلها مرارًا وتكرارًا:
بمجرد أن تنتهي من تسوية قرار حاسم ما وتملك زمامه، انتقل لقرار آخر، بمعنى أنه لا يكفيك حتى تتعلم الانضباط على تنفيذ القرارات أن تقف بعد أول محاولة اتخذت فيها قرارًا سواء بالنجاح أو الفشل، بل لابد من الاستمرار وتكرار المحاولة، فالقرارات مثل العضلات، كلما مارست الرياضة للحفاظ على تلك العضلات، أصبحت العضلات أقوى وأقدر على الحمل، فما ستفعله وما ستتخذه من قرارات في المستقبل يعتمد على ما أنت عليه الآن، وما أنت عليه الآن هو نتيجة السنوات الماضية من الانضباط والاستمرار وتكرار اتخاذ القرارات.
القاعدة الثالثة: إذا حان وقت القرار، يتوقف التفكير، ويبدأ الفعل:
وليس معنى ذلك أن نتوقف عن التفكير بمجرد اتخاذ القرار، ولكن نعني ما أراده نابليون بونابرت حين قال: (كرس وقتًا للتفكير، ولكن متى حان وقت الفعل، توقف عن التفكير وابدأ في العمل)، بمعنى أن لن يتاح لك المعلومات المثالية لكي تتخذ القرارات الهامة، ضع هدفًا لاتخاذ قرارات سديدة بناء على المعلومات الكافية في غضون وقت محدود.
وفي نفس الوقت حتى لا تتسرع في اتخاذ قرارات فاشلة، عليك أن تسرد أكبر قدر من الخيارات لتسد الفجوة بين الواقع والمأمول، وفي نفس الوقت، قم بتحديد المعيار الذي سيلبيه القرار النهائي، بمعنى ما هي الضروريات التي ستصر عليها، ولن تسمح بأن يتجاهلها القرار النهائي؟ وما هي الرغبات التي سترقبها وما أهميتها النسبية؟
القاعدة الرابعة: لا تتحرك في الفراغ:
هل رأيت رائد الفضاء الذي ما إن يلمس بقدمه سطح القمر، حتى يجد نفسه سابحًا في الفضاء لانعدام الجاذبية؟! كذلك من يتخد القرار دون متابعته، فهو يتحرك في الفراغ، بل إنه يدور في حلقة مفرغة، ويعاني من انعدام الجاذبية لأرض الواقع ويظل محلقًا في الأوهام.
ولذا؛ عليك أن تسعى في الحصول على التغذية العكسية أو تقييم قراراتك من الآخرين، هل يرى الآخرون عيوبًا في أسلوب تفكيرك من الممكن أن تحول دون بلوغك مأربك؟ وعليك أن تتحلى بالمرونة إزاء هذه التغذية العكسية، وأن تراجع قراراتك وتقيمها وترى أثرها في الواقع من خلال متابعة لصيقة، واعلم أنك لست شخصية خارقة؛ فلا يوجد "سوبرمان" في الحقيقة، فإن ظهر لك خطأ قراراتك، اعترف بالسبب واسعَ في حله.
القاعدة الخامسة: السماء لا تمطر ذهبًا:
فكما يقول و.س. هاندي: (ما الحياة إلا بوق إذا لم تنفخ فيه فلن تسمع له صوتًا)، فإن السببية تعني أن تتسبب جهودك ـ بعد توفيق الله ـ في إحداث شيء ما، وتعني أيضًا أن النجاح لا يأتي مصادفة، ولكنك لابد أن تكون مستعدًا دائمًا لاستثمار نفسك واستغلالها لتحقيق ما تريد، استعدادك لاستثمرا وقتك وجهدك لتهيئة الواقع لإنجاح قراراتك وتنفيذها في أرض الواقع والصبر على نتائجها.
وختامًا:
دومًا عليك أن تسأل نفسك جملة من الأسئلة تمثل الجوانب الإثني عشر التي ذكرناها في مقال سابق وهي جوانب الحياة المتوازنة والناجحة:
1. هل كان توجهك العقلي اليوم إيجابيًا أم سلبيًا؟
2. هل تساعدك أولوياتك على التركيز اليوم؟
3. هل تمكنك حالتك الصحية من تحقيق النجاح اليوم؟
4. هل موقف عائلتك يمنحك الدعم اللازم اليوم؟
5. هل يتميز تفكيرك بالنضج والإنتاجية اليوم؟
6. هل أوفيت بالتزاماتك اليوم؟
7. هل تميزت قراراتك المالية بالحكمة اليوم؟
8. هل كان إيمانك متجددًا اليوم؟
9. هل وطدت علاقاتك الإنسانية اليوم؟
10. هل أضاف عطاؤك قيمة جديدة للآخرين من حولك اليوم؟
11. هل أتاحت لك قيمك توجيهًا سديدًا اليوم؟
12. هل حسن تطوير ذاتك من شخصيتك اليوم؟