أسلوب الحيلة

عندما أنقذ واشنطن البلاد باستخدام أسلوب الحيلة:
بعد حرب الثورة لم يكن تسريح الجيش الأمريكي قد تم، وتباطأ الكونجرس في صرف الأجور المستحقة له، وكان الكونجرس قد وعد بتصحيح العديد من الأخطاء في مرات عديدة، ولكنه لم ينفذ أيًا منها.
وكان ضباط الجيش يعرفون أن جورج واشنطن لن يقطع شوطا كبيرًا في انتزاع السلطة من السلطات المدنية مها كان هدفه عادلاً في هذا الشأن، ومع هذا طلبوا منه ذلك. وكانوا يريدون أن يتظاهروا في الكونجرس ويخلعوا على واشنطن لقب "ديكتاتور"، وقد كان هذا خطأ وخيانة كما أخبرهم واشنطن إلا أنهم لم يعيروه سمعهم، وفقد هذا لم يكن واشنطن وقتها قائدًا رسميا لهم، وبالتالي لم يكن له سلطة رسمية عليهم.
وقد عقد قادة الجيش اجتماعًا للإعداد لعمل ما، وصل إلى حد الإعداد لحركة تمرد، وقد ذهب واشنطن للاجتماع؛ أملاً أن يقنعهم بالعدول عن هذا وبالفعل أعطوه فرصة للكلام.
وتحدث واشنطن لما يزيد عن الساعة، ولنتذكر أن هؤلاء القادة لم يكونو مرتزقة ولا متهربين من الواجب، فقد كان من بينهم العديد من أبطال الثورة، وكان منهم من أنصت لكلام واشنطن من أمثال ألكسندر هاملتون وجون نوكس وهاردي لي الجواد الرشيق، وتكلم واشنطن عن أسباب حربهم، وما سيحدث لو أنهم قاموا بثورة، وعمّا كان الكونجرس يحاول فعله، ولكن ذلك ل يفد، فلقد تلقوا وعودًا كثيرة ن الكونجرس ولم تنفذ، ومن ثم قرر هؤلاء الضباط أن ينفذوا القانون بأنفسهم.
وكان واشنطن قد وصل وهو يرتدي عباءته ويضع نظارة، ولم يكن أحد رآه من قبل بالنظارة، فطبقًا للفكر السائد في ذلك الوقت، كان هذا نوعًا من الضعف الجسدي الذي لم يكن القادة يعترفون به.
وبينما هو يضع نظارته ببطء قال كلماته الأخيرة لضباطه السابقين "أيها السادة، لقد كبر سني في خدمتكم، وهاأنذا أوشك أن أكون أعمى".
هنا أجهش جميع الحضور بالبكاء، وغادر واشنطن الاجتماع وفي البداية هي الصمت على الجميع، ثم قطع أحدهم الصمت قائلاً: "ليس أمانا من خيار، وقد يكون مصيبًا، فلنعط الكونجرس فرصة أخرى" وبالطبع لم يحث أي تمرد.
ولم يكن ضباط الجيش يعرفون أن واشنطن يضع نظارة منذ أعوام عديدة ولا حتى أقرب معاونيه، وقد رأي واشنطن أن فقده لخيلائه والمخاطرة بمركزه بمعارضته لهذه الخيانة كانا ثمنًا جديرًا بأن يدفعه في مقابل وجود أمريكا لا تسيطر عليها ديكتاتورية عسكرية، وقد استخدم أسلوبا غير مباشر هو المكر بعد فشل الأساليب المباشرة مثل الإقناع.
ولاستخدام هذا الأسلوب يجب أن يكون من تريد قيادتهم على معرفة بما تريد منهم، وبعد ذلك تفعل ما من شأنه أن يؤثر عليهم حتى يؤدوا ما تريد دون أن تطلب ما تريده منهم مباشرة.