اليابان: انخفضت جودة المنتجات اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية وادي ذلك إلى انخفاض حجم المبيعات من المنتجات في الأسواق العالمية مما جعل الحكومة اليابانية تعترف بضرورة تحسين وتطوير الإنتاجيات والجودة كوسيلة لتحسين الاقتصاد الياباني ولقد استعانت اليابان في تلك الفترة بمجموعة من المتخصصين الأمريكين في تحسين أساليب الإنتاج وتجدر الإشارات هنا إلى أن العالم الأمريكي
( ديمنج) هو أول المتخصصين في مشاكل جودة الإنتاج حيث بدء عام 1950 بتدريس مجموعة من مقررات الجودة.


فقدم دمنج (حلقة ديمنج) Deming Cycle . وهذه الحلقة مؤلفة من أربعة مراحل وهي، مرحلة التخطيط Plan stage ، مرحلة العمل Do stage ، مرحلة الدراسة / الفحص Study stage و مرحلة التنفيذ Act stage. وتعرف هذه الحلقة بالاختصار (PDCA) ، "مرحلة الدراسة كانت تعرف إلى ما قبل عام 1990 بمرحلة الفحص Check stage ثم عرفت بمرحلة الدراسة لأنها أعم وأشمل من مرحلة الفحص فقط".



وكذلك قام العالم (جوران) في عام 1954 بتقديم العديد من المقررات عن النواحي الإدارية في موضوع الجودة.
ولقد اتسمت حلقات تحسين الجودة في اليابان بأهمية عالميه إذ أن (جوران) أشار بشكل مؤكد على أن هذه الحلقات تعتبر مثارا لإعجاب العالم اجمع حيث لا يستطيع أي من أقطار العالم اللحاق باليابان في إطار تحسين الجودة وتطوير الإنتاج كما أن من المتوقع أن تكون اليابان ومؤسساته الاقتصادية قائد المجتمع الإنساني في ميدان تطوير الإنتاجية وتحسين الجودة.

من هذا المنطلق تبنى اليابانيون فكره فلسفه معاكسه للفلسفة الأمريكية حيث تتبنى الفلسفة الثانية فكرة تدريب المهندسين ومشرفي الإدارة الوسطى وتقسيم العمل بين العمال وبين الإدارة والعمال حيث يقوم العمال بالتنفيذ فقط وليس من حقهم صنع القرار وتكون الرقابة في يد الإدارة العليا فقط.
والحقيقة إن تلك الفلسفة لا تتمشى مع الفكر الياباني الذي يقوم على الاعتماد على عمال الإنتاج أنفسهم في تقديم الأفكار التي تطرأ لمعرفتهم بظروف العمل الفعلية ولذلك فقد اعتبر اليابانيون أن الرقابة على الجودة هي مسؤولية كل العاملين بما في ذلك الإدارة وعمال الإنتاج ويكون رئيس العمال قريب جدا من العمال وليس إلى الإدارة . لذلك لم يقتصر التدريب على الإدارة العليا والوسطى إنما شمل رؤساء العمال من خلال أساليب متعددة تلاءم مستواهم الثقافي وتم استخدام محطات الإذاعة في تعليم المشرفين , ووجود برامج التدريب في المجلات وأصبحت الاهتمام في الجودة مسألة قوميه.


أن فكر تكوين حلقات تحسين الجودة بداء بشكله الفعلي في اليابان من خلال الندوة التي عقدت في عام 1961م لمواجهة المشكلات التي يعانيها مشرفو العمل في المنشات الصناعية في اليابان والتي تم التركيز عليها من خلال مناقشة ومشكلتين أساسيتين تتمثل المحاور الأساسية هذه الندوة وهى:



أولا: ضرورة القيام بإصدار مجلة متخصصة في السيطرة النوعية للمساهمة في معالجة المشكلات المتعلقة بتحسين الجودة وتطويرها واعتماد المقترحات والاستنتاجات الواردة فيها دليلا ومرشدا لسبل التطوير المستهدف .

ثانيا: ضرورة مساهمة المشرفين على العمل في المنشئات الصناعية بإسداء الرأي والمشورة في إطار تحسين النوعية بعد أن كانوا يعانون من عدم الاهتمام بآرائهم المتعلقة بهذا الشأن .


ومن خلال هذه المناقشات المتعلقة بالمحاور أعلاه فقد تم الشروع منذ ذلك الحين بضرورة إنشاء حلقات خاصة بتحسين الجودة.


في الولايات المتحدة الأمريكية
طبقت حلقات تحسين الجودة في المنشات الصناعية الأمريكية في نهاية الستينات وركزت على برامج تحسين ظروف العمل حيث اهتموا بالعمل الجماعي والنواحي السلوكية التي ترفع من معنويات العاملين, وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاستخدام الحقيقي لفكرة حلقات تحسين الجودة بدأ عند زيارة مجموعة من مديري
وحدة إنتاج الصواريخ في ولاية كاليفورنيا إلى اليابان 1973 للتعرف على كيفية ممارسة تلك الفكرة وكان النجاح حليف لهذه الفكرة ولجماعات تحسين الجودة في برنامج Lockheed.



إن هذا التطور الملحوظ والتحسن المستمر في الإنتاجية ومستوى الدخل القومي المتحقق وما رافقه من تطور كبير في القدرة الشرائية للأفراد من خلال معدلات الدخول القابلة للارتفاق فى اليابان آثار تساؤلات عديدة وكثبره من لدن الاختصاصين والباحثين في هذا مضمار وقد تعددت الإجابات المتعلقة بهذا الشأن غير أن هناك إجماعا شاملا يؤكد على جملة من الحقائق الموضوعية التي غالبا ما يركز إليها في اعتبارها عوامل أساسية أو متغيرات رئيسه في إطار التقدم الذي تشهده اليابان في مختلف ميادين التقدم الاقتصادي صناعيا وخدميا حيث أن العديد من المساهمات المتحققة في تطوير الإنتاجية يعزيها البعض إلى ثلاث مرتكزات أساسيه وهى:


1- انخفاض الأجور المدفوعة للأيدي العاملة قياسا بالدول المتقدمة الأخرى .
2- التحدث المستمر في التكنولوجيا المستخدمة في اليابان قياسا في الدول المتقدمة الأخرى
3- الاستثمار الكبير في المجالات الصناعية والإنتاجية



إن النقاط الثلاث أعلاه والتي غالبا ما يجري التركيز عليها كعوامل أساسيه في التقدم الملحوظ ألا أنها في واقع الأمر ما هى إلا استجابات وثيقة للتطور المشهود للإنتاجية كما إنها لا تشكل بحد ذاتها متغيرات تابعه إذا ما قورنت بغيرها من الأقطار الأخرى في العالم حيث لا يمكن اعتبار العوامل أعلاه مرتكزات أساسيه
للتقدم بل أنها استجابات موضوعيه لواقع التطور المستمر في الإنتاجية حيث الأجور المنخفضة للقوى العاملة في اليابان لا تشكل الأجور المدفوعة لها اقل من الأجور الحقيقية المدفوعة للعامل الياباني فلماذا لم تحقق تلك الدول هذه المكان المتميزة قياسا في اليابان كما أن العاملين الثاني والثالث لا يشكلان بذاتها إلا استجابات حقيقية لطبيعة التطور المستمر في الإنتاجية لذلك لابد من التركيز أساسا على طبيعة العامل الحاسم في إطلاق فاعلية التطور والتحسن المستمر في الإنتاجية.