لعل من اهم مباديء التخطيط واكثرها فائدة مبدأ العامل المحدد او عامل التحديد او الاستراتيجية ويمكن تلخيصه بما يلي :
عند الاختيار من بين الاحتمالات العديدة يجب ان يعطي الاهتمام للعوامل التي تحد من او تصطدم بالحل المرجو للمشكلة المعينة ، اي كما قال مدير لاحد المؤلفين " ان مشاكل العمل بسيطة اذا نحن فهمناها تماماً وادركنا مسبباتها "

هناك عوامل معينة في كل القضايا لها اهمية قصوى في تقرير ما اذا كانت الاهداف ستتحقق ، وهذه العوامل تكثر وتقل ، وتتبدل احياناً على مرور الزمن ، ولكن هناك بعض العوامل التي لا تتضاءل اهميتها بالنسبة للحل .
وعلى الرغم من انه يمكن ارتكاب خطأ ما بسبب حصر الاهتمام في عوامل التحديد فقط ، فإنه من غير المستطاع ان يوجه المدير اهتمامه لابعاد القضية كافة بسبب الصعوبة في اتخاذ العديد من القرارات ، ولأن امكانية اهمال النواحي الاقل اهمية في المشكلة اقل بكثير من خطر عدم الانتباه لعامل التحديد .

وقد اظهر برنارد في كتابه " مهمة المدير " اهمية هذا المبدأ في قوله :
" ان التحليل المطلوب لدى اتخاذ قرار ما هو في الحقيقة البحث عن "عوامل التحديد " ، فنظرية عامل التحديد ضرورية لفهم عملية اتخاذ القرارات ، واذا فهو ضروري لفهم التنظيم ومهمة المدير ، وربما ايضاً للدوافع المسلكية الشخصية ، والنظرية على وجه العموم ، هى كالتالي :

" اذا اخذنا نظاماً من النظم ، او مجموعة من الحالات ، او ظروفاً في فترة معينة ، ترى انها تتألف من عناصر ، او اقسام او عوامل تؤلف ذلك النظام وتلك المواقف والظروف برمتها ،واذا نحن تدارسنا ذلك النظام او تلك الظرف من زاوية بلوغ الهدف وجدنا هناك نوعين من العناصر والاقسام : الاقسام التي تقوم بالمهمة المطلوبة حتى ولو تبدلت او غابت عن الوجود ، بشرط ان تبقى الاقسام الاخرى ثابتة ،والنوع الاخر هو ما تبقى منها ،وتعرف الاولى بعوامل التحديد اما الثانية فتعرف بالعوامل المكملة ."

ومن المستطاع اعطاء امثلة كثيرة على معنى عامل التحديد ، فعامل تحديد السيارة التي نفد منها البنزين هو طبعاً الوقود ، وعامل التحديد في انارة منزل هو الزر الكهربائي ، واذا توقفت آلة العمل بسبب مسمار قلاووظ فمن الممكن اعتبار ذلك المسمار عامل التحديد .
فإكتشاف عامل التحديد في تنظيم الاعمال ليس بالامر اليسير كما هى الحال بالنسبة لمهمة الآلة أو الجهاز ،ذلك ان العوامل الاقتصادية غالبا ما تكون مبهمة ، كما ان هنالك غموضاً في طبيعة الناس وتجاوبهم مع الواقع .

ولكن المبدأ هو نفسه ، فإذا ما اقرت احدى الشركات ،مثلاً مشروعاً لاقتسام الارباح فإن عوامل التحديد يمكن ان تكون المبالغ المعفاة من الضريبة ومواقف الموظفين من العمل ، ففي حقل التوسع ، يمكن ان يكون عامل التحديد لدى احدى الشركات ايجاد رأس المال ،ولدى شركة اخرى امكاناتها غير الاقتصادية واخرى ،موقف السلطات من سيطرة الشركات الكبرى على المرافق المختلفة ، وفي مجال تأسيس فرع لاحدى الشركات ،يكون عامل التحديد هو موقف مدير او اثنين، او القبول بالتدريب الاداري، او ايجاد مكان مناسب لبناء العمل .

وفي محاولة لرفع الاسعار يمكن ان يكون احد عوامل التحديد الخطوة المنتظرة من المنافسين ، او رد فعل العملاء ، او الالتزامات الطويلة الأمد او احد الاعتبارات الأخرى.

ان ادراك عامل التحديد ،والبحث عنه في تخطيط الاعمال هو عملية لا تنتهي عند حد ،ففي فترة معينة ، تكون بعض العوامل هى عوامل تحديد بالنسبة لاقرار احد المشروعات ،ولكن يمكن بعد تلك الفترة ، وبالنسبة لقرار مماثل ، ان يكون عامل التحديد ليس بذي اهمية بالنسبة للخطة الأولية.
وهكذا ،يكون بإمكان احدى الشركات حل مشكلة شراء المعدات الجديدة عن طريق حل مشكلة عامل تحديد ايجاد رأس المال ، حتى تجد ان عامل التحديد اصبح نقل تلك المعدات او بعد ذلك تدريب العمال .

ان اكتشاف عامل التحديد من القواعد التي ترتكز عليها عملية اختيار البديل ومن ثم التخطيط ، وعامل التحديد هو في تبدل دائم ،ويتطلب اكتشافه في تنظيم الاعمال او اي تنظيم آخر ، تحليلاً عميقاً وثابتاً.

والتحليل نفسه يحتاج الى إدراك لعامل التحديد حتى يركز الاهتمام على حصر مدة البحث ومصادر المعرفة في نطاق احسن النتائج ، ومن العسير التغلغل في بحث كل مشكلة وحل جميع عوامل التحديد ، ففي هذه الحالة يكون على مدير العمل ان يقرر أين وكيف يمكن الافادة من مصادر البحث والتدقيق على أحسن وجه .