بناء من ذهب


في احدى المباني في حي شعبي,يعم فيه الفقر والفساد,والكذب والسرقة والخيانة,شيد مبنى من اغلى الاحجار,وأثمن البضاعة,وأروع الزخارف,واول دخولك اليه تشم رائحة الطيب,ليس هذا فقط بل انك عندما تراه من بعيد تندهش لما رأيت ويتسع بؤبؤ عينك,ولكن لهذا المبنى حكاية.
في يوم مليئ بالورود,والجو معطر بالفرح والسعادة,والكل ينتظر ازاجة الستار عن هذا المبنى الجديد,وكانت الدهشة لما رأت العيون,بناء شاهق,مميزا جدا عن كل ما في الحي,وبدأ الطلب على هذا الشقق يزيد كل ما اذيعت قصته,وبدأت الوفود تتزايد,طالبة السكن والمبيت فيه,بل والبقاء فيه حتى الموت.
امتلأت الشقق,واشترى من اشترى واستثمر من استثمر,الاثرياء الذين اشتروا شققهم لم يكونوا اثرياءا في مالهم فقط بل فب اخلاقهم,لأنهم تعبوا على تنمية رصيدهم من كل الجهات,فكانت الاخلاق والقيم والمبادئ,هي التي رست في رصيدهم,واما المستثمرين الذي لا يكن لهم هذا البناء الا بشيئ احتاجوه فترة ثم سيتركونه,ولم يكونوا فقراء المال بل بل فقراء العقول.
فانظروا ماذا فعل هؤلاء المستثمرين بالشقة التي لا تقدر بثمن,لقد خربوها ورسموا على جدرانها ابشع الرسوم,واتفه العبارات,ولم يكتفوا بهذا,بل اتوا بالمسامير ولم يبقوا اي حائط سليم,بل خدشوا كل شيئ,كسروا البلاط,ونزعوا الخزائن,لم يتركوا شيئ الا ودمروه في هذا البيت,ربما دون قصد وربما عن قصد,ولكنت النتيجة واحدة,والسبب واحد,وهو عدم الادراك والتأني في الاحتفاظ على ما يملك الآخرون.
فبعد ما علم صاحب البناء امر هؤلاء وما فعلوه من سوء وتأكد من الاخبار التي وردت وأيقن انهم اشرار,لا علاقة لهم بالاخلاق والقيم والمبادئ,طلب منهم الخروج وترك الشقق فرفضوا,ففكر اكثر,فمضى استمارة من سكان المبنى الطيبيين اثرياء الاخلاق طالبين فيها خروجهم فورا,فأيضا اعترضوا عليها ولك يقبلوا,فأخذ هذه الاستمارة الى الجهات المختصة بالدولة وقاموا بطردهم,وكتب ورقة على مدخل المبنى قال فيها "الدخول للمحترمين فقط".
اعرفت من اقصد بهذا البناء,ومن هو الذي وصفته بأثمن الاشياء واروع الزخارف؟ هل عرفت انني اقصد قلب الانسان الذي فيه اروع الاشياء فيه يحس ويشعر ويستقرأ القلوب فيه يحس بالذنب وفيه يحب وفيه يكره,في نبضات قلبه التي كالساعة,كل التفاصيل فيه روعة,فحافظ عليه ولا تسمح للذين يدخلون قلبك بإفساده بل اخرجهم ولا تدخل اليه سوى ارقى الناس وأطيبهم وأطهرهم,اعد قراءة القصة وضع مكان البناء.
بقلم عمر الفاكهاني
التنمية البشرية,عمر الفاكهاني,السعادة,