ان المرحلة الثانية في عملية التخطيط هى تكوين اسس التخطيط وقبولها كقاعدة للعمل ، وهذه الأسس هى معلومات واقعية وسياسات أساسية لها امكانية التطبيق في المستقبل وبمعنى آخر هى افتراضات تخطيطية ترسم صورة المستقبل ويجري التخطيط على أساسها.

ان تكوين اسس التخطيط يتطلب التنبؤ بأحداث المستقبل ، كيف ستكون الأسواق في المستقبل ؟ ما هو حجم المبيعات ؟ ما هى الأسعار ؟ ما هى السلع ؟ ما هى التكاليف ؟ ما هى الأجور ؟ ما هى الضرائب والسياسات المتبعة ؟ ما هى المصانع الجديدة ؟ ما هى السياسة نحو توزيع الارباح على الاسهم ؟ كيف ستمول عملية التوسع ؟ والجدير بالذكر ان أسس التخطيط تتضمن الكثير من التنبؤات الاساسية عن السكان والأسعار والتكاليف والانتاج والاسواق والامور الشبيهة .

وبعض أسس التخطيط تكون سياسات للمستقبل غير مرسومة في الوقت الحاضر ،فمثلاً اذا لم يكن لدى شركة ما نظام لمرتبات التقاعد ، ولم يجر رسم سياسة بهذا الخصوص وجب على الذين يقومون بإرساء أسس التخطيط أن يتنبأوا عما اذا كان هناك سياسة سوف ترسم بهذا الشأن ، وما هى محتوياتها .
وتبرز أسس أخرى من خلال سياسات وخطط موجودة حالياً ، فمثلاً إذا كان لدى شركة ما سياسة صرف 5% من ارباحها قبل الضرائب في صورة هبات ، واذا لم يكن هناك سبب للاعتقاد بأن هذه السياسة سوف تتغير ، فهذه السياسة تصبح أحد أسس التخطيط للمستقبل.
أو اذا قامت احدى الشركات بإستثمار أموال كبيرة في مصنع مخصص لصنع منتجات ذات نوع معين ، فإن هذا العمل يشكل في حد ذاته أسس التخطيط للمستقبل .

وكلما انحدرنا نزولاً في الهيكل الإداري للمؤسسة نحو الإدارات والأقسام والفروع تغيرت محتويات أسس التخطيط ، فإن وجود خطط رئيسية او انشاء خطط رئيسية جديدة يؤثر بشكل \تصبح الخطط التي تؤثر على السلطة الادارية للمدير اساساً لتخطيطه هو .

ان أسس التخطيط تنقسم إلى 3 مجموعات ، فهناك الأسس التي لا يمكن توجيهها ، بمعنى ان المؤسسة التجارية التي تقوم بالتخطيط لا تستطيع ان تفعل اي شيء بخصوصها .

وهذه يدخل فيها نمو عدد السكان ،ومستويات الاسعار في المستقبل ، والوضع السياسي ،والسياسة الضرائبية ،والتقلبات الاقتصادية الدورية ، ثم هناك الأسس التي يمكن توجيهها بشكل جزئي ،بمعنى ان المؤسسة لا يمكن لها توجيهها ، ولكن يمكن التأثير على امكانية حدوثها بدرجة اكبر او اقل .
ويدخل في هذه المجموعة الافتراضية بالنسبة للحصة التي سوف تحصل عليها منتجات المؤسسة من الاسواق ،وطبيعة التغييرات المنتظرة بالنسبة لليد العاملة ،وسياسة الشركة بشأن الأسعار ،وحتى سياسة التشريعات الصناعية .

وأخيراً ؛ هناك مجموعة من أسس التخطيط التي يمكن توجيهها من قبل المؤسسة ، ومنها تلك المسائل الاساسية والبرامج التي يمكن لإدارة الشركة ان تقررها بنفسها مثل سياسة التوسع في اسواق جديدة واعتماد برنامج قوي للابحاث والتطوير ،واختيار موقع مناسب لمكاتب الادارة العامة .

ان احدى صعوبات تكوين مجموعة كاملة من اسس التخطيط التي يمكن الاعتماد عليها دائما هو ان كل خطة رئيسية ، وكثيراً من الخطط الثانوية ،تصبح بدورها أسساً للتخطيط في المستقبل ، فمثلاً ؛اذا قررت شركة ما انشاء مصنع كبير في كانسان سيتي ، يصبح هذا القرار أساساً هاماً لوضع خطط أخرى في هذه المنطقة .

وانه لمن الغريب حقاً ان نجد جميع موظفي الإدارة العليا في شركة ما يفكرون فردياً على نمط واحد فيما يتعلق بالمستقبل ، اذ قد يعتقد أحدهم بان السلام في العالم سوف يدوم 10 سنوات في حين يعتقد بأن الأسعار سوف ترتفع بنسبة 10% خلال خمس سنوات ، بينما يعتقد آخر ان الارتفاع سيكون 50% ،ويعتقد ثالث بأن الأسعار سوف تنخفض .

وهذا الوضع الإداري الذي ينقصه تنسيق التخطيط بين مديري الشركة الواحدة يكلف الشركة كثيراً ، ولهذا السبب يجب الاتفاق على مجموعة واحدة من أسس التخطيط .
فوجود مقياس واحد للمستقبل خطوة نحو التخطيط السليم ، حتى ولو احتوى هذا المقياس على مجموعات مختلفة من الأسس ومجموعات مختلفة من الخطط المبنية عليها ،ففي الكثير من الشركات تعد خطط لحالات الحرب والسلم لكي تكون الشركة مستعدة في جميع الأحوال ، ومن الواضح ان تكون خطة السير الموضوعة لأية فترة في المستقبل مبنية على مجموعة واحدة من الاسس والافتراضات المتعلقة بتلك الفترة .

وبما ان وجود اتفاق على مجموع اسس التخطيط هو شيء مهم للتخطيط المنسق ، فعلى مديري الشركة تحمل مسؤولية التأكد من ان مرؤوسيهم يتفهمون الأسس الواجب عليهم اعتمادها في تجهيز خططهم.
وفي الشركات الجيدة التنظيم تكون قضية اختيار اسس التخطيط للمستقبل في يد كبار المديرين وحدهم ،وتفرض هذه الاسس فرضاً على المرؤوسين ، وفي كثير من الأحيان نجد ان هذه الأسس الرئيسية تشكل موضوعاً للدرس والتمحيص والمناقشة في الشركة كي يمكن الاستفادة من احسن الآراء بشأنها .

وليس من الغريب ان نجد المدير العام لشركة ما يفرض على المديرين الآخرين في الشركة التوصل إلى رأي موحد فيما بينهم بخصوص المستقبل الذي يواجه الشركة ، الا انه يمكن لأي مدير عام التساهل في وضع يعمل فيه كل من معاونيه على اعداد خططه للمستقبل على أسس مختلفة مما لدى الآخرين .