يأتي حق إصدار الأمر في المشروعات الأمريكية من عقد ملزم قانوناً وهذا العقد يتضمن الخدمات الشخصية للمرؤوسين ، والرئيس هو الوحيد الذي يمتلك هذا الحق ، انه يستخدم المرؤوس من أجل تنفيذ واجبات معينة ، ان الرئيس يقوم بشرح ما هو مطلوب كما يقوم بالدفع من أجل الخدمة بعد أداءها ، أما المرؤوس فيقوم بتنفيذه وجوه النشاط المعينة ويتسلم مكافأته ، وأما أي الطرفين هو الذي يبدأ في اقتراح اتفاق ما في مسألة لا قيمة لها ، وسيظل العقد ينص على : أن يصدر صاحب العمل الأوامر ، وان يطيعها المستخدم .

#اصدار الأمر :
لم تلق وسائل إصدار الأوامر إلا إهتماماً قليلاً في علم التنظيم الإداري بالرغم من أن المؤسسات العسكرية قد أولت هذه المشكلة إهتماماً ضخماً .
من بين النقاط الهامة التي فحصت هنا هى مسألة التعميم في الأمر وشكله التحريري أو الشفوي ودرجة الرسمية بالنسبة لإصداره .

وسواء أكان الأمر عاماً أو خاصاً في طبيعته ، فإن ذلك يقوم على رغبة المدير وقدرته على التبصّر بسائر الأحوال التي تلازم نشاطا ما ، ورد الفعل الذي يحدث من جانب المرؤوس ، ان المديرين لهم نظرة تزمتية بالنسبة لتفويض السلطة يبدو أنهم يميلون بفطرتهم إلى كتابة أوامرهم بعبارات معينة ، انهم يشعرون بأنهم يحملون في عقولهم ما ينبغي فعله بالضبط ويعرفون أفضل الطرق لآدائه ،وأكثر من ذلك انهم يعتبرون ان المرؤوس سوف ينفذ المهمة بشكل معين ، وتبعاً لذلك فإن مثل هؤلاء المديرين يفضلون أن يوجهوا مرؤوسيهم توجيهاً دقيقاً ، ومن بين الوسائل لذلك يصدروا أوامر محددة .

وفي المواقف التي لا يكون ممكناً فيها التبصر بكل الظروف المحيطة التي قد تؤثر على الطريقة التي يمكن بها تنفيذ وجه من وجوه النشاط فإنه من المحتمل أن يأخذ " الأمر " شكلاً عاماً ، وحين يجب القيام بالواجب بعيداً عن التوجيه الشخصي للرئيس فمن الضروري جداً ألا يبذل أي مجهود لإصدار أوامر خاصة .
فمثلاً من املحتمل أن يعمل المديرون المحليون للمبيعات ، ومديرو المصانع الإقليمية ، والممثلون الذين يعملون على مسافة من المركز الرئيسي ، في ظل أوامر عامة بسبب المؤثرات المحلية – كالعوامل غير المنظورة في المفاوضة وغير ذلك من المسائل التي قد تؤثر على الطريقة التي يجب أن ينفذ بها وجه النشاط المحدد .
ان رد الفعل من جانب المرؤوس بالنسبة لنوع الأمر الصادر إليه يعتبر أيضاً عاملاً هاماً في تحديد طبيعته ، فبعض الموظفين ، كما سبق أن رأينا ، يفضلون الإشراف المبشاشر ، وتبعاً لذلك فانهم يقومون بأفضل ما يمكنهم في ظل الأوامر المحددة .

ومن ناحية أخرى فإن الكثير من المرؤوسين سوف يغضبون من هذه المعاملة ، انهم يفضلون ان يمارسوا ابتداعهم وخلقهم الخاص ، وهم يسرون كثيراً ان يحكم عليهم بالنتائج التي يتوصلون إليها ، وهذا النوع من الأشخاص لا يعمل جيداً في ظل الرقابة المباشرة ويميل إلى التذمر من الأوامر المحددة .
وتأخذ أفضلية اتخاذ الأوامر الكتابية أو الشفوية في الإعتبار مسائل من قبيل استمرار الصلة بين الرئيس والمرؤوس ، ونوع الثقة التي تقوم بينهما ، وضرورة وجود أداة ما – وخاصة في الشركات ذات الانتاج الكبير – من أجل ملافاة الإنطواء واحاطة الشخص علماً بأن انجازاً ما قد تم أداؤه .

فإذا كان أمرا سليماً ان نفترض ان الصلة بين الرئيس والمرؤوس سوف تستمر بين شخصين معينيين فإنه يكون أمراً غير ضروري غالباً أن نقلل من الأوامر الكتابية ، ولكن نظراً للدرجة الكبيرة من التحرك التي يتسم بها معظم الأشخاص في الجهود الجماعية فإنه يكون أمراً خطيراً لشركة ما ان تسير أعمالها دون أوامر كتابية – على الأقل تلك الأوامر التي يفترض فيها اتصالها بالعمل – أكثر من اتصالها بالشخص وتلك التي تتطلب وقتاً ضخماً من أجل إنجازها ، مثلاً ان عملية نقل الضباط في القوات المسلحة في فترات كثيرة يعتير أمرأ معروفاً تماماً ، ومن الأمور المزعجة أيضاً عملية التداول وفي أفراد المديرين بالمشروعات الكبرى مثل مشروعات الأعمال ومشروعات التعليم ومشروعات الدين ومشروعات الحكومة .

ان تأثير الثقة التي تقوم بين الرئيس والمرؤوس بالنسبة للرغبة في الأوامر شديدة وشاملة ، فما دام الشخص الذي يقوم بتحمل الخطر – في هذه العلاقة – هو المرؤوس ، فإن هذا يفضل الأوامر الكتابية لأسباب عديدة، منها انه قد يكراه تحمل المسؤولية فإذا ما فرضت عليه فرضاً فإنه يحتمي بالأمر الكتابي خشية أن يتهم بتجاوز صلاحياته ، او قد يكون لديه في الماضي تجربة مريرة مع أحد الرؤوساء الذين ينسون إصدارهم لأحد الأوامر ، أو الذين يغيرون أوامرهم وينسون انهم قد فعلوا ذلك ، أو أولئك الذين يلومون المرؤوس عن النتائج السلبية الناجمة عن تنفيذه أوامرهم .

ان " الأمر " الكتابي غالباً ما يكون ضرورياً من أجل تلافي الإشكالات في التعليمات وتعريف الأفراد بمهمى معينة ، ان المسألة الأولى هامة لأن الأمر المكتوب يساعد في منع نواحي الخلاف القانونية . والرئيس يتلافى الكثير من الإشكالات اذا كانت أوامره مكتوبة ، واذا حدث تعقيد في الأمور او إشكال فيها فإنه يكون من السهل جداً جعلها تسير في الطريق المستقيم اذا كانت الأوامر الأصلية مكتوبة ، وبالإضافة إلى ذلك غالباً ما يكون من المناسب تعميم تكليف أحد الموظفين بمهمة معينة ، على جميع الأشخاص ذوي العلاقة عن طريق اذاعة التكليف كتابة .

ان الحاجة لفعل ذلك تظهر بصفة بصفة خاصة حين يضطر المرؤوس إلى القيام بعمل ما أو إجراء دراسة خارج حدود اختصاصه المعتاد ، فقد يصدر رئيس لمجلس الإدارة أمراً إلى مديره الخاص بإجراء دراسة عن الحوادث واسبابها ، والمسؤولين عنها ، وان يخطط برنامجاً من أجل تقليل حدوثها ، فإذا لم يصدر أمراً عليناً وكذلك اذا لم تكن التعليمات الخاصة التي تتطلب تعاون جميع رؤساء الأقسام والإدارات والأقلام علنية فمن الممكن جداً ان يقابل مثل هذا العمل بالمقاومة والتخريب وغيرها من الأشكال الأخرى من مظاهر عدم التعاون .
ولعل من السمات المتميزة في جميع أشكال المشروعات ان يتضمن أمر القيام بأغلبية وجوه النشاط في الوقت الذي تحدد فيه هذه الواجبات ، او يحدث التوسع أو التعديل فيها ، وتبعاً لذلك فإن المسائل المتعلقة بشكل الأوامر ورسميتها لا تظهر .

وفي حالات التكليف بمهمات معينة ذات نشاطات تتجاوز واجبات الشخص فإن تعميماً كتابياً يستخدم عموماً في الشركات ذات الإنتاج الكبير ، ومثل هذه الطريقة تنبيء بأن ثمة تكليفاً فوق العادة وتمهد الطريق للمرؤوس الذي يعهد إليه بالمهمة ، وفي الشركات الصغيرة المترابطة بشكل وثيق تكون الأوامر للقيام بواجبات غير عادية غالباً عن طريق الإتصال الشفوي .

وفي معظم المشروعات ، وخاصة المنشأة العسكرية ، نادراً ما تستخدم هذه الألفاظ من قبيل " التوجيه " والأمر ، ومن المحتمل ، وخاصة فيما بين رجال الأعمال أن يكون التركيز على موضوع التوجيه أمراً غير واقعي ، ان المدير معتاد على التوجيه بإبداء الإقتراح بقوله مثلاً " لنقم بهذا" أو " فلتسر إلى الأمام بهذا الأمر " أو " لماذا لا تتحادث مع إدارة الإنتاج في هذا الأمر " وقد يكون الأمر صعباً بالنسبة للغريب أن يتلمس لهجة الأمر في أمثال هذه العبارات ، ولكن المرؤوس نادراً ما يخطيء في فهمها .