كثير من الناس يجهل معنى المشروع ويظنه ذلك المارد الكبير, الصعب تحقيقه، الذي يتطلب مئات الملايين من الدولارات لتشغيل آلة. لكن في الحقيقة هذا غير صحيح!

فالمشروع هو أي نشاط زراعي أو صناعي أو خدمي تستخدم فيه موارد معينة وتصرف من أجله الأموال بهدف الحصول على منفعة أو عائد مقابل هذه الأموال المصروفة، وقد يكون المشروع صغيرًا أو متوسط الحجم أو كبيرًا.


فإذا قررت أخي الكريم أن تختار مشروعًا مناسبًا فعليك أولا بتعرف مصادر الأفكار الاستثمارية ودراستها واستخلاص الفرصة الاستثمارية السانحة لتحقيق عائد مناسب.


ومصادر الأفكار كثيرة نذكر منها:

1- الطلب غير المشبع في السوق وتزايد احتياجات السكان من السلعة.
2- القيادات البشرية المؤهلة التي تملك القدرة على الإنتاج في ضوء عدم وجود الإمكانيات المادية لها.
3- تحليل قوائم الاستيراد بغية تعرف الفرص الاستثمارية التي تمثل حافزا لإقامة صناعة أو تجارة محلية.
4- العمل على تحقيق التكامل الاقتصادي بين الصناعات والقطاعات الأخرى.
5- المتخصصون وأصحاب الخبرة الاقتصادية في إنشاء المشاريع الاستثمارية.
6- سعي الحكومة لتحقيق التنمية الاقتصادية تعترضه مشاكل كثيرة تولد أفكارًا لمشاريع اقتصادية ذات عائد مرتفع.

إذًا فالخطوة الأولى لمشروعك الناجح هي تحديد المشروع من خلال الأفكار واختيار الفكرة الأنسب من خلال فرز أولي وسريع للمشاريع المقترحة. وعندما تركز على مشروع ترى أنه ناجح فاحذر من التهور والإسراع في استشارة الناس العاديين؛ فهؤلاء تتفاوت آراؤهم ما بين المشجع المتهور والحذر المحبط. واعلم أنه لا يكفي أن تقول بأن المشروع ناجح لأنه بحاجة إلى دراسة جدوى مبدئية أو جدوى ما قبل الاستثمار، وتتطلب هذه الدراسة ما يلي:

1- دراسة حجم الطلب وسوق السلعة أو الخدمة التي تنوي تقديمها. وتحديد المستفيدين منها.
2- التكنولوجيا المستخدمة ومدى توافر عناصر الإنتاج الرئيسة للمشروع من عمال ومواد أولية وآلات و.......
3- تحديد مدة تنفيذ المشروع ومن سينفذه.
4- دراسة تقديرية لحجم الاستثمار ونفقات التشغيل وهي عملية حسابية بسيطة..

ومن ثم عليك أخي الكريم أن تعمل بناء على الجدوى المبدئية برفض المشروع أو قبوله. فمثلا يمكن رفضُه بسبب عدم توفر التكنولوجيا المطلوبة أو اليد العاملة المدربة أو عدم التطابق مع العادات والتقاليد والدين.


ففي حال ما إذا كانت دراسةُ الجدوى المبدئية مقبولةً اقتصاديا فلا بدّ من إجراء دراسة جدوى أكثر تكلفة، وهذه المرحلة تسمى بمرحلة الدقة والتأكد من النواحي البيئية والفنية والمالية والاقتصادية للمشروع (وسيخصص لها بحث آخر)، ونظرًا لأهميتها فلا يمكن إجراؤها إلا من قبل متخصص في دراسات الجدوى الاقتصادية، لذلك كما أنك تسلم البيت إلى مهندس فعليك أن تسلم مشروعك المقترح إلى اقتصادي لدراسته وإنشائه فيما بعد إذا كان مربحا من وجهة نظره.


وبعد دراسة المشروع من قبل الاقتصادي المتخصص وتبين وجود عائد مناسب يمكنك أن تبدأ في تنفيذ المشروع، وقد أثبتت التجارب أنه إذا كان التنفيذ سيئًا فإنه يؤدي إلى إخفاق المشروع حتى مع ثبوت جدواه قبل التنفيذ.. وذلك نتيجة لزيادة التكاليف المالية والفساد وتأخر وصول المنتج وسوء التنفيذ وزيادة الهدر و....


ولا تنسَ أخي المستثمر -بعد عملية تنفيذ المشروع- إجراء دراسات لتقدير كفاءة الأداء الاقتصادي في مشروعك الجديد بعد مدة زمنية معينة وباستمرار لتبيان مدى التوافق والتطابق بين ما جاء في دراسات الجدوى وبين ما يتحقق فعليا على أرض الواقع، وذلك لضمان تحقيق العائد الذي تنتظره من المشروع.


وهكذا نكون قد اتبعنا الأسس العلمية في اختيار المشاريع الاستثمارية لضمان تحقيق عائد مناسب يعود بالنفع على صاحب المشروع، وعلى كل من يعمل به وذلك ضمانا للقمة العيش والحض على العمل مما سيسعد الاقتصاد الوطني ويدفعه للأمام.


إذًا المشروع الناجح يبدأ بفكرة ثم هو بحاجة إلى رعاية من أصحاب الشأن الاقتصادي الذين يعملون على تحليل هذه الفكرة بعناية ودقة والحرص عليها كأم حنون تسعى إلى ضمان استمرار حياة ابنها ونجاحه في الحياة...