بعد تجربة اﻹدارة لفترة طويلة اصبحت لدي تساؤلات ومفاهيم جديدة لم أكن أتطرق إليها جيداً ولم أكن أنظر لها بنظرة شاملة عندما كُنت موظف، ومن هذه المفاهيم هو المنفعة المتبادلة بين صاحب العمل والموظفين، خصوصاً في مجال البرمجة وتقنية المعلومات حتى لا يكون كلاماً عاماً.
عندما يعمل معك أشخاص في مشروع فإن الهدف اﻷول هو تحقيق ذلك المشروع، لكن توجد إحتياجات جانبية وأهداف مخفية لكل فرد من الفريق أو لصاحب العمل. فصاحب العمل يريد بالإضافة إلى إنجاز المشروع أن تُصبح لديه سمعة جيدة في السوق، وأن يجر له هذا المشروع مشروعات أخرى عند نفس الزبون أو يجلب له زبائن جُدد. أما بالنسبة للموظف أو المتعاقد معه على إنجاز هذا المشروع فيكون له أهداف أخرى مثل اكتساب الخبرة، وأن يظهر في سوق العمل ليجد فرص أخرى ربما تكون أفضل من عمله الحالي أو حتى أن ينال ترقية أو زيادة دخل.
في الحقيقة كثير من هذه اﻷهداف المعلنة وغير المعلنة لا تتعارض مع بعضها، إنما تكون في شكل تبادل منفعة، لذلك على كل طرف أن يحاول اﻹستفادة وإفادة اﻵخرحتى تسير المؤسسة أو الشركة بأفضل ما يُمكن. فكلما أحس الموظف أنه مستفيد من هذا العمل ويحقق أهدافه الخاصة كلما كان إنتاجه أكبر، وكلما وجد صاحب العمل أن هذا العمل يعود له بالنفع فهذا يدفعه للإستثمار أكثر في الكادر البشري.
افضل طريقة في نظري هي أن يقدم كل طرف اﻷولوية لفائدة اﻵخر، مثلاً الموظف يُقدم مصلحة الشركة على منفعته الخاصة، وصاحب العمل يُقدم مصلحة موظفيه على مصلحته الخاصة وعلى مصلحة الشركة، بهذا نضمن السير المتناغم لتلك المؤسسة. لكن ماهي المصلحة اﻷعلى في العموم، هل هي المؤسسة أم الموظفين. بدون المؤسسة يمكن أن يفقد كل الموظفين عملهم. وبدون الموظفين يمكن أن تفقد تلك المؤسسة عملها! فأيهما أولى، في الحقيقة ليست لدي إجابة
تظهر مشكلة عندما تكون مصلحة أحد الطرفين فيها ضرر باﻵخر، مثلاً عندما يقوم موظف بدراسة الماجستير فيتخلف عن العمل، حيث أن دراسة الماجستير مصلحتها المباشرة تكون للموظف، لكن الشركة ربما تتضرر من غياب هذا الشخص أو قلة أداءه لأنه يعطي أولوية لدراسته، فما هو الحل في نظركم، صاحب العمل لا يُريد أن يتضرر الموظف بعدم دراسته للماجستير، والموظف لا يُريد أن تتضرر تلك المؤسسة عندما يكون في الدراسة، فمهاهو الحل؟
كذلك عندما تريد الشركة أن تربح على حساب موظفيها، أي عندما يكون الربح مقدم على المرتبات أو الحوافز، فهذا يضر بالموظف. هذه اﻷشياء تتسبب في إنهيار العلاقة بين الموظف والشركة وربما تتسبب في إنهيار تلك المؤسسة في النهاية. أيضاً كشكل آخر لبداية إنهيار تلك العلاقة هو عندما يكون الموظف هدفه العمل في مؤسسة أخرى، فبهذا يُضيع كل الخطط اﻹستراتيجية التي رسمها صاحب العمل للإستفادة منه في المشروعات المختلفة. وفي الجهة المقابلة عندما يقوم صاحب العمل بإستغلال تفاني الموظف المعين في العمل دون أن ينظر لأهدافه الشخصية، فبهذه الطريقة عندما يتبين للموظف بعد فوات اﻷوان أن صاحب العمل إستغله وهو لم يستفد شيئاً فينتج عن هذا الفعل نشوء سمعة سيئة لتلك المؤسسة.