من اللازم للمدير ، كي يكون فعالاً ان يؤثر على جماعته من اجل العمل تعاونيا ودون تحديد للوقت من اجل تحقيق هدف الجماعة ،و "التحفيز" يعني الدفع او الحث ، ولا تجهل المخلوقات البشرية وسائله المتعددة ،ومن غير الممكن ان يقال ان الجنس البشري قد انتقل من " التحفيز" السلبي – مثل انزال العقاب الجسدي ،والحرمان من وسيلة العيش او من الحرية ،وتخفيض الدرجة او المرتبة ،والحاق الخزي او العار – الى التحفيز الايجابي – مثل المكافآت من اجل السلوك "الصحيح" .
وفي مجتمعنا تستخدم كلتا الوسيلتين ، وهما تختارات بعد تقييم حاجات المرؤوسين المادية والروحية والاجتماعية ، اما الوسيلة السلبية للحفز في تحرم الناس من وسائل اشباع هذه الحاجات ، بينما ان الوسيلة الايجابية تعرض اشباع الحاجات مقابل التوافق مع رغبات الرئيس .
ولقد اتجه البحث النفسي الحديث ، من ناحية ، إلى اكتشاف وسائل اكثر دمائه من اجل تحفيز الناس .
ولقد نالت هذه الوسائل استحسانا كبيرا من جانب اصحاب العمل لانهم ينظرون اليها باعتبارها ادوات لتحقيق الأداء الفعال للمرؤوسين .
وعلى أية حال فمثل هذه الوسائل تقترب بشكل خطير من معاملة الناس كما لو كانوا اشياء .
فإذا ما تصورنا انه قد اصبح من المعلوم أي الوسائل بالضبط سوف يدفع الناس دون اختيار الى العمل بالطرق التي قررها القادة ، فإن الجنس البشري سيصبح فعلاً عبارة عن "شيء" .
وسوف يكون من السهل ان تنومه مغناطيسياً وان نحرمه من انسانيته ، وان نعامله كما لو كان آله من الآلات .
ومن الممكن ان نجعله يشتري ما ينتج ،وان يعطي صوته في الانتخاب كما يملى عليه ،وان يطبق مهاراته من اجل مهمات بالذات ،وان يفكر بحسب ما يرسم له .
ونظراً لان معرفة الوسائل من اجل ممارسة الجنس البشري سوف تزداد دون شك مع انقضاء الوقت فإنه يمكن من المهم ان نذكر هنا كلمة عن الحذر في استخدامها .
ان قوة الكشف عن روح الانسان وارغامه على أداء ما يريده الآخرون تعتبر شيئاً مزعجاً ، فمن الممكن ان تستخدم لتجنب الخصوصية والقضاء على كرامة الانسان ، ان الاغراء الذي يسيطر على مديري الاعمال لاستخدام هذه القوة شديد بشكل متزايد ،ولا يمكن كبحه الا عن طريق القيود الخلقية فقط ،وممارسة هذه القيود تعتبر ولا شك من مسؤوليات كل مدير ،ومن الممكن ان يؤدي تجاهلها الى دمار المجتمع.
ومن الممكن تحريض المسؤولين بالوسائل السلبية والايجابية على التقليل من حاجاتهم ،لكن هذه العملية ينظر إليها اليوم بإعتبار انها مقيدة بنظرة صارمة نحو كرامة الانسان باعتباره مخلوقاً بشرياً .
لقد لاحظ بارنارد منذ نحو عشرين عاماً ان الاهتمام بالحاجات الروحية والاجتماعية للمرؤوسين قد يكون اكثر فعالية في التأثير على الناس من المكافآت المادية ، لقد تعلمنا الكثير في الحقبتين الأخيرتين من الزمان عن النتائج الفعالة التي تحدث بسبب اتصال افضل للأهداف واحتياجات العمل ،ومزايا طلب الآراء والتعاون من جانب المرؤوسين ،للتغلب على الأداء الجماعي الضعيف .
وهذا كله يتجه إلى الخير ، فهو لا يجعل تحسين فعالية الجهد التعاوني معقولاً فحسب ،وانما يساهم ايضا في كرامة الفرد .